المغالاة في اسباغ الألقاب سيما على السياسيين والمعممين/٢

التفاصيل

تم إنشاءه بتاريخ الخميس, 13 تشرين2/نوفمبر 2025 18:00

كتب بواسطة: علي الكاش

علي الكاش

المغالاة في اسباغ الألقاب سيما على السياسيين والمعممين/٢

ان لكل مقام مقالا

غالبا ما تستخدم خلال المناقشات، عندما يشير أحد الفريقين الى حدث او صفة لرجل او فعل في الماضي يُشاد به، فيجيب المقابل بهذه العبارة دلالة على اختلاف الزمان والمكان والحال. قال الشاعر الحطيئة لعمر الفاروق:
حنن علي هداك المليك ... فإن لكل مقام مقالا (الكامل2/ 148).

ـ الجلبي: تعددت معانيها وقيل إنها يونانية وتعني برمي (علم الله) وتعني أيضا (عابد الصليب) و(القس)، و(الأمير) في التركية، وكانت تطلق على شيخ الطريقة المولوية أيضا حيث كان يسمى (جلبي أفندي)، وأيضا على الأديب والفقيه، وهناك من ذكر أن أصلها عربي من (الجلب) أي جلب البضائع، والجلب يعني أيضا العبد. بشكل عام جلبي (يُسمى شلبي عند المصريين) وتعني السيد. ويمكن القول انها تعني الرجل المثقف والرجل حسن الهندام وقد أطلق اللقب على أمراء العثمانيين لغاية عصر السلطان محمد جلبي، كما أطلق اللقب على أحفاد جلال الدين الرومي. (راجع معجم الألفاظ التأريخية في العصر المملوكي/53). اما كلمة شلبي فاصلها جلبي، بجيم مثلثة، وهي لفظ مغولي كان يستخدم في العصر العثماني للدلالة على السيادة والمكانة، وأصلها ( جالاب) أي الإله، ومعها ياء النسبة العربية، فصار المعنى: المنسوب إلى الإله، إلهي. وأخذت معنىَ دينيًا تربويًا. وحين استبدلت بلقب أفندي، اختص اللفظ بالتاجر الميسور غالبًا، قال: خليك شلبي ظريف!

ـ السلحدار: يتألف من كلمتين هما (السلاح) و(ماسك) أي المسؤول عن السلاح. وهي كلمة قديمة ذكر د. حسن باشا إنها جدت على ضريح خالد بن الوليد في حمص" أيبك السلحدار بحمص". (الفنون الإسلامية2/596). وأطلقها الأتراك على مستودع الأسلحة، والغي اللقب عام 1830. ولقب الأفندي. . ذكر ابن بطوطة عن الهند " يقف مائة من السلحدار عن يمين السلطان ومثلهم عن يساره بأيديهم الدرق والسيوف والقسي ويقف في الميمنة والميسرة بطول المشور قاضي القضاة ويليه خطيب الخطباء ثم سائر القضاة ثم كبار الفقهاء ثم كبار الشرفاء ثم المشايخ ثم إخوة السلطان وأصهاره ثم الأمراء الكبار ثم الكبار الأعزة وهم الغرباء ثم القواد". (رحلة ابن بطوطة2/347).

ـ الخاصكي: كلمة مركبة من (خاص أسكي) وتعني القديم الخاص، وهو جماعة السلطان يكونوا معه في اوقات خلوته، ويخدمون القصر والإصطبل، يتميزون بملابسهم المزركشة وسيوفهم الطويلة. وتطلق أيضا على حارس الباشا. كما جاء في رحلة إبن بطوطة لقبا على( ملك العلايا) يوسف بك، وبك هو الملك". (رحلة أبن بطوطة1/180). ثم أطلق على أمراء أذربيجان ودبار بكر في القرن التاسع الهجري.

ـ كسرى: جمعه الأكاسرة، مأخوذ من لقب (كسرى، خسرو في الفارسية). وكان عمر الفاروق يسمي معاوية بن أبي سفيان (كسرى العرب) دلالة على تشبهه بملوك الروم والفرس من حيث الإبهة. أما لقب (كاسر رقاب الأكاسرة) فاختص به سليمان القانوني لانتصاراته الباهرة على الفرس.

ـ الشاهنشاهي. قال ياقوت الحموي" قد جعلت القدماء ملوك الأرض طبقات، فأقرّت، فيما زعموا، جميع الملوك لملك بابل بالتعظيم، وأنه أول ملوك العالم، ومنزلته فيها كمنزلة القمر في الكواكب، لأن إقليمه أشرف الأقاليم، ولأنه أكثر الملوك مالا، وأحسنهم طبعا، وأكثرهم سياسة وحزما، وكانت ملوكه يلقّبونه بشاهنشاه، ومعناه ملك الملوك، ومنزلته من العالم كمنزلة القلب من الجسد والواسطة من القلادة. ثم يتلوه في العظمة، ملك الهند، وهو ملك الحكمة، وملك الغلبة، لأن عند الملوك الأكابر: الحكمة من الهند. ثم يتلوا ملك الهند في الرتبة، ملك الصين، وهو ملك الرعاية والسياسة وإتقان الصنعة، وليس في ملوك العالم أكثر رعاية وتفقّدا من ملك الصين في رعيّته وجنده وأعوانه، وهو ذو بأس شديد، وقوّة ومنعة، له الجنود المستعدّة، والكراع والسلاح، وجنده ذو أرزاق مثل ملك بابل. ثم يتلوه ملك الترك، صاحب مدينة كوشان، وهو ملك التغزغز، ويدعى ملك السباع، وملك الخيل، إذ ليس في ملوك العالم أشدّ من رجاله، ولا أجرأ منه على سفك الدماء، ولا أكثر خيلا منه، ومملكته ما بين بلاد الصين ومفاوز خراسان، ويدعى بالاسم الأعمّ، وهو إرخان. وكان للترك ملوك كثيرة وأجناس مختلفة أولو بأس وشدّة، لا يدينون لأحد من الملوك، إلا أنه ليس فيهم من يداري ملكه. ثم ملك الروم، ويدعى ملك الرجال، وليس في ملوك العالم أصبح من رجاله". (معجم البلدان1/48).

ـ الاوصاف المركبة: لم يستخدم العرب كلمة مركبة من الدولة ولفظ آخر قبل تسمية إبن عمار بـ (أمين الدولة) وذلك خلال الحكم الفاطمي في مصر(صبح الأعشى5/449)، كما لقب المعز لدين بلكين بـ (سيف الدولة) في المغرب عام 361 هـ. (خطط المقريزي2/36). وتبعته أوصاف أخرى مثل (شرف الدولة)، (معزٌ الدولة)، (سديد الدولة)، (علم الدولة)، (نجيب الدولة)".(راجع الألقاب الإسلامية/69). وأطلق الغزنويين لقب (إقبال الدولة). ولقب بدر الجمالي في دمشق والقاضي بن ميسر القيسراني كلاهما (ثقة الدولة). من المعروف أن كلمة الدولة تعني السيادة، واستخدمت الكلمة بمعنى الحكم والحكومة. وغالبا ما يستخدم اللقب مركبا مثل (سيف الدولة) و (ناصر الدولة) وغيرها، خصوصا في القرن الثالث الهجري. وسُكت قطعة نقود في الدولة الحمدانية عام 331 هـجرية حول اللقب الأخير. أما (مجد الدولة) فقد أطلق على رستم من بني بويه. كما أستخدم المصطلح أيضا من قبل زعيم الدروز حمزة بن علي " كتب مولى دولة أمير المؤمنين سلام الله عليه في شهر ذي القعدة سنة 411 هـجرية ". (مخطوط السجل المعلق/ دار الكتب المصرية).

روح الله
من الالقاب الدينية روح الله، وقد اطلق الخميني على نفسه هذا اللقب الغريب، قال تعالى في سورة الاسراء/85((ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا)). وخص الله تعالى الروح بذاته والملائكة والسيد المسيح (ع)، قال تعالى في سورة المجادلة/22 (( ُاولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ))، وفي سورة النحل/2(( ينزل الملائكة بالروح من أمره)). وكذلك تضمن المعنى الملائكة بقوله تعالى في سورة النحل/102((قل نزله روح القدس من ربك). وردت في القرآن كلمة روح الله مرة واحدة في سورة يوسف/87 (( وَلا تَيأَسُوا مِن رَوحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيأَسُ مِن رَوحِ اللَّهِ إِلَّا القَومُ الكَافِرُونَ )). كما وردت كلمة الروح في القرآن الكريم (23) مرة، بصيغة الاسم. نسب مراجع الشيعة الى النبي صلى الله عليه وسلم هذه الرواية" رَوَى الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) عن النبي المصطفى ( صلى الله عليه وآله) أنه قال: قَالَتِ الْحَوَارِيُّونَ لِعِيسَى: يَا رُوحَ اللَّهِ مَنْ نُجَالِسُ؟ قَالَ: مَنْ يُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ رُؤْيَتُهُ، وَ يَزِيدُ فِي عِلْمِكُمْ مَنْطِقُهُ، وَيُرَغِّبُكُمْ فِي الْآخِرَةِ عَمَلُهُ". (الكافي30/1). لذل وصف روح الله اختص به الله تعالى والملائكة والسيد المسيح (ع).

آية الله/ آية الله العظمى
تطلق على مراجع الشيعة ممن وصل الى مرتبة الاجتهاد في الدين الشيعي حصريا ، أضيفت العظمى لمن يقوم بتدريس البحث وفقا لرأيه الذي استنبطه من مصادر التشريع الإسلامية، والذي بدأ يفتي به مقلديه. وأول من اطلق عليه اللقب هو ابن مطهر الحلي، وتلاه محمد مهدي بحر العلوم، وتبعهما البقية من مراجع الشيعة.
قال تعالى في سورة يوسف/7(( تعالى: لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ أي عجائب وأمور، وعبر مختلفة، وجمعها: آي، وآياي، أو آياء، وآيات.، كما ذكر ابن منظور في معجم لسان العرب، وكان المرجع الشيعي محمد حسن النجفي المعروف بلقب صاحب الجواهر، وفق عنوان كتابه الذي يحمل اسم جواهر الكلام. هو أوائل من نُسب إليهم لقب (آية الله).
يزعم الشيعة ان سبب إطلاق لقب آية الله على الفقهاء و المراجع إنما هو لأنهم يُذَكِّروننا بالله ويرشدوننا إلى إتباع تعاليمه. أما بالنسبة إلى صفة العظمى التي تُضاف إلى لقب آية الله فهي للتمييز بين الفقهاء العظام المراجع أصحاب الفتوى وغيرهم من العلماء الذين ليست لهم رسالة عملية". (مركز الاشعاع الإسلامي). لا نفهم ما المقصود بأنهم يذكرونا بالله، كل خلق الله تعالى يذكرنا بالله وعظمته، انها حجة باطلة، الغرض منه اعلاء مقام المراجع الشيعية ومكانتهم الدينية والاجتماعية، واستغفال العوام.

حجة الله
يعود هذا اللقب إلى أواخر العصر العباسي حيث ظهر لقب (حجّة الإسلام) لمن يحضر دروس السطوح العالية، ويسبق لقب حجة الإسلام. ربما اول من اختصّ بأبي حامد الغزالي (505هـ) وقد تطور في العصر الصفوي، واسبغ اللقب على مراجع الدين الشيعة، ولن نجد من أئمة الشيعة (من علي الى الحسن العسكري) من تسمى بحجة الله، ولا آية الله او روح الله. فهي القاب مستحدثة للفت انتباه عوام الشيعة لمكانة مراجعهم العالية.

القاب السيدات
من القاب السيدات من حريم السلطان، (الآدرة الشريفة) اي السيدة الجليلة. و(الخانم) وهي كلمة فارسية تعني الزوجة أو السيدة ومنها اشتق المصريون (هانم). و(السيدة الأولى) و(صاحبة الخيرات) و(المصون) أي صيانتها من اللمس والنظر من قبل الغير، واستخدمت في العصر المملوكي لأول مرة. ومنها الحرمة، بمعنى التحريم على غير زوجها وابنائها.
الخاتون: ذكر ابن بطوطة" لما استقل السلطان أبو سعيد بالملك أراد أن يتزوج بنت الجوبان وكانت تسمى بغداد خاتون وهي من أجمل النساء وكانت تحت الشيخ حسن الذي تغلب بعد موت أبي سعيد على الملك وهو ابن عمته فأمره فنزل عنها وتزوجها أبو سعيد كانت أحظى النساء لديه والنساء لدى الأتراك والتتر لهن حظ عظيم وهم إذا كتبوا أمراً يقولون فيه عن أمر السلطان والخواتين ولكل خاتون الكثير من البلاد والولايات والمباني العظيمة وإذا سافرت مع السلطان تكون في محلة على حدة وغلبت هذه الخاتون على أبي سعيد وفضلها على سواها وأقامت على هذه مدة أيام، ثم تزوج امرأة تسمى بِدلشاد فأحبها حباً شديداً وهجر بغداد خاتون فغارت لذلك وسمّته في منديل مسحته به بعد الجماع فمات وانقرض عقبه.

الزميل: ذكر نشوان الحميري" الزُّمَّيْلُ: الجبان الضعيف ، قالت أم تأبط شراً تبكيه :
وا ابْناه، وا ابْنَ الليل ليس بزُمَّيْل يضرب بالذيل ، كَمُقْرِبِ الخيل
العِكْرشة : الأنثى من الأرانب". (شمس العلوم6/112 ـ 114). على العكس منه الزميع: وهو الرجل الشجاع. (نفس المصدر/114).
عود على لقب دولة رئيس الوزراء
ما نود ان نذكره بهذا الصدد أن لقب (دولة رئيس الوزراء) لقب غريب لأنه يجعل الدولة ملك خاص لرئيس الوزراء، ولا يجوز في أي حال من الأحوال اختزال الدولة بالرئيس أو الملك أو رئيس الوزراء، مهما قدموا للشعب من تضحيات ومآثر ومنجزات. ولا أحد يجهل الحقبة السوداء في تأريخ العراق خلال ترأس نوري المالكي رئاسة الوزراء، فقد مسخ إسم الدولة تماما بسبب الفساد الحكومي والعمالة والجهل والفقر والجوع والمرض والنهب والقتل والإرهاب والخطف والتزوير والرشاوي والدجل والطائفية المقززة وغيرها.
الدولة مفهوم أوسع من الحكومة وممن يمثلها، والحاكم جزء منها وليست هي جزء منه، إنها الكل وهو الجزء، ولا يختزل الكل من قبل الجزء. الدولة تضم الحكومة بكل مؤسساتها، والشعب بأجمعه والأرض والسيادة الوطنية. الدولة كيان شمولي يتصف بالديمومة، في حين الحكومة كيان سياسي متغير يمثل مرحلة تأريخية معينة من حكم الدولة. ومن خلال استعراض الألقاب السابقة الخاصة بالدولة لم نشهد لفظ الدولة يتقدم على صفة الحاكم كما في التسميات (علم الدولة، شرف الدولة) وغيرها.
لذا يستوجب عدم المغالاة في وصف الزعماء، فيزدادوا طغيانا واستبدادا على شعوبهم سيما المقهورة، علما ان غالبية من تمت المغالاة في القابهم لا يستحقوا ذلك البتة.

خلاصة مهمة
الألقاب الرسمية بلا مغالاة
رئيس الجمهورية: فخامة الرئيس: سيادة الرئيس.
الملك: جلالة الملك.
رئيس مجلس النواب والوزراء: دولة الرئيس.
الوزراء: معالي الوزير.
أعضاء البرلمان: السيد النائب.
السفراء: سعادة السفير، ولقب (السعادة) لا يُطلَق على الوزراء أو رؤساء الحكومات بأيّ شكلٍ من الأشكال
المدراء العامون: السيد المدير العام.
المحافظون ورؤساء الأركان: السيد المحافظ، او عُطُوفة المحافظ.

الألقاب الدينية
سماحة المفتي.
سماحة المرجع الديني.
الفقيه والخطيب
المفتي
الشيخ
نيافة المطران
صاحب الغبطة (للبطريرك)
القس
اما بقية رجال الدين فيطلق عليهم السيد او المرجع الفلاني، ولا يجوز اطلاق لقب (عالم الدين) الا من تبحر في علوم الدين او نال شهادة بروفيسور او من تخصص في احد العلوم الدينية، وله الكثير من المؤلفات في مجال الشريعة. لذا يمكن اطلاق لقب (رجل دين او مرجع ديني) فقط، بلا هالة التقديس واسباغ القاب زائفة فهذا استحقاقه.

علي الكاش