نحن نعانق السماء الجزء الاول (1963- 1980) مذكرات اللواء الطيار الركن الدكتورعلوان حسون علوان العبوسي
أشكر الله العزيز القدير جلّ شأنه، وعظمت قدرته على فضله ونعمائه، أن أتيحت لي فرصة تدوين مذكراتي، الجزء الأول، خلال عملي في القوة الجوية والدفاع الجوي العراقي للفترة 1963 – 1980، ومن بعده الجزء الثاني للفترة 1980 -1997 سابقاً، وسأسعى لتدوين الجزء الثالث للفترة 1997-2007 بعد إحالتي إلى دائرة المحاربين.
إنّ خدمتي الطويلة في سلاح الجو العراقي، منحتني شـرفاً أعتزّ به، ويعتزّ به أبنائي من بعدي، هو شـرف الدفاع عن بلدي العراق وأمتي العربية المجيدة، تجاه قوى الشـر والطغيان من أميركان وصهاينة وفرس، ومن سار على خطاهم من العملاء داخل العراق وخارجه؛ لشق اللحمة الوطنية والعربية والإسلامية ، بعد أن مكّنني الرحمن الرحيم من تبوؤ مناصب قيادية عديدة، استطعت من خلالها تقديم إضافة نوعية، وساهمت في تعزيز الإحساس بالشموخ والمجد للقوة الجوية والدفاع الجوي العراقي، ورفدِ ما سبقني إليه قادتي الأوائل منتسبي هذا الصنف.
بعد احتلال القوات الأمريكية والبريطانية للعراق في 9/4/2003، كان الهدف الثاني للمحتل تدمير البنى الارتكازية للدولة العراقية، ومن ضمنها القوات المسلحة؛ وجوهرتها الثمينة القوة الجوية والدفاع الجوي، إذ أصدر المحتل قراره المشؤوم بحلّ الجيش والقوى الأمنية كافة، والعديد من الوزارات المهمة، واستبدلها بمليشـيات (أجنبية) خطيرة لا تمتّ للواقع العراقي بأيّ صلة؛ بعد إصداره الأمر 91 الذي سمح بوجود تسعة منها، بحجّة مقاومتها النظام الجمهوري قبل الاحتلال (سأردّ إلى ذلك لاحقاً)، ونتيجة لذلك شـرد الجيش والقوى الأمنية خارج العراق وداخله، وأصبحنا، كضباط سابقين، مشاريع للقتل، والخطف والتهجير، والمساومة من القوى الأمريكية والإيرانية والصهيونية؛ بعد تحالفها المشبوه ضد بلدنا العراق العظيم، وقد قام هذا التحالف بإعداد قوائم بالأسماء والعناوين للقادة والضباط على مختلف اختصاصاتهم وعلى رأسهم الطيارين، ساعدهم في ذلك زمرٌ مشبوهة من حاملي الجنسـية العراقية في الخارج. وقد انتهزت إيران هذه الفرصة الذهبية لدسّ سمومها الطائفية داخل المجتمع العراقي؛ بدعم مليشـياتها من فيلق بدر، وقوة القدس التابعه للحرس الثوري الإيراني، بالتعاون مع قيادات البيشمركة الكردية، وبعض المليشـيات التي جاء بها الأمر 91، فأخذت على عاتقها هذه المسؤولية بحجج أن هذا الجيش قاتلها وهزمها في الحرب العراقية الإيرانية 1980 – 1988، وحان الوقت للأخذ بثأرها بأساليب جبانه وخسـيسة، وغير مشـروعة (دون المواجهه في الميدان)، مستفيدةً من الفلتان الأمني الحاصل بعد حلّ الجيش العراقي، نفّذتها مليشـياتها المذكوره اعلاه.
حاولتُ، ومعي الكثير من القادة من الجيش العراقي، أن نساهم في بناء المؤسسة العسكرية الجديدة التي قرر المحتل المباشـرة بها في بداية عام 2004، لكن القيادات العميلة المتعاونة معه لم ترغب بصورة جدّية في إعادة بناء هذا الصـرح الكبير اعتماداً على قادته السابقين، وبدأت بعمليات تصفية لتلك القيادات عن طريق مليشـياتها المأجورة، فاضطررنا لترك العراق بعد تعرضنا للتهديد ومحاولات عدة للاغتيال.
كان البلد الذي اخترته لهجرتي، واحتضنني في نهاية عام 2006، هو مصـر، بلد العروبة وقلبها النابض، وكان اختياري له مبنيّاً على اعتبارات عدّة أهمها: أن شعب مصـر أصـيلٌ بعروبته ولُـحمته الوطنية، ولم يسمح للأجنبي أحداث خلل بنسيجه الوطني، ومصـر بلدٌ أصـيل وغير هجين، كما هو في العراق، والسبب الثاني معرفتي الجيدة لمصـر كوني قضـيت بها أوقات طويلة نسبياً، فقد أكملت دراستي الأساسـية في الكلية الجوية المصـرية في الفترة 1964 -1965، وأكملت كذلك دراستي العسكرية العليا في أكاديمية ناصـر للدراسات العسكرية العليا – كلية الحرب العليا، إضافة إلى أمور عديدة منها معرفتي الراسخة بالعديد من القادة المصـريين، والشخصـيات التي أعتز بمعرفتها، والتي كانت عوناً لي في البقاء في هذا البلد لحين تحسن الأوضاع في بلدي العراق، والأهم من كل ذلك؛ إحساسي بأن مصـر هي بلدي الثاني، وأنني لست غريباً مهما طال زمن غيبتي عنها. ولقد سنحت لي الفرصة بعد ان استقر بي الحال مع زوجتي الدكتورة أمل عبد المجيد العبوسـي، وأبنائي أسـيل وعبد العزيز، وسكنّا في الاسكندرية، تدوين مذكراتي للفترة التي اشتغلت خلالها في القوة الجوية العراقية 1963 -1997، معتمداً على ما دونته سابقاً من ذكريات خلال خدمتي في تلك القوة، وما أتذكره وأنا في مصـر.
ونظرا لتشعب مواضيع الكتاب التي اتسمت بالاسلوب القصصي ، جاء فيه نبذة عن حياتي العائلية ثم التحاقي في سلاح الجو العراقي وتسلسل عملي في هذا السلاح وما جرى من احداث اثناء الطيران من دورات داخل وخارج العراق وتولي المناصب ىالمختلفة بدءً من امر رف مقاتل وحتى امرا لقاعدة جوية للفترة 1963- 1980 ، تخلل ذلك ماجرى من احداث مثل ثورة شباط 1963 ، والانقلابات الفاشلة للعميد الطيار الركن عارف عبد الرزاق ، واحداث كثيرة مررت بها لهذه الفترة وسيكمل لاحقا ان شاء الله الجزء الثاني الفترة الاخرى لحين نقلي الى دائرة المحاربين اتسمت بحب الوطن والدفاع عنه بدون مقابل ولضرورات المرحلة جرى اصدار الكتاب بصورة شخصية من قبلي بادارة دار النشر ( الان) في عمان .
اشكركم
2145 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع