تأليف
الدكتور عبدالرزاق محمد جعفر
أستاذ جامعات بغداد والفاتح وصفاقس / سابقاً
القائمقام أبوعَـزام !
رواية واقعية تنقصها الصـراحة,من الحياة الأجتماعية
في العراق,.. في الحقبة بين سنة 1948- 1958م
***أعتاد معالي الوزير أبو عزام أستقبال العديد من الأعيان والتجار والأقطاعيين في داره كل مساء خميس, وفي أحد الأمسيات سـأله أحد الشيوخ: هل يمكنكم بيان سبب أضراب طلاب الجامعات؟ , فينزعج الوزيرمن هذا السؤال المحرج ويجيب بعصبية : هؤلاء جاحدون للنعمة,.. يطالبون بسـقوط الحكومة ؟, وتستغلهم التنظيمات المرتبطة بالدول الأستعمارية لتطبيق مبادئ الأشتراكية تارة, والوحدة العربية, أوالأتحاد الفدرالي تارة أخرى,.. وأن الهدف الحقيقي لتلك المنظمات هوأسقاط حكومة الباشا وأستبدالها بحكومة تسيروفق فلك جديد,.. وما من أحد مُطلع على أهدافهم,أومُتكهن بأي أتجاه يسـيرون بالعراق ؟,..والزمن وحده الكفيل بكشف قصدهم من تلك الشعارات! وبطبيعة الحال سوف تتصدى حكومة الباشا لتلك القوى وتوقفها عند حدها,وأذا لم يذعنوالأمرالحكومة,.. فستغلق الجامعات , وسيضرب الأمن المظاهرات الرافعة للشعارات المستوردة من روسيا أو أمريكا, وعلى الفور,..يسـأله أحد الأساتذة :
ذكرمعاليكم الشعارات المستوردة من روسيا وامريكا ولم تتطرق الى أعمال حكومة بريطانيا العظمى لضرب قوى المعارضة ؟, فيبتسـم بعض الحضور ويبادلهم الوزيربأبـتـسامة مفتعلة, ويقول : عزيزي دكتورهاشم ,(الأنكليز من عـدنـَه وبينـَه, نعرفهم و يعرفونه !, ولازم أنخاف من الجديد, فالمثل يقول: الشــين أللي تعرفه,أحــسن من الزين أللي ما تـُعرفه!),ويستمرالسجال لفترة ,.. ثم ينفض المجلس , والكل متوترمن النقاش الذي جرى في هذا المساء!
*** بعد أيام يزورالمحامي الدكتورعادل وصفي زميله أبو عزام,..فيجلسان في حديقة المنزل,
وتطرقا لأحاديث عديدة, ثم يسأل الوزير زميله : وما هو الحل يا أبا العلياء؟, فيجيبه: أرجو أن تعلن عن سـفرك الى خارج العراق بمهمة رسمية,.. فيؤيد الوزيرالفكرة قائلاً: والله فكرة جيدة,
فلدي دعوة لحضورمؤتمراً في سويسرا,.. وسأنفذ فكرتك, فـيـُسعـد المحامي لقرارزميله بالسفر ويؤكد له أن " لهيب " ستكون بين يديه بعدعودته, فيذهل أبوعزام, ويطلب التوضيح, فيجيبه :
أرجوالصبر, فسوف أرتب كل شيئ أذا كنت راغباً باللقاء مع أبنتك فيفرح وكاد أن يعانقه وقال: هذا ماكنت أتمناه, ويبتهج المحامي لترويضه أبوعزام , ويكمل السهرة,..ثم يودعه.
*** كان المحامي وفياً وصادقاً , وأستطاع بعد جهود مـُضنية وبمساعدة الحاج أبو رزوقي, أن يـُقنع " لهيب " بالموافقة على زيارة " نيران " برفقة أم رزوقي لوالدها أبو عزام في قصره!,
وتم الأتفاق على تحديد موعد الزيارة, بسبب سـَفـر معاليه الى سويسرا !,.. ومهدت أم رزوقي
للقاء بين أبوعزام وأبنته وتحققت رغبتها باللعب في (مدينة الألعاب), وهكذا شـَبعت نيران من كل الألعاب التي ترغبها , وأشترت كل ما في نفسها من لـُعـَب من أشهرالمحلات في بغداد,.. وما أن شــعر أبو عزام بتعب" نيران" حتى عرض عليها العودة الى بيت أمها برفقته,فوافقت, وما أن وصلت سيارة معاليه, بالقرب من باب قصر" لهيب " حتى هبطت أم رزوقي مـُسـرعة ودخلت وبصحبتها " نيران ",..وأخبرت " لهيب " بتعلق " نيران " بأبيها ودعوته للعشاء !
*** وما أن يلتقي الحبيبان/ سابقاً,..حتى يـَمُدَ الوزيريده ليصافح من كانت بالأمس مـُلكَ يـَديه, َفــُتحـرَج " صبرية " وتمد يدها المرتجفة الى الأنسان الذي سبق وأن تولعت به في صباها,... وبصورة عـَفوية تقع عينها على تجاعيد وجهه ! , والخرائط التي خطها الزمن وعملت عوامل التعرية عملها وحولته الى أرض صحراوية خالية من كل معالم الحياة!
** يبادرالوزيربالكلام: أنا مُـسافرالى خارج العراق غـَداً, وكل ما أطلبه منك,..هوالغفران لكل ما سـببته لك من متاعب, ولا أدري أن كنت سأعود أم لا؟!,... فأطلبي مني كل ما تشائين !,..
فتجيبه أم نيران,.. الله هو الغفور, وكل ما أطلبه , الوفاء بعهدك وتسجيل زواجنا في المحكمة
الشرعية ,..فيبتهج,.. وتعود الحيوية لوجهه ويقول : سأنفذ كل طلباتك وستصلك جميع الوثائق الرسمية الى البيت, وقدم لها أسطوانة كهدية, كان يستمع أليها كلما يتذكر ليالي الشطرة بمعيتها ويصمت ويركزعيونه بوجهها قائلاً : أرجو الأستماع أليها كل يوم أذا ما فرقنا الزمان !, وبعد رجوعي, سأقيم لك حفلة زواج لا مثيل لها من قبل في بغداد!
* تراقب أم رزوقي الموقف من على بـُعد, مـُعقبة على السجال بين" لهيب "وزوجها أبوعزام , فتقول له : هذا هوحلم كل بنت, وقد حـُرمتُ " لهيب " من أسـعَد يوم بحياتها , وصبرت بسبب حبها لك وثقتها بك وتستمرالمحاورة بين العمة و" لهيب " وزوجها وتقطعها " نيران ", بدعوة أبيها لتناول العـَشـاء بمعيتهم , فيوافق ويجلس بجنبها ويتناول بفرح وسعادة الطعام الذي أعدته " لهيب " بنفسها, فهوعلى دراية بمهارتها بطهوالطعام منذ أن عاشت بكنفه, وتـَذكرأيام السعادة بمعيتها في الشطرة !, ولكن ذلك العهد ولى وتلاشى , ويدندن بصـمت : مقطعاً من أغنية (الأطلال) لسيدة الطرب أم كلثوم,.. ومن كلمات أبراهيم ناجي :
يا حبيبي كل شيئ بقضاء = ما بأيدينا خـُلقـنا تـُعـسـاء
ربما تجمعـنا أقدارنـــــا = ذات يوم بعد ما عـَزَ اللقاء
فأذا أنكر خـل خـلــــهُ = وتلاقينا لقاء الغرباء
ومضى كل الى غايته = لا تـَقل شـئنا فأن الحظَ شاء
* بعد العشاء, يسـتأذن أبو عزام , وعند الباب تغمروجهه كآبة ويعانق أبنته" نيران " وعيونه تستعطف " صبرية ",.. متمنياً ضـمها الى صدره ولسان حاله يقول : لا أعتقد سيكون لنا لقاء آخر,أنني أحدس أن هذا هوآخرعشاء مع أبنتي " نيران", فسمعت " لهيب " بعضَ ما دَندن به فيصيبها الهلع, وتنتبه أم رزوقي للموقف,.. وتحاوره عن سبب تشاؤمه, قائلة :
* نفذ ما أتفقنا عليه وأترك الباقي لمشيئة الله,.. وستشبعك أم نيران من الأكلات التي ترغبها, فتهز" لهيب " رآسها,.. وهي في غاية الحزن والألم, وحدسـَت لأول مـَرة صـدقاً في قوله ولا تدري ما الذي تخبئ لها الأيام؟, وبعد تبادل عبارات المجاملة,... يحاول أبوعزام الهيمنه على مشاعره, وودع الجميع,..مـُعلناً مغادرته بغداد الى جنيف مبكراً في صباح الغد!
*** وفي ليلة سـفرأبوعزام ألقت " لهيب " بنفسها على السرير, وهي بحالة يـُرثى لها لمشهد الوداع مع زوجها, وأسـتعـرضت ما تفوه به, ثم غمرها شعوربحدوث شيئ ما, يُغـيرحياتها!,..
***وعند الساعة التاسعة صباحاً ما زالت " لهيب " تتقلب في سريرها, سـَمعت جرس التلفون فـَنهضت من سريرها, وتأمرالخادمة نبعه لتجيب المتكلم,ولكن " لهيب " لم تتحمل ميوعة نبعة في الكلام,.. فتتوجه نحوها, وتأخذ منها سماعة التلفون وتجيب المتحدث قائلة :
** نعم أنا أم نيران, تفضل ما هي طلباتكم؟, فقال : يرجى بالتفضل بالحضورالى دار أم عزام
لرغبتها برؤيتك فوراً, َفـتـُذعـَر" لهيب ", ويتملكها الخوف,.. ولم تتمكن من حـَدس أي مـُبرر لدعوتها الفورية, فتأمرنبعة بأعلام السائق, وترجوأم رزوقي التهيئ لمرافقتها لمقابلة أم عزام !
** يتم اللقاء, وتفتح أم عزام عينها لتجد أمامها " لهيب ", فتقول بصوت مرتجف :لو لم أحدس
بدنو اجلي لما أرسلت في طلبك فوراً, فتجيبها " لهيب " سلامتك يا أم عزام عمرك طويل!,..
وأنشاء الله ستعودين لصحتك ! فتنظر لها أم عزام بدقة وتعلق على تمنياتها : أنا لا أصدق بعد الان قول الأطباء, أنني على علم بدنوأجلي ولا أخاف الموت, فالموت حق,ولكني أكرهه, ولم تتمالك " لهيب " نفسها, وأنهمرت دموعها ! , فها هي ترى بأم عينيها الضحية الأولى , وهي تصارع الوحدة و الموت بمفردها !
*** وبعد صمت يعجزأي قلم أن يـَصـفـَهُ, راحت أم عزام تـُلملم قوتها محاولة بيان ما ترغب أن تبوح به لضرتها فتقول: سمعت أبوعزام يقول لك : عندما تسقط الوزارة,.. سأطلق أم عزام وأعلن زواجي منك, ولم تستطع تكملة الحديث وداهمتها الغيبوبة, وتـَمَ أسعافها, ولكن لم تتمكن من الكلام , وحركت عينها بأتجاه حقيبتها اليدوية, وقالت : أفتحيها وأستخرجي منها ظرفا فيه
( وصيتي ),أمانة في عنقك, وعدم فتحه ألا بعد وفاتي,.. وينتاب " لهيب " الأسى وتقول لها :
ليكن أيمانك بالله قوياً , وتستمر " لهيب " بقراءة الآيات القرآنية لتخفف عن كاهلها ما تكنه من كراهية لزوجها قائلة :
أبا عزام أنسان, والأنسان غير معصوم من الخطأ,.. وأنه أحبك كثيراً,.. فتجيبها أم عزام :
هذا الصنف من البشرلا يعرف الحب,..وهبته كل شيئ, ورفعته لأعلى مقام, لكنه (نـذ..... )!,
وليسامحه الله على ما فعلة معي , فقد أحببته آملة أن أكون منه أنساناً محترماً أعيش بكنفه ,..
فتغمر" لهيب ", مشاعراً جعلتها حاقدة على كل رجل عديم الوفاء!, وراحت تهون عليها الأمر,
وتدعو الله أن يـَمُنَ عليها بالشفاء , وسـَتعمل بمعيتها , وتجعله يندم على ما أقترفه من ســوء تصرف معها !,.. فتسعد أم عزام لما سمعته من ضـُرتها, وتجيبها : المهم يا أم نيران الألتزام بالوصية وتطبيقها بحذافيرها , أنها أمانة في عنقك الى يوم الدين!
*** لم تتمكن " لهيب " تـَحمل الأسى في عيون هذه المرأة , وتحاول السيطرة على مشاعرها وتقول لها : لـتـقـُرعينك, سأنفذ وصيتك, ولن يحصل أي شيئ مـُخالف لها !
***وبعد عودة " لهيب " الى بيتها تتلقى أتصالاً تلفونياً من دار أم عزام يبلغها بوفات أم عزام قبل وصولها الى المستشفى!, فتهرع نحو أم رزوقي,.. ويقلبنها مناحة هزت الحي, ويحضرأبو
رزوقي و دايخ وسرحان ونسمة, وبعد قراءة الفاتحة على روح الفقيدة , تطلب أم رزوقي من " لهيب " فتح (وصية), أم عزام, لمعرفة ما أذا كانت توصي بمكان دفنها وما هو المكان الذي
ترغب الدفن فيه, وبمجرد فتح الرسالة وقراءة مضمونها, هطلت دموع " لهيب " بغزارة كالمزن فـترجوها أم رزوقي بضبط أنفعالها لأستيعاب ما جاء بالوصية, فتأخذ أم رزوقي لغرفة أخرى وتقرأ لها الوصية وفيها :
كل أملاكي,وكل الحـُلي الذهبية والمجوهرات وما أملك من نقود وضعتها في البنك!,وحررت وكالة رسمية بكل ما هو في حسابي بأسم " صبرية ", وأوصي ببناء جامع يكتب عليه أسمي (راغبة خاتون), يقدم فيه الطعام في كل ليلة جمعه !, وتخنق " صبرية " العبرة, وتستمر في البكاء, فتطلب منها أم رزوقي أن تستعين بالرحمن, وتكمل قراءة الوصية!, وما ستفعله ؟,.. فتقول والله لا أدري يا عمه سأتصل بدايخ,وأعترف له بعلائقي بصراحة مع أبو عزام,حتى لا أكررالخطأ ,.. فعدم الثقة تدمر الحب,.. أليس كذلك,.. يا عمه أم رزوقي ؟!
* تغمر أم رزوقي مشاعراً غريبة وتقول : من المستحسن عدم الأتصال بالدكتور دايخ, ويجب الأنتظار لحين عودة أبوعزام من الخارج,.. وخاصة بعد سقوط الوزارة, ولا تكوني قاســية,.. فالمسامح كريم,..وفكري بمستقبل أبنتك قبل أن تفكري بنفسك,..فتدرك لهيب قصد أم رزوقي, وترد عليها قائلة : أنني لا أستطيع أن أنظرنحو وجهه !,.. فكيف أعود لأحضانه ؟!
*** ما أن يصل معالي الوزير أبو عزام مطار جنيف في سويسرا, حتى يهرع نحوه مسـؤل من السفارة العراقية, ويهنئه بسلامة,ويقوده الى الفندق, وفي الطريق يعلمه بسقوط الوزارة, ووفاة حرمه أم عزام!, حيث تعرضت لسكته قلبية وفارقت الحياة قبل وصولها المستشفى!
* أنهارأبوعزام لما سـَمعهُ, وأسودت الدنيا بوجهه, وأنتابته مشاعراً كادت أن تطيح به أرضاً,
ألا أن موظف السفارة تدارك الأمروأسرع لأسعافه .
*** وبعد أن يهدأ الوزير وتستقر حالته,.. يطلب من موظف السفارة أن يحجز له على أول طائرة متجة الى بغداد!
**في صباح اليوم التالي, تنهض السيدة " لهيب " مبكرة وتهبط الى الصالون , ثم تتناول أحدى جرائد الصباح , فيجلب أنتباهها خبراً يهز كيانها,.. خبرنعي الحكومة العراقية لضحايا الطائرة
التي ســقطت بسـبب خلل فني قرب بحيرة الحبانية, ومقتل جميع ركابها !,..وأستمرت بالقراءة لكي تتعرف على أسماء الضحايا, فوجدت بمكان آخرخبرصادرمن وزارة المعارف ينعي وفاة معالي الوزير أبو عزام في ذلك الحادث المؤسف!,..فيغمى عليها على الفور!
*** أقيمت مراسم الفاتحة على روح معالي وزير المعارف وحرمه راغبة خاتون,.. في جامع الحيدر خانه لمدة ثلاثة ايام.
*** وبعد مرور ثلاثة أشهرعلى وفاة عزوز الثعلبي (أبو عزام), يخف حزن السيدة " لهيب " على ما أصابها,.. وفي أحد الأيام زارت الدكتورسرحان وزوجته " نسـمة ", وبصحبتها أبنتها " نيران ", وبالصدفة يتواجد في ذلك الوقت الدكتوردايخ, فتـُسـعد بوجوده , فقد أقتلع الذكريات الدفينة من جذورها, فها هما الحبيبان وجهاً لوجه, وقد زالت عن طريقهما المعوقات لذا فالكرة عند الدكتور سرحان وزوجته,..وعليهم أستغلال هذه الفرصة وجـَس نبض الحبيبين,.. لمعرفة درجة حبهما الذي طمرته أحداثاً كانت خارج أرادتهما, وبعد مقدمات وتلميحات لكلا الطرفين, وترغيبهما بنسيان الماضي,.. ثم طرحت أحاديثاً عن الحب والزواج والعشرة الطيبة,..ومصير " نيران " وضرورة وجود رجل يحميها من الذئاب البشرية, ويستمرالحديث لـمنتصف الليل !
** تساهم " لهيب " برفقة الدكتورسرحان والدكتوردايخ ولفيف من الأقارب وعائلة المرحومة راغبة خاتون , في أتمام الدفن والفاتحة, وتسافر"لهيب" الى عائلة ابوعزام القاطنة في (هبهب),
قرب بعقوبة في محافظة ديالى,.. وبصحبتها " نيران ", فيفرح والديَ أبو عزام بهن ,... وقيما تلك المبادرة وفرحا بالطفلة " نيران " عندما شاهدا الشبه الكبير بينها وبين المرحوم والدها!
*** وتمرالسنون ويتزوج الدكتوردايخ من " صبرية ",.. بعد شطبها أسم " لهيب " فقد نبت الحب من جديد,.. مما يدل على أن لا يأس مع الحياة, ولا حياة مع اليأس ,.. طالما سارالأنسان بالطريق الصحيح , ولا بد من الفرج كما قال ابو حنيفه (ع):
ضاقت ولما أستحكمت حلقاتها = فـُرجت وكنت أضنها لن تنفرج
*** تتم " نيران " دراستها الجامعية, ويحصل " احمد " بن الدكتور سرحان و" نسـمة ", على درجة امتيازتؤهله لأكمال دراسته في انكلترى , ويتقدم لطلب يد " نيران", فيعم الفرح اجواء العائلتين , وتتم المراسيم المتعارف عليها في مثل تلك المناسبات,.. ثم يغادران القطر للتمتع بشهرالعســل ومواصلة احمد لدراســته العليا في لندن, بصحبة عروسته " نيران ".
*** عاد الزمن بظلاله لعش الزوجية الذي جمع " صبرية " ودايخ,.. وفي احد الأيام سرحت
وتذكرت صبرها الذي عاشــت به كجارية عند القائمقام أبو عزام ,الذي خدعها ورماها وحيدة في احضان الزمن في مدينة الشطرة!,..وتذكرت الأسطوانة التي كان يستمع أليها عندما يتذكر ليالي الشطرة,..وأعدت كل شيئ خلسة وراحت تقرأ وتستمع للأغنية التي أحبها أبو عزام:
وحقك أنت المنى والطلب:لسيدة الطرب ام كلثوم :
تأليف الشيخ عبدالله الشبراوي,... وألحان أبو العلا محمد
وَحــقــك أَنت المنى وَالــطَلَب وَأَنتَ الــمـُراد وَأَنـــتَ الارب
وَلي فيكَ يــــا هاجِري صَبوة تـحير فـي وَصفِها كـــل صَبّ
أَبيت أُســـــــامِر نجم السَــــما إذا لاحَ لي في الدُجى أَوغـرب
وَأَعرِض عَن عاذِلي في هَواكَ إِذا نَمّ يـــــا مُنيَتي أَو عَـــتب
أَمـــَولايَ بـــالِلّهِ رفــــقا بـِمَن إلَيكَ بذلّ الــغَـرامِ اِنتَسَـــــــب
وَيـــا هاجِري بَعد ذاكَ الرِضا بِـحَـقِّكَ قــل لي لِهذا سَــــــبَب
فَاِنّي حســـــيبُكَ مــن ذا الجَفا وَيا ســــيدي أَنتَ أَهل الحسب
مَتى يـــــا جَميل الـمـحيا أَرى رِضاكَ وَيَذهَب هـــذا الغَضَب
فَاِنّي مُحب كَــــمــا قَد عَهِدت وَلــكِنّ حبك شَــــيء عَــجــَب
وَمِثلُكَ مــا يَنبَغي أن يَـــــصد وَيَهجر صبا لَـــــه قَـــد أَحب
أَشــــاهد فيكَ الـجَمـال البَديـع فَيَأخُذُني عِــنـد ذاكَ الـطَرَب
وَيُـعجِبُني منكَ حُســـن القَوامِ وَلين الـــكَـــلامِ وَفَـرط الادَب
وَحَســـــبُكَ اِنَّـكَ أَنــتَ المَليحُ الكَريمُ الجدود العَريق النَسـب
أَمــا وَالَّذي زانَ مِنكَ الــجَبين وَأَودَع فـي اللَحظِ بنت العنب
وَأَنبَتَ في الخدّ روَض الجمال وَلـــكِن سَــــــقاه بِـماء اللَهَب
لئن جدت أو جرت أنت المراد ومالي ســـــــواك مليح يحب
***استيقظت السيدة أم " نيران " من غفوتها,.. وابتسمت مع ذاتها وأبتسـمت لقدراتها التي اكتسحت جيع المغريات وابت ان تبيع نفسها بالمال اوان تخضع للتهديد!,.. ورفضت التخلي عن
أبنتها او أن تكون خادمة في بيت راغبه خاتون زوجة معالي الوزير أبو عزام!
** لم تتمالك " صبرية " أعصابها , وراحت تبتسـم وهي تتمعن بصورة " نيران " مع زوجها
"احمد" ببدلة الـعـرس التي حرمت منها بسبب طيشها ورعونتها, لما رضت (بالزواج المؤقت), وطفحت البسمة على مُحياها من جديد وانطفأ لهيب حبها الذي عشعـش في صدرها , وصارت اليوم (دايخه) من الحب الصادق مع الحبيب الأولي الدكتوردايخ !
خلق الله الأنسان وخلق عواطفه ومشاعره التي ان ثارت, لاتهدأ طالما وجد في اعماقه عرق ينبض بالحياة,.. وامل مشرق يجابه به المعوقات , دون تردد لأي لهيب حارق!
مع محبتي لكل من قرأ الرواية!
للراغبين الأطلاع على الحلقة الماضية:
http://www.algardenia.com/maqalat/20876-2015-12-24-21-33-56.html
الحلقة النهائية لرواية القائمقام أبو عزام,.. والشكرالجزيل للأستاذ جلال چرمگا وكل كادرالگاردينيا الغراء والقراء مع محبتي.
929 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع