جهة نظرعن (ثقافة التعايش والسلام الذي يجب الا يعني الاستسلام)

التفاصيل

تم إنشاءه بتاريخ الأربعاء, 05 شباط/فبراير 2025 08:12

كتب بواسطة: د.حسن الزيدي

د.حسن الزيدي

جهة نظر عن (ثقافة التعايش والسلام الذي يجب الا يعني الاستسلام)

للحديث عن ثقافة التعايش والسلام في العالم التي هي هدف وفكرة إنسانية نبيلة لكنها شبه مستحيلة وسأشير باختصار الى عدة محطات في التاريخ البشري تتعلق بوقائع تتعلق بالسلام والحرب معا لانهما متلازمتان منها..

اولا- فكرتا الثقافة والسلام متلازمتان. لان المثقف لا يعني ان يكون فقط شاعرا او مهندسا بل في كل الانشطة فهو كل انسان يبذل جهودا خاصة ومتميزة عن اقرانه ومحيطه في مرحلة ما ويتصف بالعقلانية والمنطقية ويكون سهل المعشر والمعاشرة والتعايش والا يكون غضوبا ولا حسودا ولا طماعا ولا غيورا ولا مستبدا ولا عنصريا قومية او دينيا او مذهبيا وعشائريا او حزبيا ويعرف واجباته قبل

حقوقه. وهذه الصفات الايجابية تتباين مستوياتها من شخص لأخر ومن مرحلة زمنية وأخرى لان الانسان يلد دون ارادته كنتيجة جماع طوعي او قسري بين انثى وذكر ويلد عاريا ويحمل لون بشرة والديه او أحدهما اواحد جديه او كلاهما. كما يلد بدون لغة فيتعلمها من

والدته (لغة الام )التي هي أي الام العنصر الأول الفاعل في نشأة وتربية وتعليم وتثقيف الطفل . كما انه يلد بدون دين فيرثه من والديه لأنه ك(رضيع) و( طفل) ويعيش مجبرا في رعاية اهله (مرحلة الطفولة) التي تتفاوت في عددها حسب البيأت والتي تتراوح بين 6- 12 عاما لكي يستطيع / تستطيع ان كان في صحة معقولة ليكون مستقلا نسبيا في تلبية حاجاته الاساسية في ان يأكل ويشرب ويلبس ليكون قادرا على تجنب مخاطر النار والأدوات الجارحة والسامة ومخاطر الطرق والحيوانات وهو مضطر لتلقي توجيهات وإرشادات وتنبيهات وتحذيرات من والديه ومحيطه فتتكون عنده تدريجيا وبحكم التكرار(عادات) (وتقاليد) في طرق العيش في المأكل والمشرب ومفردات التحدث وممارسة القيم الروحية لكي تساعده على مواجهة حياته (خارج البيت) والتي قد لا تكون المدرسة بل العمل مع والديه وأقربائه اومع غيرهم وقبل ان يصل الى (مرحلة المراهقة) بين 12- 16عاما أي عندما تتطور حواسه الجسدية (الفكرية والجنسية) فيحاول حسب مستوى ودرجة علمه وتعلمه ووعيه وتأثره بمحيطه ان (يختار) لنفسه عملا ومهنة وحرفة تتناسب مع رغباته وقدراته وما يتوفر في محيطه الجغرافي (قرية. مدينة صغيرة او كبرى. صحراء .غابات .جبال خضراء او صماْء وعلى ضفاف انهار او بحار او محيطات الخ)وتتبلور عنده قدرة ذاتيه عقلية على (تقييم) الذي تلقاه وورثه من عادات وتقاليد عن الحق والباطل والحلال والحرام والكرم والبخل والصدق والكذب والاعتداء والتسامح والمال الخاص والعام والعدالة والظلم الخ وقد يقبلها كلها او بعضها او يطور بعضها فيكون مطورا ومصلحا ومجددا وبذلك يكون مهذبا وحلوقا وامينا وصادقا وإنسانيا ومتحضرا ومثقفا أي قادرا على الاخذ والعطاء والتعايش مع مجتمعه .علما بانه ليس نبيا ولا رسولا بل هو مواطنا سويا يعيش عصره ويأخذ من ماضيه لتطوير مستقبله اي ان الثقافة ممارسة ميدانية طويلة تبدأ في البيت عند ومع الام (المدرسة الأولى) والشارع والحي والمجتمع والمدرسة الشخصي والوطني

ثانيا- في التاريخ البشري حصل تطور زراعي وحرفي وثقافي وقانوني في مفاهيم السلام والتعايش. ففي عام 3200 قبل الميلاد اخترع الانسان السومري في بلاد الرافدين (حروف الكتابة) التي هي اهم مقومات وخصائص الحضارات اذ لا سلام بدون معرفة وثقافة. وفي عام 2500 ظهرت في بلاد سومر ايضا الكتابة الكلدانية التي احدى اهم اللغات السامية التي لا زالت فاعلة والتي منها العربية والعبرية والسريانية والفينيقية والآرامية والجزعية الحبشية. وفي عام 2300ظهرت (ملحمة كالكامش) كأكمل وأجمل ملحمة ادبية في التاريخ تضمنت افكارا عن الادب والصداقة والعداوة والقوة والانتقام والحب وتمت ترجمتها الى عشرات اللغات ولا زالت حتى الان مصدر

الهام فكري حتى الان.

في عام 1750 ق م. صدرت شريعة وقانون حمو رابي باللغة الأكادية من 282 مادة في 12 بابا او فصلا تتعلق بأهم انشطة المجتمع التي منها القضاء والشهود والسرقات والنهب الجيش ومتطلباته في فترات السلم والحرب وأنشطة الزراعة والبستنة والتجارة والبيع والشراء وتناول العقاقير والتعويضات والعقود والاتفاقيات والضمانات والتعويضات واجور العاملين وأسعار الاراضي والبيوت والقوارب والحيوانات والزواج والطلاق والخيانة والزنا واجبات وحقوق العبيد.

-ووصايا موسى العشرة هي وصايا ايمانية وأخلاقية وتربوية وهي (لا يكن لك الاها غيري. لا تنطق باطلا باسم الله. لا تقتل. لا تزن. لا تسرق. لا تشهد شهادة زور. لا تشته بيت قريبك ولا امرأته. قدس يوم السبت) وهي مستوحاة من التراث الفرعوني.

- وانجيل لوقا تشير الفقرة 6/29 بأن المسيح قال (من ضربك على خدك فاعرض له الاخر ومن اخذ رداءك فلا تمنعه).

- القرآن اشارة الى النبي لقمان عاش بين 1769 \ 1698يوصي ولده في سورة لقمان منها الأية(يا بني لا تصعر خدك للناس ولا تش في الارض مرحا ان الله لا يحب كل مختال فخور واقصد في مشيك واغضض من صوتك ان انكر الاصوات لصوت الحمير).

ثالثا- كما ظهر العديد من المفكرين والمصلحين والفلاسفة ولا يزالون يدعون للمساواة بين أبناء البشر ويدعون للسلام ونبذ الحروب

غيرانه لم يكن في يوم من الايام ان يتساوى الناس في سلوكياتهم بل يوجد الطمع والطموح والحب والكره والسلطة والانتشار حيث الماء والكلأ والتبشير الديني والسياسي والتوسع الجغرافي (الاستعمار اللغوي والديني والاقتصادي والثقافي) والاسترقاق (العبودية التي مارسها الفراعنة والصينيون والرومان ووريثتهم ايطاليا والعرب المسلمون والعثمانيون المسلمون والمغول والبرتغال واسبانيا وبريطانيا وفرنسا وهولندا وروسيا والمانيا واليابان وبلجيكا واستراليا وكندا والولايات المتحدة وغيرها.

رابعا-منذ العصور الوسطى ظهرت دعوات تطالب بالعدالة بين الناس. ففي عام 1215صدرفي بريطانيا اول قانون في باسم الوثيقة الكبرى ضمنت حقوق بعض حقوق المواطنين الانكليز في دفع المظالم وجرى تعديلها وتطويرها واغنائها حسب الضرورات وحاجات الناس والوطن.

-في عام 1787صدرت في ولاية فيلاديلفيا الاميركية وثيقة الاستقلال وتحولت في العام اللاحق الى دستورا للولايات ال 13وحددت الحريات العامة والخاصة والحقوق والواجبات والعقوبات وجرى عليها 26 تعديلا بين 1788و1992لتشمل 50 ولاية مساحتها حوالي 10ملايين كم وتظم الان شعوبا تعدادها 332 مليونا من اكثر من 50 قومية وعشرات الاديان.

-في عام 1789صدر في فرنسا اعلان حقوق الانسان والمواطن غيرانه لم يكن اعلانا عالميا حيث الغاه نابليون الاول عام 1804 حيث صارت فرنسا احدى الدول الاستعمارية وساهمت مع البرتغال واسبانيا وانكلترا وهولندا في المتاجرة بالعبيد الافارقة ونقلهم الى قارة اميركا. كما ظهرت دعوات لتحرير العبيد ففي عام 1761 كانت البرتغال اول دولة اوربية في العصر الحديث تلغي العبودية علما بانها كانت اول دولة اوربية تتاجر بالعبيد وتبعتها دول متعددة منها ..في عام 1804تم الغاء العبودية في هايتي التي كانت مستعمرة فرنسية وهي ثاني دولة بعد الولايات المتحدة تستقل نتيجة حربا وتلغي العبودية وتبعتها في الغاء العبودية في نفس العام الدانمارك وفي عام 1823شيلي وفي عام 1826بوليفيا وفي عام 1829المكسيك وفي عام 1838المملكة المتحدة وفي عام1846فرنسا وفي عام 1848 تونس وفي عام1851 كولومبيا وفي عام1853الارجنتين وفي عام1854فنزويلا وفي عام1855البيرو وفي عام1863هولندا وفي عام 1865في الولايات المتحدة بعد الحرب الاهلية وفي عام1866اسبانيا وفي عام1873 بورتو ريكو وفي عام 1876الدولة العثمانية وفي عام 1886 كوبا وفي عام 1888البرازيل وفي عام 1896مدغشقروفي عام 1897 تنزانيا وفي عام1910الصين وفي عام 1920 الصومال وفي عام 1923افغانستان وفي عام 1924العراق وفي عام 1926في النيبال وفي عام 1928ايران وفي عام 1936نيجيريا وفي عام 1948صدرفي فرنسا اعلان حقوق الانسان وفي عام1952في قطر وفي عام 1956اصدرت الامم المتحدة ميثاقا بشان الغاء العبودية وفي عام1962في اليمن و السعودية وفي عام 1970سلطنة عمان والامارات العربية وفي عام1980في موريتانيا وفي عام 1992في باكستان وفي عام 2001 في دولة جنوب افريقيا علما بانه لا زالت بعض الدول لم تصدر قوانينا بشان الغاء العبودية ومنها روسيا والحبشة وصربيا واستراليا وكندا والهند وإسرائيل ومعظم دول افريقيا التي عانت من المتاجرة بأبنائها منذ عهد الفراعنة

- خامسا- مبدا وثقافة السلام والتعايش لا تتم فقط بالقوانين والتشريعات بل بالممارسات اليومية وخلق مناخ ثقافي وحضاري عام في المجتمع وعدم التمييز بين أبناء الشعب من النساء والرجال بمختلف قومياتهم واديانهم ومذاهبهم ومعتقداتهم السياسية لذلك توجد حتى الان أقليات (مكونات) في العالم لا زالت تعاني من اضطهادات متنوعة منها..

- (المسلمين الكرد) في إيران وتركيا والعراق

-(المسلمين الامازيغ والصنهاجية والطوارق في بعض دول شمال افريقيا

–(اليغور المسلمين) في منغوليا وكازخستان والصين التي يتعرضون فيها للتهميش لعدم رغبتهم بالتخلي عن معتقداتهم

-(الهنود الحمر) في الولايات المتحدة

-(شعوب الانكا) في دول اميركا الجنوبية قضى على معظمهم الغزاة الاسبان بين 1492 /1825

-(شعوب المايا) في وسط اميركا في غواتيمالا وهندوراس والسلفادور وقضى على معظمهم الغزاة الاسبان بين 1492 /1825

-(شعب الأزتك) في المكسيك قضى على معظمهم الغزاة الاسبان بين 1825/1492

- التركان المسلمين في العراق ولبنان وسوريا ومصر

-الشعوب الاصلية في بعض دول قارة اميركا ومنها في كندا والبرازيل وبوليفيا وغواتيمالا وكولومبيا والاكوادور وخاصة في الولايات المتحدة وهم 556 قبيلة الذين يطلق عليهم ظلما (الهنود الحمر) تعرضوا للقتل والتهجير والتهميش ولم يبق منهم اكثر من أربعة ملايين ولا يزالون يعتبرون فعليا مواطنين من الدرجة الثانية حيث ان حوالي \80 من القوي العاملة بينهم تعيش في شبه عطالة.

- الافارقة السود في اميركا وهم الان يعدون خمسين مليونا حيث وصلت أولى هجراتهم القسرية عام 1619 وكانوا أحد اهم أسباب الحرب الاهلية بين 1776\1781بين المدن الجنوبية الزراعية التي لا تريد تحريرهم وبين الشمالية الصناعية التي كانت ترغب بذلك

ولا يزالون لا يتمتعون بحقوقهم الفعلية التي يناضل من اجلها كثير من قادتهم ومنهم القس مارتن لوثر كنج الذي تبنى شعار (عندي حلم) واغتيل في تيسان1968 عن عمر 39 عاما

- - شعوب جبال القوقاز من التتار والانغوش والبشكير والشيشان وداغستان والبلغار وغيرهم وعلى شعوب بحر قزوين ولا زالت منذ القرن الثامن عشر تسيطر عليهم ثقافيا واقتصاديا وسياسيا وعسكريا روسيا ووريثها الاتحاد السوفييتي بين 1917\1990 ووريثتها روسيا الاتحادية التي تعمل على ضم أوكرانيا ولربما دولا اخرى

في حين ان (شعب التوتسي المسلم) في رواندا واغلبهم رعاة البقر واغنياء واقلية مقارنة بشعب الهوتو المسيحي الأكثر عددا وتعرضوا للضرر منهم.

-كما توجد (اقليات دينية) مضطهدة منها..

-(الصابئة) و(السريان) و(النساطرة) و(الكاثوليك) و(اليزيدية) لا يزالون يعانون جميعهم من اضطهادات متعددة منها حرمانهم من المشاركة في القرارات الهامة التي تتعلق بمصيرهم ومصير اوطانهم

-(المسلمين في الهند) وهم بحدود\15من الشعب الهندي أي حوالي 200 مليونا صاروا مضطهدين خاصة في عهد المتطرف نارندرا مودي رئيس الوزراء الحالي.

–(التاميل المسلمين في غالبيتهم)هم 62 مليونا في الهند و4 ملايين في سريلانكا ويشكل الاسلام \90 منهم ويتعرضون لاضطهادات

-(الزرادشتية) و(البهائية المسلمين) في إيران والعراق يعانون اضطهادا فاضطر الكثيرون منهم للهجرة للهند وفلسطين.

-بينما العلويين المسلمين في سوريا الذين لا يزيدون عن \5 من الشعب السوري ومع ذلك تحكموا وطغوا في سوريا بين 1970حتى مطلع عام 2025

سادسا- الشعب الفلسطيني السامي الذي يقطن في بلاد الكنعانيين بيهوده ومسيحييه ومسلميه وكان يعيشون جميعا منذ قرون عديدة بسلام نسبي حتى عام 1917حيث صار المسيحيون والمسلمون خاصة بعد عام 1948يتعرضون للقتل والسجن والتهجير من قبل الاقليات اليهودية الاوربية الأشكنازية الغازية المدعومة من معظم الدول الاوربية والولايات المتحدة التي غزت فيتنام وأفغانستان والعراق والتي تهيمن من خلال قدراتها الاقتصادية والعسكرية وحلف الأطلسي على السياسات الدولية وتعزل سلطانا وتنصب اخر خاصة في عهد الراسة الثانية للجمهوري ترامب الذي صار يهدد جارتيه المكسيك وكندا وكذلك الدانمارك والصين ودول الاتحاد الاوربي وقد يشعل حربا عالمية ثالثة.

سابعا - السلام لا يستوي مع الظلم والاستبداد والاستعمار والا فيسكون استسلاما وضحكا على الذقون واستهانة بحقوق الشعوب.

حسن الزيدي
شباط٢٠٢٥