رووداو ديجيتال:أعلن مجلس القضاء الأعلى في العراق نتائج التحقيق بقضية وفاة الطبيبة بان زياد طارق في البصرة، مؤكداً أنها أقدمت على الانتحار، ليتم غلق التحقيق في الحادثة.
وجاء في بيان صادر عن المركز الإعلامي لمجلس القضاء الأعلى، اليوم الاثنين (18 آب 2025)، أن "رئاسة محكمة استئناف البصرة أرسلت إلى مكتب رئيس المجلس القرار الخاص بوفاة الطبيبة بان زياد"، مشيرا إلى أنه "اتضح من خلال حيثيات القرار أن الحادث انتحار لذا تم غلق التحقيق".
واظهرت نتائج التقرير الطبي والتقارير الفنية والتشريحية في قضية وفاة الطبيبة بان زياد طارق عن تفاصيل موسعة تتعلق بالفحوص المختبرية، إفادات الشهود، والحالة الطبية للجثة، وانتهت جميعها إلى أن الحادث كان "انتحاراً" وليس جريمة قتل.
وأدناه تفاصيل الحادثة وفقاً لتقرير محكمة استئناف البصرة، الذي حمل توقيع رئيس المحكمة القاضي عادل عبد الرزاق عباس:
الفحوصات الفنية والجنائية
وردت نتيجة فحص الدم والشعر المرفوع من محل الحادث بموجب التقرير الفني الصادر من مديرية تحقيق الأدلة الجنائية – شعبة البصمة الوراثية، والتي أكدت أن العينات تعود إلى المجني عليها بان زياد. كما اطلع التحقيق على كتاب مديرية تحقيق الأدلة الجنائية/ قسم كشف التزييف والتزوير المرقم والمرفق مع تقرير اللجنة الخماسية المشكلة من قبل وزارة الداخلية بخصوص الكتابة بعبارة "أريد الله"، التي عثر عليها محررة بالدم على سطح باب أبيض اللون (باب الحمام) الخاص بغرفة المتوفاة.
وأظهرت النتيجة أن كتابة العبارة تطابق نماذج كتابات بان زياد المحررة في أوراقها الشخصية وسجل ملاحظاتها الطبية. وقد جرى ذلك باستخدام جهاز (vsc8000HS) المعتمد في إجراءات المضاهاة وربطه مع الأوراق التحقيقية.
كما ورد في التقرير الفني الصادر من قسم التقنيات والمعلوماتية في البصرة/ وحدة الجريمة الإلكترونية، والذي تضمن تفريغ محتوى المحادثة الصوتية بين الشاهدة الطبيبة زينب علي حسن والمجني عليها بان زياد، وتم ربطه مع الأوراق التحقيقية.
إفادات ذوي الضحية والشهود
أفاد والدا المجني عليها، زياد طارق إسماعيل وجنان غازي عبد المجيد، أن الحادث هو انتحار نتيجة ضغوط نفسية قاهرة كانت تعاني منها ابنتهم، وليس جريمة قتل، ولم يطلبا الشكوى بحق أي شخص. وأكد الشهود، هبة زياد طارق (شقيقتها)، وبهاء الدين غازي (خالها)، ومنى محمد ياسين (زوجة خالها)، ورضا بهاء الدين غازي (ابن خالها)، وكذلك شقيقها محمد زياد طارق، أن الحادثة انتحار وليست جريمة جنائية.
كما ذكر الطبيب فواز عباس علي أنه تلقى مكالمة من المتوفاة ليلة الحادث بتاريخ 2025/8/3 استمرت نصف ساعة، قالت له فيها حرفياً: "أنا محد يحبني وتعبت وأريد أرتاح من الحياة لأن مليت من الحياة وجسمي يطلب مني أن أقوم بتقطيع كلتا يدي".
أما الشاهدة الطبيبة النفسية زينب علي حسن، أوضحت وجود بصمات صوتية متبادلة مع المجني عليها، وأنها كانت تشكو من اكتئاب بلغ مستواه إلى الدرجة الخامسة. وأفادت بأنها المجني عليها طلبت منها جلب عقار (Pubroion) كون الشاهدة تعمل في مدينة الطب في بغداد، ووعدتها بجلبه. وأكدت أن بان زياد كانت تعاني من مرض الاكتئاب المزمن الذي يؤدي بالمريض إلى الانتحار في حال عدم الانتظام بالعلاج الدوائي والسلوكي.
أما المتهم عمر ضاحي مصطفى، فأنكر التهمة المنسوبة إليه بالتحريض على الانتحار، مبيناً أنها زميلته في العمل وبعد تفريغ محتويات هاتفه وجدت محادثات له مع الضحية تضمنت حديثاً عن رغبتها بالانتحار فقط.
نتائج الأدلة الإلكترونية
تفريغ جهاز (DVR) الخاص بدار المجني عليها أكد عدم دخول أي شخص إلى المنزل قبل الحادث، وعدم وجود توقف في تسجيل الكاميرات. كما ورد في تقارير الأدلة الجنائية وشعبة المختبر الجنائي وتقارير الجريمة الإلكترونية، أن المجني عليها كانت تتابع قناة باسم "رسائل انتحار" وتحمل المعرف (L.M/LOVEXJ).
وتضمنت رسائل أرسلتها بان رداً على عدم استجابته لمكالماتها، إلى المتهم عمر ضاحي عبارات مثل: "الله يسامحك ويهديك لكن ما راح أشوفك بعد إذا صار شي أمسح هاي المحادثة… عمر أنا راح أروح وأعفيك من حجاياتك وأسفة على كلشي سويته وضوجك ما جان قصدي… مع السلامة".
كما تضمن تقرير الجريمة الإلكترونية بصمات صوتية سجلتها المجني عليها بجهاز (ريكورد) بنفسها قالت فيها: "بعدها الأفكار الانتحارية موجودة بس أني من النوع اللي ما أستجيب لهذا الشي بس هسه جاي تصير قوية… الفكرة أنو أني تعبت من الوجود، تعبت حرفياً من الوجود". وأضافت عبارات أخرى بالإنكليزية منها: "أنا فقط أريد أن أختفي من الوجود… أنا فعلاً تعبت… أحاول التأقلم مع الواقع لكن فقط تعبت".
التقرير الطبي والتشريحي
التقرير التشريحي الصادر من دائرة صحة البصرة – قسم الطب العدلي، أوضح أن سبب الوفاة هو التمزقات والنزيف الدموي الحاد نتيجة إصابات قطعية في الساعدين الأيمن والأيسر، ما أدى إلى الصدمة الوعائية والوفاة.
كما أشار التقرير، إلى وجود سحجات في أعلى الحاجب الأيمن وكدمات في الخد الأيمن ناجمة عن سقوط الجسم أثناء الاحتضار، إضافة إلى كدمات غير حيوية بعد الوفاة بسبب تحريك الجثة. وأكد التقرير أن غشاء البكارة سليم ولا وجود لاعتداء جنسي أو عنف خارجي، كما لم تُعثر أي آثار للسموم أو المواد المخدرة في الجثة.
النتيجة النهائية
خلصت الأدلة والتقارير الطبية والتحقيقية إلى أن حادث وفاة الطبيبة بان زياد طارق كان "انتحاراً" بقطع الأوردة الدموية في يديها، وأنه لا وجود لجريمة قتل. وبناءً على ذلك قرر القضاء غلق الدعوى نهائياً والإفراج عن المتهم عمر ضاحي مصطفى وإخلاء سبيله من التوقيف ما لم يكن مطلوباً في قضايا أخرى، استناداً إلى المادة 130/أ من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971.
وتعود القضية إلى يوم الاثنين 4 آب الجاري، حين عُثر على جثمان الطبيبة بان زياد طارق داخل منزلها في محافظة البصرة، وسط تضارب كبير في الروايات حول سبب الوفاة.
وبينما أفادت عائلتها بأنها انتحرت نتيجة ضغوط نفسية، أظهرت التحقيقات الأولية وجود شبهة جنائية، خاصة بعد الكشف عن جروح قطعية عميقة في الذراعين وكدمات حول الرقبة والوجه، ما أثار شكوكًا واسعة في فرضية الانتحار.
وقد تحولت القضية إلى قضية رأي عام، بعد أن شكك زملاء الطبيبة في رواية الانتحار، مؤكدين أنها لم تكن تعاني من اضطرابات نفسية، وكانت نشطة مهنياً، وشاركت مؤخراً في مؤتمر علمي قدّمت فيه محاضرة نالت إعجاب الحاضرين.
من جهتها، باشرت الجهات الأمنية في البصرة تحقيقاً موسعاً، شمل فحص هاتف الطبيبة وجمع الأدلة الجنائية من موقع الحادث، فيما ينتظر الجميع صدور تقرير الطب الشرعي الذي يُتوقع أن يكون حاسمًا في تحديد سبب الوفاة.
ووجه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، بمتابعة دقيقة للتحقيقات، مشدداً على ضرورة إعلان النتائج بشفافية، وإبعاد التحقيق عن أي استثمار سياسي.
أثارت وفاة الطبيبة بان زياد موجة من الحزن والغضب في الأوساط الطبية والمجتمعية، حيث طالبت لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب العراقي بتحقيق مهني ونزيه، داعية إلى مراجعة بيئة العمل في المؤسسات الصحية، وتوفير الدعم النفسي والمعنوي للعاملين في القطاع الطبي، خاصة النساء اللواتي يواجهن ضغوطاً مضاعفة.
كما دعت المفوضية العليا لحقوق الإنسان إلى الإسراع في إعلان نتائج التحقيق، وتبديد الشكوك حول الحادثة، بما يحفظ كرامة الضحية ويطمئن المجتمع الطبي والعراقي عموماً.
1098 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع