بضاعة "بلا هوية" تغزو العراق .. السوق المحلية تحت رحمة المغشوش

شفق نيوز- بغداد:تشهد السوق المحلية العراقية "عشوائية" في العديد من السلع والبضائع والمواد المستوردة، فالكثير منها مواد رديئة وبعضها منتهية الصلاحية، ويعكس ذلك عدم فحص بعض البضائع بمختبرات جهاز التقييس والسيطرة النوعية، أو تهريبها عبر بعض المنافذ الحدودية.

وتؤكد وزارة التجارة أنها الجهة المسؤولة عن الجوانب التجارية في الاستيراد والتراخيص وضوابط دخول البضائع إلى السوق المحلية بالتنسيق مع جهاز التقييس والسيطرة النوعية التابع لوزارة التخطيط، من أجل أن تخضع جميع المواد المستوردة للمواصفات القياسية الوطنية ومراقبة الجودة.

في هذا الصدد، يوضح المتحدث باسم الوزارة محمد حنون، لوكالة شفق نيوز، أن "وزارة الصحة تشارك بمتابعة استيراد الأغذية أو منح الشهادات الصحية للمواد الغذائية المستوردة"، مبينا أن "آليات المراقبة والتنظيم تشمل تسجيل المستوردين، إذ تلزم اللوائح الجديدة المستوردين بتسجيلهم والحصول على هوية مستورد، ويتضمن التسجيل بيانات المستوردين القانونية والمالية".

ويضيف أن "الوزارة تشترط المواصفات القياسية والمعايير الفنية الوطنية التي تلزم مستوردي الأغذية والأجهزة الكهربائية أو الملابس بمواصفات الجودة والسلامة، ووضع الملصقات وبلد المنشأ على المواد، وتاريخ الصلاحية بالنسبة للأغذية"، لافتا إلى "إجراء عمليات تفتيش العينات والفحص المعملي في المنافذ الحدودية والمنافذ الجمركية، لعينات الأغذية والسلع التجارية للتأكد من مطابقتها للمواصفات، ويتم ذلك من خلال التعاون بين هيئة الجمارك ووزارتي الصحة والتجارة".

وبحسب حنون، فإن "بعض السلع تخضع لشروط استيراد خاصة، فيجب في هذه الحال إرفاق شهادات مطابقة، كشهادات المنشأ وشهادات صحية للأغذية"، مبينا أن "الأجهزة الكهربائية تحتاج لمطابقة معايير السلامة من ناحية (العزل، التأريض، مقاومة التماس) قبل السماح بدخولها"، لافتا إلى "وجود آليات لمتابعة السوق المحلية بعد دخول البضائع للتأكد من أنها مطابقة للمواصفات، وإذا تبين وجود غش أو منتجات رديئة يتم سحبها وتُمنع من التداول كما تتم معاقبة المخالفين".

ويتابع: "وزارة التجارة تُفعل أدواتها الاقتصادية لمنع ارتفاع الأسعار وحماية المستهلك عبر منافذ بيع حكومية وتوفير السلع الأساسية بأسعار مدعومة وكبح الاحتكار"، مشيرا إلى "استخدام الرقمنة وتبسيط الإجراءات، ضمن خطط وزارة التجارة لتطوير البنية التحتية الإلكترونية، وتسريع الحركة التجارية وضمان شفافية أكبر في عمليات الاستيراد والفحص، وأن الوزارة تُدرج الرقابة على التجارة الإلكترونية ضمن خططها التنظيمية الجديدة، لإلزام التجار على تقديم معلومات دقيقة عن المنتجات ومراقبة الجودة في عمليات الترويج، ويتعرض للعقوبة القانونية كل من حاول الغش أو الترويج لمنتج غير مطابق".

وطبقا للمتحدث باسم التجارة، هناك العديد من التحديات التي تواجه عمل الوزارة في هذا المجال، وأبرزها ضعف الموارد المختبرية والكوادر الفنية لإجراء الفحص، إضافة إلى عمليات التهريب والدخول غير الرسمي للسلع الذي يجعل الرقابة أقل فعالية في بعض المنافذ، فضلا عن التباين في الالتزام والمراقبة بين المحافظات والمناطق النائية مقارنة بالمراكز.

في الأثناء، يؤكد جهاز التقييس والسيطرة النوعية تحمل مسؤولياته الوظيفية، والعمل وفق المواصفات والمعايير الفنية المعتمدة خلال عمليات الفحص المختبري.

ويقول فياض الدليمي، رئيس جهاز التقييس والسيطرة النوعية، في تصريح خاص لوكالة شفق نيوز، إن "الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية يُعد الجهة المسؤولة عن فحص وتقييم السلع التي ترد إلى العراق عبر المنافذ الرسمية، من خلال شركات الفحص والتفتيش المرخصة والمخولة من قبل الجهاز".

ويبين أن "هذه الشركات تتولى إجراء الفحوصات الفنية ومطابقة المواصفات القياسية العراقية أو الدولية المعتمدة قبل دخول البضائع إلى السوق المحلية"، موضحا أن "جودة بعض السلع المتداولة، وخاصة في قطاعات الملابس والأغذية والأجهزة الكهربائية، ما تزال متفاوتة".

وينبه إلى أن "التفاوت يُعزى في بعض الحالات إلى دخول بضائع عبر منافذ غير رسمية أو عمليات تهريب لا تمر بإجراءات السيطرة النوعية"، مشيرا إلى أن "التهريب يعكس ميول بعض التجار إلى استيراد منتجات منخفضة الجودة بهدف تقليل الكلفة ورفع الأرباح، خاصة في ظل انخفاض القدرة الشرائية للمستهلكين".

وتشهد السوق المحلية العراقية منذ سنوات هجمة من البضائع المستوردة، وأغلبها ذات نوعيات رديئة، وخاصة في قطاع الملابس والأجهزة الكهربائية.

وعن هذه الهجمة، يلفت الخبير الاقتصادي مصطفى الفرج، خلال حديثه للوكالة، إلى أن "الاقتصاد العراقي يعاني من غزو السلع الرديئة التي تدخل عبر المنافذ الحدودية والكمارك دون خضوعها للتقييس والسيطرة النوعية"، منوها أن "العراق يستورد سنويا بضائع بملايين الدولارات من دول الجوار، لكن غياب الرقابة الحقيقية على المنافذ الجمركية، فتح الباب واسعا أمام البضائع الرديئة التي أضرت بالمستهلك وأضعفت الصناعة الوطنية".

ويستطرد بالقول إن "قرار وزارة التخطيط الأخير بمنع استيراد المواد المنزلية غير المطابقة للمواصفات العراقية يُعد خطوة إيجابية، لكن التحدي الأكبر يبقى في السيطرة على المنافذ ومكافحة التهريب الجمركي"، مؤكدا أن "غياب الرقابة هو السبب الرئيسي في إغراق الأسواق بالبضائع غير المطابقة".

ووفق الفرج، هناك أهمية وضرورة ملحة لتفعيل المصانع العراقية من أجل تقليل اعتماد العراق على النفط وتنوع مصادر الدخل، إضافة إلى تفعيل قطاعات الزراعة والسياحة، الذي بات ضروريا لتفادي الأزمات الاقتصادية العالمية.

من جانبه، يرى التاجر رضوان السعيدي أن البضائع التركية والأجنبية مرتفعة الأثمان ويتأخر تصريفها في السوق العراقية، لكن المواد الصينية رخيصة وتُنفذ سريعا"، منوها بأن "المستهلك لم يعد يبحث عن الرصانة في المواد، لأنه يعرف سلفا ارتفاع أسعارها".

ويزيد السعيدي، بالقول: "نحن نلبي الحاجة بجلب مواد يستطيع كثيرون شراءها، ونقوم باستيراد بضائع مختلفة من الصين لأنها أرخص ثمنا من الدول الأخرى".

كما يشير إلى أن "أرباح البضائع المتميزة ذات العلامات التجارية العالمية تكون محدودة للغاية بسبب ارتفاع أسعارها، ولا توازي الجهد والنقل، بينما تحقق البضائع منخفضة الكلفة أرباحا لا بأس بها للمستوردين".

وتتعارض هذه الآراء مع رغبة المستهلكين الذين أكدوا أهمية توفير مواد وبضائع ذات مواصفات عالمية ومناشئ معروفة، إذ تقول الطالبة الجامعية سارة الساعدي، 21 عاما، إن "الملابس المستوردة من الصين مثلا، تتهرأ سريعا ويتغير لونها عند الغسيل".

وتواصل سارة حديثها للوكالة بالقول: "يمكن استهلاك 20 قطعة من الثياب الرديئة، مقابل استهلاك قطعة ثياب واحدة تحمل ماركة عالمية"، مشيرة إلى أنه "بدل إنفاق المال على شراء 20 قطعة رديئة من الثياب، فالأولى اقتناء قطعة واحدة من مناشئ معروفة، تقاوم لفترة أطول وتحمل سمات الجودة والأناقة".

أما المواطن كريم هاشم الزركاني، 44 عاما، فيؤكد أن "كثيرا من الأجهزة الكهربائية التي تغزو الأسواق هي سيئة للغاية وتتعطل سريعا"، معتبراً أن المستوردين لا تعنيهم الرصانة والعمر الافتراضي للمواد قدر ما يعنيهم تصريف بضاعتهم وتحقيق الأرباح، فضلاً عن غياب الرقابة عن كثير من البضائع والسلع، بما في ذلك المواد الغذائية".

ويرجح معنيون عدم وجود منافسة جادة في الأسواق المحلية لغياب تنوع استيراد المواد من شركات معروفة، فيما لم تقدم الجهات الرسمية ضمانات لحماية المستهلك، مما يدفع إلى ضرورة ضبط المنافذ الحدودية ومنع عمليات تهريب السلع، وتعزيز دور المختبرات مع تشديد العقوبات على المستوردين والموزعين الذين يروجون لسلع غير مطابقة بطريقة علنية.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

732 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع