الحكومة العراقية في مواجهة ضغوطات أميركية إيرانية مضادة

العربي الجديد:كشف مسؤولون عراقيون عن تعرض حكومة محمد شياع السوداني لضغوط أميركية وإيرانية كبيرة، وسط محاولتها أن تختط مساراً متوازناً بين المحورين مع تزايد التنافس الإقليمي في المنطقة. ومع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية العراقية، المقررة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، أكد المسؤولون وعود الحكومة لإيران بعدم استخدام أراضي العراق لمهاجمتها من أي طرف، مقابل التزامها في الوقت نفسه أمام واشنطن بنزع سلاح الفصائل الحليفة لطهران واحتواء نفوذها، وكل ذلك وضع السوداني في معادلة معقدة يصعب تحقيقها من دون كلف سياسية وتأثيرات غير محدودة.

وجاءت زيارة مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، إلى طهران، الأسبوع الجاري، لتجديد تأكيد موقف بغداد الرافض لأن تكون أراضيه منطلقاً لأعمال ضد إيران وتحمل رسالة تطمينية واضحة، خصوصاً بعد الحديث في المنطقة عن احتمالات مواجهة مفتوحة بين طهران وخصومها الإقليميين. وقال الأعرجي، في مؤتمر صحافي عقده مع أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني في طهران، إن بلاده "لن تسمح بأي شكل من الأشكال باستخدام أراضيه أو أجوائه لتهديد إيران أو أي دولة مجاورة"، مؤكداً التزام بلاده بـ"الاتفاقية الأمنية الموقعة مع طهران". وأضاف أن حكومته "تعمل من أجل ترسيخ السلام في المنطقة ومنع أي تصعيد أو توتر قد يهدد الأمن الإقليمي"، مشيراً إلى أن "بغداد قدمت شكوى إلى مجلس الأمن الدولي ضد الكيان الصهيوني لاختراق أجواء البلاد بحربه الأخيرة ضد إيران".

وفي ظل زيارة الأعرجي إلى طهران، سارعت واشنطن إلى بث رسائلها إلى بغداد، إذ أبلغ وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو رئيس الوزراء العراقي، في اتصال هاتفي، بضرورة الإسراع بنزع سلاح الفصائل المسلحة في العراق، معتبراً أن نشاطها يمثل تهديداً لمصالح واشنطن في العراق، الأمر الذي يؤشر الى استمرار الضغط الأميركي على حكومة بغداد في هذا الملف. وفي ظل هذه الأجواء المتشنجة، تتحرك الحكومة العراقية بحذر مضاعف بينما تستعد لتنظيم الانتخابات البرلمانية، بعد نحو ثلاثة أسابيع من الآن؛ فالقوى السياسية العراقية تنقسم بوضوح بين محورين، أحدهما يطالب بتقليص النفوذ الأميركي ويدعو لتعزيز الشراكة مع إيران، والآخر يرى في استمرار التعاون مع واشنطن ضرورة للحفاظ على توازن الأمن والاستقرار الداخلي.

وقال مسؤول عراقي لـ"العربي الجديد"، مفضلاً عدم ذكر اسمه، إنّ "موقف الحكومة ليس سهلاً. السوداني حريص على علاقات بغداد مع واشنطن ومع طهران، ورسالة واشنطن حملت إشارات ضغط مفادها بأن الدعم الأميركي لبغداد مرتبط بمدى التزامها بإجراءات ضبط الفصائل". وأكّد أنّ "السوداني يتحرك بحذر ويسعى لتحقيق توازن عراقي ناجح، ومنع انزلاق العراق في معترك تنافس إقليمي، لكنه يتعرض أيضاً لضغوط من القوى العراقية الحليفة لطهران".

تحريض على حكومة السوداني
من جهته، حذر النائب عن كتلة الصادقون، الجناح السياسي لجماعة "عصائب أهل الحق"، علي تركي، من سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب في العراق وأكد، في تصريح صحافي، أن "تصرفات ترامب تنتقص من سيادة العراق وتخدم المصالح الصهيونية بالمنطقة". واتهم حكومة السوداني بـ"الاستعداد للتفريط بالسيادة العراقية، مقابل إرضاء الإدارة الأميركية، طمعا في دعم سياسي للفترة المقبلة".


ويأتي ذلك بالتوازي مع زيارة أجراها، أول أمس الثلاثاء، قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني الجنرال إسماعيل قاآني، إلى العاصمة العراقية، بحث خلالها مع قيادات سياسية وزعماء فصائل مسلحة عدة ملفات. وقالت مصادر لـ"العربي الجديد"، إن الزيارة تأتي في إطار سعي إيراني لمنع تفتت الائتلاف الحاكم "الإطار التنسيقي"، ومنع تفاقم الخلافات الداخلية بين مكوناته، في ظل أجواء توتر متصاعدة داخل الإطار مع قرب انتخابات مجلس النواب العراقي.

في السياق، حذّر المستشار بالحكومة العراقية عزّت الشابندر مما وصفه بـ"المخاطر الكبيرة التي تحيط بالعراق"، مشيراً إلى أن "خطر الحصار (العقوبات الأميركية) لا يزال قائماً"، معتبراً أن "أي حكومة تقدم على حلّ الحشد الشعبي ستسقط خلال 24 ساعة"، وقال في تصريحات لمحطة تلفزيون محلية ببغداد: "واشنطن مقتنعة بأن الحشد الشعبي لا يمثل تهديداً لمصالحها. حلّ الحشد الشعبي مطلب إسرائيلي وليس أميركياً"، لافتاً إلى أنه "لا يمكن الاطمئنان لأي وعد يطلقه ترامب".

وتأتي صعوبة التحدي الذي يواجهه العراق في ظل تنافس محتم بين القوى السياسية للفوز في الانتخابات البرلمانية، التي ستحدد ملامح المرحلة المقبلة للبلاد، في ظل تنافس إقليمي صعب، يجد العراق نفسه جزءاً منه بحكم موقعه الجغرافي أحياناً وارتباطاته وعلاقاته الخارجية أحياناً أخرى.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

790 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع