إرث أجاثا كريستي العراقي ينتظر تحويله إلى متحف

منزل الكاتبة البريطانية بقي يصارع الإهمال والزمن بين بيوت كثيرة أزيلت بفعل بناء جسر السنك وفندق المنصور ميليا.

يواجه منزل الكاتبة البريطانية أجاثا كريستي الذي يحمل قيمة تاريخية ورمزية كبيرة خطر الانهيار، ويناشد الكثير من العراقيين وخبراء التراث السلطات التحرك لإنقاذه وتحويله إلى متحف ثقافي.

العرب/بغداد - بشرفته المطلة على نهر دجلة في كرادة مريم بجانب الكرخ من بغداد، ما زال المنزل التاريخي الذي عاشت فيه كاتبة الجريمة البريطانية أجاثا كريستي لسنوات عديدة شاهدا على التاريخ، لكن ليس لوقت طويل إذا لم يتم ترميمه بشكل عاجل مع تزايد المطالب لتحويله إلى متحف.

وتحمل جدران البيت العتيق تحذيرًا: “احذروا! خطر الانهيار.” ورغم خطر الانهيار لا يزال البيت صامدا.

وقال المؤرخ العراقي عادل أردوي إن كريستي عاشت في العراق قرابة 13 عامًا، مضيفا “العديد من القطع الأثرية التي عثر عليها زوجها، الخبير في الآثار التاريخية، موجودة الآن في المتاحف. كانت أغاثا كريستي امرأة طموحة، سافرت أيضًا من العراق إلى الدول المجاورة.”

وتابع أردوي أن كريستي عندما أرادت العيش في بغداد اختارت منزلاً على ضفاف نهر دجلة يرمز إلى الهندسة المعمارية لبغداد القديمة، مضيفاً أنه يعتقد أن المنظر المطل على النهر الشهير من المنزل ألهمها في كتاباتها المشهورة.

ورغم أن المنزل الذي عاشت فيه كريستي أصبح الآن خرابا إلا أن أردوي يرى أنه إذا تعاونت السفارة البريطانية في بغداد والسلطات العراقية فقد يتحول المنزل إلى متحف.

وتحدث حمزة أبوسالي، بائع كتب في شارع المتنبي مركز بيع الكتب المستعملة في بغداد، كيف كانت كريستي في العراق خلال ثلاثينات القرن الماضي. وأضاف أن العراقيين يُبدون اهتمامًا كبيرًا بروايات كريستي، وأن مؤلفات كاتبة الجريمة البريطانية هذه تُعدّ دائمًا من بين أكثر الكتب طلبًا.

وفي شرفة المنزل المطلة على نهر دجلة كانت تجلس مؤلفة الأعمال الأكثر مبيعا على الإطلاق حسب موسوعة غينيس للأرقام القياسية، لتدون مذكراتها، وقد سكنته مع زوجها عالم الآثار البريطاني ماكس مالوان لفترة طويلة، حيث كان محطة الاستراحة لهما بعد رحلات التنقيب الأثرية في شمال العراق وجنوبه. وهو بمثابة قطعة أثرية مهددة بالاندثار.

وعلى الرغم من أن المنزل بات في حالة تهالك واضحة، إلا أن خبراء التراث يرون أنه ما زال من الممكن ترميمه وتحويله إلى متحف ثقافي بالتعاون بين الحكومة العراقية والسفارة البريطانية في بغداد.

وصرح مدير عام دائرة التراث العامة في وزارة الثقافة إياد كاظم في وقت سابق بأن “البيت الذي كانت تقطنه أجاثا كريستي يعود لملكية خاصة، ووفق قانون 55 لسنة 2002 لا يجوز التصرف بالملكيات الخاصة، لذا لا يمكن صرف أموال لصيانة البيت لعدم وجود تبويب قانوني لذلك.”

وأضاف “أما بخصوص استملاك البيت الذي كانت تسكنه كريستي، فقد عرضنا على صاحب الملك أكثر من مرة بيع العقار، لكنه كان يرفض العرض، ويتذرع بأنه هو من سيتولى صيانته وتأهيله،” مشيرا إلى أن “التواصل مع صاحب العقار مستمر، وآخر تواصل معه كان قبل شهر من خلال مكتب رئيس الوزراء، لكنه يصر على رغبته في عدم بيع البيت والقيام بتأهيله بنفسه بالتنسيق مع منظمات دولية.”

وكانت المؤلفة أجاثا كريستي قد خصت في نهاية كتابة سيرتها منزلها البغدادي، الذي ترك أثرا عميقا في نفسها، بالقول “كانت لنا دار تركية قديمة في الصوب الغربي لدجلة، وكان الناس يتعجبون من غرابة ذوقنا ومن محبتنا لها، ومن رفضنا للسكن في واحد مـن هذه الصناديق الحديثة، ولكن دارنا التركية كانت مبهجة، منعشة البرودة بحوشها ونخلاتها التي ترتفع ويمس سعفها أطراف الشرفة.”

وتابعت “كانت خلف دارنا غابات نخيل ترويها السواقي، وصراف بالغة الصغر صنعت من صفائح قصدير، يلعب حولها أطفال بمرح وسعادة، وكانت النساء يدخلنها ويخرجن منها وينزلن إلى النهر لغسل صحونهن وقدورهن.”

وتقول الناشطة في منظمة “برج بابل” لحماية التراث ذكرى سرسم “بعد عقود من رحيل الكاتبة البريطانية أجاثا كريستي لا يزال منزلها في العاصمة العراقية بغداد حيًّا، ومطلا على ضفاف نهر دجلة، حيث بقي يصارع الإهمال والزمن بين بيوت كثيرة أزيلت بفعل بناء جسر السنك وفندق المنصور ميليا.”

وذكرت الناشطة سرسم أن هذا البيت “يُعد من الأملاك الخاصة، لكنه مسجل في دائرة التراث، وبحسب القانون لا يمكن هدمه، كما أن القانون يفرض على وزارة الثقافة توفير تسهيلات وصرف مبالغ لترميم هذه الدور، لكن الوزارة لا تلتزم لعدم توفر ميزانيات.”

وتنظر سرسم إلى المنزل الضخم حزينة وقلقة من فكرة فقدانه، ذلك أنه معروض للبيع من قبل مالكيه، لكن أمانة بغداد تفرض ضمن قوانينها شروطا مهمة للحفاظ على بقائه بوصفه جزءا من هوية العاصمة وتراثها.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1179 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تابعونا على الفيس بوك