د.أنور أبو بكر الجاف
"جمهورية الموز أم جمهورية النفط؟ فساد وتلاعب في عراق اليوم وكوردستان!"
منذ أكثر من قرن استخدم الكاتب الأمريكي (أو. هنري) مصطلح "جمهورية الموز" لوصف دول أمريكا اللاتينية التي كانت تُستغل مواردها الطبيعية لتحقيق أرباح حصرية للطبقة السياسية الحاكمة والشركات الأجنبية، ويبدو أن اليوم يعيد التاريخ نفسه في العراق وإقليم كوردستان، حيث أصبحت هذه الأراضي بمثابة "جمهورية الموز" الجديدة، ولكن هذه المرة نفطها هو الثروة المستغلة، فلننظر إلى حال العراق و اقليمه بسبب :
١- الطبقة الحاكمة والتحالفات الإقليمية والدولية :
كما كان الحال في جمهوريات الموز نجد أن الطبقة الحاكمة في العراق وإقليم كوردستان تتعاون مع القوى الإقليمية والدولية لتحقيق أرباح هائلة. الشركات النفطية الكبرى توقع عقودًا سرية وتحصل على امتيازات ضخمة، بينما يُترك الشعب يعاني من الفقر والحرمان.
الحلفاء الخارجيون، بدءًا من الدول الإقليمية وصولًا إلى القوى العالمية يدعمون هذه النخب الحاكمة مقابل الحصول على نصيب من الكعكة النفطية.
٢- التلاعب السياسي والاضطرابات المستمرة:
تمامًا كما شهدت جمهوريات الموز اضطرابات سياسية مستمرة يعاني العراق وإقليم كوردستان من حالة من الفوضى وعدم الاستقرار. التوترات الداخلية والانقسامات السياسية تُستغل لتوجيه موارد البلاد نحو جيوب الفاسدين والمتنفذين.
في هذه البيئة الفوضوية يصبح من السهل على الطبقة الحاكمة والشركات الأجنبية تحقيق أهدافهم، بينما يبقى الشعب ضحية للعبة العبثية السياسية القذرة .
٣- إثراء المسؤولين وهضم حقوق الناس :
كما هو الحال في جمهوريات الموز ، حيث كان المسؤولون يزدادون ثراءً على حساب شعوبهم نجد اليوم أن المسؤولين في العراق وإقليم كوردستان يعززون ثرواتهم بطرق غير شرعية.
حيث يتم نهب الآبار والموارد النفطية ويُترك الشعب يعاني من نقص الخدمات الأساسية والتعليم الجيد والرعاية الصحية.
إنَّ الفساد المستشري يمنع تحقيق أي تقدم حقيقي، ويُبقي الفئات المتنفذة في مواقع السلطة لتحقيق مكاسب شخصية .
٤- التدخلات الخارجية والأطماع الاستعمارية:
في جمهوريات الموز كانت القوى الخارجية تلعب دورًا كبيرًا في توجيه الأحداث بما يخدم مصالحها. واليوم نجد نفس الشيء يحدث في العراق وإقليم كوردستان.
فالدول الإقليمية والدولية تقدم الدعم المالي والسياسي للفئات الحاكمة لضمان استمرار سيطرتها على الموارد النفطية. وهذه التدخلات تزيد من تعقيد الوضع وتمنع الشعب من المطالبة بحقوقه.
٥- نقمة النفط لا نعمته:
إن واقع العراق وإقليم كوردستان اليوم يشبه إلى حد كبير ما وصفه (أو. هنري) في جمهوريات الموز، حيث تُستغل الثروات الطبيعية لزيادة ثراء الفئات الحاكمة والمقربين منها، في حين يعاني المواطنون من ضيق العيش ونقص الخدمات .
التلاعب السياسي والاضطرابات المستمرة والتدخلات الخارجية تجعل من الصعب رؤية أي أمل في تغيير هذا الوضع ما لم يتحد الشعب للمطالبة بحقوقه ومحاسبة الفاسدين.
٦- عدم المساءلة والشفافية في النظام الإداري والسياسي.
إن مكافأة الفاشلين بالبقاء في مناصبهم أو ترقيتهم يعكس غيابًا للعدالة ويؤدي إلى تدهور الثقة في المؤسسات الحكومية.
هذا النوع من الممارسات يؤدي إلى تكرار الأخطاء وزيادة الإحباط بين المواطنين الذين يرون أن الأداء السيء لا يعاقب بل يكافأ.
في ظل هذه الأوضاع يطرح السؤال نفسه: هل يحتاج العراق وإقليم كوردستان إلى شخصية شجاعة مثل خوان كارلوس آخر الذي قاوم الفساد والتلاعب في جمهورية الموز؟ إن الحاجة إلى قائد شجاع يواجه الظلم ويدافع عن حقوق الشعب أصبحت أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى . إننا بحاجة إلى من يلهم الناس للنهوض والمطالبة بحقوقهم والعمل على بناء مستقبل أفضل .
يجب أن يكون لدينا الوعي والإرادة لمواجهة هذه التحديات والعمل على بناء مستقبل أفضل لنا ولأجيالنا القادمة. فالتاريخ قد يعيد نفسه، لكننا قادرون على تغيير مجراه إذا ما تحلينا بالشجاعة والإصرار لنتجنب أن نصبح جمهورية الموز الجديدة .
أنور أبوبكر كريم الجاف
730 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع