امسية بغدادية رائعة تكريماً للفنان العراقي الكبير صالح الكويتي*
*صالح (ولد في 1908 ومات في 1986) وداوود (ولد في 1910 ومات في 1976) الكويتي هما يهوديان عراقيين ولدا في الكويت، وكانا موسيقيين اشتهرا في ثلاثينيات وأربعينات القرن العشرين بوضع ألحان لمغنيي تلك الفترة، بالإضافة لوضع العديد من المقدمات واللزمات الموسيقية.
حياتهم
ولد صالح الكويتي في منطقة شرق في مدينة الكويت عام 1908 لأسرة يهودية من أصل عراقي ( أسرته من يهود مدينة العمارة في جنوب العراق وتتنقل إلى البصرة والكويت للمتاجرة باللؤلؤ مع الهند عن طريق الخليج العربي) وقد ابدى صالح وكذلك اخوه داود الذي ولد عام 1910 شغفا بالموسيقى منذ الصغر، وتلقيا دروسا في العزف والغناء لدى الموسيقار الكويتي المعروف خالد البكر. في البداية تعلما الالحان الكويتية والبحرينية واليمانية والحجازية. وتعرفا على الموسيقى العراقية والمصرية بالاستماع إلى اسطوانات. وحين تقدما في العزف والغناء اخذا يشتركان في احياء حفلات لدى المعارف والاقرباء والشيوخ والوجهاء في الكويت اولا ثم في اقطار الخليج.
كان صالح الكويتي ماهرا في العزف على الكمان واشتهر اخوه داود بالعزف على العود. وفي عام 1927 رافقا المطرب الكويتي المعروف عبد اللطيف الكويتي إلى البصرة لتسجيل اسطوانات.
في البصرة نال الاخوان الاعجاب والتقدير من مطربين عراقيين كبار ومن العاملين في حقل الموسيقى والغناء. كما استغلا وجودهما هناك لتوسيع مداركهما في اصول المقام العراقي وتفرعاته.
الانتقال للعراق
في عام 1929 قررا الانتقال نهائيا إلى بغداد حيث عملا كعازفين في ملهى الهلال، وهناك اقترحت المطربة العراقية المشهورة سليمة مراد على صالح الكويتي ان يحاول تلحين بعض الاغاني، فاخذ قطعا شعرية من الشاعر الغنائي المعروف عبد الكريم العلاف ولحن في فترة قصيرة عدة اغان منها قلبك صخر جلمود، هوّه البلاني، آه يا سليمة، ما حن عليّ، منك يا اسمر، خدري الجاي خدري. لقيت هذه الاغاني إقبالا منقطع النظير من قبل الجمهور، الامر الذي شجع صالح الكويتي علي إعطاء التلحين اهتمامه الأول. عام 1932 كان لصالح الكويتي لقاء فني هام مع الموسيقار المصري الكبير محمد عبد الوهاب الذي زار بغداد لاحياء حفلات غنائية على مسرح حديقة المعرض. وقد ابدى عبد الوهاب في حينه اهتماما خاصا بالالحان العراقية ونقلها من صالح الكويتي بالنوتة في لقاءاتهما الليلية، وخاصة لحن اللامي الذي وسعه صالح الكويتي ولم يكن معروفا خارج العراق وقد استعمله عبد الوهاب فيما بعد في تلحين عدد من اغانيه.
- في 20 تشرين الثاني 1932 زارت بغداد سيدة الغناء العربي أم كلثوم وأعجبت بأغنية قلبك صخر جلمود التي لحنها صالح الكويتي للمطربة سليمة مراد. وقد غنت أم كلثوم هذه الأغنية في حفلاته بعد أن علمتها سليمة مراد اللحن والكلمات. وهذه هي المرة الوحيدة التي غنت فيها أم كلثوم لملحن غير مصري.
- حين اقيمت الاذاعة العراقية عام 1936 كلفت الحكومة صالح الكويتي بتشكيل فرقة الاذاعة الموسيقية. وقد عملت هذه الفرقة برئاسته إلى ان استقال عام 1944، وقد استمر في تقديم برامج خاصة في الاذاعة بعد استقالته.
- في عام 1947 وضع صالح الكويتي الموسيقى التصويرية لاول فيلم سينمائي عراقي – عليا وعصام – ولحن جميع اغانيه التي ادتها بطلة الفيلم المطربة سليمة مراد.
الانتقال إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة
- في عام 1951 وبحكم الظروف التي نشأت بسبب النزاع العربي الإسرائيلي وصدور قانون إسقاط الجنسية ترك الشقيقان صالح وداود الكويتي العراق، فكان ذلك بالنسبة لهما نهاية حقبة حافلة بإنتاج فني غزير منحهما مكانة مرموقة في الاوساط العراقية الشعبية والرسمية على حد سواء
- توفي صالح الكويتي في إسرائيل عام 1986س، وبقيت اغانيه والحانه يرددها العراقيون حتى يومنا هذا.
بعد وفاتهما
- قال المايسترو عبد الرزاق العزاوي في برنامج "الأغاني" الذي أذاعه تلفزيون "الحرة" العراقي عام 2005 : "إن صالح الكويتي يعتبر مؤسس الاغنية العراقية، وعلى الرغم من أنه بدأ في الثلاثينات إلا أنه يعتبر المؤسس وواضع الأسس والقواعد للأغنية العراقية، والذين جاءوا بعده من الملحنين أخذوا على نهجه ومدرسته في التلحين والصياغات اللحنية والايقاعية، وهو كان أول من أسس الأغنية المأخوذة أساسا من المقام العراقي.
- قال الناقد الموسيقي عادل الهاشمي في نفس البرنامج : "يمكن القول أن صالح الكويتي هو من أعظم الملحنين الذين أنجبهم العراق في العصر الحديث، وأنا أشاطر العزاري فيما يتعلق بأنه منشيء الأغنية العراقية الحديثة.
- الفنان وخبير المقام العراقي حسين إسماعيل الأعظمي قال في كتابه "المقام العراقي إلى أين" إن الملاحظ في الأغاني التي لحنها صالح الكويتي "تماسك البناء اللحني المستقى روحياً من الخزين التراثي المقامي.. واقتراب اللحن من التصوير المتقن لكلمات الاغنية ومعان"
في يوم 27 نوفمبر 2008 تمت إقامة حفل للاحتفال بذكرى ميلاده المئوي في جامعة لندن في مركز الدراسات الشرقية والأفريقية
المصدر:الموسوعة الحرة.
1712 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع