إِنَّ كَلاَمَ الْحُكَمَاءِ إذَا كَانَ صَوَاباً كَانَ دَوَاءً، وَإِذَا كَانَ خَطَأً كَانَ دَاءً...الإمام علي ـ كرم الله وجهه

شجرة البلوط .. قصة قصيرة

              

                                    شجرة البلوط *... قصة قصيرة

    

  

                بقلم / جَلال چَرمَگا

          

منذ مغادرتنا القرية وأستقرارنا في المدينة أصبحت من العادة أن اقضي الشهر الاول من بداية كل سنة في قريتنا عند الاهل والاحبة حيث ذكريات الطفولة ... هذه السنة لا أخرج عن هذه القاعدة ..!

وكيف أخرج عنها وقريتنا في هذا الشهر بالذات تلبس ثوباً ناصعاً من الثلج البلوري كأنها عروسة تتهيأ للقاء حبيب العمر بعد سنوات طويلة من الحب والانتظار ..! كيف لا التزم بتلك العادة وجميع طيور المنطقة تجتمع في قريتنا وكل مجموعة منها تعزف الحاناً صباحية ومسائية تتداخل الاصوات وتشكل مع خرير الماء المنحدر سمفونية رائعة كألحان باخ وموزارت وبتهوفن ... ولكن على ما يبدو شتاء هذه السنة بارد جداً وهذا هو الصحيح .! فالشتاء يعني المطر والثلج والجو البارد فبالرغم من حلاوة هذا الفصل ولكنه بحاجة الى مستلزمات كثيرة من ملبس ومأكل دسم وأستهلاك حطب كثير للتدفئة...

  

هل هنالك أجمل من جمرة شجرة البلوط في هذا الفصل اللعين ؟!!
كانت جدتي تقول دوماً : لا أستلذ من شرب أي شاي عدى الشاي المعمول على جمرة البلوط !؟

   

كل سنة اتذكر كلامها " رحمها الله " .. وأؤيد قولها فعلاً أن كل شئ معمول على نار حطب البلوط له طعم خاص ..
في صغري كنت اخرج مساءاً الى بيت جدتي القربية منا وذلك بعد صلاة
المغرب ، لأتناول معها الشوربة الشتوية اللذيذة وكانت تتقن طهيها بل وتتفنن في إعدادها وكانت تستقبلني بحرارة وتقول :-
- كنت أنتظرك .. لمَ تأخرت ياحبيبي !؟
لم أرد عليها ... يبدو وعَلىَّ أن أتناول صحني المفضل من الحساء الحار المملوء بالجوز والزبيب ... وكأني لم اتناول أي نوع من الاطعمة منذ عدة أيام !! .
وأنا في هذا التفكير العميق والعودة الى اكثر من عشرين عاماً مضى قررت وبلا تردد أن أذهب صباح غدٍ الى الجبل المقابل لقريتنا وعند وصولي الى اول غابة من غابات شجر البلوط !.. قررت أن أجمع رزمة كبيرة من تلك الاشجار وأعود بها على ظهر ذلك " البغل " القوي ، وأن أشعل مدفأة بيت جدي وأعيد ذكريات سنين الطفولة ، لأتناول صحني المفضل .. وأشرب الشاي المعمول على جمرة شجرة البلوط و .. و .. الخ .
حينما طلع الفجر ومع صباح الديك !؟ .. هيأة مستلزمات جمع وقطع الحطب وذهبت الى الجبل المقابل الذي يبعد كم فرسخاً عن القرية ..
كم كانت دهشتي حينما لم أر أية شجرة من أشجار البوط واقفة وشامخة .. لقد حرقوها جميعاً وهي وافقة تتحدى الزمن حتى كانت العديدات من تلك الاشجار تجاوزت من العمر اكثر من نصف قرن ...
عدت بخفي حنين .. كنت اشعر بأن أهالي قريتي قد خرجوا صغاراً وكباراً يتفرجون عليّ لأني عدت خالي اليدين !!
- وماذا بعد ذلك ..؟! وماذا فعلت ..؟!
- لم افعل شيئاً .. سوى امنيتي ، أن حبذا لو خرجت من القاعدة ولم أزر قريتي .. أو أتمنى لو كانت تلك الرحلة حلماً وليست حقيقة بالرغم من علمي بأن الاشجار ستنمو من جديد .. ولكن ستحتاج قليلاً من الصبر !!

   

 جلال چرمگا
 شباط / 1995

* كتبتها في احدى زنزنات الحاكمية ( المخابرات) و عندما أستقريت في معتقل أبو غريب دونتها مع القصص الأخرى..، فازت بجائزة نادي الجمهورية.. أشترك في المسابقة عدد كبير من كتاب القصة في العراق.

الگاردينيا: للأطلاع على القصة الأولى( شاتوبريان برائحة الباجة البغدادية) النقر على الرابط ادناه:

http://www.algardenia.com/thaqafawaadab/2101-2012-12-16-19-29-15.html

        

قوس قزح

مقالات

أحمد العبدالله

(الأسد) الذي صار كلبًا!!

د.عبدالرزاق محمد الدليمي

العراق ليس مثل سوريا او غيرها

الكاردينيا

قالَ لي

د.يسر الغريسي حجازي

الحرب وثقافة القسوة

عبدالرضا حمد جاسم

قطار العام ٢٠٢٣

د.ضرغام الدباغ

حرب الثلاثون عاماً

مصطفى محمد غريب

سقوط مشحون بالتداخل

د.وائل القيسي

خيمة العراق

ناجي جواد الساعاتي

حكايتي مع السجاد ... في بغداد

عبدالناصر عليوي العبيدي

عرس الشآم

سنية عبد عون رشو

منعطف الطريق ...نص شعر

ثقافة وأدب

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

506 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع