محطات من ذاكرتي في ذكرى رحيلهم
الفنان الشهيد اردوان زاخويي
الفنان الراحل اياز زاخويي
بقلم /جمال برواري*
ولد الفنان الشهيد أردوان على محمد طه المعروف بـ زاخويي نسبة الى مدينته التي افتخر بالانتماء له عام 1957 ضمن اسرة وعائلة فقيرة وطنية ومن عائلة قوجان بكي مؤلفة من ثمانية صبيان وثلاث بنات، درس الابتدائية في زاخو وكان يشارك بالغناء في الحفلات المدرسية كان مولعا باالغناء الكوردي الفولكلوري القديم بدأ مسيرته الفنية في الغناء مقلدا للفنان سمير زاخويي ومحمد طيب طاهر وتحسين طه لم يستطع اتمام دراسته بسبب ظروف الحياة الصعبة وحينما بدت عليه علامات الفن منذ صغره وعندما كبر كبر معه حبه وعشقه للغناء وبدأ يبحث عن النجاح والشهرة وكانت الخطوة الاولى عندما احتضنه الفنان الموسيقي نذير رمضان والشاعر خالص خليل تمخض هذا الدعم عن ولادة الوليد الاول وهو شريط كاسيت من الحان نذير رمضان وكلمات خالص خليل وانتاج ابو ميهفان وكانت بداية الانطلاقة الى الشهرة والخطوة الثانية نحو الشهرة كانت بالتعاون مع الفنان صباح زاخويي وذلك في عام 1978 سجل شريطا غنائيا وكانت اغنية (دوريت زاخو به ري دخوينن) انتشر هذ الشريط انتشارا واسعا وكان من انتاج تسجيلات ابو ميفان وبعد هذا النجاح الكبير حيث ذاعت شهرته الفنية تو جه الى بغداد حيث الاذاعة الكوردية ووقف امام لجنة اختبار الاصوات وكانت مؤلفة من الفنان يحيى حمدى والفنان محمد قدري والفنان فؤاد عثمان في البداية لم ينجح في الاختبار لانه كان ضمن شروط القبول على المتقدم ان يجيد العزف على احد الالات الموسيقة ولكن عند اختبار الصوت تعجبت وانبهرت اللجنة بصوته الرخيم قررت اللجنة قبوله مطربا .
وفي عام 1980وعندما اندلعت الحرب العراقية الايرانية تم استدعائه الى الخدمة العسكرية بعد التحاقه لم يتحمل هرب والتجا الى تركيا وفي فترة هروبه سجل كاسيتا غنائيا ثم عاد وسلم نفسه الى السلطات العراقية واعتقل في سجن كركوك وبعد صدور قرار العفو اطلق سراحه والتحق بصفوف البيشمركة.
نظراً لحبه وعشقه لوطنه كوردستان واستعداده للتضحية والفداء في سبيله فقد وجد ضالته في الالتزام والانضمام الى البيشمركة الابطال ليتسنى له الدفاع عن وطنه حاملا سلاح الشرف على ذرى جبال كوردستان حيث كان انضمامه على مرحلتين أولها بين عامي 1979 – 1980 وفي المرة الثانية بين أعوام 1981 و 1984، الى جانب حمله للسلاح استمر بالغناء هناك ايضاً في اذاعة صوت كوردستان صوت ثورة كوردستان العراق عام 1983 وانضم الى فرقة كولان الفنية هناك وسجل العديد من الاناشيد الوطنية من ضمنها اغنيته المشهورة ( دايى ئرو ئه ز بيشمركة مه) اي امي أنا بيشمركة اليوم واغنية ( كوردستان كوردستان بارى كران) اي كوردستان حملك ثقيل وفي ثلاثية مع الفناني شاكر عقراوي وسعيد كاباري (باركه ن ش وارى مه هه رن وب مه تربيوزا نه خورن ) وغيرها من الاغاني التي ظلت معلقة في الذكرةوالتي الهبت الحماس والشعور القومي الكوردايتي لدي البيشمركة والجماهير
هاجر الى ايران برفقة عائلته وبقي هناك لمدة حيث لاقى العذاب والصعوبات ومر الحياة كما تعرض لحادث دخل المستشفى ثم عاد الى مخيمات اللاجئين الكورد العراقيين وعين في مقر المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني في ايران وبقى هناك وغنى للبيشمركة ليخفف عنهم عذاب البعد والفراق عن الوطن، وفي كلمة مسجلة على كاسيت ارسلها الى اهله في زاخو يقول فيها انه مرتاح جداً في وظيفته الجديدة والحزب يهتم به كثيراً ولكنه يطلب من اهله ان يؤمنوا له جواز سفراً وكمية من المال لكي يسافر بها الخارج حيث قرر من هناك ان يهاجر الى اوربا حيث ذهب الى كوردستان تركيا من هناك محاولاً الهجرة الى اوربا.
بعد فشله في الهجرة الى اوربا من تركيا كونه لا يملك وثيقة سفر عراقية عاد مجدداً الى زاخو للحصول على جواز السفر حيث صادف مجيئة رحيل صديقه أياز زاخولي وغنى على قبره راثياً رفيق صباه ودربه كسر قلبه وفقد رغبته في السفر مجددا حيث تم دعوته بعد ايام من رحيل أياز الى بغداد للمشاركة في حفلة الاذاعة الكوردية في ذكرى تاسيسها
اذكر التقيت بالفنان اردوان زاخويي في الثمانينات وبرفقة الفنان صباح زاخويي التقينا في بيت صباح واجريت حوارا مطولا مع الفنان الراحل اردوان زاخويي ولمدة ساعة كاملة لصالح الاذاعة الكوردية ولا زال اللقاء موجود في ارشيف عدد من محلات التسجيل ،مرة اخرى وفي مسكن ابو ميهفان جمعتنا جلسة فنية لتسجيل شريط غنائي برفقة الفنان الراحل تحسين طه واردوان زاخويي وفي حملة ترحيل القرى في كوردستان اذكر جاءنا الفنان اردوان الى الاذاعة الكوردية حاملا نصا شعريا لتسجل اغنية (من فيا من فيا )كلمات الاغنية البداية كلمات رومانسية وغزل وتنتهي بموال فيها اشارة واضحة الى ترحيل القرى من قبل النظام البائد كنت انا ضمن لجنة فحص نصوص كلمات الاغاني ومعي اثنان من الزملاء والمدير احد الزملاء رفض التوقيع لصلاحية النص وقال بالحرف الواحد (هذه الكلمات تردي بنا الى حبل المشنقة )لكني وقعت على النص وزميلي الاخر وقع النص معتمدا على توقيعي و المدير شاكر منصور حسن لم يقرا النص فقط اعتمد على توقيعنا واجيز النص وسجلت الاغنية واثناء فترة الترحيل يوميا كانت تبث عشرات المرات
وفي حفلة الاذاعة الكوردية في ذكرى تاسيها السابعة والاربعون وكانت قد مرت ايام على رحيل الفنان اياز زاخويي وكنت انا عريف الحفل واقدم فقرات الحفل اذكر قدمت الفنان اردوان لتقديم فقرته الغنائية صعد على المسرح وغنى احدى اغنيات اياز ( جوخكى ايازي )وفي تلك الليلة بعد انتهاء الحفل كنا قد حجزنا فندق اغادير في شارع السعدون للضيوف في تلك الليلة اختفى الفنان اردوان زاخويي ..
اردوان زاخويي كان متزوجاً وله بنت وصبي غادرا الى اوربا واستقرا في السويد اردوان كان يتقن اللغة العربية والفارسية الى جانب لغته الام الكوردية، وهو صاحب خزينة كبيرة من الاغاني الكوردية الفولكلورية والثورية الكوردستانية قدرت بـ 200 أغنية منوعة سجلها خلال مسيرته الغنائية القصيرة بين أعوام 1970 لغاية1986 منها العديد من الاغاني الفولكلورية من منطقة بهدينان وكذلك ألف بنفسه العديد من الاغاني وغناها كما غنى من كلمات كبار الشعراء الكورد أمثال (جكرخوين- صالح اليوسفي- خالص خليل- الشهيد محمود هالو – عبدالعزيز خياط...وغيرهم الكثيرين ممن نهلوه الكلمات الحلوة وزينها هو بالحانه الجميلة بالتعاون مع الملحنين امثال عبالعزيز سليمان وسمير زاخويي وعماد آكريي وغيرهم ، كما غنى مع فنانين كبار كثر مثل اياز زاخويي وتحسين طه محمد طيب طه وسعيد كاباري ...الخ
الاذاعة الكوردية في بغداد سجلت أولى نتاجاته واستمر بالغناء وتسجيل الكاسيتات لغاية رحيله حيث تم تسجيل العديد من الامسيات الغنائية وتصوير بعض الاغاني على طريقة الكليب الغنائي وحتى بعد فقدانه تم اصدار شريط غنائي له كان قد سجله ،وبرحيله ترك فراغا كبيرا على الساحة الغنائية الكوردية.
الف رحمة على روحه الطاهرة اسكنه الله فسيح جناته .
*مدير مكتب الكاردينيا في دهوك و زاخو.
2599 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع