تسوركوف تكشف خفايا اختطافها بالعراق: حولوني لكيس ملاكمة!

شفق نيوز- ترجمة خاصة:روت الإسرائيلية اليزابيث تسوركوف، وللمرة الاولى تفاصيل تجربة خطفها في العراق لأكثر من عامين، بما في ذلك ظروف احتجازها حيث لم تر الشمس نهائيا، بما في ذلك عمليات التعذيب والتنكيل الجسدي والنفسي والتهديد الجنسي ضدها، فضلا عن الكشف عن مقر احتجازها الذي كان قرب الحدود العراقية – الإيرانية.

وجاء ذلك في رواية قدمتها تسوركوف لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، وترجمتها وكالة شفق نيوز، حيث تحدثت عن اعترافها بارتباطها بالمخابرات العسكرية الاسرائيلية في الماضي، وعن توجيهها رسالة مشفرة بتعابير عبرية مضللة عندما جرى تصويرها، وانها كانت محتجزة في منطقة قريبة من الحدود الايرانية لانها شعرت احيانا بقوة الغارات الاسرائيلية خلال الحرب، كما وصفت كيف كبلوا يديها وعلقوها في السقف وانهالوا عليها ضربا الى ان فقدت الوعي، كما اكدت تعرضها للصعق بالكهرباء واجبراها على اتخاذ اوضاع تسببت بآلام لها في ظهرها وكتفيها، وعندما كانت فقدت وعيها، كانوا يصبون الماء على وجهها لايقاظها.

واشارت "نيويورك تايمز"، إلى أن خطف تسوركوف (38 عاما)، وحبسها انفراديا، كان بمثابة ماراثون من العذاب النفسي، إلا أن الاكثر ايلاما كانت الشهور الاولى، حيث عانت من الضرب المتكرر على يد خاطفيها، بالاضافة الى الاعتداء الجنسي ونقلت الصحيفة عنها قولها "ضربوني بالسياط في كل مكان. استخدموني ككيس ملاكمة".

ونقل التقرير عن تسوركوف قولها انها كانت محتجزة لدى كتائب حزب الله، مشيرة الى انها قررت مشاركة قصتها لاسماع صوت العراقيين الذين تعرضوا للتعذيب على يد هذه الجماعة.

وبحسب التقرير، فان إفادة تسوركوف تتوافق مع افادة الطبيب الذي عالجها في "مركز شيبا الطبي" حيث لفت الى انها عانت من تلف اعصاب قد يكون دائما، في حين ان سجلاتها الطبية تظهر تعرضها لاصابات جسيمة ناجمة عن التعذيب، والى حاجتها الى "تأهيل جسدي ونفسي طويل" بسبب "الاضرار الجسيمة والصدمات المعقدة".

ولفت التقرير، إلى أن مسؤولين امريكيين واسرائيليين يؤكدون ان كتائب حزب الله هي من اختطفت تسوركوف وعذبتها، رغم انهم لا يعرفون كل التفاصيل، بينما اكد مكتب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، التزامه "بمحاسبة اي طرف او فرد متورط في اعمال اختطاف او تعذيب".

وبحسب التقرير فإن مصير تسوركوف سرعان ما تبدل أسوة برهائن اخرين، تحت وطأة الضغوط الدبلوماسية، حيث اثبتت إدارة دونالد ترمب فعاليتها من خلال ضغوطها على كبار المسؤولين العراقيين حول قضيتها، اذ ارسلت مبعوثين الى بغداد، وذلك بمشاركة حاسمة من مارك سافايا، رجل اعمال وصديق ترمب، الذي رافقها على متن رحلة جوية الى قبرص، حيث نقلت الى طائرة عسكرية اسرائيلية لنقلها الى اسرائيل.

ونقل التقرير عن تسوركوف قولها "اعتقد انني كنت ساموت لو لم يتدخلوا بثبات وعزيمة مذهلة".

الاختطاف

وقال التقرير، إن قرار تسوركوف بدخول العراق كان محفوفا بالمخاطر، مشيرا الى انها زارت العراق عدة مرات، لاجراء بحوث عن الحركة التي يقودها رجل الدين مقتدى الصدر، وانها كانت تتخذ دائما احتياطاتها: السفر بجواز سفرها الروسي، وتقديم نفسها على انها روسية، وتجنب الاتصال بالجماعات المسلحة.

واوضح التقرير، انه في 21 مارس/اذار 2023، خططت تسوركوف للقاء امرأة في مقهى حوالي الساعة 9 مساء في وسط بغداد، حيث عرفت المرأة عن نفسها عبر واتساب، طالبة المساعدة في ابحاثها حول تنظيم داعش، وقالت ان لديهما صديقا مشتركا، إلا أن المرأة لم تأت، ولهذا شعرت تسوركوف ان ان الموعد كان خدعة، وعندما كانت تسير نحو منزلها، توقفت سيارة رياضية متعددة الاستخدامات سوداء اللون بجانبها، واجبرها عدة رجال على الجلوس في المقعد الخلفي. وبحسب تسوركوفا، فانها استغاثت محاولة الهرب، لكن الخاطفين ردوا عليها بالضرب و"الاعتداء الجنسي"، لكن "نيويورك تايمز" قالت انها امتنعت عن الكشف عن طبيعة هذا "الاعتداء الجنسي".

وبحسب تسوركوف، فقد بدأ الخاطفون "يلوون خنصري، وكادوا ان يكسروه. لذلك اعتقدت ان لا جدوى من المقاومة". واشارت الا ان الخاطفين قيدوا يديها بشريط لاصق، ووضعوا كيسا على راسها، وصادروا هاتفها، ثم لاحقا اجبروها على دخول صندوق السيارة، الى ان وصلوا بعد نصف ساعة تقريبا الى منزل كبير، الذي امضت فيه 4 شهور ونصف، في غرفة بلا نوافذ مزودة بكاميرتين، وتعاني من سوء التغذية والوحدة.

ولفت التقرير، إلى أن الخاطفين لم يكونوا في البداية يعرفون انها اسرائيلية، حيث بدا انهم اختطفوها طلبا لفدية، الا انه بعد مرور شهر عثروا على دليل على هويتها الاسرائيلية على هاتفها، فاتهموها بانها جاسوسة اسرائيلية، وهو ما نفته، كما فعل مسؤولون اسرائيليون تحدثوا لـ"نيويورك تايمز".

واشار الى ان تسوركوف توسلت الى الخاطفين لكي يقرأوا منشوراتها ومقالاتها العديدة على الانترنت التي تدعم الحقوق الفلسطينية وتنتقد الحكومة الاسرائيلية. الا انهم لم يقتنعوا. وتابعت انه، عند عدم اعترافها جرى تعليقها وتعذيبها، وانها سرعان ما بدأت تقدم لخاطفيها اعترافات ملفقة لوقف ضربها.

وبحسب التقرير، فان تسوركوف ركزت على اختلاق "اعترافات" مقنعة لا تعرض العراقيين للخطر، وكان اول اعتراف لها انها التقت بصحفي فرنسي في مقهى ببغداد قبل عامين لتنظيم تظاهرات مناهضة للحكومة. وتابع انه بدا ان المحققين معها اقتنعوا بها، لانها بعدما بعد اخبرتهم بهذه القصة، انزلوها من وضعية التعليق، وسمحوا لها بالجلوس، واطعموها، وطلبوا منها الراحة.

وتابع التقرير انه في وقت لاحق من ذلك اليوم، تحسس كبير السجانين، المعروف لدى الاخرين باسم "العقيد" وشما على فخذها وهددها بالاغتصاب. وقالت تسوركوف عنه انه "كان قذرا جدا ومهووسا بالجنس".

ومع ذلك، قالت تسوركوف ان المحققين هددوها باستمرار بمثل هذه التهديدات، الا انهم لم ينفذوها.

ولفت التقرير الى ان احد اسوأ ايام التعذيب كان في يوليو/تموز 2023، عندما سألها الخاطفون عن خدمتها في اسرائيل، حيث كذبت على خاطفيها، خشية مما سيحدث اذا علموا بالحقيقة، وقالت انها أدت خدمتها في مستشفى.

لكن تسوركوف اقرت لـ"نيويورك تايمز" بانها انها كانت مجندة برتبة منخفضة في مديرية المخابرات العسكرية قبل عقدين من الزمن.

وبحسب تسوركوف، فان اثنين من سجانيها، المعروفين باسم "ابراهيم" و"ماهر"، ضربوها مرارا وتكرارا، حتى قالت الحقيقة في النهاية. واشارت تسوركوف الى فراغ في فمها قائلة "هذا السن مفقود لهذا السبب".

وذكر التقرير انه بعد شهر من إعلان الحكومة الاسرائيلية اول اعتراف علني بأن تسوركوف مفقودة في 5 يوليو/تموز 2023، جرى نقلها دون سابق انذار او تفسير الى مكان اخر. وبحسب تسوركوف، فان نقلها كان بمثابة نعمة من الله، لان آسريها الجدد لم يعذبوها واحضروا ممرضا للعناية بها، كما جلبوا لها الكتب والدفاتر وجهاز تلفزيون، وكانت هناك وفرة بالطعام وبتنوعه.

وتابع التقرير انه في يونيو/حزيران 2024، قاموا بتجديد مسكنها، مما اتاح لها الوصول الى مطبخ وحمام، الا انها كانت لا تزال في حبس انفرادي، في غرفة بلا نوافذ في الطابق الثالث، "ولم ترى الشمس ابدا"، وظلت على هذا الوضع لاكثر من عامين.

قرب حدود ايران

وذكر التقرير ان تسوركوف والمسؤولين الاسرائيليين يعتقدون انها كانت محتجزة في قاعدة لكتائب حزب الله قرب الحدود الايرانية، في منطقة خارجة عن سيطرة الحكومة العراقية. ونقل عن تسوركوف قولها انه خلال حملة القصف الاسرائيلي التي استمرت 12 يوما على ايران، كان المبنى يهتز بتأثير من بعض الضربات القريبة.

وتابع التقرير انه بعد بعد وصولها الى القاعدة بفترة قصيرة، اقترح الممرض عليها ان تكتب عن تجربة التعذيب، وهو تمرين وجدت تسوركوف انه يساعدها على التعافي. ونقلت عن "القائد" قوله ان ضرب النساء "حرام". وتابعت انها اخبرتهم لاحقا ان اعترافاتها كاذبة، وبدوا وكانهم يصدقونها.

واشار التقرير بان تسوركوف ظهرت في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، في مقطع فيديو عرض على التلفزيون العراقي، ما شكل اول دليل على انها لا تزال على قيد الحياة.

وتابع ان تسوركوف أمرت بما يجب ان تقوله، وتحدثت باللغة العبرية بانها تعمل لصالح المخابرات الاسرائيلية ووكالة المخابرات المركزية الاميركية، انها استخدمت رسائل مشفرة لنقل القسوة التي تعرضت لها.

وتابع التقرير ان تسوركوف لكي تشير الى تعرضها للصعق الكهربائي، ادعت كذبا انها كانت تعيش في حي جان هاشمال، موضحا ان "هاشمال" تعني الكهرباء بالعبرية. واشار الى انها اختلقت اسماء لمديري المخابرات المفترضين لديها، مستخدمة كلمات متلاعبة بالفاظ "التعذيب" بالعبرية والانجليزية والروسية، بما في ذلك "ايثان نويما" حيث يبدو ان اسم E. Nuim يشبه كلمة “inuim”، وهي الكلمة العبرية التي تعني التعذيب.

لكن التقرير لفت الى ان هذه المصطلحات لم تظهر في مقطع الفيديو الذي جرى بثه.

وكانت تسوركوف، كما قال التقرير، تعاني من الم مستمر جراء اصاباتها، وبدأت تشعر باليأس وتشكك في جدوى البقاء حية، الا انها ظلت تعمل حول اطروحتها الجامعية وتدوين الملاحظات وافكار حول مقالات ستكتبها، وكانت تشاهد على التلفزيون لمحات عابرة لاشخاص يناضلون من اجل اطلاق سراحها، بما في ذلك احدى شقيقاتها اثناء مقابلتها، وهو ما رفع معنوياتها.

اطلاق سراحها

وذكر التقرير ان تسوركوف نقلت معصوبة العينين من القاعدة الى موقع آخر، مشيرة الى ان الامر كان مفاجئا لدرجة انها تركت دفتر ملاحظاتها الذي يحتوي على خطط الدكتوراه، ثم في اليوم التالي، 9 سبتمبر/ايلول، بعد 903 ايام من الاسر، اقتيدت الى مراب في بغداد وسلمت الى مسؤول عراقي في سيارة كانت تنتظرها.

وتابع التقرير ان المسؤول قال لها باللغة الانجليزية انها الان بامان في ايدي الحكومة العراقية، وتم نقلها الى دار ضيافة فخمة حيث تم فحصها من قبل طبيبات عراقيات، حيث كانت هذه اول امرأة على اتصال بها منذ اختطافها.

واضاف التقرير ان رجلا تبين انه سافايا، دخل الى دار الضيافة وقدم نفسه لها على انه صديق لترمب، لافتا الى ان سافايا كان احد الاشخاص الذين تنسب اليهم تسوركوف الفضل الاكبر في اطلاق سراحها.

ونقل التقرير عن سافايا قوله انه ابلغ رئيس الوزراء العراقي السوداني، "بضرورة حل هذه المشكلة الكبيرة" واطلاق سراح تسوركوف.

وذكر التقرير ان تسوركوف ومنذ عادت مع عائلتها، تحاول جمع خيوط قصة اطلاق سراحها. متابعا أن اسرائيل طلبت المساعدة الامريكية، واصبح ادم بوهلر، المبعوث الامريكي لشؤون الرهائن، مناصرا قويا، حيث شن حملات على وسائل التواصل الاجتماعي وتحدى السوداني لبذل المزيد من الجهد، مشيرا الى ان بوهلر اقتحم اجتماعا في بغداد مع السوداني، دون دعوة، وذلك وفقا لثلاثة اشخاص مطلعين على المسألة تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم.

وتابع التقرير ان المستشار الكبير في وزارة الخارجية الامريكية مسعد بولس، كان قد التقى عائلة تسوركوف في ربيع العام الماضي، ووعدهم بالسعي للعثور على اي اثر لها.

وبحسب تسوركوف، واثنين من اشقائها، فان سافايا اخبرهم بعد ايام من اطلاق سراحها انه ابلغ السوداني بانه اذا لم يطلق سراحها خلال اسبوع، فان الولايات المتحدة ستستهدف الكتائب.

ونقل التقرير عن تسوركوف قولها، انها تعتقد ان اغتيالات اسرائيل على مدار العام الماضي لكبار المسؤولين اللبنانيين في حزب الله وحماس والمسؤولين الايرانيين، قد ازعجت الكتائب، وانها اصبحت عبئا عليهم اكثر من كونها رصيدا.

لكن التقرير اشار الى ان سافايا نفى توجيه مثل هذا التهديد. وتابع التقرير ان البيت الابيض لم يعلق مباشرة على انخراط سافايا، قائلا في بيان ان ترمب "قلق دائما بشأن الامريكيين المحتجزين في الخارج" وانه "مستعد للاستفادة من قوة بلادنا ومهاراته التفاوضية للتدخل في هذه القضية".

اما مكتب رئيس الوزراء العراقي، فقد قال بحسب "نيويورك تايمز" ان "جهودا دبلوماسية وانسانية معقدة" من قبل جهات عراقية رسمية ادت الى اطلاق سراحها، مضيفا ان "التهديدات او الضغوط الخارجية لا علاقة لها بالقرار العراقي".

وختم التقرير بالاشارة الى انه بعد اطلاق سراحها، ظهر بيان على حساب "تيليجرام" باسم ابو علي العسكري، المتحدث باسم الكتائب، عن تسوركوف، حيث لم تعترف الجماعة باختطافها، لكنها سردت تفاصيل "اعترافاتها" وحددت هوية "ايثان نويما"، الشخصية الخيالية التي ابتكرتها، كمدير لها، كما لو كانت معلومة استخباراتية قيمة. واضاف التقرير ان ادعاء العسكري أثار سخرية تسوركوف التي قالت انه "قدم دليلا واضحا على ان الجماعة كانت تحتجزها".

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

842 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع