قصة شعار (الشرطة في خدمة الشعب) ومتى بدأت الشرطة العراقية باستخدامه؟

 قصة شعار (الشرطة في خدمة الشعب) ومتى بدأت الشرطة العراقية باستخدامه؟

يكتبها د أكرم عبدالرزاق المشهداني
الباحث في تاريخ الشرطة العراقية

لعل الشعارالذي ترفعه معظم اجهزة الشرطة العربية اليوم وهو شعار "الشرطة في خدمة الشعب" هو من أكثر العبارات والشعارات تعبيراً عن روح العلاقة التي يجب ان تسود بين الشعب والشرطة، وبما يُجسّد تفانى أبناء هذا الجهاز الحيوى المهم فى حماية الشعب، والشعب هو الدولة وهو الوطن، وما تقوم به الشرطة لحماية الشعب ومرافق الدولة فى جميع أنحائها دور فائق الأهمية.

وقد وردتنا استفسارات كثيرة من أصدقاء يسألون عن تاريخ استخدام الشرطة العراقية لشعار (الشرطة في خدمة الشعب)، وقمنا بالرجوع لبعض المصادر التاريخية والاعلامية، وبعض أصحاب الخبرة والمعلومات من رجال الشرطة القدماء. حيث ان هذا الشعار "الشرطة في خدمة الشعب" لم يكن مستخدما او مألوفا في العهد الملكي، ولكنه دخل الاستخدام في مراكز الشرطة في عموم العراق في العهد الجمهوري وتحديدا أول الستينات، (1964) عندما تم إيفاد وفد من كبار ضباط الشرطة الى مصر برئاسة المرحوم العقيد حسين المختار - مدير شرطة الكرخ آنذاك، ومن هناك لاحظ أن شعار (الشرطة في خدمة الشعب) منتشر في جميع مراكز ودوائر وأقسام الشرطة في مصر، وأعجب الوفد بهذه العبارة المثالية، وبعد عودة العقيد حسين المختار، من القاهرة تقدم باقتراح الى الشرطة العامة، لاعتماده شعاراً للشرطة العراقية، وحصلت موافقة مدير الشرطة العام على مقترح اعتماد (الشرطة في خدمة الشعب) شعارا يرفع في جميع مبلني مقرات الشرطة العراقية،، وقام العقيد المختار بنفسه برفع هذا الشعار في اول مكان نصبت فيه اللوحة لهذا الشعار في باب مبنى (مديرية شرطة الكرخ) في الشواكة. حتى ان اللافتة الحديدية التي كتب عليها الشعار ونصبت في باب مديرية شرطة الكرخ قام هو بدفع تكاليفها من جيبه الخاص (اي سعر المواد واجور الصبغ والخط). وصارت شعارا ترفعه مراكز ومعاونيات ومديريات الشرطة في عموم العراق.
من هو مدير الشرطة المرحوم حسين المختار:
المرحوم حسين المختار من قادة الشرطة المعروفين بالخبرة والكفاءة المسلكية، وقد شغل منصب مدير شرطة الكاظمية قبل عام 1963، وقبلها كان قد شغل منصب معاون شرطة العبخانة في رصافة بغداد. وفي عام 1964 أصبح مديرا لشرطة الكرخ. بعدها شغل منصب (مفتش الشرطة الأقدم) واحيل بعد عام 1968 على التقاعد برتبة عميد.
له مواقف مشهودة في حفظ الأمن، حيث ساهم سلميا في فض التظاهرات الشعبية الغاضبة من الدعم الامريكي للعدوان الصهيوني على الامة العربية، والتي حاولت احراق السفارة الأمريكية ببغداد في حزيران ١٩٦٧ بعد ان القى خطبة وسط المتظاهرين حول مساوئ مثل هذه الأعمال على سمعة العراق.
واما بشأن تسمية الرتبة التي يحملها ضابط الشرطة قبل عام 1969 كانت درجة (معاون مدير شرطة) وتعادل ملازم وملازم أول ونقيب، ثم (درجة مدير شرطة) وتشمل رتب (رائد، مقدم، عقيد، عميد، لواء).

 

صورة مدير الشرطة (العقيد) حسين المختار/ مدير شرطة الكرخ ومن ثم مفتش الشرطة تعود لاواسط الستينات.

غلاف مجلة آخر ساعة 20 شباط - فبراير 1963 ويحمل صورة رئيس الجمهورية عبدالسلام محمد عارف ورئيس الوزراء أحمد حسن البكر في موقع اذاعة بغداد ويبدو خلفهما العقيد حسين المختار الذي كان مبنى الاذاعة والتلفزيون من ضمن مسؤولياته الأمنية آنذاك في الكرخ ومن مهامه حماية الاذاعة.



المرحوم العقيد حسين المختار مع مجموعة مستقبلي رئيس الجمهورية المشير الركن عبدالسلام محمد عارف في مطار بغداد الدولي القديم (المثنى فيما بعد) حيث كانت السياقات البروتوكولية جرت ان يحضر المراسم في التوديع والاستقبال كبار ضباط الجيش والشرطة مع كبار موظفي الدولة. لغاية السبعينات حيث الغيت.



المرحوم حسين المختار مع افراد دورته في مدارس الشرطة في الخمسينات صورة تخرج

تطور الشعار في مصر العربية:
في عهد الرئيس جمال عبدالناصر كانت الشرطة المصرية ترفع شعار "الشرطة في خدمة الشعب"، وكذلك في عهد الرئيس مجمد أنور السادات، ولكن في عهد الرئيس محمد حسني مبارك جرت عدة تغييرات للشعار فاستبدل بشعار "الشرطة والشعب في خدمة الوطن"، ومرة اخرى صار "الشرطة والشعب في خدمة القانون" لكن التغيير لم يدم طويلا حيث عادت الشرطة لاستخدام شعار "الشرطة في خدمة الشعب" لارتباطه بالذاكرة الجمعية للشعب وللشرطة، لأن الشعب يريد من الشرطة الالتزام بتطبيق القانون ومساعدة افراد الشعب مساعدة حقيقية في تيسير سبل الحياة، فتجدها تنطلق لتساعد مريضا غير قادر على الذهاب للمستشفى، كما أن من أهدافها إنقاذ حياة أي إنسان يتعرض للخطر.
إن شعار "الشرطة فى خدمة الشعب" هو عقيدة ثابتة يؤمن بها كافة رجال الشرطة.. وأسلوب ومنهج يتحقق من خلال العمل الدءوب لتقديم أعلى مستويات الخدمة الأمنية والعمل الوطنى وبذل كافة الجهود لتحقيق الأمن والتعامل بحسم وفقًا للقانون دون المساس بكرامة المواطنين وإيمانًا منهم بالرسالة النبيلة التى يفخرون بحملها ونيل شرفها. فكان هذا دور الشرطة الذي تؤديه عن طيب خاطر، وبحب حقيقي ورعاية تامة لمقتضيات عملها، وكان شعارها "الشرطة في خدمة الشعب" عاكسا ذلك الدور، ولم يكن أبدا حاملا أية إهانة، بالعكس كان يحمل إحساسا بالكرامة والمسئولية، فالشرف للشرطة أن تكون في خدمة الشعب، وهي بالطبع جزء من هذا الشعب بالتالي تكون في خدمة نفسها وشعبها، كما أن كل مسئول في هذا البلد بداية من رئيس الجمهورية لأصغر موظف هو في خدمة المواطنين الذين يسددون راتبه من المال العام، وإن لم يكن في خدمتهم فلا يستحق أن يتواجد في منصبه..

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1140 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع