بدري نوئيل يوسف
المسؤول والفندق… قصة حب على حساب الغرفة
بقلم: مواطن يبحث عن الحقيقة
مقدمة:
المسؤول والشمّاعة الفندقية: قصة حب لا تُنسى!
في عالم السياسة، حيث تُناقش الميزانيات وتُعقد المؤتمرات، هناك نوع آخر من الاجتماعات السرية لقاء المسؤول مع منشفة الفندق.لا أحد يعلم متى بدأت هذه العلاقة، لكن المؤكد أن بعض المسؤولين لا يستطيعون مقاومة سحر الشامبو الصغير أو نعومة الروب الأبيض.
يدخل المسؤول جناحه الفاخر، يتفقد الأثاث، ثم يهمس للوسادة: أنتِ لي الليلة وربما للأبد. في صباح اليوم التالي، يختفي الصابون، وتغيب الشمّاعة، ويُعلن الفندق حالة الطوارئ. أما المسؤول، فيعود إلى وطنه منتصرًا، حاملاً غنائم مؤتمر التعاون الدولي.
يقال إن أحدهم بنى متحفًا صغيرًا في قبو منزله، يضم كنوزًا من فنادق خمس نجوم، نعال من جنيف، منشفة من دبي، ومعلقة شاي من بروكسل. كل قطعة تحمل قصة، وكل قصة تحمل بصمة التمثيل الرسمي.
فهل هي هواية؟ أم استراتيجية دبلوماسية؟ أم مجرد حب عميق للضيافة؟ لا أحد يعلم، لكننا نعلم شيئًا واحدًا، الفنادق ترتجف كلما اقترب وفد رسمي، وتُخبئ الشامبو في الخزنة.
قصة حب ابدية:
المسؤولون والحقائب في الفنادق قصة حب لا تنتهي، لكن ليس بالمعنى السياحي. فبعضهم يدخل بخطوات واثقة كأنه نجم في فيلم، ويخرج وكأنه بطل في مشهد استرداد الممتلكات العامة، لكن تجدهم يبررون ذلك وكأنهم مجاهدون في سبيل الاقتصاد الوطني ، هذه ليست سرقة، بل إعادة توظيف الموارد المهدرة! بينما حقيبة المدير العام للفندق تصرخ من الداخل: أنقذوني!. ولا تسأل عن البوفيه، فهو بالنسبة للبعض مشروع تموين شهري؛ يملأون الصحون بكميات تكفي قبيلة، ثم يعيدون تعبئتها في علب بلاستيكية جاهزة للسفر، حتى يصبح الفندق أشبه بمخزن مؤقت لثروات متنقلة.
الأكثر طرافة هي الثقة المفرطة، إذ يخرج المسؤول مبتسمًا وكأنه حقق إنجازًا دبلوماسيًا، متجاهلًا أن الكاميرات تُسجل كل لحظة، وأن الموظف الذي يودّعه يعرف عدد الملاعق الناقصة بالضبط. لكن، للأسف، في قاموس هؤلاء، الفندقة ليست خدمة، بل فرصة ذهبية لتحويل كل إقامة إلى عملية غزو وتحرير لمحتويات الغرفة.
سرقة المسؤولين من الفنادق: فن الاستيلاء على الهدايا التذكارية
في عالم السياسة والمسؤولية العامة، يُفترض أن يكون المسؤول قدوة في الأخلاق والنزاهة. لكن، دعونا نتحدث عن هواية سرية تُمارسها بعض النخب الإدارية في الخفاء، ألا وهي: الاستيلاء على تذكارات الفنادق. نعم، تلك الأشياء الصغيرة (وأحيانًا الكبيرة) التي تُغادر معها غرف الفنادق الفاخرة في حقائب المسؤولين، كأنها جوائز مشروعة من معركة البوفيه!
لماذا المسؤولون؟ ولماذا الفنادق؟
لنكن منصفين، ليس كل المسؤولين يسرقون. البعض يكتفي بـاقتراض الأغراض. لكن، لماذا الفنادق؟ لأنها بمثابة كنز مدفون! غرف مجهزة بمناشف ناعمة كالسحاب، وصابون فاخر يجعلك تشعر وكأنك تستحم في حديقة ورود، وميني بار يُغريك بزجاجات المياه الغازية التي تُكلف أكثر من راتب موظف مبتدئ. من يستطيع مقاومة هذا الإغراء؟ بالتأكيد ليس مسؤولًا يحمل حقيبة سفر بحجم خزانة ملابس!
قائمة المسروقات: من الصابون إلى الوسادة
دعونا نستعرض بعضًا من الهدايا التذكارية التي يفضلها المسؤولون:
المناشف: لأن لا شيء يقول أنا مسؤول مهم مثل منشفة مطرزة بشعار فندق خمس نجوم تُستخدم لاحقًا في تنظيف السيارة.
الصابون والشامبو: حجمها صغير، لكنها تُعبأ في الحقيبة بكميات تجارية، كأن المسؤول يخطط لافتتاح صيدلية.
الأقلام والدفاتر: لأن كتابة قرارات مصيرية على ورق فندقي يضفي عليها طابعًا من الفخامة.
الوسائد والمفروشات: نعم، بعض الجرأة تصل إلى حد محاولة تهريب وسادة أو حتى بطانية. كانت مريحة جدًا، كيف أتركها؟، هكذا يبررون.
المبررات: أنا أستحق هذا!
المسؤول الذي يُمسك متلبسًا لا يعترف بالسرقة، بل يقدم تبريرات تستحق جائزة في الإبداع:
المنشفة؟ أوه، ظننتها هدية ترحيبية!
الصابون؟ أردت أن أختبر جودته في المنزل لأقترح على الوزارة استيراده.
الوسادة؟ كانت عالقة في حقيبتي عن طريق الخطأ!
وكأن الفنادق تُدير برنامج خذ ما شئت بدلاً من تقديم خدمات الإقامة.
رد فعل الفنادق: بين الصمت والابتسام
الفنادق، من جانبها، تتعامل مع هذه الظاهرة بحنكة. بعضها يضيف تكلفة الأغراض المسروقة إلى الفاتورة بطريقة غير مباشرة، بينما البعض الآخر يكتفي بابتسامة ساخرة وإعادة تعبئة المخزون. هناك فنادق ذكية بدأت تُلصق ملصقات على المناشف تقول: إذا أخذت هذه، ستدفع ثمنها لاحقًا في الآخرة!
ماذا يقول المسئولين؟
يقولون إن بعض الناس يعودون من السفر بذكريات، بينما يعود بعض المسؤولين بذكريات ملموسة جدًا يمكن وزنها، وعدّها، وأحيانًا تركيبها في البيت ، فبينما يكتفي المواطن العادي بصورة أمام المسبح وعلبة صابون صغيرة، نجد بعض الشخصيات الوازنة تعود من الفندق وهي تحمل معها نصف الفندق من المناشف الفاخرة إلى الشباشب المطرزة، مرورًا بالملاعق الفضية وحتى في بعض الحالات الشجاعة اللوحات المعلقة على الجدا أحدهم قيل إنه عندما سُئل عند الخروج من الفندق سيدي، هل استخدمت شيئًا من الميني بار؟ أجاب بكل ثقة: لا، لكني استخدمت شيئًا من الميني غرفة.
هناك من يعتبرها تذكارات دبلوماسية، وآخرون يقولون إنها حق مكتسب ضمن تكلفة الإقامة، وثالث يبررها بأنها إجراء رمزي لدعم السياحة المحلية لأن الفنادق بعد ذلك تضطر لتجديد الأثاث بالكامل! مكتوب عليها شعار الفندق. يبدو أن القضية ليست في القيمة المادية، بل في نشوة الإنجاز، شعور بالفخر عند تعليق روب الاستحمام في الحمّام المنزلي، والنظر إليه بفخر قائلاً:
هذا من رحلتي الرسمية إلى جنيف أو بالأحرى من جناحي الرئاسي هناك. الفنادق، من جهتها، أصبحت تتعامل مع الظاهرة بذكاء؛ فصارت تكتب على الأشياء:عزيزي النزيل، يمكنك أخذ الصابون، لكن من فضلك اترك الحائط مكانه.
خاتمة: تذكار أم فضيحة؟
في النهاية، قد تكون هذه التذكارات مجرد أشياء صغيرة، لكنها تعكس شيئًا أكبر، ثقافة الاستحقاق التي يعيشها بعض المسؤولين. ربما حان الوقت لتذكيرهم أن النزاهة ليست مجرد شعار يُرفع في المؤتمرات، بل ممارسة يومية تبدأ من عدم أخذ صابون الفندق! أما بالنسبة لنا، فلنضحك قليلاً على هذه العادة السخيفة، ونتمنى أن يترك المسؤولون شيئًا للنزلاء الآخرين على الأقل منشفة واحدة!
خلاصة ساخرة
ربما آن الأوان لإدخال مادة جديدة في المناهج الرسمية فن النزاهة في زمن الشامبو المجاني حتى يتعلم المسؤول أن الكرامة الحقيقية لا تُقاس بعدد الوسائد التي حملها معه من فندق خمس نجوم.
959 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع