فلاح ميرزا
الاتفاق الاخير بين الاطراف المتصارعة حول موضوع سوريا له من الدلالات التى يصعب فهمها حاليا وبعد سنوات من التناحر والتجاذب والتحليل والحواروالاصرار على مواقف كل طرف على رايه بما يدور حولها فى المستقبل,
الحزب الجمهورى الذى يتطلع للرئاسة الامريكية فى الانتخابات القادمة وبدافع الخوف على مشاريعه القادمة وضغوطات الكونغرس بشان التمويل اوامكانية تحقيق نصر ملموس او الاعتراف بالفشل لان النتائج التى خرجوا بها من احتلالهم للعراق ( 2003) كانت هى الاسوء فى تاريخ الولايات المتحدة يضاف اليها الازمة الحالية مع سوريا وانطلاقا من هذا التشخيص البرغماتي قامت وفود من الكونغرس بجولات فى المنطقة لاقناع الدول بمساعدتها على تحجيم الدور بالنسبة للمنظمات الارهابية التى تتخذ من سوريا والعراق مأوى لنشاطهم الى جانب الرسائل التى وجهت الى كل من السعودية وتركيا واللقاءات الثنائية على مستوى وزيرى الخارجية والدفاع ودعوتهم للتعاون معها حول ماتنوى القيام به لتغيرنمط سياستها فى المنطقة لتحجيم الدور الايرانى وافتعاله الازمات فى المنطقة, فى الوقت مازالت الادارة الامريكية تبدى شكوكها فى قدرة وفعالية الحكومة العراقية فى فرض الامن والاستقرارفى العراق كما ولا ننسى بان هناك ملفات عاجلة اخرى لم يكشف عنها وبحاجة الى حلول قد لاتتوفر فى الوقت الحاضر خصوصا وان العراق لازال تحت المراقبة واذا ما استمرت الاحوال بالتدهوروالتفاقم والتردى المستمرلها فان حقيقة المشهد السياسي سيكون له شأن اخروذلك لان نشاط حزب البعث وانصار الرئيس صدام يسعون الى العودة والاستعانة بنفوذهم رغم اساليب القمع والقتل والاعتقال التى صدرت بحقهم وشملت ضباط الجيش والشرطة والامن الداخلى منذ الاحتلال الامريكى ولحد الان , ان النظام العالمى الراهن هو بصدد التحلل بسرعة جنونية وقد زاد هذه السرعة سقوط الشيوعية ففى السابق كان الدور واضحا كانت هناك حرب باردة ضد امبراطورية الشرالتى يقودها الاتحاد السوفيتى اما حاليا فقد اصبح العدو هو الارهاب دون تحديد اى مقصود منطقة الشرق الاوسط وافريقيا وفى كل مكان لذلك اصبح عدم الاستقراراليوم اخطر مما كان عليه فى 1991ولم تعد الاخطاراليوم فى تصاعد فقط بل ان الحدود الفاصلة بين الاشياء تلاشت معالمهالدرجة اصبحت قراءة الواقع من الصعوبة بمكان وقد رافق تلك التطورات اضمحلال فى قوة امريكا التى سيطرة عليه فى القرن العشرين لقد كف العالم عن كونه ايدلوجيا واصبحت الممارسات خاصة الاقتصادية منها لجميع الدول تخضع لانماط كانت متوقعة الحدوث ففى الوقت الذى اصبحت فيه الحاجة ماسة الى معارضة من نوع ما اختفت الحركة الاشتراكية واصبحت فكرة الدين مرشحة لملآ الفراغ الهائل الذى خلفته الايدلوجية الاشتراكية التى كانت تبشربحل معضلة الاقتصادية للبشرية بموازاة الاخفاق المدوى للنظرية الراسمالية واصبح الفكر الخرافي وللاعقلانية مرشحين لملا الفراغ وهذا لايعنى بالضرورة عدم وجود معارضة او ان فرصة ظهورها ضئيلة جدا بسبب عدم قدرة المناهضين للنظام الراسمالى . ان استراتجية الولايات المتحدة لاعادة هيكلية الشرق الاوسط قد عمقت شرخين كبيرين يقفان حائلا دونهما الاول بين الرأي العام العربي والغربي والثاني بين النخب الحاكمة وشعوبها ولن يكون من الممكن احراز تقدم فى هذا المجال دون تغييرعميق فى سياستها ومعها حلفائها عموما دون التوصل الى حلول او بداية حلول جدية وعادلة للنزاعات والصراعات الاقليمية التى تدخل فى عمق المجتمعات وتمثل الراي العام عن التفكير فى حاضره ومستقبله معا ومستعدة ان تتراجع عن قراراتها الظالمة فى العراق وهو لب المشكلة ومن دون ذلك سيستمر الوضع الامنى والسياسي فى المنطقة بالتراجع ويزداد الميل فيها نحو الاضطراب والفوضى والخراب . العراق يراه العراقيون فى حكمين هما حكم التاريخ الذى يبين لنا بان لا دوام للاحتلال اى الامريكى او الايرانى وسوف يجر اذيال الخيبة والخسران وحكم الشعب العراقى المقاوم الذى سينفض عن نفسه الغباروسيجعل الغباراساسا قويا للنهوض والبناء والاعمار والاستقلال ولاشك فقد ظلت دول النظام الاقليمى تبحث عن الاستقرار وتتحدث عن الامن الا انها لاتجد على ارض الواقع سوى التوترات والصراعات لتى سرعان ما تتحول الى ازمات مستعصية وحروب عنيفة بواقع حرب واحدة كل عشر سنوات كان اخرها حرب العراق وهذه الحرب التى ربما ستكون الاخيرة لذلك فان المخرج هو تصحيح الوضع السياسى فى المنطقة والاعتراف بان احتلال العراق والغاء شرعية نظامة كان خطأ يجب الاعتراف به وتصحيحه.وبالتأكيد فان مايخفيه التاريخ مستقبلا ليس ببعيد عن التنبأ بما سيحدث غدا. ان المستقبل على جميع الاحتمالات والثابت الوحيد الذى يمكن الاطمئنان اليه استنادا الى معطيات التاريخ ولا يمكن للولايات المتحدة ان تشكل استثناء من خطوب الزمان وان زماننا هذا زمن فوضى متنامية ومتسارعة كما هو زمن الشك والتشاؤم وتلاشى الاوهام كما صرح بذلك عام 2008 بريجينسكى مستشار الامن القومى الامريكى فى رئاسة جمى كارتر الى اننا نعيش مرحلة تعرف فيها البشرية حالة من الغليان وعدم الاستقرار السياسي الذى يمتد من شبه جزيرة سيناء الى المحيط الهادى ومن غرب الصين الى جنوب روسيا مما دفع باتجاه التوحد خوفا من امريكا
1098 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع