تخريب تمثال المرأة العارية يفتح نقاش الرموز الفرنسية في المدن الجزائرية

التمثال يعتبر معلم من معالم المدينة

السجن عشر سنوات لشاب لإدانته بمحاولة تحطيم تمثال "المرأة العارية" في عين الفوارة، وسط مدينة سطيف.

ميدل ايست/الجزائر – أصدرت محكمة سطيف في الجزائر حكما بسجن شاب عشر سنوات، لإدانته بمحاولة تحطيم تمثال "المرأة العارية" في عين الفوارة، وسط مدينة سطيف، بعدما تبيَّن وجود محاولة سابقة للمتهم لتحطيمه في نوفمبر 2018، ما أثار جدلا واسعا بين الجزائريين باعتبار التمثال يجسد إرثًا فنيًا وتاريخيًا يمثل جزءًا من هوية المدينة.

وتحول تخريب التمثال الى مادة للاختلاف والنقاش الحاد بين الجزائريين على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ أن فئة أخرى من الجزائريين تعتبره رمزا للاستعمال يخدش الحياء العام وتتعارض مع القيم الدينية والاجتماعية، لاسيما في هذه الفترة التي ارتفع فيها منسوب التوتر بين الجزائر وفرنسا لمستويات غير مسبوقة.

وفي فيديو متداول، صعد شخص إلى نافورة عين الفوارة في ولاية سطيف (شرق الجزائر)، وحطم جزءاً كبيراً من وجه التمثال، وقبل أن يتمكن من إكمال فعلته، تدخلت قوات الأمن وأوقفته، رغم مقاومته الشرسة ومحاولته البقاء أعلى النافورة.

وإضافة الى حكم السجن قضت المحكمة بغرامة قدرت بـ 500 ألف دينار، مع إلزام المتهم بدفع تعويض مالي قدره 3 ملايين دينار للديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية.

وأكدت مديرية الثقافة أن المعتدي، الذي كان في حالة سُكر شديد، استهدف وجه التمثال، وهو ما تسبّب في تشويه معالمه، رغم الحراسة الدائمة المفروضة عليه منذ سنوات.

وتمثال "المرأة العارية" أو "عين الفوارة" نحته الفرنسي فرانسيس دي سانت فيدال، سنة 1898، وهو لامرأة من ولاية سطيف، وكُشِفَ عنه لأوَّل مرة في متحف اللوفر، بمناسبة مرور 10 أعوام على بناء برج إيفل، ثم نُقل إلى سطيف في عام 1899. وهو معلم أثار جدلاً متكرّراً في المجتمع الجزائري بين مَن يعتبره جزءاً من التراث الفني، ومَن يراه مسيئاً للحياء العام.

ويتداول الناشطون روايات عديدة بشأن التمثال من بينها أن الحاكم العسكري الفرنسي نقل التمثال كنوع من المكافأة العسكرية، ومحاولة لطمس الرموز الإسلامية واستبدالها بمعالم استعمارية جديدة".

وفي البدء نقل بالقطار إلى ميناء مرسيليا جنوب فرنسا، حيث ركب الباخرة إلى ميناء سكيكدة، ليتم نقله من هناك إلى سطيف في عربة تجرها خيول أصيلة، وتحرسها كوكبة جنود فرنسيين، يرتدون ملابس احتفالية ويمتطون جيادهم الأصيلة.

واستغرقت الرحلة عشرة أيام، وكان بانتظار التمثال الحاكم العسكري ونبلاء الفرنسيين في المنطقة، وقد أعجبوا بإتقانه، ليقترحوا وضعه فوق منبع الماء "عين الفوارة".

ولاحقا أصبح هذا التمثال جزءًا من المشهد الحضري لمدينة سطيف، واحتل مكانة رمزية في وجدان السكان. كما تحول المعلم إلى نقطة جذب للسياح والزوار من مختلف أنحاء البلاد، على اعتبار موقعه وسط المدينة.

وكانت السلطات الجزائرية قد انتهت، في يونيو/حزيران 2023، من عملية ترميم التمثال في أعقاب تعرضه لعملية تخريب، في نهاية عام 2018، من الشخص نفسه.

وهذه هي المرة الرابعة التي يتعرض فيها هذا المعلم لمحاولة تخريب، ففي عام 1997، تعرّض التمثال للتدمير بسبب عبوة ناسفة، قبل أن يتم ترميمه وإعادته إلى مكانه خلال أقل من 24 ساعة. كما شهد عام 2006 محاولة لتشويه وجه التمثال باستخدام مطرقة، تلاها حادث مماثل عام 2017، كلّف خزينة الدولة ما يقارب 3 ملايين دينار جزائري لإصلاح الأضرار.

وفي أعقاب الحادثة، قامت السلطات المحلية بتعزيز الإجراءات الأمنية حول الموقع، فيما يُتوقع أن تشرع في عمليات ترميم جديدة للتمثال الذي أصبحت إصلاحاته المتكررة تشكل عبئاً على ميزانية الولاية.
ويقصده السياح وزوار مدينة سطيف لالتقاط صور تذكارية والشرب من الماء المتدفِّق من المنبع المائي أسفله.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

810 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع