
د.بدر العنزي
الشعب والدولة يرتقوا بقائدهم
النظم الديمقراطية للدول والمجتمعات ، تحتاج الى بناء اجتماعي ومؤسّساتي للوصول إلى طريقٍ آمن لممارسة الديمقراطية وتحقيق ظروف مثالية لإدارة الدولة والمجتمع عبر قوانين عادلة محميّة بقوّة تنفيذ صارمة تحفظ حقوق الجميع وتصونها بشكل متساوٍ ، والديمقراطية تعني حكم الشعب ، وهي نظام سياسي يسمح للمواطنين بالمشاركة في إدارة شؤون بلادهم، ويتم ذلك عادة من خلال الانتخابات الحرّة والنزيهة لاختيار ممثّلين لهم، أو من خلال المشاركة المباشرة في اتخاذ القرارات، وتقوم الديمقراطية على احترام الحريات الأساسية وحقوق الإنسان والمساواة بين الجميع، وتؤكّد المبادئ الأساسية للديمقراطية بأنها السلطة النهائية للشعب ، وليست حكرا لفرد واحد أو مجموعة صغيرة ، وللمواطن حق المشاركة في الحكم بشكل مباشر أو عن طريق اختيار ممثّلين عنه، وله حرية الرأي والتعبير والتجمع، وتكوين الجمعيات، وحق المساواة، وعدم التمييز، وضمان سيادة القانون واحترام حقوق الأفراد وحرياتهم.
وتنقسم الديمقراطية الى نوعين:
1- غير المباشرة: وهي الأكثر شيوعًا، إذ ينتخب الشعب ممثّلين عنه لممارسة السلطة بدلاً منه (مثل الانتخابات البرلمانية).
2- المباشـــــــرة: يشارك فيها المواطنون بشكل مباشر في اتخاذ القرارات (مثل الاستفتاءات) .
وبكل الأحوال يجب أن يكون للديمقراطية بناء ثقافي ووعي اجتماعي ومسؤولية أخلاقية ، وان فقدت سمة الوعي فقدت الغاية من ممارستها ، وهذا الأمر لا ينجح في مجتمعاتنا لأسباب عديدة ، منها العشائرية والتخلّف في فهم وثقافة ممارسة الديمقراطية إضافة فضلاً عن عدم وجود مؤسّسات علمية تهدف للبناء الديمقراطي الاجتماعي ، وهنا تبرز الحاجة لمُخَلّصْ يستوعب كل ذلك وله القدرة على الاحتواء والحرص والصدق والأمانة والعدالة ليكون المُنقذ والبديل للتفكير الجمعي والمعبّر عنه من خلال أسلوب القيادة العادلة ترتكز على الحزم والمرونة.
فلذا كثر الحديث عن نقد الشعب العراقي والإساءة اليه كونه السبب في وجود سلطة الحرامية والعملاء في قيادة الدولة وشؤون المواطن، ووصل النقد ليصفهم كما يصف من يقود الدولة بـ(كيف ما تكونوا يولّى عليكم)، وهذا إجحاف ووصف قاسي لشعب حي، وتأريخه حافل بالإنجازات والعطاء للبشرية منذ نشأة الكون، فالعراق يتصدّر البشرية بالعطاء الفكري والعلمي والثراء الاقتصادي.
حكم العراق عدد كبير من الحكّام عبر التاريخ، وكان أبرزهم ملوك السومريين، والآشوريين، والبابليين مثل جلجامش من سلالة الوركاء، الذين حكموا قبل حوالي 2700 قبل الميلاد، وسلالات سومرية وأكدية، والعديد من السلالات الأخرى، بما في ذلك سلالة أور، والتي كان أبرز حكامها سرجون الأكدى، أقدم باني إمبراطورية في العالم، وحمورابي (حوالي 1792-1750 ق.م.) سادس ملوك بابل، وحكم معظم بلاد الرافدين الذي اشتهر بسن قوانين مدونة، تُعرف بـ “شريعة حمورابي". ونبوخذ نصر الثاني (حوالي 605-562 ق.م.) أعظم ملوك الإمبراطورية البابلية الحديثة ، الذي اشتهر بحملاته العسكرية ومشاريعه العمرانية في بابل ، ومنها حدائق الجنائن المعلقة في بابل، وجاءت الخلافة العباسية لتنقل مركز الدولة الإسلامية الى بغداد ، ونقل الخليفة أبو جعفر المنصور عاصمة الدولة الإسلامية من الشام إلى بغداد عام 762م ، وحكمها ابرز الخلفاء مثل هارون الرشيد والمأمون ، وامتدت الى الدولة الحديثة التي ابرز حكامها الراحل صدام حسين ، وقد حكم كرئيس للجمهورية بالظل من عام 1968 إلى 1979، وبشكل مباشر من عام 1979 حتى عام 2003، حيث تم إسقاط النظام بالعدوان وباحتلال أمريكي إيراني صهيوني للعراق.
إن بروز العراق وشعبه كشعب حي ومنتج ومبدع ثبت عبر التاريخ ومنذ الأف السنين ، وكان ذلك بفضل القادة العظام الذين حكموا العراق وكانوا يعملون بجد وحرص وأمانة وحب للشعب والأرض ، فلذا كانت بصمات العراق وشعبه متجذّرة في القدم ، بفضل قيادتهم التي لولاها لما كان للعراق وشعبه هذه المكانة والتميّز التاريخي ، لهذا فأن الشعب كأمة ينهض بقادته ، فكيفما يكون القادة يكون الشعب وليس العكس ، بينما حكام العراق الحاليين الذين تحميهم أمريكا وايران والكيان الصهيوني مجتمعين أو منفردين ، وبموجب اتفاقات مسبقة تم بموجبها إسقاط النظام الوطني واتفاقات لاحقة لاستمرار نظامهم وحمايته ما بعد الاحتلال والى يومنا هذا..!! (طبعاً مقابل أموال كبيرة تدفع من أموال الشعب العراقي) ، ولذلك فقد أجهضت جميع محاولات إسقاط النظام الحالي رغم السخط الشعبي الكبير وثورته ومقاومته منذ 2003 وحتى الآن ، إذ كانت وسائل حماية السطلة من القوى الخارجية اكبر من قدرات وقوة الشعب على مجابهتها وصدّها ، ولكن الظلم لن يدوم والقادم خير إن شاء الله.
حين يتوفر قادة أمناء ينهض الشعب ويرتقي

1061 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع