إذاعة العراق الحر/نبيل الحيدري:لعل بغداد واحدةٌ من العواصم النادرة في العالم التي لا تجد فيها خارطة سياحية حديثة تدلك على شوارعها وإحيائها ومواقعها التراثية والحضرية، إذ يعود تاريخ طبع آخر خارطة سياحية لبغداد أعدتها مؤسسة السياحة الحكومية الى ما قبل ثمانينات القرن الماضي.
وعلى الرغم من فقر أدواتنا السياحية، وغياب ثقافة السياحة لدى الكثيرين، إلا أن طقس التمشي في شوارع المدن العراقية كان شكلا من أشكال التسلية والتمتع خصوصا خلال ايام السنة التي يسمح المناخ بالتسكع في شوارع المدينة وحواريها.
المواطن مسلم عوينه الذي انتقل من مدينته النجف اواخر الخمسينات الى بغداد للدراسة في كلية التجارة، يتذكر أن مسيره من باب المعظم الى الباب الشرقي كان ينطوي على متعة وفائدة كبيرين، خصوصا وان المكتبات في شارع الرشيد كانت تغريه بالتوقف وتصفح الجديد من الكتب.
فلسطينية وزوجها العراقي يطلقان دعوة (هيّا نمشي)
يعد المشي احد أنواع الرياضة التي ينصح بها الأطباء، والمهتمون بالصحة البدنية والنفسية. وهذا احد الأسباب التي تدفع المواطن مسلم عوينة وهو في السبعينات من عمره، الى ممارسة رياضة المشي يوميا في المنطقة القريبة من بيته في حي القادسية ببغداد.
ويكاد يختفي طقس التمشي اليوم في العديد من المناطق، والأسباب عديدة كما تقول السيدة سناء، ومن ذلك لعدم نظافة الأرصفة، والخشية من التحرش أو المضايقات.
وقد ساهم ارتباك الأوضاع الأمنية والاجتماعية بعد حرب 2003 في حرمان شريحة كبيرة من الشباب من التمتع باكتشاف مدينتهم، والتعرف على خبايا مناطقها وأبنيتها القديمة وأحيائها، وهو ما لاحظته سيدة فلسطينية متزوجة من عراقي وانتقلت الى بغداد قبل ثلاث سنوات بدواعي العمل. فبدأت وزوجها تحريض الأقربين بإطلاق دعوة للتمشي في شوارع بغداد، وتطورت الدعوة بعد حين الى مبادرة حملت اسم (هيّا نمشي)، التي تضم اليوم العديد من الجنسين ومن اعمار مختلفة كما تقول سمر جبران، التي اسست وزملاؤها صفحة على فيسبوك للتعريف بالفكرة وغاياتها ونشاطاتها.
من منكم يعرف أين قصر شعشوع؟
زين محمد احد الشباب الذين انضموا الى حملة (هيّا نمشي)، التي تنطلق كل جمعة، واكتشف خلالها الكثير مما لا يعرفه عن مدينته بغداد، خصوصا عندما يقوم احد اعضاء المجموعة بتقديم سرد تاريخي ومعماري عن الاماكن والبنايات والدلالات التاريخية للمدينة، ومنها قصر شعشوع الذي يطلقه البغداديون للدلالة على البيوت التي يُبالَغ في تزويق واجهاتها وثراء موجوداته، لكن زين محمد لم يكن يعرف ان هذا القصر حقيقي ويقع على ضفاف دجلة في منطقة الكسرة، عندما تسنى له خلال جولات(هيّا نمشي)، ان يدخل إليه ويتعرف على قصته وخباياه.
ممنوع المشي...ممنوع التصوير
لكن هناك من لا يستوعب مشهد مجموعة تزيد على عشرة من الرجال والنساء يتمشون في شوارع بغداد او يصورون بناياتها وجوامعها وبعض شواهدها، وهم افراد الجيش والشرطة الذين كثيرا ما استوقفوا المجموعة، مطالبين إياهم بموافقات أمنية للتمشي، وتصريح بالسماح بالتصوير في الأماكن العامة.
1004 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع