وهيب نديم وهبة
خطوات بالفرنسيَّة
ليس سرًّا؛ خاطري لا يتوقَّفُ لحظةً، عن التَّفكيرِ بالتَّرجمةِ.
التَّرجمةُ من العربيَّةِ إلى لغاتٍ عالميَّة – هي الحلمُ - هي التَّحدِّي لمقارعةِ ثقافةِ الآخرِ بالإبداع.
يُقالُ إنَّ الترجمةَ خيانةٌ للنَّصِّ الأصليِّ. تمامًا في الشَّهر الأخير من العامِ المنصرمِ. صدرَت المُطوَّلةُ الشِّعريَّةُ "خطواتٌ فوقَ جسدِ الصَّحراءِ – مسرحةُ القصيدةِ العربيَّةِ – بالفرنسيَّة... وهل هناكَ أجملُ مِن خيانةِ النَّصِّ الأصليِّ مع لغةٍ أُنثويَّةٍ، تعاشرُ الثَّقافةَ الفرنسيَّةُ وتحمل لهُم مجدَ العُروبةِ والمُناخَ الصَّحراويَّ - والكرامةَ وعزَّةَ النَّفسِ والمروءةَ.
ويَدخُلُ في سيفِ "الشّنفرى"
مِزاجُ الرّملِ في غضبِ الشَّمسِ
ونَقمةُ الإعصارِ في أوجِ الدَّمارِ
لكَ زجاجُ القلبِ مِرآةُ البَدويِّ
الصَّبرُ والكرامةُ وعِزَّةُ النَّفسِ وَالمُرُوءَةُ
إن نرتقي بالفكرِ (علينا إثباتُ وجودِنا الإبداعيِّ بين الأممِ) وأن تُتَوَّجَ إبداعيةٌ راقيةٌ قادمةٌ من الشَّرقِ، في أرقى وأعرقِ المكتباتِ الفرنسيَّةِ، وفي أقطارِ العالمِ، بتوزيعِ المِنصَّةِ العالميَّةِ الأمازون. نكونُ قد أثبتنا للعالمِ وجودَنا الحقيقيَ فوقَ هذه الرُّقعةِ من الأرضِ.
وأعودُ لتلك الخطواتِ التي رفعَت مجدَ الأُمَّةِ إلى العَلاء... وأرقِّ وأروعِ الكلماتِ، بين الإيمانِ ووصفِ الصَّحراءِ - صحرائِنا التي وهبَت العالمَ العُلومَ والمَعرفةَ والإبداعَ.
سُبحانَ مَن رفعَ السَّماءَ بِلا أعمِدةٍ
وبَسَطَ الأَرضَ وفَرَشَ ونقَشَ ورَسَمَ
الصَّحراءَ بِلونِ النُّورِ
سُبحانَ مَن صَوَّرَ وَكَوَّنَ
وقالَ للشَّيءِ كنْ فيَكُن
يكونُ... بحرًا ويكونُ... رمْلًا
وتكونُ هيَ صحراءَ
أخرجَتْ للعالمينَ نبيًّا
وتكونُ هيَ الصَّحراءُ
ممتدَّةً كعروقِ يدي
مِن عَدَن إلى فارس إلى العراقِ إلى باديةِ الشَّامِ
إلى بحرِ العربِ إلى البحرِ الأَحمرِ إلى قلبي.
وأعودُ هنا للتَّرجمةِ - أكثرَ من عشرين كتابًا- حصيلةُ مسيرَتي الإِبداعيَّةِ، وما زال القلبُ يخفقُ مع كلِّ ترجمةٍ وكلِّ إبداعيَّةٍ تخاطبُ القارئَ بلغتِهِ، وتعلنُ أنَّنا هنا كمثلِ السِّنديانِ والزَّيتونِ.
أقولُ هذا الكلامَ في سياقِ حديثي عن ترجمتي للّغةِ السِّريانيَّةِ بالاشتراكِ مع أخي الأديبِ: نايف خوري، في بلادِ الرَّافدَين، ويصبحُ النَّشيدُ لمجدِ السَّيِّدِ المسيحِ حقيقةً خارجةً من هنا، إلى كنائسِ العالمِ والبشريَّةِ.
كنتُ مع مَسيرِ الخطواتِ قد سكبتُ عطرَ الشَّرقِ وحبَّنا الجارفَ، والفرقَ العميقَ ما بين الشَّرقِ والغربِ. أقولُ:
جُنوني في سَفري طفلٌ شُرِّدَ مِنّي ذاتَ زمانٍ
تحرَّرَ مِن قَبضةِ الزَّمنِ لعِبَ بالوقتِ إلى الوراءِ
جَمَعَ عقاربَ السَّاعةِ ودورانَ الزَّمنِ في حقيبةٍ
هيَ خَيْمةٌ منصوبةٌ في تلالِ "الوادي الخصيبِ"
وسافرَ في التَّوقيتِ الآتي...
تركَني معلَّقًا
لا أرضًا تجمَعُني
لا سماءً تأويني
لا وطنًا يأخذُني
ويَمضي في سَفَري
سواكَ، سواكَ يا قمري
ردَّ لي مِن ليالي شهرزادَ
قَمَرَ الزَّمانِ وبَدْرَ البُدورِ
يا قَمَري.
وأعودُ للتَّرجمةِ، لو كانَت اللُّغةُ امرأةً كانَت الرَّاغبةَ أن تكونَ متجوِّلةً وزائرةً، ومُقيمةَ مكانٍ وبيتٍ وحُضورٍ في كلِّ دولِ العالَمِ.
وأهلًا وسهلًا بهذهِ الخِيانةِ.
ِ
1001 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع