أن نكون مضافاً إليه!

عائشة سلطان

أن نكون مضافاً إليه!

في طفولتنا، عندما كنا نحضر احتفالات الزواج في بيوت الحي، كان أحد طقوس تلك الاحتفالات عرض (زهاب أو زهبة العروس أمام المدعوين)، كان هناك نساء مختصات في هذا الأمر، الطواف في أنحاء الحي، أو على المدعوين، وفتح الصناديق التي تحوي ما قدمه العريس، من ملابس وذهب وعطور وغير ذلك، كانت هناك امرأة ترفع يدها عالياً بالحاجيات، وتمررها أمام جميع الأعين.

عرض هدايا يوم الزفاف، مناسبة لم يكن يفوّتها أحد، فهي تحمل الكثير من المعاني والالتفاتات، حيث تشكل مجموعة الهدايا المقدمة، دليلاً عملياً على مكانة العريس وأهله، ومقياساً على كرم العريس وذوقه، ومدى تقديره وأهله للعروس وأهلها، كان تسمية قطع الملابس يتم دون حرج، أنواع الأقمشة وأجزاء الملابس، الأثواب والشيل والـ... إلخ، وما كانوا يتحرجون من ذكره، يطلقون عليه اسماً رمزياً لا يذكر القطعة بصريح العبارة! وعادة ما يحدث هذا العرض في نفس يوم الحناء، حسب ما تحفظه ذاكرة الطفولة!
التباهي إذن، واستعراض المكانة، والتدليل على مدى مكانة العريس وأهله وغناهم، ومدى نفوذ العروس ومكانتها، يظهر في طقس الاستعراض ذلك، ولم يكن أحد ينتقده أو يهاجمه أو يجد عليه شيئاً في نفسه، لقد كان هناك سبب وجيه وطبيعي، كان للسلوك منطق مقبول وفلسفة، وهذا ما يجعلني أتوقف طويلاً عند مشهد الفتيات اللاتي يقمن باستعراض ممتلكاتهن الشخصية في صور الإنستغرام والتيك توك والسناب شات، هذا السلوك الذي لم أجد له تفسيراً منطقياً، أو حتى فلسفياً مقبولاً، أن تقف امرأة أم لفتيات متزوجات ربما، وبناتها، يستعرضن أمام الكاميرا ماركات قمصانهن وحقائبهن والأكسسوارات التي يرتدينها، الخواتم والساعة وكوب الماتشا، وكيس التسوق من محلات...
هذا السلوك دليل أزمة، مشكلة ما، نقص أو عقدة متغلغلة في الذات، فهؤلاء لا يكتملن ولا يتحققن، ولا يعلن عن مكانتهن أمام الناس، إلا بتحولهن لمضاف إليه، مترافق مع منتجات عالمية، متمثلة في: الحقيبة، والنظارة، والساعة، والحذاء، أريد أن أعرف منذ متى بدأ هذا المرض يجتاح مجتمعاتنا؟ متى على سبيل التحديد؟.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1136 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع