العربي الجديد:عيّن الرئيس الأميركي دونالد ترامب مارك سافايا، الذي كان أحد العناصر المهمة في حملته الانتخابية، مبعوثاً خاصاً إلى العراق، في خطوة تأتي في ظل جدل بشأن مستقبل العلاقة بين بغداد وواشنطن، خاصة مع خطوات إخراج القوات الأميركية من البلاد. وأكد ترامب، مساء أمس الأحد، أن "الفهم العميق الذي يمتلكه مارك للعلاقات بين العراق والولايات المتحدة، وصلاته في المنطقة، سيساهمان في تعزيز مصالح الشعب الأميركي". ولم تعلّق الحكومة العراقية رسمياً حتى الآن على قرار الرئيس الأميركي، إلا أن مسؤولاً في وزارة الخارجية العراقية قال لـ"العربي الجديد"، إن "القرار يعكس أهمية العراق باعتباره دولة محورية بالنسبة لواشنطن"، لكنه في الوقت ذاته اعتبر عدم تعيين سفير دائم منذ نحو عام، والذهاب إلى تسمية مبعوث خاص، مؤشراً إلى أن واشنطن قررت فتح ملفات حساسة وملحة مع العراق.
وأشار طالباً عدم ذكر اسمه كونه غير مخول بالتصريح، إلى أن "الوجود العسكري الأميركي، والملف الاقتصادي، وعمل الشركات الأميركية في العراق، فضلاً عن ملف الفصائل العراقية المسلحة المرتبطة بإيران، وتأثيرها على مستقبل العلاقة بين بغداد وواشنطن، على رأس الملفات المتوقعة". وفي السياق، لم يبدِ وزير الخارجية العراقي الأسبق هوشيار زيباري تفاؤلاً بتعيين سافايا، وقال في تدوينة له على منصة إكس: "تعيين سافايا، وهو أميركي مسيحي كلداني ذو أصول عراقية، هو اعتراف بأن الوضع في العراق غير طبيعي ويحتاج إلى إجراءات وقرارات خارج الأطر الدبلوماسية والرسمية المعتادة لتصحيح وتقويم الوضع المضطرب والمشوش".
أما المحلل السياسي العراقي لقاء مكي، فعلّق على تتعين سافايا بالقول عبر "إكس": "من المتوقع أن يكون تعيين الرئيس ترامب مبعوثاً خاصاً إلى العراق مؤشراً مهماً إلى وضع العراق على الأجندة الأميركية الحالية، وبقوة. كان هذا متوقعاً، لكن لم يكن معروفاً من يتولى المهمة ومتى، الآن أصبح مارك سافايا، وهو ناشط بارز في حملة ترامب في ميشيغن، مبعوثاً إلى العراق". وأضاف أن "رصيد سافايا السياسي لا يتجاوز عمله في حملة ترامب، هو في ذلك يشبه ستيف ويتكوف وتوماس برّاك، وكلاهما يحدثان أثراً عميقاً في أوضاع الشرق الأوسط رغم عدم وجود خلفية سياسية لهما"، مشيراً إلى أنه "قد يكون لأصله العراقي أثر ما في جهوده، لكن في النهاية هو ترامبي متعصب، ومن المتوقع أن تكون علاقته بالعراق غير مختلفة كثيراً عن علاقة توماس برّاك بلبنان الذي يعود إليه أصله".
إلى ذلك، التقى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، مساء أمس الأحد، القائم بالأعمال الأميركي لدى العراق جوشوا هاريس، وأكد أهمية تعزيز العلاقة. ووفقاً لبيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، فإنه "جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية بين العراق والولايات المتحدة الأميركية، وسبل تعزيزها"، وأكد السوداني "ضرورة التواصل البنّاء، والحوار لضمان إدامة العلاقات المتطورة الأمنية والتنموية، والتزام الجانبين بتعزيز الشراكة الاستراتيجية على أساس الاحترام المتبادل، والمصالح المشتركة، والحوار البنّاء، ودعم الحلول الدبلوماسية للتحديات الإقليمية، بما في ذلك العلاقات بين الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية الإيرانية، باعتبارها ركناً أساسياً في الاستقرار المستدام للشرق الأوسط".
من جانبه، أعرب القائم بالأعمال الأميركي، بحسب البيان، عن "تقديره للدور الدبلوماسي الفاعل للعراق، ومساهمته المتزايدة بكونه عامل استقرار في المنطقة"، مؤكداً "ضرورة مواصلة التنسيق والتشاور والتعاون، ومشاركة العراق في الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء النزاعات". وكان وزير خارجية العراق فؤاد حسين قد أكد أخيراً أن العلاقات العراقية الأميركية راسخة ومبنية على أسس تاريخية واستراتيجية، نافياً وجود أي تراجع في الاهتمام الأميركي ببلاده، مشدداً على أن البلدين يرتبطان بسلسلة تفاهمات واتفاقات شاملة تغطي مجالات متعددة.
وشهدت الأيام الأخيرة من شهر أغسطس/آب الماضي عمليات انسحاب لعدد من الأرتال العسكرية الأميركية من قاعدة عين الأسد، غربي الأنبار، في أول تطبيق عملي لخطوة الانسحاب التدريجي للقوات الأميركية من العراق. وقالت مصادر خاصة في بغداد والأنبار لـ"العربي الجديد" في حينه، إن بعض الأرتال كانت تحمل معدّات ثقيلة للجيش الأميركي، ما يعني وفق تفسيرها أن العملية هي "انسحاب وليس إعادة تموضع".
وكانت بغداد وواشنطن قد توصلتا، نهاية سبتمبر/أيلول 2024، إلى تحديد موعد رسمي لإنهاء مهمة التحالف الدولي ضد تنظيم داعش في البلاد لا يتجاوز نهاية سبتمبر/أيلول 2025، بعد جولات حوار امتدت لأشهر بين الجانبين إثر تصاعد مطالبة الفصائل المسلّحة والقوى العراقية الحليفة لإيران بإنهاء وجوده، خصوصاً بعد الضربات الأميركية في حينها لمقار تلك الفصائل رداً على هجماتها ضد قواعد التحالف في البلاد وخارجها، على خلفية حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة.
853 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع