لؤلؤة الفضيحة

 د. خالد زغريت

لؤلؤة الفضيحة

لا تسقطــــي
لم يبقَ ليْ في الجرحِ إلاّ كبرياؤكِ
بعضَ مملكةٍ تقيني مِنْ عَراءِ الأرضِ
كمْ أكبرتُ فيكِ الموتَ مُتَّـكـَأً
ولؤلؤةُ الفضيحةِ في عيونكِ لَمْ تَعُدْ وطناً
لأدركَ فيكِ أمَّاً أرتقيها
لَمْ يبقَ في كأس الأمومةِ دمعةٌ
تَحْنو عليَّ بخبزِ أيتامي
وتمنحُني بقايا القلبِ شمعاً للفرارْ
مِنْ أينَ أَبْدأُ فيكِ موتيْ
لمْ يزلَ في دفءِ جرحكِ ما يُثيرُ الحلْمَ
متَّسعاً لموتاكِ الصغارْ
لا تسقطــي :
هوَ آخرٌ لا تُشْرعي ما في الأماني
مِنْ أزاهيرِ البكاءِ
فلا الفصولُ الخضرُ تدركُهُ
ولا الأرضُ المشاعُ
غداً يُفاجِىءُ فيكِ مَوْتَهُ
يَجْتليكِ مُبَاغِتاً ذئبَ الحقيقةِ
في عيونِـــكِ
ينهشُ العنبَ السديميْ
علّميهِ حدودَ منفاهْ لكيْ يتوجّسَ القمرَ
اتضاحَ دماكِ
لو تتلمسينَ دماءهُ سدرَ الخلاصْ
حتّى يجوسَ بنومهِ
إغماءةَ التحنانِ في ضلعِ الحجارْ
يا أمّنا لا تسقطي :
يا ما وهبناكِ اندثارَ الروحِ شوكاً في الديارْ
هل في المراثي ما يُعيدُ
فَراشةَ الماضي لقلبٍ بالحرائق مولعٌ
كَمْ عذّبــوه
وبكـــوا
وكَمْ رسمَتْ يداكِ صليبَه
إنْ فرَّ منهُ موتُهُ 
فترجّلي عن رمحِ أسئلتي
ومِنْ جرحٍ تسمّينَ الرفاقَ لهُ الحوارْ
وتجدّدينَ الانتحارَ بكبرياءِ الراحلينَ
لكِ اجتهادُكِ في افتضاحِ ضحيةِ القتلى
وملْح الحربِ في تفّاحةِ اللغةِ المضيئةِ
فاكشفي ضلعاً تكْمّل فيكِ أحصنةَ الحصارْ
يا حيفُ تنكسريـــنْ
كـمْ عذّبــوهْ
في الفجرِ سمّوهُ المسيحْ
كي يصلبــوهْ
والله كانَ يعدُّ مِنْ عينيكِ
بعضَ الليلِ للملقى الجريحْ
عمَا بعينيهِ تبحثينْ :
عنْ نجمةٍ ضاقتْ بفتنتها فأطفأتِ السنينْ 
عمّا أَعَنْ لغو المدنْ
بوسامةِ القتلى وهمْ يتراكضونَ بنعشِها
ياحيفُ تنكسرينَ
أعمدةُ المشانقِ لَمْ تكنْ كالأمِّ حتَّى يطمئنَّ بصدرِها
ولأنّ تمثالَ المدينةِ كانَ أكبرَ دائماً من اسمهِ
ما كانَ ينضح دمعه وطناً يقرُّ بياضه في غفلةٍ من حبّنا
يا أمّهُ كَمْ عذّبوهْ
وعلى الصليبِ نسوهْ
طِفلاً يكوّن من دِمَاهُ دُمَاهْ
ويَفتُّ من شجر الحنايا قمر الوصايا
للعندليب عساه يكملُ مِنْ دِمَاهُ غُنَاهْ
لا تسقطـي
لم يبقَ لي إلاكِ مملكةً
تُشرِّدني لتَنْحلَني حدوداً ساقطةْ
يا أمّنا لا تسقطي
إنَّا جميعاً ساقطونْ

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

859 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع