عمرها ٢٠ ألف عام.. ماذا وجد العلماء داخل كهف فرنسي؟

التفاصيل

تم إنشاءه بتاريخ الإثنين, 22 كانون1/ديسمبر 2025 15:21

البيان:عثر مجموعة من العلماء الفرنسيين على اكتشاف غير مسبوق في كهف صغير جنوب باريس، قد يغيّر فهمنا لقدرات البشر الأوائل على الإدراك والتخطيط المكاني.

الكهف، المعروف باسم «سيغونول 3»، يحتوي على أرضية منحوتة في الحجر منذ حوالي 20 ألف عام، ويعتقد الباحثون أنها أقدم خريطة ثلاثية الأبعاد تم إنشاؤها بواسطة الإنسان، قادرة على التفاعل مع الماء بشكل مذهل، وفقا لما نشره موقع ديلي جالكسي.

تُظهر النقوش على الأرضية ما يُعتقد أنه وادٍ مصغّر محلي، مع أنهاره المتدفقة وتلاله المستديرة وبركه الشبيهة بالأحواض.

ويؤكد الباحثان في الجيولوجيا ميدار ثيري وأنتوني ميلنز أن هذه المنحوتات لم تكن مجرد زخارف عشوائية، بل تشكل نموذجا دقيقا لعلاقة الأرض بالماء، حيث تتسرب مياه الأمطار إلى القنوات المحفورة لتتجمع في أحواض مختارة بعناية، بما فيها خزان صغير أُعمق يدويا لتوجيه المياه عبر أرضية الكهف.

ويشير العلماء إلى أن هذه النقوش تتطابق بشكل واضح مع تضاريس وادي نهر "إيكول" القريب، بما في ذلك مواقع الروافد، البرك، التلال، والأخاديد، وعلى الرغم من أن النموذج لا يمثل التضاريس بنسبة دقيقة، فإنه يعكس العلاقات المكانية بين العناصر الطبيعية بطريقة مبتكرة وغير مسبوقة في تلك الحقبة.

وليس الماء والتضاريس وحدهما ما يميز هذا الكهف، على أحد الجدران المائلة، عثر الباحثون على نقوش لحصانين محاطين بمثلث يضم أخاديد توحي بوجود حوض وشكل جسد أنثوي، حيث تمر قناة مركزية بالماء.

ويعتقد العلماء أن تدفق الماء عبر هذا الشكل قد يرمز إلى الخصوبة أو التغيرات الموسمية، أو ربما كان له معنى آخر، إلا أن دقة النقش ومكانه يشيران إلى قصد واضح لدى صانعيه.

وبحسب الدراسة المنشورة في Oxford Journal of Archaeology، فإن رسم شبكة مائية بهذه الدقة يتطلب قدرة على التفكير التجريدي لم تكن تُنسب عادة إلى البشر في العصر الحجري القديم.

وقد اعتبرت هذه النقوش أكثر من مجرد خرائط صيد أو تخطيطات مخيمات، فهي محاولة لتمثيل التضاريس الطبيعية الكاملة، بما في ذلك عناصر الماء، الأرض، والتضاريس المحيطة.

ويؤكد الباحثان ثيري وميلنز على ضرورة توخي الحذر عند تفسير نقوش ما قبل التاريخ، لكنهما يضيفان أن الأرضية المنحوتة قد تكون واحدة من أقدم التعبيرات المادية عن كيفية فهم الإنسان المبكر لعالمه وإعادة تصويره بشكل مبتكر.

هذا الاكتشاف يفتح آفاقا جديدة لدراسة القدرات الإدراكية والمعرفية للبشر في عصور ما قبل التاريخ، ويضيف بعدا جديدا لفهم العلاقة بين الإنسان والطبيعة منذ آلاف السنين، حيث لم تكن الخرائط مجرد أدوات للتنقل، بل تعبيرا عن فهم شامل للبيئة المحيطة والحياة اليومية.