هكذا كانت بداية رسالة الصديق مناف ضهد المقيم في دولة السويد... أرجو أن يتسع صدرك لما سأكتبه اليوم ، فأنا ككثير من العراقيين الذين تعتمل في صدورهم حرقة على العراق، حاضره (الشباب) ومستقبله (أطفال اليوم) ،
وأعتقد إننا بحاجة الى التعلم من تجارب الآخرين، وأنا أعيش في بلد متطور كالسويد أجد فيه تقدما على كثير من المستويات المعيشية وحتى الأخلاقية حتى وإن كان الناس هنا على غير ملة الإسلام.
أستاذ هادي، إن المعلم هنا يعمل ل.. 24 ساعة يوميا وأكاد أجزم بذلك لأن همه هو عمله ،وكيف ينجح فيه؟ وكيف يطور طلابه ؟وهو لايعرف (قرعة) آبائهم ،ولكنه يجد نفسه في عمله، فيبدع فيه ويختارالعمل وهو راغب فيه ، و لاتكون المكانة الإجتماعية (البرستيج) هي الهدف ،فلماذا المدرس عندنا أصبح اليوم حال يرثى لها على صعد عدة ،معيشية وقيمية وإعتبارية؟.
أستاذ هادي، صدقني إنني أتحرق وأنا ألمس المستوى الفكري الردئ عند كثير من شبابنا ،فصار الحلم ،السيارة ،والبيت ،والمال، وذهب الفكر والأدب ؟ ماهذا التحول العراقي العجيب؟... قيل سابقا إن مصر تؤلف، وبيروت تطبع والعراق يقرأ ولكن اليوم لانجد نتيجة لهذه القراءة سوى شعراء شعبيين (مع حبي للشعر الشعبي وإحترامي للشعراء الشعبيين) ،ولكن لايمكن أن يكون 90% من المثقفين شعراء شعبيين.
اننا اليوم بحاجة الى ثورة اخلاقية ترسخ في عقل المواطن مفهوم المواطنة المفقود عند العراقيين والى ترسيخ مفهوم المسؤولية الاجتماعية ونترك مصطلح (ضلّت عليه)...أعتذرلإلحاحي، ولكن صدري ضاق، وأردت أن أكتب لمن يفهمي وهو في الساحة .. فما هو الحل ؟
الصديق مناف ضهد يقيم في بلد يقع شمال القارة العجوز وقد قطع شوطا طويلا من مسيرة البناء الحضاري في مجالات حياة مختلفة قيمية ومادية ،ولديه تجربة ثرة في الإدارة والتوجيه ،وقدرات فذة في مجال التقنيات الحديثة والتنظيم ،ومعرفة في أساليب حكم وإرشاد المجتمع ،وتمكن من الذات الجماعية ،وإحترام للقانون وللحياة وللإبداع وللإنسان ومتطلبات حياته المعيشية والفكرية والأمنية ،وطريقة مثلى لحفظ الكرامة وترسيخ مفاهيم العدالة الإجتماعية التي أصبحت هما يوميا للنخب السياسية ولمؤسسات المجتمع المدني ،فتجد إنتظاما مثيرا للإعجاب وإنضباطا في السلوك الفردي والجماعي الذي تحتاجه الدلوة لتمضي في مشاريع البناء والتاهيل والتقويم والتطوير.
في بلد مثل العراق يحتفظ بإرث غير مسبوق من تراكمات الحضارة والفعل الإنساني،والتحولات الرهيبة على صعيد العقائد والأمكنة والتاريخ والسلوك الفكري والتجارب الكارثية في صدامات مع الداخل والخارج وحكما طاغوتيا يتكرر رويدا وينهج سبيل القهر في سياسة المجتمع لايكون من أمل في نهضة شاملة وتطور ،وأغلب الهم الذي يعتمل في نفوس العوام والخواص من المواطنين هو تحصيل المكاسب والمنافع الدنيوية وتجاهل الغد والمستقبل والأبناء وسبل تهيئة أسباب حفظ الكرامة الإنسانية،وحين ينشغل الناس بالتفاهات من الأمور لايكون بمقدورهم العمل من أجل تحصين النفس وبناء الذات الحية وتنشئة الجيل الجديد،وهذه من معضلات العراق القديم والجديد ،فكلما جاءت أمة لعنت أختها وغيرت المسار ودمرت ماكان نشأ في عهود سبقت،حتى صار اليأس من علامات النفس العراقية التي إحتوت القهر والجور والضياع واليأس.فما الحل ياأستاذ مناف؟ أرجو أن يتسع صدرك أنت لثرثرتي.
793 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع