
سعد السامرائي
العاصمة مكران' الأبعاد الجيوسياسية والرسائل الخفية ٢-٢
بعد تفنيدنا بمقالنا السابق ادعاءات “الجفاف” في طهران، يبرز سؤال محوري: لماذا تروّج إيران لفكرة نقل العاصمة إلى منطقة مكران؟
الجواب برأينا لا يرتبط بالبيئة، بل بالسياسة والجغرافيا القومية والأمن البحري.
أولًا: مكران… المكان الخطأ بيئيًا والصحيح جيوسياسيًا
تقع مكران على بحر عُمان بين بلوشستان الإيرانية والباكستانية. سكانها من البلوش السنة، وهي منطقة قليلة السكان، جافة، شديدة الحرارة، ذات نشاط زلزالي عالٍ.
خصائصها:
سواحل ضيقة يتبعها جبل جاف.
أمطار شحيحة وسيول موسمية خطرة.
تربة فقيرة للزراعة.
هشاشة عمرانية وأمنية.
نشاط زلزالي ملحوظ.
بيئة غير ملائمة تمامًا لمدينة عاصمة.
إذا كان الهدف بيئيًا، فإن سواحل بحر قزوين (رشت وساري) أو مدن مثل أصفهان أفضل آلاف المرات من مكران.
ثانيا … لماذا مكران تحديدًا
السبب الحقيقي لا يكمن كما مطروح حاليا من وجود تسرب نووي نتيجة الضربات الامريكية لانه لو كان كذلك لاستغلت ايران هذا الحدث وعملت ضجة اعلامية واشتكت عند الامم المتحدة وطالبت بتعويضات …من وجهة نظرنا والمقال مكتوب من عشرة ايام مضت لكن ننشره الآن وفق ترتيبات النشر بمجلة الكاردينا التي نحترمها وارائها' اذن هي منفذ على المحيط وتجاور مضيق هرمز
موقع مكران على بحر عُمان يمنح إيران:
1. وصولًا مباشرًا للمحيط الهندي.
2. تخفيض اعتمادها على الخليج العربي ومضيق هرمز المهدّد دائمًا.
3. إمكان تطوير ميناء چابهار ليصبح مركزًا موازيًا للممرات البحرية العالمية.
4. تعزيز القوة البحرية بعيدًا عن الخليج العربي الخاضع للرقابة الدولية.
هذه اعتبارات جيوستراتيجية من الطراز الأول، ولا علاقة لها بالفيضانات أو المياه او تسرب اشعاعي
ثالثًا: ارتباط القرار بملف الأحواز والقوميات
الأحواز ذات أهمية قصوى لإيران:
فغالبية نفط وغاز إيران فيها.
لهاموقع استراتيجي على الخليج .
سكان عرب لديهم حركة استقلالية تاريخية.
تعمل إيران منذ عقود على “تفريس” المنطقة بما أمكن.
وبذلك فسيكون مركز القرار وسط هذه الحركات
بنقل العاصمة إلى مكران، تمنح إيران نفسها:
1. مرونة استراتيجية في حال احتدام الوضع في الأحواز أو تصاعد مطالب الاستقلال.
2. تأسيس مركز ثقل جديد بعيدًا عن القوميات العربية والبلوشية.
3. تقليل حساسية فقدان أي إقليم ساحلي في الخليج.
لا توجد تصريحات رسمية تربط القرار بالأحواز… لكن الحسابات الجيوسياسية واضحة.
رابعًا: كيف يؤثر ذلك على مستقبل القوميات؟
من منظور استراتيجي:
نقل العاصمة لو حدث سيكون ضد العرب والبلوش تحديدًا.
سيمنح إيران قدرة على إدارة الدولة من موقع محصّن بحريًا وأمنيًا.
سيخفف اعتمادها على مناطق حساسة كالأحواز وخوزستان.
سيوجه رسالة أن طهران ليست رهينة لأي إقليم ذي نزعة استقلالية.
الخلاصة النهائية
إنّ مشروع نقل العاصمة إلى مكران – إن تحقّق – لن يكون قرارًا بيئيًا ولا إداريًا، بل خطوة سياسية وجيوسياسية كبرى تهدف إلى:
تعزيز النفوذ الإيراني على بحر عُمان.
تأمين منفذ بحري استراتيجي بعيدًا عن هرمز.
تقليل تأثير أي حراك استقلالي عربي أو بلوشي.
إعادة تشكيل مركز الدولة بما يخدم الهيمنة الفارسية.
حكمة و درس بالغ الأهمية للحركات التحررية:
كل تأخير يمنح الخصم فرصة لإيجاد بدائل استراتيجية تُفشل مسار الاستقلال.
فهل انتم واعون ؟!

911 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع