وسط مدينة روسكلة ، في ساحتها الرئيسة ، انتصبت ثلاث جرار كبيرة ذكرتني بتمثال كهرمانة وجرارها في لقطة معبرة عن قصص الف ليلة وليلة.
روسكلة Roskilde إحدى أقدم المدن الاوربية ، كانت عاصمة الدانمرك في العصور الوسطى وهي من مدن الفايكنغ الشهيرة ، فيها متحف لسفنهم التي تعود للقرن الحادي عشر .
نقشت على إحدى الجرار ابيات من قصيدة الشاعر الدانمركي هنريك نوردبراندت ، وكتبت لوحة كبيرة عند قاعدة التمثال تشير الى ان الابيات استلت من مجموعته جسور الحلم الصادرة عام 1998 Drommebroer .
نشر هنريك نوردبراندت Henrik Nordbrandt اول مجموعة شعرية عام 1966 بعنوان : قصائد Digte ، ثم توالت مجموعاته الشعرية التي منحته مكانة أحد أكبر شعراء الدانمرك الاحياء، اضافة الى كتاباته النثرية من قصص ومقالات وروايات.
تعد مجموعته الشعرية جسور الحلم علامة مميزة في مسيرته الشعرية ، ويعد شعره بسيطا جدا وعميقا جدا في آن وهو أشبه ما يطلق عليه في العربية السهل الممتنع .
يبحر هنريك نوردبراندت في مجموعته جسور الحلم مع الحلم ، الحب ، والموت، يفعل ذلك باناقة يتقنها .
مُنح الشاعر جائزة ادب الشمال عام 2000 لمجموعته الشعرية جسور الحلم ( دول الشمال هي مجموعة الدول الاسكندنافية – السويد ، الدانمرك ، النرويج- زائدا فلندا وايسلندا ).
ولد هنريك نوردبراندت عام 1945م في مدينة فريدركس بيري Frederiksberg
في الدانمرك لاب ضابط في الشرطة. أكمل دراسته الثانوية عام 1964م ودرس اللغات الصينية والتركية والعربية و قضى شطرا كبيرا من حياته على ساحل البحر الابيض المتوسط ، في تركيا واليونان ناشدا الضوء والدفء ، مما اسبغ اثرا كبيرا على شعره وكتاباته.
شعره شبيه بشعر الشاعر السويدي توماس ترانسترومر Tomas Tranströmer ولد عام 1931في ستوكهولم وحصل على جائزة نوبل للادب عام 2011، شعر لا تصعب ترجمته . كما نلاحظ ان قصائده في ديوانه جسور الحلم تعتمد على الصورة والاسلوب الطبيعي بشكل أكبر من الاعتماد على قوة اللغة أو الموسيقى ، فعلى سبيل المثال في قصيدته قرب البحر Vid havet يقول:
حلمت ببيت أبيض قرب ساحل البحر
لذلك لم يكن حلما
او قوله
أحلم باني أحلم
أحيا باني أحيا
مثل هذه المقاطع الشعرية ترد في شعره لتلعب مع لغة اليقظة والمنطق ،
يقول في قصيدته حلم عن حلم :
( أموت باني أموت
أعشق باني أعشق
أعشق باني أحلم
أحيا باني أموت
أموت باني أعشق
أعشق باني أعشق)
وهكذا بالضد للكثير من الاشعار الرديئة يسلط هنريك نوردبراندت الضوء على الشعر فقط لا على نفسه او على شيء آخر .
في شعره المباشر نجد المسافة الجمالية حاضرة دائما، قصيدته اكاذيب تبدأ بالابيات التالية :
كذب ،
كتبت في رسالتي اني أحترق شوقا
أفكر فيك كل الوقت
لكن انا أفكر فيك تقريبا كل الوقت
وفيما يلي نقدم قصيدة من شعره ترجمها بنفسه مع الكسندر تيلور الى الانجليزية :
قصيدة : اينما نذهب *
اينما نذهب
نصل متأخرين دوما
لنجرب ما تركناه
و في أي مدن نعيش
هي البيوت ،
نعود اليها متأخرين
الحدائق
التي فات اوان أن نمضي فيها ليلة مقمرة
النساء
اللواتي فات اوان عشقهن
يحرجنا حضورهن الغامض
مهما نعتقد اننا نعرف الطرقات
فهي تأخذنا بعيدا عن الحدائق التي نبحث عنها
والتي يـنـتـشـر عبيرها في الارجاء
أيـا تكون البيوت التي نعـود اليها
نصلها متأخرين ليلا لنتعرف عليها
وفي أيـة انـهار نحدق كي نـرى صورتـنا
سـنرى انـفسـنا فقط
في اللحظة التي نستدير فيها
ونعطيها ظهورنا .
ملاحظة: تمت الاستعانة بالسويدية في مقابلة المعلومات الدانمركية
وترجمة القصيدة الاخيرة اينما نذهب عن الانجليزية .
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
كاتب عراقي مقيم في السويد
903 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع