الشهاب الحسني البغدادي
كرس الاحتلال الأمريكي للعراق حالة من الاحتقان السياسي استمرت حتى ما بعد الغزو، وتجلت هذه الحالة في عدد من الظواهر:
الطائفية السياسية: أسهم الاحتلال الأمريكي في تغيير موازين القيادة داخل العراق بعد سقوط النظام، حيث أدى إلى بروز تيار الإسلام السياسي كقوة فاعلة في العراق، تزامناً مع فشل المشروع القومي الوحدوي، وتعثر اليسار العراقي والعربي بشكل عام. فأصبح العراق تحت قيادة شيعية لاقت دعماً كبيراً من الجانب الإيراني، ومواجهة شرسة من قبل المملكة السعودية (التخندق السني)، وانعكس ذلك سلباً على الداخل السياسي العراقي، من حيث تعامل الحركات السياسية الطائفية مع بعضها بعضا دون الاعتماد على النهج الديمقراطي في تسيير عجلة العملية السياسية.
في غياب العراق اشتد الدور الإيراني وأصبحت إيران تسيطر على العراق كقوة احتلال جديدة بعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق .
لنقف قليلا نتأمل الواقع العراقي من مختلف جوانبه ومايحدث في هذا البلد المبتلى والمستباح من عدم استقرار وفساد وسفك دماء في غياب ادنى مقومات لبلد كان قويا عزيزا مرهوب الجانب. بلدا حضاريا كان مضرب الامثال باستقراره رغم كل المآسي والكوارث التي حلت به ومؤامرات الشرق والغرب والصهاينه والفرس لكنه ظل شامخا مرفوع الرأس يتحدى اعداءه حتى جاء الاحتلال بشراذمه واوغاده وامعات درابينه المظلمه .التي تسعى لشيء واحد فقط هو السلطة، وليس هناك من يبحث عن العراق كدولة. فقد تحول الأمر إلى غنيمة، ومن يكسب ومن يخسر، ونسي الجميع أنهم مطالبون بأن يرعوا مصالح الشعب والوطن، تجمعوا كلهم لهدف دنيوي هو الوصول الى السلطة فقط وتقوية وجودهم على الساحة السياسية وليس من أجل دفع عجلة التنمية.
هؤلاء من يحكمون العراق بعد الاحتلال:
المرتكزات التي ارساها الاحتلال:
نحن فى امس الحاجه إلى المصلحة العليا وهى مصلحة الوطن والتنازع الذى
يؤذى الوطن هو تنازع يسلب الوطن حياته ،وهى سياسة رخيصة تصدرها لنا بعض الدول الخارجية الأجنبية التى اسقطت اسطورة الجيش العراقى ،لكى ينقسم الوطن على نفسه و ان هذا الذى يحدث لا علاقة له بالدين من قريب او بعيد لان الدين يدعو إلى وحدة الصف ووحدة الكلمة.
فالعراق ما بعد الاحتلال،سيبقى رهن المرتكزات التي أرساها الاحتلال وعلى الأخص الطائفية السياسية والتقسيم والدستور (غير القانوني) . هذه المرتكزات الثلاثة التي مازالت تمثل جوهر ما يسمى ب “العملية السياسية” التي أعقبت الغزو عام ،2003 هي المسؤولة عن كل ما يحدث في العراق الآن من أزمات تحول دون تحريره من أسر الاحتلال الذي مازال جاثماً عليه، ومن ثم لا سبيل للعراق إلى التخلص من أزماته ومن صراعاته الداخلية وتغلغل النفوذ الأجنبي الدولي والإقليمي إلا بالتخلص من هذه المرتكزات الثلاثة، وهذا لن يتم إلا بمشروع وطني شامل يعيد إلى العراق وحدته الوطنية ويحقق المصالحة بين كل أبناء الشعب العراقي، ويعلي من قيمة مبدأ المواطنة بمنظمات وأحزاب وطنية عابرة للانتماءات العرقية والطائفية والمذهبية .
فهو يعد بمرتبة “نصف حل” لأنه من دون وجود قوى وطنية عراقية مؤمنة بهذا الحل وقادرة على تفعيله ومن دون توافق هذا الحل مع مصالح الأطراف الدولية، الإقليمية معه، فإنه سيبقى مجرد رؤية أو فكرة لا تملك مقومات التحول إلى استراتيجية وطنية وسياسات عملية قادرة على استعادة العراق وتخليصه من أزماته .
هل عودة العراق مطلوبة حتى لو كان عراقاً مؤمناً بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار، وحتى لو كان عراقاً ينعم بديمقراطية حقيقية وليست ديمقراطية مزيفة؟ ومن هم هؤلاء من العراقيين ومن الأطراف الإقليمية والدولية، وقبلهم جميعاً الأطراف العربية، من يهمه ومن تتوافق مصالحه مع عودة العراق قوياً ومتماسكاً ومزدهراً وعوناً لأمته التي تئنّ من عجزها ومعاناتها واختراقها غيرالمحدود من قوى الهيمنة والسيطرة الخارجية التي تعاني الأمرين داخلياً في ظل الخضوع لأنظمة حكم متسلطة مفعمة بالفساد السياسي والمالي ومعادية لكل دعوة تغيير أو إصلاح؟
الأسئلة صعبة وإلا لماذا كان غزو العراق؟ ولماذا كان احتلاله؟ ولماذا كانت غبطة وسعادة إيهود أولمرت رئيس حكومة الكيان الصهيوني الأسبق في لقائه الوداعي مع الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش عندما توجه إليه بعميق الشكر والامتنان لقراره غزو العراق، لأن هذا الغزو أخرج العراق نهائياً من معادلة الصراع العربي - الإسرائيلي، بتدميره أولاً، ثم بالهيمنة والسيطرة على قراره السياسي عبر تلك المرتكزات الثلاثة المشار إليها؟ ولماذا كانت مشاركة البعض؟ ولماذا كان صمت البعض الذي كان يعني الرضا عن هذا الغزو؟
قليلون هم المهمومون الآن بعودة العراق وخلاصه من كل ما يعانيه، لكن الأغلبية المحرومة والمهمّشة داخل العراق من كل ما أخذ يسمى ب “مكونات العراق” من السنة والشيعة والأكراد، تتطلع إلى عودة العراق موحداً أرضاً وشعباً وتماسكاً، وقوياً، وقادراً على أن يقوم بدوره العربي المطلوب والمأمول . هؤلاء هم المحرومون من ثروات وخيرات العراق، كل من رفضوا الاحتلال أو المشاركة في العملية السياسية التي كرست الاحتلال واقعاً مؤسسياً لتفكيك وحدة العراق وإخضاعه للطائفية السياسية والتقسيم الرأسي للعراقيين حسب انتماءاتهم العرقية والطائفية من رأس الدولة إلى أدنى مسؤول في الهيكل الوظيفي، وكل من اكتشفوا مدى فساد هذه العملية السياسية بعد المشاركة فيها، وكل من يدفعون ثمن افرازات الاحتلال وعمليته السياسية تلك. من إرهاب انتهج العنف المفرط أداة له، ومن فساد مالي وإداري غرقت فيه الطبقة السياسية الجديدة الحاكمة تحول إلى نهب منظم للمال العام، ومن تدخل وتغلغل للنفوذ الخارجي الأمريكي والإيراني والتركي .
فالمالكي سائر في طريقه الذي اختاره من دون كوابح، وحتى من دون اعتبار لحلفائه بالدعاية الانتخابية التي يشرف عليها من دون اكتراث ب “انتهاك حرمات العراقيين ودمائهم” بسبب التفجيرات التي لا تنقطع . وهي صراعات لن تؤدي إلى تغييرات أو حتى إصلاحات حقيقية في العراق من دون التصدي لمرتكزات الاحتلال التي مازالت تحكم العراق .
وأخيرا وليس آخرا يرتكب وزير" العدل" العراقي مجازر وجرائم ضد الإنسانية لإعدام أبرياء بموجب تقارير" منظمة المخبر السري " التي يؤيدها الطائفي نوري المالكي ويصادق عليها ملا (خزاعي).
اما آن لصوت العقل والحكمة ان يأخذ مكانه وقبل كل ذلك صوت الدين والإسلام والقرآن ، فعلى ماذا يكون كل هذا الصراع بين ابناء الوطن الواحد على كرسى او منصب او سلطان؟ هل يساوى كل هذه الأرواح التى أريقت فكل هذه المناصب إلى فناء وزوال ولا يبقى إلا وجه ربك ذو الجلال والإكرام.
رسالة بو شناق:
بعث بوشناق من خلال أغنيته"أنا مواطن" برسالة للحكام والرؤساء العرب والأحزاب السياسية المتنازعة على السلطة بعدم بيع الوطن من أجل الوصول للحكم ، وهي بمثابة صرخة تتحدث عن الواقع العربي الحالي بالكامل الذي اصابه الخراب الذي حل فيه , بفعل المتأسلمين. ضمن فعاليات مهرجان المدينة في تونس العاصمة.
استطاع بوشناق أن يعبر عن حالة الإحباط التي يعيشها جل التونسيين في ظل التجاذبات السياسية وموجة العنف التي تشهدها البلاد. ولم يتمالك بوشناق نفسه خلال آداء الأغنية من البكاء تأثرا بكلماتها.
وأراد أن تعبر هذه الأغنية عن ذاته وعن مجتمعه، فكانت القصيدة التي كتبها الشاعر التونسي مازن الشريف، تهدف إلى بعث رسالة مفادها أن من يعتقد اليوم أنه يتربع على الكرسي وكأنه جالس على عرش في أي مجال إلى الأبد هو بالتأكيد واهم.
مضمون الرسالة:
يا وطن وأنتا حبيبي.. وأنتا عزّي وتاج رأسي..
أنت يا فخر المواطن والمناضل والسياسي..
أنت أجمل وأنت أغلى وأنت أعظم من الكراسي
لايهم ولاأبالي الدنيا دائسها بمداسي
لكن خلولي بلادي وكل ما قلتم على رأسي
2145 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع