بيلسان قيصر
وعظ من الحكومة اللبنانية لنظيرتها العراقية
إنها رسالة لبنانية مهمة الى رئيس وزراء العراق عادل عبد المهدي الكبير الرأس والصغير العقل، ليفهم كيف تجري الأمور في العالم، في الوقت الذي تزامنت التظاهرات اللبنانية مع شقيتها العراق منذ شهر تشرين السابق، واستقال رئيس الحكومة سعد الحريري راضخا لصوت الشعب واحتراما لإرادته، وفي الوقت الذي تمسك فيه رئيس الوزراء العراقي بأسنانه ويديه ورجليه بكرسي الحكم الملطخ بالدماء البريئة، لم يتعرض المتظاهرون اللبنانيون الى العنف من قبل الجيش الا بضعة متظاهرين لا يتعدوا أصابع اليدين، ولم تسفر التظاهرات اللبنانية بعد مرور شهر إلا عن قتيل واحد يوم 12 تشرين الثاني الجاري في الوقت الذي زاد عدد شهداء العراق عن (350) شهدا وما يقارب (15000) جريحا، وترفض الجهات الصحية العراقية تقديم الرقم الحقيقي لعدد الشهداء والجرحى، المهم انه خلال يوم واحد تعرفت قيادة الجيش اللبناني على الجندي الذي قتل المتظاهر السلمي (أبو فخر) الذي قُتل بدم بارد أمام زوجته وأولاده، بعد ان اشترك مع جماعة من المتظاهرين في غلق أحد الطرق أثر الخطاب الحقير للرئيس اللبناني ميشيل عون الذي طالب الشعب اللبناني بالهجرة ان كان لا تعجبهم حكومته الفاسدة، وقد استفزت هذه الخطبة الدنيئة مئات الألوف من اللبنانيين للخروج في تظاهرات عارمة ضد رئيس الجمهورية، وكان من بينهم (الشهيد ابو الخير) مطالبة بسقوط الرئيس عون وصهره وزير الخارجية باسيل بإعتبارهما من أقطاب الفساد.
قامت قيادة الجيش اللبناني أثر الحادث بالتحقيق والقبض في نفس اليوم على الجندي القاتل، وفي ذات اليوم تم إستكمال التحقيقات معه وأحيل المجرم وهو (المعاون أول شربل جحيل) الى القضاء، لينال جزائه العادل، وعمت التظاهرات في جميع لبنان أثر سقوط أول شهيد من المتظاهرين. يعني لم تتجاوز عملية القاء القبض على المجرم والتحقيق معه وإحالته الى القضاء سوى يومين فقط. ولم تشكل لجنة ووزارية، ولم تتدخل المرجعية الدينية، ولم يصدر بيان وصفي للحالة كما فعل رئيس وزراء العراق بعد اكثر من اسبوعين من الإجتماعات الصورية ليظهر تحقيق متهريء سخيف، الهدف منه تسويف التحقيقات والتستر على المجرمين الذين أغتالوا المئات من المتظاهرين بضربات مميتة بالرصاص الحي في منطقتي الرأس والصدر.
ولو قارنا بين اجراءات الحكومة اللبنانية واجراءات حكومة عبد المهدي لتبين البون الشاسع بين الطرفين. أما المدعي العام العراقي فيبدو انه لا يختلف عن الضفادع عندما تسبت شتاءا، اللهم الا انه يسبت في كل فصول السنة وليس الشتاء فقط، وتسمع للضفادع نقيقا ولا تسمع للمدعي العام العراقي نقيقا. نقول لعن الله الساكت عن الحق وعن نصرة المظلوم، ماذا ستقولوا لرب العالمين يوم الحساب؟
أكثر من مرة زعم عبد المهدي أن توجيهات المرجعية أوامر بالنسبة الى حكومته، بمعنى أن مصدر القرار في العراق ليس رئيس الوزراء بل مرجعية النجف، وسبق أن طالبت المرجعية عرض نتائج التحقيقات خلال اسبوعين عن الجهات التي أصدرت أوامر بإطلاق النار على المتظاهرين السلميين، وخرج التقرير بصورة هزيلة وصف الحال دون أن يوجه اصابه الاتهام لأحد، الغريب في الأمر ان لا رئيس الوزراء بين الجهات التي أصدرت أوامر اطلاق النار على المتظاهرين ولا أشار الى الجهة التي تقف وراء قتل المتظاهرين، ولا المرجعية بدورها رفضت التقرير البائس، ولا طالبت ببيان الحقيقة كاملة، كلاهما سكت، والسكوت لا يمكن تفسيره إلا بالتواطؤ بين المرجعية ورئاسة الوزراء لإخفاء حقيقة الدور الايراني عن الشعب العراقي.
طلقتان طائشتان
1. لماذا لم تصدر المرجعية في النجف فتوى تحرم اطلاق النار والغازات المميتة على المتظاهرين السلميين، طالما ان توجيهاتها هي أوامر لعبد المهدي كما زعم؟ هل الدم العراقي رخيص ولا يستأهل مجرد فتوى من المرجع الأعلى بدلا من فتاوى الحيض والنفاس والطهارة التي دوختنا بها المرجعية.
2. لماذا لم تصدر مرجعية النجف فتوى بتحريم الفساد الحكومي وتطالب عبد المهدي بفتح ملفات فساد الحيتان الكبيرة؟ هل لأن الموضوع يمسها، على اعتبار ان رضا نجل السيستاني أحد الحيتان؟
أتحدى المرجعية ووكلائها ان يجيبوا على هذين السؤالين، وعلى جميع أخواني وأخواتي الشيعة التفكير في هذين الأمرين، والتساؤل معي. علما ان التسويف على أساس ان وكلاء المراجع تحدثوا عن الفساد حتى بحت أصواتهم لا قيمة لها، لأن الفتوى هي الفعالة، وليست الخطب الرنانة التي لا قيمة فعلية لها.
بيلسان قيصر
البرازيل
تشرين الثاني 2019
890 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع