بثينة خليفة قاسم
عشنا في الخليج العربي سنوات طويلة من الرغد والراحة في كل شيء، فلدينا الطعام والشراب ووسائل المواصلات المريحة والوقود الرخيص، وكنا ونحن على هذا الحال ننظر باستغراب إلى شكاوى ومتاعب غيرنا من الشعوب، خصوصا في منطقتنا العربية، خصوصا ما يتعلق منها بنقص الطعام وارتفاع أسعار اللحوم، وننظر إلى ماركات السيارات التي يستخدمها أساتذة الجامعات في عواصم عربية كبيرة والتي تعود للستينات من القرن الماضي، بشيء من العجب، ونحن الذين نركب أحدث الماركات العالمية.
لقد أنستنا فوائض النفط ورغد الحياة ما عاشه أجدادنا من معاناة وكد، فلم يأكلوا ما نأكله من الطعام ولم يعيشوا في بنايات مكيفة الهواء ولم ينعموا بالسيارات الفارهة، وكانت حياتهم بالضبط كما وصفها الكاتب العظيم عبدالرحمن منيف في خماسية مدن الملح قبل أن ندخل في عصر النفط وما جلبه علينا من كسل وحولنا إلى كائنات استهلاكية مرفهة.
ولذلك لا يتعجب أحد من حالة القلق والضيق التي يشعر بها الناس حاليا بسبب الركود وقلة الموارد وكل ما ترتب على انهيار أسعار النفط ونفقات الحرب على الارهاب في اليمن وفي غيره، فالشعوب التي تعودت على الرفاهية لوقت طويل لا تتحمل التقشف مهما كانت درجته بسيطة.
لابد أن نستعد لتغير الأحوال ونعيش التقشف بكل درجاته ونشكر الله لأننا مازلنا أفضل بكثير من غيرنا، فالحديث عن ارتفاع بدرجة ما في أسعار المحروقات يصبح في غير محله عندما نرى مشاهد الأسى في مضايا السورية وفي غيرها من المدن العربية التي اكتوت بنار هذه المرحلة.
نحن لا نريد التهوين من الأمر أو إعطاء حقنة مخدرة للناس، فكلنا مواطنون وكلنا شركاء في اقتسام أعباء المرحلة التي نعيش فيها، ولابد ان نكون واقعيين في تقييمنا للظروف التي نمر بها. نحن جزء من هذه المنطقة التي تواجه حربا شرسة في كل المجالات وبالتالي سنأخذ نصيبنا من المعاناة والتقشف حتى نستطيع المرور بسلام من هذه المرحلة الحرجة.
وكل ما يحق لنا أن نطالب به خلال الأيام القادمة هو حسن إدارة مواردنا وتوزيع التقشف والمعاناة على الجميع وترشيد النفقات العامة والمناسبات التي تشكل عبئا على ميزانية الدولة. فمن العيب مثلا أن نجد أعضاء مجلسي الشورى والنواب خلال هذا الوقت الصعب يتحدثون عن الرواتب التقاعدية لهم!
وخلاصة القول هي أننا يجب أن نعمل من الآن وصاعدا على توفير موارد اقتصادية بديلة للنفط الذي لن يدوم إلى الأبد، ولابد أن نسأل أنفسنا إذا كان انخفاض أسعار النفط قد أثر علينا على هذا النحو، فكيف إذا انتهى عصر النفط؟.
835 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع