وثيقة الشرف الوطني تبحث عن شرفاء

                                       

                          د.مؤيد عبد الستار

يقود السيد نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي حملة من اجل التوقيع على وثيقة الشرف الوطني ومبادرة السلم الاجتماعي في العراق . والحديث يدور خافتا بين القوى السياسية العراقية حول توقيع الوثيقة في الوقت الذي اعلنت فيه القائمة العراقية انها غير معنية بها.

ان الدعوة لتوقيع اية وثيقة- سواء أكانت وثيقة شرف او غيره - يجب ان تكون موجهة لمن هو بحاجة للتوقيع عليها كي يلتزم بها وتحقق له فوائد ومنافع سياسية او اقتصادية او اجتماعية ، وفي حالة وثيقة الخزاعي المعروضة للتوقيع نجد ان اكبر قائمة منافسة سياسيا لتحالف الخزاعي رفضت الاعتراف بها واعلنت انها غير معنية بها – تصريح السيدة ميسون الدملوجي - وهو تصريح ترجمته بالعراقي الفصيح : لينقعها التحالف الوطني ويشرب ماءها .

بقيت لدينا القوى السياسية الاخرى المدعوة الى التوقيع على هذه الوثيقة ، وعلى هذا الاساس قصد السيد الخزاعي ووفد التحالف الوطني اربيل ليلتقي رئيس اقليم كوردستان ويبحث معه هذه الوثيقة حسبما ورد في بيان لمكتب الخزاعي تلقت وكالة ( الفرات نيوز ) نسخة منه يوم الاربعاء الماضي ونشر الخبر مع صورة الخزاعي ووفده المرافق في ضيافة السيد مسعود البرزاني .

وبسبب العلاقات التي تربط الاقليم بالمركز المقررة بالدستور، لا اظن ان مثل هذه الوثيقة تحمل جديدا للكورد كي يبحثوا امرها او يوقعوا عليها ، فان القوانين والاتفاقات والمعاهدات بين المركز والاقليم كافية ووافية لسير العملية السياسية بين الطرفين بشكل طبيعي لو تم الالتزام بها وتنفيذها ، وافضل مثال على ذلك المادة 140 التي ظلت تراوح مكانها طوال السنوات الماضية حتى اصبحت مادة مخللة مثل طرشي النجف ، او قانون النفط والغاز الذي اصبح عقدة غير قابلة للحل وهو اهم قانون باستطاعته ارساء اسس علاقة واضحة المعالم في سياسة البلد النفطية والتي اصبح للاقليم فيها دورا بارزا في انتاج نفطه وتصديره واستثماره.

الجهات الاخرى المدعوة للتوقيع على الوثيقة هي القوى والجماعات والمنظمات التي لاتؤمن بالعملية السياسية وتحارب بالمفخخات والاسلحة الكاتمة والعبوات الناسفة والاعتصامات المستمرة منذ اشهر والتهديد باحتلال بغداد ، ومن يطلق عليهم الارهابيون احيانا والتكفيريون احيانا اخرى ...مع انهم يرفعون شعار لا اله الله محمد رسول الله ويقتلون وينحرون تحت هذه الراية الاسلامية حصرا .

ان توقيع القوى الارهابية والتكفيرية على وثيقة الشرف رغبة لا يمكن لها ان تتحقق ، وان تحققت فبشروطهم لا بشروط الخزاعي ، واسهل تلك الشروط هو خروج الصفويين من بغداد واعادتها الى اهلها ، والجميع يعرف ان الخزاعي وقائمته اول المشمولين بهذا الشرط !!!

المسألة الاخرى التي توضح استحالة توقيع هذه الوثيقة ، هو الحاجة الى تعريف الشرف الوارد بعنوان الوثيقة ، لانه غير معرف في الوثيقة المنشورة ، فان اي مصطلح يرد عنوانا في وثيقة يجب ان يعرف

قانونيا لكي يعرف الموقعون على الوثيقة مغزاه وابعاده ويجب ان يكون التوضيح دقيقا لكي لا تحدث خروقات او سوء فهم لدى الموقع ، فعلى سبيل المثال هل الشرف الوارد في العنوان هو الشرف الجنسي ؟ بمعنى ان يكون الموقع ملتزما بعدم ممارسة البغاء او الزنى او الجنس خارج قوانين الشريعة والتقاليد ، التي اكدت منظمات حقوق الانسان ، ومنها وزارة حقوق الانسان العراقية ايضا ، على التسامح بشأنها ، وتجاهل لب الوصايا العشرة ، الوصية المعروفة لا تزني ، دع عنك ان اثبات الزنى في الاسلام من اصعب الامور لانه بحاجة الى اربعة شهود يرون الميل في المكحلة !!!

بيد انه من اسهل الامور على الموقعين جلب وثيقة من المختار او من سوق مريدي تثبت انهم شرفاء ، او جلب وثيقة من وزارة الداخلية التي تمنح الشهادة المعروفة : شهادة عدم المحكومية ، على اساس ان المحكومية يمكن ان تكون لسبب اخلاقي وليس لسبب سياسي فقط .

اما اذا كانت تعني الشرف الاقتصادي ، على سبيل المثال ان لايكون المدعو لتوقيع الوثيقة قد سرق مالا او حلالا ، فتلك كارثة كبرى لان هيئة النزاهة لديها الاف الوثائق تثبت سرقة المال العام من قبل اساطين السياسة و الحكومة ، واعضاء في البرلمان وقادة في الاحزاب واعضاء في المنظمات المختلفة ، ووزراء في الوزارات المعروفة وموظفين في البنوك الاهلية بل حتى في البنك المركزي ابعدكم الله عن المراكز بانواعها وعلى رأسها مراكز الشرطة .

فكيف سيوقعون على وثيقة الشرف وهم لا يعلمون هل هم من قصدهم عنوان وثيقة الشرف ام غيرهم ؟! لذلك وجب الايضاح .

اما اذا كان الشرف المقصود هو الشرف الاجتماعي مثل عدم الكذب او عدم نقض العهود او الالتزام والوفاء في القول والعمل فتلك ايضا طامة كبرى ، لان اغلب السياسيين لدينا يكذبون على طول الخط ، فلا نعرف لهم قولا صادقا ، اما رجال الحكومة ونسائها فحدث ولا حرج ، لا تجد عشر اعشارهم يصدقون ما عاهدوا الشعب عليه يوم اقسموا حين استلموا مقاليد الحكم بانهم سيكونون خدما لشعبهم وامتهم باخلاص ، لذلك تجد الرشوة متفشية بينهم والكذب قائم على قدم وساق والتسويف في اجراء معاملات المواطنين التي تجري على هدي السلحفاة لا علي هدي القوانين المعروفة ، فكيف بمن لا ينطبق عليه ما ورد في عنوان وثيقة الشرف يوقع عليها ؟!!

الفئة الاخيرة التي ربما تستطيع التوقيع على وثيقة شرف الخزاعي هي فئة الفنانين والكتاب والمثقفين واساتذة الجامعات والاطباء والمهندسين والعلماء والكفاءات الوطنية واشباههم ...

وهؤلاء جميعا لا ناقة لهم ولا جمل في توقيع مثل هذه الوثيقة لانهم لا في العير ولا في النفير والله على ما اقول شهيد .

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1117 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع