الشهاب الحسني البغدادي
بين نشيدين /النشيد الوطني العراقي... و النشيد الوطني الجزائري
انطلقت الثورة الجزائرية ليلة الفاتح من نوفمبر عام 1954 والتحق بركبها أغلب الجزائريين واحتضنوها وسمّى الشاعر هذه الليلة بليلة القدر الكبرى ومما قال فيها:
دعا التاريخُ ليلك فاستجابا *** -نوفمبرُ- هل وفيت لنا النصابا
وهل سمع المُجيبُ نداء شعب *** فكانت ليلة القدر الجوابا
قصة النشيد الوطني الجزائري
بداية 1956 في أثناء الاستعمار رأى المناضل عبان رمضان (1920-1957) (*)أن من الضروري كتابة نشيد وطني خاص يعبر عن الثورة الجزائرية فتشاور فتشاورمع شاعر الثورة مفدي زكريا(1908-1977)(**) ، وطلب منه ذلك، ووافق هذا الأخير على الطلب وخلال يومين فقط جهز شاعر الثورة الكلمات فتمت، بسجن بربروس في الزنزانة 69، بتاريخ 25 أبريل 1955 .
(قسماً) هو النشيد الوطني الجزائري. الذي تضمن أبدع تصوير لملحمة الشعب الجزائري الخالدة وهو من أقوى الأناشيد الوطنية في العالم، وانتقل الشاعر، إلى تونس لنشره في صفوف جبهة التحرير.وفي العاصمة التونسية قام الموسيقار التونسي علي السرياتي بتلحينه، إلا أن اللحن لم يكن في مستوى قوّة النشيد، وهو مادفع بمفدي زكريا؛ تنفيذاً لأمر عبان رمضان؛ بنقله معه إلى القاهرة عام (1957)لإعادة تلحينه من جديد، وقد تبرّع الموسيقار المصري محمد فوزي(ت1966)(***) بتلحين النشيد "هدية للشعب الجزائري". واقتنعت أخيراً جبهة التحرير باللحن الجديد، واعتبرته قوياً وفي مستوى النشيد.
النشيد الوطني الجزائري بدأ استعماله عام 1963 أي بعد استقلال الجزائر من فرنسا. فطالبت فرنسا بحذف مقطع يا( فرنسا)، لكن المجاهدين الجزائريين رفضوا لأنها لم تعترف بجرائمها المرتكبة في الجزائر وهو لا يزال مقطعا من النشيد الوطني الرسمي.
يا فرنسا قد مضى وقت العتاب ** وطويناه كــما يطوى الكـــتاب
يا فرنسا إن ذا يوم الـحــساب ** فاستعدي وخذي منــا الجواب
إن في ثــورتنا فصل الـخطاب ** وعقدنا العزم أن تـحيا الجزائر
الشاعر مفدى زكريا
يعد هذا الشاعر(ت1977) عملاق الشعر الثوري في عصرنا الحديث وهو صاحب القصائد التي ألهبت الثوار وأذكت لهيب الثورات وهو صاحب الإلياذة .
والإلياذة هي قصيدة الألف بيت التي ضمّنها تاريخ الجزائر على مرّ العصور وأغلب قصائد الشاعر كتبها بين قضبان السجون التي كان نزيلها الدّائم.
إنّه شاعر لا يعترف بغير لغة الرشّاش والمدفع عنوانا للحريّة وطريقا اليها وهو في ذلك يجاري أفكار إخوانه الذين احتضنوا الثورة المباركة وقدّموا ما يربو عن المليون ونصف المليون من الشهداء الأبرار لتحرير الأرض من وطأة المحتّل الذي جثم على الصدور لأكثر من قرن وربع القرن
هو صاحب الأناشيد الوطنيّة: فضلا عن النشيد الوطنيّ الجزائريّ، نشيد الانطلاقة الأولى "فداء الجزائر"، نشيد العلم الجزائريّ، نشيد الشهداء، نشيد جيش التحرير الوطنيّ، نشيد الاتّحاد العامّ للعمّال الجزائريّين، نشيد اتّحاد الطلاّب الجزائريّين، نشيد المرأة الجزائريّة، نشيد بربروس؛ بالإضافة إلى نشيد مؤتمر المصير بتونس و نشيد اتّحاد النساء التونسيّ و نشيد معركة بنزرت التاريخيّة؛ فضلا عن نشيد الجلاء عن المغرب، و نشيد الجيش المغربي، وغيرها من الأناشيد.
من شعرمفدي زكريا ء _ عشق الجزائر
http://www.youtube.com/watch?v=cEk6ehUAJRc
النشيد الوطني الجزائري
http://www.dailymotion.com/video/x60wsd_%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B7%D9%86%D9%8A-%D9%8A%D8%AF%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D9%8A_shortfilms
النشيد الوطني العراقي
منذ تأسيس دولة العراق الحديث عام 1921 م ومع كل تغيير رئيسي في نظام الحكم، كان النشيد الوطني العراقي بدوره يخضع للتغيير. ومع تعاقب الأنظمة المختلفة تعاقب على العراق خمسة اناشيد وطنية في خلال فترة اقل من قرن واحد.
النشيد الملكي 1921-1958 موسيقى بلا كلمات
النشيد الجمهوري الاول1958-1963 موسيقى بلا كلمات
النشيد الجمهوري الثاني 1963-1981نشيد والله زمن ياسلاحي
النشيد الجمهوري الرابع1981-2003 نشيدارض الرافدين
النشيد الجمهوري2003-000 نشيد موطني
لم يتفق العراقيون رغم مرور عشر سنوات على سقوط النظام السابق على علم ونشيد جديدين، لان كل شيء خاضع للمساجلات والمناكفات والجدالات والصراعات وغيرها من افعال القسر والاجبار..
العراق لازال يعزف نشيد (موطني) الذي اختارته صحيفة التليجراف الانجليزية من ضمن اسوأ(10) أناشيد وطنية علي الإطلاق من بين أناشيد الـ( 205) دولة التي شاركت في أولمبياد لندن 2012 وشملت القائمة النشيدين الوطنيين الجزائري والعراقي. الأسوأ استماعاً أثناء عزفها خلال حفل افتتاح الدورة.
وصنفت الصحيفة نشيد الجزائر الوطني الذي كتبه الشّاعر مفدي زكريا في المركز الرابع، إذ وصفت النشيد بـ"العدائي" في إشارة إلى دولة فرنسا، فضلاً عن تمجيده للمدافع الرشاشة والبارود.
نحن جند في سبيل الـحق ثرنا ** وإلى استقلالنا بالحرب قمنا
لم يكن يصغى لنا لـما نطقنا ** فاتــخذنا رنة البارود وزنا
وعزفنا نغمة الرشاش لحنا ** وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر
وحل النشيد الوطني العراقي "أنشودة موطني" الذي كتبه الفلسطيني إبراهيم طوقان عام (1934) ولحّنه الموسيقار اللبناني محمد فليفل والذي تم اعتماده بعد الغزو
الأميركي للعراق عام 2003 بالمركز السابع، لما يذكر الناس بمآسي الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وفيه خيلاء وتعالي و"يصدر رسالة خطيرة"، على حد تعبيرها.
الشبابُ لنْ يكِلَّ هَمُّهُ أنْ تستَقِـلَّ أو يَبيدْ
نَستقي منَ الـرَّدَى ولنْ نكونَ للعِــدَى
كالعَبيدْ كالعَبيدْ
لا نُريدْ لا نُريدْ
ذُلَّـنَـا المُـؤَبَّـدا وعَيشَـنَا المُنَكَّـدا
ذُلَّـنَـا المُـؤَبَّـدا وعَيشَـنَا المُنَكَّـدا
فقد نشر نوري المالكي صورة في حسابه على الفيسبوك بتاريخ : الأربعاء 30-10-2013 يقول فيها:
هل عرفتم لماذا (خابصين انفسنا ) لاجل تحرير فلسطين حتى نخلصها من اليهود ونسلمها الى الوهابية؟ وهل عرفتم لماذا نحن الدولة الوحيدة بالعالم التي يتوحد نشيدها الوطني مع نشيد فلسطين .؟ لان الكاتب لهما واحد في وقت لايشك احد ان اعظم شعراء العرب عراقيون.
ان مشكلة النشيد الوطني في دول متعددة الاثنيات والقوميات، تم حلها في ست دول تتشابه مع الحالة العراقية، حالة التعدد الاثني والقومي، وهذه الدول هي (كندا – جنوب افريقيا – بلجيكا – سويسرا – ايرلندا – نيوزيلندا)..
بالعودة الى سجلات التاريخ العراقية حول هذا الموضوع، هناك حادثة يمكن ان تكون الحل الامثل لموضوع النشيد الوطني العراقي المختلف عليه، وهو حل من المؤكد ان الجميع سيتفق عليه بعيدا عن الشعارات والمزايدات حول السيادة الوطنية او المكانة او غيرها، فلا شيء من ذلك في العراق الحالي.
الحادثة وقعت في سنة 1936 اي قبيل وقوع الحرب العالمية الثانية، وفي العاصمة الالمانية برلين ومفادها: ان الوفد العراقي المشارك في مهرجان الكشافة العالمي المنعقد هناك، حيث تم اختيار اعضائه من قبل الملك غازي، لكونه كان في فتوته من الكشافة العراقية ببغداد وقت تم اختيار الاعضاء؛ وكان يراسهم الفنان التشكيلي حافظ الدروبي.
وعند وصول الوفد العراقي مع الوفود العالمية المشاركة الى مدينة برلين الالمانية وفي اكبر ملاعب كرة القدم الالمانية حيث جرى حفل الافتتاح وبحضور المستشار الالماني انذاك، هتلر. حيث بدأت الفرق تتقدم وتصل الى المنصة لتقوم بتأدية النشيد الوطني الخاص ببلدانها، حيث يقف هتـــــلر محيياً لهم. عندها لاحظ الفريق العراقي هذه المشكلة لكونه لم يكن يعرف ما هو النشيد الوطني ولم يكن للعراق نشيدا وطنيا بعد، عندها بدا الارتباك واضحا على اعضاء الفريق العراقي وهنا جاء دور الفنان التشكيلي العراقي حافظ الدروبي حيث قال لهم اطمئنوا باني سأقوم باداء النشيد الوطني وما عليكم الا ان تقوموا بالرد بعدي بكلمة (بلي). لم يصدق اعضاء الفريق ما طرح عليهم الا انهم وافقوا على الامر.
وبعد مرور الفريق العراقي امام المنصة وامام استعداد هتلر لسماع النشيد الوطني العراقي.
وبالفعل بدا حافظ الدروبي بالإنشاد:
((بلي.. يبلبول))... ويردد الاخرين ((بلي))
((ما شفت عصفور))... ((بلي))
((ينكر بالطاسة))... ((بلي))
((حليب وياسة))... ((بلي))
وهكذا الى نهاية الانشودة... وعندها انتهى الامر بسلام. لكن والاغرب من ذلك كله، ان الجمهور الالماني الذي كان يملأ المدرجات، او الحاضرون في منصة التحية بما فيهم هتلر نفسه... قد تفاعلوا في الامر وازداد حماسهم واخذوا يرددون ((بلي)) مع الفريق العراقي. وتمايل الحاضرون طربا واخذ صوت الجمهور الذي كان يغص به الملعب، يطغي على صوت العراقيين الذين شدهم نشيد ((بلي)).. وهكذا تخلص العراقيون من الاحراج ومر الامر بسلام..
و(بلي يبلبول بلي) اغنية شهيرة للاطفال في الموروث الشعبي العراقي.
بلي يا بلبول
(*)-عبان رمضان (1920-1957) هو ناشط سياسي وقائد ثوري جزائري كان له دور رئيسي في تنظيم الكفاح المسلح في الثورة الجزائرية من أجل استقلال الجزائر. ولد في قرية عزوزة أحد قرى بلدية الأربعاء نايث إيراثن وتم إغتياله سنة 1957 بالمغرب، يعتبر اليوم من أبرز قادة ثورة التحرير الجزائرية ويسمى الزعيم الأكثر سياسية في جبهة التحرير الوطني، ويطلق عليه أيضا لقب مهندس الثورة.
عرف عن عبان رمضان توحيده لجبهة التحرير الوطني الجزائرية مع جميع الفصائل السياسية من أجل محاربة الاستعمار وطرده من الجزائر،
(**)-مفدي زكريا(1908-1977) شاعر الثورة الجزائرية ومؤلف النشيد الوطني الجزائري.
هو الشيخ زكرياء بن سليمان بن يحيى ولدعام 1908م، ببني يزقن، أحد القصور السبع لوادي مزاب، بغرداية، في جنوب الجزائر،لقبه زميل البعثة الميزابية والدراسة الفرقد سليمان بوجناح بـ: "مفدي"، فأصبح لقبه الأدبي مفدي زكريا الذي اشتهر به ، انضم إلى صفوف العمل السياسي والوطني منذ أوائل الثلاثينات. كان مناضلاً نشيطاً في صفوف جمعية طلبة شمال إفريقيا المسلمين. ولما قامت الثورة إنضم إليها بفكره وقلمه فكان شاعر الثورة الذي يردد أنشيدها وعضوا في جبهة التحرير مما جعل فرنسا تزج به في السجن مرات متوالية ثم فر منه سنة 1959 فأرسلته الجبهة خارج الحدود فجال في العالم العربي .وافته المنية بتونس سنة 1977 ونقل جثمانه إلى مسقط رأسه فكان هو شاعر الثورة.
.واكب شعره بحماسة الواقع الجزائري، بل الواقع في المغرب العربي في كل مراحل الكفاح منذ سنة 1925م حتى سنة 1977م داعياً إلى الوحدة بين أقطارها.وهو شاعر ملتزم
(***)- محمد فوزي (15أغسطس1918-20أكتوبر1966)، مغني وملحن مصري.
1632 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع