من سيكون رئيس الوزراء العراقي الجديد؟

بغداد اليوم - بغداد:انتهت الانتخابات، وبرغم مقاطعة السيد مقتدى الصدر، سجّلت العملية نسبة مشاركة جيدة أعادت خلط الحسابات السياسية.

وتصدرت المشهد أربع كتل رئيسية: المتحالفون مع رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، إضافة إلى الكتلة المرتبطة بنوري المالكي. ورغم هذا التوزيع، إلا أن النتائج الانتخابية وحدها لا تحدد اسم رئيس الوزراء المقبل، لأن العراق يعتمد منذ عام 2010 تفسيراً دستورياً يجعل “الكتلة الأكبر” تتشكل داخل البرلمان بعد الجلسة الأولى، لا عبر النتائج التي تعلنها المفوضية.

هذا التفسير ظهر بعد انتخابات 2010 حين لجأت القوى السياسية إلى المحكمة الاتحادية لتحديد معنى “الكتلة الأكبر”. فصدر تفسير غيّر الطريقة التي تتشكل بها الحكومات؛ إذ أصبح النواب، بعد دخولهم البرلمان، يعيدون ترتيب تحالفاتهم وفق المصالح السياسية، ما يجعل التحالفات التي أُبرمت قبل الانتخابات مجرد خطوة أولى قابلة للتعديل. في الجلسة الأولى يُنتخب رئيس البرلمان، ثم تبدأ القوى بإعادة هندسة التحالفات للوصول إلى أكثر من نصف عدد المقاعد، وبذلك يكتسب التحالف صفة “الكتلة الأكبر” التي يحق لها تسمية رئيس الوزراء رسمياً.

بعد انتخابات 2021، قرر مقتدى الصدر التحالف مع السنة والأكراد، وهو ما دفع قوى شيعية أخرى إلى تشكيل “الإطار التنسيقي” لمنع الصدر من الانفراد بتشكيل الحكومة. ومع استخدام الإطار لورقة تعطيل التصويت، اختار الصدر سحب نوابه، الأمر الذي جعل الإطار يصبح الكتلة الأكبر ويقود لاحقاً إلى تولي محمد شياع السوداني رئاسة الوزراء بدعم أغلب قوى الإطار.

اليوم يختلف المشهد كثيراً. فغياب التيار الصدري عن الانتخابات أزال عنصر التهديد الذي جعل قوى الإطار تتوحد سابقاً. ومع انتهاء الدورة الحالية، ظهرت تباينات داخل الإطار حول تقييم أداء السوداني، لكنها ليست من النوع الذي يطيح بالتحالف السياسي أو يحمل خصومة مباشرة. كثير من هذه الملاحظات تتعلق بإدارة الملفات أو طريقة التعاطي مع الضغوط الخارجية، بينما لا تزال أطراف مؤثرة داخل الإطار ترى أن السوداني قدّم نموذجاً مقبولاً في إدارة الدولة، وأن إمكانية التجديد له تبقى قائمة إذا تشكلت الظروف المناسبة داخل البرلمان الجديد.

الصراع السياسي المتوقع لا يبدو أنه سيأخذ شكل مواجهة مباشرة بين السوداني والمالكي، بل سيكون أقرب إلى عملية تفاوض واسعة داخل البيت الشيعي ومع الحلفاء السنة والأكراد، حيث يسعى كل طرف لتشكيل التحالف الأكثر انسجاماً، خصوصاً أن الكتل الفائزة مختلفة في حجمها ونفوذها، ما يجعل الباب مفتوحاً أمام أكثر من سيناريو. وقد يعمل المالكي على تعزيز موقعه داخل الإطار لمفاوضة الآخرين من موقع قوة، لكن هذا لا يعني بالضرورة أنه يسعى لطرح نفسه رئيساً للوزراء، فقد يلجأ إلى دعم شخصية تسوية يكون قادراً على الاتفاق معها ضمن الحدود السياسية المتاحة.

في المقابل، يبقى السوداني رقماً صعباً داخل الساحة السياسية؛ فهو يمتلك قاعدة تفاهم واسعة مع قوى عديدة، ونجح خلال فترة حكمه في بناء علاقات مع الأطراف الداخلية والخارجية، ما يجعل استمراره خياراً قابلاً للنقاش وليس مستبعداً كما يُشاع. وإذا استطاع السوداني استقطاب الكتل التي فازت حديثاً، وأقنع جزءاً من الإطار بضرورة الحفاظ على استقرار الدولة، فقد يجد نفسه مجدداً أمام فرصة قوية للاستمرار.

المشهد، كما يبدو، مفتوح على احتمالات متعددة، والفيصل سيكون التحالفات التي ستتشكل داخل البرلمان، لا النتائج المعلنة من المفوضية. وفي كل الأحوال، فإن الساعات والأسابيع الأولى بعد الجلسة الافتتاحية ستكشف الاتجاه الحقيقي نحو اسم رئيس الوزراء المقبل.

المصدر: قسم التحليل والمتابعة في بغداد اليوم

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

855 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع