زواج عابر للقارات.. فتيات وشباب العراق ينفتحون على ثقافات محفوفة بالمصاعب

شفق نيوز- بغداد:شهدت السنوات الأخيرة تزايدا ملحوظا في حالات زواج العراقيات من أجانب، وزواج العراقيين من أجنبيات، سواء داخل العراق أو خارجه.

وثمّة أسباب عديدة وراء هذا النوع من الزواج، خصوصا خارج البلاد، إذ تقف الهجرة والدراسة والعمل والعلاقات عبر الإنترنت في مقدّمة الدوافع.

كما ساهم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والترجمات الفورية بين العربية واللغات الأخرى في انتشار هذه الظاهرة، التي كانت في السابق تعدّ من الحالات النادرة. فقد لعبت مواقع التواصل دورا كبيرا، ليس في انتشار هذا النوع من الزواج وحسب، بل في مجمل التحوّلات الاجتماعية والثقافية التي يعيشها المجتمع العراقي بعد عام 2003.

لكن إلى أي مدى يصمد زواج العراقيين والعراقيات من الأجانب؟.. يبدو أن ذلك مرهون بدرجة الانسجام والتفاهم والمرونة في تقبّل ثقافة الآخر وتقاليده وقيمه، وبقدرة كل طرف على التمسك بالآخر وتبادل المشاعر معه.

تجربة غير موفقة

في هذا الصدد، تقول المواطنة فاطمة حسين (30 عاما) إنها "تزوجت من رجل روسي تعرّفت عليه خلال دراستها في موسكو".

وتضيف في حديثها لوكالة شفق نيوز: "كنت أرغب من خلال هذه التجربة بالانفتاح على ثقافة الآخرين وتقبّلها، وأسعى دوما لردم هوّة التقاليد الواسعة بين الثقافتين العراقية والروسية".

وتشير إلى أن "تجربتها فشلت فشلا ذريعا، وتعرّضت لموقف لم تكن تتوقّعه، بسبب التباين الكبير بين ما اعتادت عليه في العراق من سلوكيات ومشاعر وألفة ودفء لم تجد مثيلا له في بلد الثلوج".

وتؤكد فاطمة أن "الرجل كان طيبا، إلا أن مشاعره باردة كبرودة موسكو، فضلا عن أنه لا يستطيع تغيير طباعه الحادّة وصرامته في حسم أي نقاش بالطريقة التي تروقه"، مشيرة إلى أن "الفتاة العراقية لا تحتمل جفاف المشاعر، وهذا ما دعاني للانفصال عنه والعودة إلى العراق بعد انتهاء دراستي".

وتوضح فاطمة أنها تعلّمت اللغة الروسية وبعض العادات مثل خلع الحذاء عند دخول المنزل، وعدم الابتسام للغرباء لأنه عند الروس يدل على الحماقة وعدم الثقة بالنفس.

كما تعلّمت أن تقديم الهدايا والزهور يجب أن يكون مزدوجا، كأن تقدَّم هدية مع علبة شوكولاتة، واعتادت أيضا على الاحتفال ثلاث مرات بحلول السنة الميلادية الجديدة. مضيفة أنها لا تزال تحتفظ بعادة تناول عصير “الكومبوت” الروسي المكوّن من التوت والتفاح والسكر حتى بعد الانفصال.

تنوّع ثقافي

يتيح زواج العراقيين، نساء ورجالا، من أجانب التعرّف على ثقافة جديدة ومختلفة عن ثقافة المجتمع العراقي.

ويقول سعد الجيزاني، المتزوج من فتاة فنزويلية، إن "من إيجابيات الزواج من أجنبية التعرّف على ثقافة بلد الزوجة"، منوها إلى أن "الثقافات العالمية أصبحت أقرب إلى بعضها بفضل التكنولوجيا".

ويضيف الجيزاني في حديثه لوكالة شفق نيوز أن "الزواج من الأجنبيات يساعد على تعلّم اللغة بشكل أسرع بفضل الممارسة اليومية والتعايش المستمر".

لكنه يوضح أن "الزواج من أجنبية وأنت بعيد عن بلدك قد يكون محفوفا بالمخاطر، لأنها في الغالب قد تغادر وتتركك وحيدا، لعدم وجود روابط قوية تجمعكما"، مشيراً إلى ضرورة "وجود لغة مشتركة للتفاهم مثل الإنكليزية، على أن يتعلّم كل طرف لاحقا لغة شريكه".

ويرى الجيزاني، أن "بعض العراقيين حتى في الخارج يتمسكون بالمأكولات العراقية كالتشريب والدولمة، في حين لا تتقبّل النساء الأجنبيات ذلك، إذ اعتدن على أطعمة مثل البيتزا والفاهيتا، ما يسبب أحيانا مشكلات بين الطرفين".

ويتابع: "تذوّق جميع الأطباق التي تقدّمها الزوجة الفنزويلية يعدّ دليلا على الاحترام، أما الإشارة إليها بإصبع واحد فتعني قلّة احترام، لذا عليك استخدام اليد كاملة لتوضيح أي شيء. هذا ما تعلّمته منها خلال العلاقة، إلى جانب سلوكيات أخرى عديدة".

ثقافات وأديان

يعتبر البعض التنوّع في الثقافات والأديان إحدى الإيجابيات الأساسية في الزواج من الأجانب.

وفي هذا السياق، يؤكد عمر السامرائي، المتزوج من امرأة أميركية، أن "جمال الزواج يكمن في التعرّف على ثقافات وديانات وعادات مختلفة، إضافة إلى تذوّق أطعمة جديدة".

ويقول في حديثه لوكالة شفق نيوز إن "الشعب الأميركي منغلق على ثقافته وعاداته، والزوجة الأميركية تفرض ثقافتها ولا تتقبّل بسهولة الخوض في ما يتعلق بدينك أو عاداتك العراقية".

ويبين أن "تكيّف الفتاة الأميركية مع ثقافة الرجل العراقي يحتاج إلى وقت طويل، وقد لا ينجح الزوج في إقناعها بعاداته أو أكلاته المفضّلة".

ويلفت السامرائي إلى "صعوبة تربية الأطفال لأن الأب والأم ينتميان إلى ثقافتين مختلفتين، إضافة إلى انشغالهما الدائم بالعمل، ما يسبب خلافات حول طرق تربية الأبناء".

تقول ديما خالد، المتزوجة من رجل يوناني، إن "لغة الحوار واكتساب ثقافة جديدة ونسيان الماضي هي أبرز ما ميّز تجربتي".

وتوضح في حديثها لوكالة شفق نيوز: "ليس كل ما تعلّمناه وألفناه من عادات في بلادنا صحيح، وليس كل ما نكتسبه في الخارج إيجابيا، فالعادات الاجتماعية نتاج ظروف وتراكمات ثقافية".

وتشير إلى أن "بعض العادات أصيلة وإنسانية مثل عادة إكرام الضيف في العراق"، مضيفة أن "الانفتاح واكتساب المعارف الجديدة وتنوّع مصادر المعرفة من أبرز الإيجابيات في الزواج من أجنبي".

وتبيّن ديما أن "زواجها من الرجل اليوناني جعلها تشعر بتجدّد الأشياء يوميا، بعيدا عن الرتابة والروتين، سواء في الأحاديث أو السهرات أو تناول الطعام".

وتختم قائلة: "في الزواج من أجنبي يجب أن ينسى الشخص ما تعلّمه من عادات وتقاليد، ويبدأ من جديد مع الشريك الآخر لتستمر الحياة".

ويرى متزوجون من أجنبيات أن تجاربهم كانت ناجحة ومثرية، فيما يعتبرها آخرون تجارب فاشلة لا تختلف عن الزيجات غير المتوافقة داخل العراق. وفي النهاية، يبقى الانسجام والتفاهم والعلاقة الوجدانية المتينة هي الأساس في نجاح الزواج، بغضّ النظر عن اختلاف اللغة أو الثقافة أو العادات.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

611 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع