بقلم أحمد فخري
قصة قصيرة طاقم الطب الشرعي - الجزء الاول
قصتنا هذا اليوم تبدأ بحفل تخرج داخل الحرم الجامعي بمدينة دبلن عاصمة جمهورية ايرلندا عام 2019.
وقف عميد كلية الطب السيد مرفي امام جمع غفير من الطلاب يقرأ عليهم قائمة باسماء الناجحين الحائزين على شهادات التخرج. بدأ بكلية الطب العام اولاً وراح ينادي اسمائهم الواحد تلو الآخر فصاروا يتوالون بالصعود على المنبر يستلمون شهاداتهم. ولما فرغ من القائمة برمتها بادر بقراءة الاسماء من فرع الطب الشرعي المرضي. كان شون واقفاً مع زملائه يترقب نتيجته ونسبة الادرينالين تتصاعد بداخل بدنه مع كل كلمة ينطقها العميد بالرغم من انه يعلم يقيناً ان النجاح حليفه الا انه لا يعلم إن كان ترتيبه من الاوائل او انه سيكون مجرد نجاحاً متواضعاً، فقد قضى الليالي الطوال يسهر على التحضير لذلك الامتحان الاخير والفاصل الذي سيحدد مستقبله ويقرر إن كان اهلاً لحمل لقب مكنزي وهو اللقب الذي ورثه عن والده. فجميع افراد عائلة مكنزي لم يحملوا اي القاب او شهادات تذكر لانهم كانوا يعملون بالزراعة وهم من الطبقة الوسطى الا انها عائلة عريقة ترجع لمئات السنين. كان يأمل ان يجعل والده فخوراً به لكنه توفى شهرين فقط قبل خروج نتائج الامتحانات. بكل الاحوال، كان شون متيقناً ان اباه الآن يقف بين الملائكة ينظر اليه بكل فخر واعتزاز يستمتع بما انجزه شون اليوم ويقول، "هذا هو ولدي، لقد تخرج من الجامعة واصبح طبيباً شرعياً". فجأة سمع صوت العميد ينادي اسمه فيقول، "السيد شون مكنزي الاول على مجموعته، فليتفضل هنا ويستلم شهادته". كانت الفرحة عارمة استحوذت على قلبه بشكل لا يمكن تصديقه. نظر الى زملائه وهم يحيوه ويطبطبون على كتفه، ابتسم وقال لهم، "شكراً لكم يا رفاق، دعوني لا اجعل العميد ينتظر اكثر فقد يمنح شهادتي لتلميذ آخر". ضحك رفاقه على قول زميلهم. تسلق شون الدرجات السبع وسار على خشبة المسرح كي يتسلم شهادته التي طالما حلم بالامساك بها لكن العميد لم يعطه الشهاد على الاثر بل نظر الى الجمهور واعلن، "اشعر بالفخر والاعتزاز ان اصافح يد افضل تلميذ هنا، فقد حاز على اعلى تقدير في جامعة دبلن منذ تأسيسها. ضعوا ايديكم سوياً وحيوا زميلكم شون بحرارة". مد العميد يده اليمنى ليصافح بها شون وباليد اليسرى سلمه لفافة ورقية بيضاء مربوطة بشريط قرمزي يتدلى منها نهايتي الشريط. امسكها شون ورفعها للاعلى وهو يستدير برأسه وينظر الى زملائه فكان التصفيق والصراخ عالياً يصم الآذان. بذلك اليوم لم تكن للدروس والمطالعة معنىً لدى الطلاب، فقد انتهوا منها الى الابد. قرروا اقامة احتفال في احدى الحانات المنتشرة بالعاصمة. اجتمعوا مبكراً بداخل الحانة يهيؤون المفاجئة لزميلهم شون. ولما دخل من الباب صاروا يرفعون كؤوسهم عالياً متمنين له بحياة ملؤها النجاح ووفرة المال. بعد ان شربت المجموعة بالكامل وانتهى الاحتفال، خرج شون منتشياً متأرجحاً بالكاد يقوى على السير بخط مستقيم. رجع الى غرفته الكائنة بمجمع الطلبة في حرم الجامعة لينظر الى رَحلَته التي جلس خلفها وقضى ساعات طوال يقرأ في كتاب (التحقيق طبي القانوني في الوفاة) ويدون ملاحظاته ويبحث في المصادر. فلو كان للرَحلة لسان لطالبته بجزء من شهادته الرفيعة التي حصل عليها اليوم. ذهب الى سريره الوثير ورمى بنفسه عليه كي يغرق على الفور في نوم تملأه الغبظة والسعادة والامل بمستقبلٍ مشرق باهر. لم يستيقظ من غفوته كالعادة حتى بزغت الشمس التي كانت نادرة ما تزورهم بوطنه ايرلندا. صارت تداعب وجنته فاقنع نفسه بضرورة النهوض لانه يبغي الذهاب الى المكتبة العامة ويزاول مهمته التي بدأها منذ نهاية الامتحانات الا وهي البحث عن عمل على الانترنيت. دخل المكتبة حاملاً حقيبته الجلدية الرقيقة المليئة بالاوراق والشهادات والعناوين واسماء الشركات. اتخذ من احدى الحواسيب رفيقاً وراح يدخل على كل المواقع التي جمعها وبدأ العمل عليها. كان يبحث بشكل منهجي منسق حتى لا تفوته جهة واحدة فيفقد فرصة العمر كما كان يسميها. استغرقت تلك المهمة اكثر من سبع ساعات حتى اعياه الجلوس وبدأ يشعر بان ظهره صار يعترض على الانحناء وهو جالس على ذلك الكرسي البلاستيكي اللعين. وقف منتصباً ولملم اوراقه المبعثرة في كل مكان ليرتبها ويضعها بالحقيبة ثانياً. سار نحو الباب الخارجي للمكتبة فدخل احدى المطاعم الشعبية القريبة ليتناول وجبة الغداء. مكث بالمطعم نصف ساعة فقط ثم عاد المكتبة ليزاول الجولة الثانية من البحث المكثف عن العمل. في ذلك اليوم حرر ما يقرب من 125 رسالة الكترونية مرفقة مع سيرته الذاتية ونسخة من شهادته التي حصل عليها للتو. بالمساء غادر المكتبة في امل ان يلقى ردوداً ايجابية عندما يعود اليها ثانية باليوم التالي. دخل غرفته وجلس على السرير فسمع طرقاً على الباب. اذن للطارق ليرى مشرف السكن السيد شيماس يدخل ويقول،
شيماس : كيف حالك يا شون؟ سمعت انك تفوقت على جميع زملائك بالدراسة، هل هذا صحيح؟
شون : اجل يا شيماس استلمنا النتائج بالامس واليوم صبيت كل طاقاتي في المكتبة كي ابحث عن عمل.
شيماس : انت تعلم انك ملزمٌ بتسليم غرفتك في اقرب وقت ممكن لانك لم تعد تلميذاً هنا.
شون : اجل اعلم ذلك ولكن ارجو ان تمنحني بعض الوقت حتى اجد مسكناً بديلاً.
شيماس : القوانين صريحة وصارمة يا شون والادارة تريد صيانة الغرف استعداداً لاستقبال الطلبة الجدد الذي سيبدأ تهافتهم علينا خلال بضع اسابيع. لقد اخبرتني السيدة ماري ان كل طابقكم هذا عليه ان يكون خالياً قبل يوم الخميس.
شون : لكن اليوم هو الثلاثاء. فكيف لي ان اجد سكناً بديلاً في خلال يومين؟
شيماس : لا اعلم ذلك وانا اتعاطف معك بشكل كبير لكنني اطبّق الاوامر وحسب يا صديقي. كان الاجدر بك ان تبحث عن مأوى بدلاً من العمل لانك ستجد نفسك في الشارع قريباً.
شون : حسناً ساقوم بالبحث مجدداً وساغادر يوم الخميس.
شيماس : استسمحك عذراً يا شون فانا انفذ الاوامر فقط. الامر ليس بيدي.
شون : اجل اعرف ذلك. لا عليك يا رجل.
خرج شيماس من غرفة شون واغلق الباب ورائه. اخرج شون هاتفه النقال الصغير واتصل بعمته بريج فسمع رنين هاتفها، اجابت قائلة،
بريج : شون حبيبي، هل خرجت النتائج؟
شون : اجل يا عمتي لقد حزت على المرتبة الاولى وتفوقت على جميع زملائي.
بريج : انا فخورة بك حبيبي. متى ستأتي لزيارتي؟
شون : بالحقيقة هذا هو سبب المكالمة. فادارة المجمع السكني طلبوا مني مغادرة غرفتي باسرع وقت ممكن وانا افكر ان اتي لاقضي بضعة ايام ببيتك حتى اجد سكناً مناسباً. هل هذا امر يناسبكِ؟
بريج : انت تعلم كم احبك يا شون وان بيتي هو بيتك يا حبيبي، بامكانك ان تأتي متى ما شئت وتبقى بشكل دائم إن احببت فهذا سيسعدني كثيراً.
شون : شكراً لكِ عمتي الحبيبة. اعدك بان اقامتي عندك سوف لن تطول. سانتقل فور حصولي على سكن خاص بي.
بريج : إذاً تعال اليوم وسأعد لك اكلتك المفضلة. الدجاج بالبطاطة في الفرن.
شون : اكاد لا اصدق. انا ساخرج بعد قليل.
قضى معضم ذلك اليوم في لملمة باقي كتبه وملابسه ليضعها بحقيبته التي اعطاها اليه المرحوم والده بآخر لقاء لهما وبآخر النهار سار نحو مكتب شيماس ليخبره انه حصل لنفسه على مأوى ببيت عمته وانه سيسلم مفاتيح الغرفة الآن. خرج شون من المأوى وسار ساحباً الحقيبة ورائه حتى بلغ موقف الحافلات ينتظر هناك. وبعد قليل وقفت الحافلة المطلوبة فصعد فيها لتأخذه في شوارع دبلن الى ان وصلت منطقة تدعى مور لين فترجل منها وسار قليلاً حتى بلغ منزل عمته ليضغط على زر الجرس. فتحت له عمته الباب وهي تلوح بمفتاح قالت،
العمة بريج : اهلاً بك ببيتك حبيبي، هذا هو مفتاحك ستدخل وتخرج كما يحلو لك.
شون : شكراً لكِ يا احلى بريجة فانت انقذتني من النوم بالشوارع.
العمة بريج : وهل يعقل ذلك؟ انت من ريحة والدك ديفد رحمه الله. تعال معي ساريك غرفتك.
دخل شون يجرجر حقيبته ورائه مروراً بغرفة الجلوس حتى اقتادته الى السلم فصعدت ليتبعها الى الطابق العلوي. دخلت الغرفة وقالت،
العمة بريج : انها ليست غرفة كبيرة لكنها بالقرب من غرفتي وستكون الاقرب الى قلبي.
شون : انها ممتازة وتفي بالغرض حتى انها اكبر من غرفتي بمجمع الطلبة.
العمة بريج : رتب ملابسك واغراضك جيداً بينما انزل الى الاسفل لاعد لك شوربة البروث التي تحبها.
بعد ان تناول الشوربة المعمولة من لحم البقر والخضار فامتلأت بطنه ليشعر بدفئ كبير قال،
شون : ارجو ان تأذني لي يا عمتي فيجب ان انام مبكراً كي اذهب للمكتبة العامة غداً واواصل بحثي عن العمل.
العمة بريج : البيت بيتك حبيبي، تخرج وقتما تشاء وتعود وقتما تشاء. لا تجد حرجاً باي شيء. فقط لا اريدك ان تدخن السجائر بداخل البيت لاني اشكو من مرض الربو وهذا يسبب لي الاختناق.
شون : اطمئني عمتي فانا لا ادخن.
العمة بريج : هذا جيد جداً. ساتركك ترتاح.
نام شون في غرفته الجديدة بتلك الليلة يملأه الشعور بالطمأنينة ويدفعه كي يواصل العمل الدؤوب للحصول على وظيفة تناسبه بعد كل تلك السنين التي قضاها وراء رَحلات الدراسة. فور وصوله المكتبة العامة فتح الحاسوب وصار يتفحص بريده الالكتروني بلهفة كبيرة كي يجد الردود المتراكمة للطلبات التي ارسلها. الا انه صدم لانه وجد ثلاثة ردود فقط. ولما فتحها وجدها ردوداً سلبية تحتوي على اعتذارات فقط. لم تثنه تلك الرسائل عن عزمه لانه يعلم ان الردود الباقية سوف تأتيه تباعاً وان عليه مواصلة كتابة الطلبات بشكل حثيث. في ذلك اليوم رجع متأخراً الى بيت عمته فاستقبلته بترحيبها المعتاد لكنها شعرت انه محبطٌ قليلاً فواسته واخبرته ان الكون لم يبنى بيوم واحد ثم سألته،
العمة بريج : هل ذكرت في رسالتك انك كنت الاول على زملائك؟
شون : بالتأكيد ذكرتها لكن يبدو انهم غير مهتمين بترتيبي في الدراسة. لم تبقى شركة تأمين او شركة تحقيق ولا ادارة شرطة في ايرلندا الا وراسلتها.
العمة بريج : لا عليك يا عمري، سوف تجد العمل المناسب كما تشتهي. فقط عليك الصبر ومواصلة المراسلة.
شون : وهو كذلك يا عمتي.
بالاسابيع التي تلت واصل شون رحلاته المكوكية الى المكتبة العامة وكان يستلم المزيد من تلك الرسائل السلبية التي تنبئه بانه اضاع كل وقته بالجامعة دون جدوى.
باحدى الايام رجع من المكتبة فاستقبلته عمته وهي مبتسمة مستبشرة اجلسته على الاريكة وطلبت منه الاستماع اليها قالت،
العمة بريج : زارتني جارتي كرستين واخبرتني بشيء سيفرحك كثيراً.
شون : ما هو يا عمتي؟
العمة بريج : قالت ان ابنتها فلستي وقعت لك على موقع يمكنك العثور به عن عمل بشكل مؤكد.
شون : ما اسمه؟
العمة بريج : لا اعلم كيف ينطقونه لكنها كتبت اسمه لي. ها هي الورقة انظر.
اخذ منها القصاصة وقرأ الاسم (linkedin). ثم علق،
شون : لم يمر عليّ هذا الموقع سابقاً لكنني ساحاول ان ادخل عليه بالغد. شكراً لك عمتي.
في صبيحة اليوم التالي استيقظ شون مبكراً وذهب المكتبة بعد ان تناول افطاره مع عمته. جلس على احدى الحواسيب وراح يقرأ بريده الاكتروني فوجد المزيد من رسائل الرفض والاعتذار لذا قرر ان يبحث بالموقع الذي اخبرته عنه عمته. ملأ المعلومات المطلوبة فيه وصار يدون كل بياناته الشخصية وبيانات دراسته والدرجة الرفيعة التي حصل عليها من شهادته ثم خرج منه في امل ان يراها احد ارباب العمل ويتصل به لاحقاً. بذلك اليوم سألته عمته لدى عودته من المكتبة عما إذا قام بالدخول على الموقع الذي اوصت به ابنة جارتهم فاخبرها بانه فعل وسجل نفسه به.
بالايام التالية كان شون يقوم بنفس الروتين يقضي معظم اوقاته قابعاً بالمكتبة يبحث عن عمل هناك حتى مر اكثر من شهرين ولم يصل الى اي نتيجة ايجابية. لكن باحدى الايام دخل كعادته الشبكة العنكبوتية وفتح بريده الالكتروني وإذا به يعثر على رسالة من مجهول. في بادئ الامر تردد بفتحها خوفاً من ان تكون رسالة غايتها سرقة معلوماته الشخصية. الا انه تشجع وفتحها بالنهاية ليجدها رسالة من جهة سمت نفسها CIS MIAMI. قرأها بفضول كبير
عزيزي السيد شون مكنزي،
لاحظت منشورك على موقع لنكتين واعجبت كثيراً بادائك في الجامعة وتخصصاتك بالتشريح وعلم السموم (التوكسيكولوجي). لذا اود من خلال هذه الرسالة الاستفسار عن حالتك الوظيفية بالوقت الحالي وفيما إذا لازلت تبحث عن عمل داخل مجال تخصصك. إذا كانت الحالة كذلك فيسرني ان اعرض عليك وظيفة محقق تشريحي بطاقمنا CIS. ارجو منك الرد على رسالتي باقرب وقت ممكن حتى نتمكن من التباحث بالمزيد من التفاصيل.
رئيس طاقم سي اي اس
بيتر رايدر
كانت فرحة شون بتلك الرسالة كبيرة الا انها كانت مشوبة بالشك والحذر لانها قد تكون من جهة غير موثوقة هدفها الايقاع به بطريقة ما. حمل امتعته واوراقه ليغادر المكتبة وهو يفكر بالرسالة. لو كانت رسالة شرعية فهذا يعني انهم يعرضون عليه العمل بمؤسسة بميامي في امريكا. "لماذا امريكا؟ وما هي هذه المؤسسة؟ يجب علي ان اتحرى عنها غداً كي اتمكن من معرفة مدى شرعيتها. انهم لم يذكروا الراتب الشهري او السنوي، عادة ما يكون متدنياً لؤلئك الموظفين الجدد الذين لم يسبق لهم العمل من قبل. دعنا نرى".
رجع الى البيت فوجد عمته قد قامت باعداد السمك المقلي والبطاطا. فحياها وجلس على مائدة الطعام. اما عمته فقد سئمت السؤال عن نتائج البحث وبدأت تشك ان ابن اخيها يحاول مضيعة الوقت ولا يحب ان يعمل. بل يفضل البقاء لديها ببيتها يستمتع بالاقامة المجانية. الا انها لم تجرؤ على الافصاح عن مكمونها علها تجرح مشاعره. الا انه كسر حاجز الصمت وقال،
شون : اليوم تسلمت رسالة مجهولة من جهة مجهولة، تعرض علي العمل بمدينة ميامي بامريكا.
بريج : يجب ان تكون حذراً من تلك الرسائل المجهولة يا ولدي. هل ذكروا لك اي تفاصيل كالمرتب، الاقامة، ساعات العمل او ما شابه؟
شون : كلا، فقط ارادوا ان يعرفوا إن كنت لا ازال ابحث عن عمل وانهم معجبون بادائي بالجامعة. الرسالة تحمل ثلاثة حروف C و S وحرف آخر لا اتذكره. اجل اجل انها CIS MIAMI
بريج : انت تمزح اليس كذلك يا شون؟ هل قام فريق CIS بدعوتك كي تعمل معه؟ قل لي انك جاد بكلامك وتلك ليس واحدة من قفشاتك المعتادة.
شون : هل تعرفينهم يا عمتي؟ هل هي جهة معروفة؟
بريج : ومن لا يعرف السي آي اس. الا تتابع المسلسلات التلفزيونية؟
شون : انتِ تعلمين انني لا اشاهد التلفاز لانني كرست جل وقتي على دراستى خلال السنوات الخمسة الماضية.
بريج : حبيبي انها واحدة من اشهر المسلسلات الامريكية. انهم محققون من الطب العدلي يبحثون بالجرائم في عدة اماكن من امريكا. هذه المسلسلة تجسد عمل طاقم ابحاث حقيقي.
شون : وكيف اعرف انهم ليسوا محتالين؟
بريج : هل تركوا لك رقم هاتفهم بالرسالة؟
شون : لا اعلم، لم انتبه الى ذلك.
بريج : تأكد من رقم هاتفهم غداً ثم اتصل بالقنصلية الامريكية هنا بدبلن واسألهم عن مدى شرعية الـ CIS . وقتها سيخبروك إن كانت مؤسسة حقيقية ام انها مجرد خدعة.
شون : سافعل ذلك غداً. شكراً عمتي.
باليوم التالي ذهب للمكتبة مبكراً وفتح الرسالة التي وردته على بريده الالكتروني كي يتحقق منها فوجد فيها ثلاثة ارقام هواتف. قام بتسجيلها على ورقة صغيرة ثم خرج من المكتبة واخرج هاتفه النقال الصغير ليطلب القنصلية الامريكية بدبلن. اجابه صوت انثوي جميل سألها عن ضالته فحولته الى احد الموظفين بالقنصلية قال،
الموظف : قسم الارشيف والادارة المركزي تفضلوا.
شون : سيدي انا اسمي شون ايرلندي الجنسية. وصلني عرض عمل من جهة تدعى CIS MIAMI. واردت ان اعرف إن كان ذلك العرض شرعياً.
الموظف : طاقم سي آي اس طاقم معروف ولكن هل ارفقوا ارقام هواتفهم مع الرسالة؟
شون : اجل انها كالتالي:
786 555 4340 , 786 555 4341, 786 555 4342
الموظف : انتظر قليلاً لو سمحت.
غاب الموظف بضع دقائق ليضع الموسيقى على مسمع شون حتى لا يشعر بالملل ثم عاد اليه وقال،
الموظف : سيدي الا زلت على الخط؟
شون : اجل، اجل انا هنا.
الموظف : الارقام شرعية لمؤسسة CIS MIAMI انها شبكة محققين عدليين تابعة لشرطة ميامي سيدي.
شون : انا شاكر لافضالك سيدي.
الموظف : لا شكر على واجب.
اغلق شون الخط مع الموظف ورجع الى داخل المكتبة ليدخل على الشبكة العنكبوتية ويحرر رسالة جديدة مطولة يطلب فيها الافصاح عن المزيد من التفاصيل لتلك الوظيفة التي طرحت عليه. قام بارسالها بعد ان تأكد من كل محتوياتها ثم اغلق الحاسوب وعاد الى منزل عمته. بتلك الليلة اوى الى الفراش تمام الساعة العاشرة ليلاً. وفي الساعة الرابعة من فجر اليوم التالي سمع هاتفه النقال يرن بالحاح فاستغرب كثيراً. "من عساه يطلبني بتلك الساعة؟". رفع الهاتف وفتحه ليسمع،
الطالب : انا بيتر رايدر من CIS ارجو ان يكون الوقت ملائماً كي نتحدث؟
شون : انه ملائم، انه ملائم، تفضل.
بيتر رايدر : اجل، فضلت ان اتحدث معك بشكل مباشر على الهاتف بدلاً من ان نستمر بالمراسلة التي تأخذ وقتاً طويلاً هل تستطيع ان تتحدث الآن؟
شون : اجل، اجل انا اسمعك.
بيتر رايدر : نحن كما تعرف طاقم تحقيق عدلي بميامي ونتمنى ان تنضم الى طاقمنا.
شون : انا سيدي تخرجت قبل بضع شهور وحالتي المادية ضعيفة، لذلك تذكرة سفري الى امريكا ستصبح عبئاً علي كي اتيكم لغرض المقابلة.
بيتر رايدر : اولاً المقابلة ستكون عبر برنامج سكايب على الانترنيت وهذا لا يتطلب منك مغادرة ايرلندا. ثانياً اي تكاليف لمجيئك للولايات المتحدة سوف نقوم بدفعها. وإذا ما تم توظيفك هنا فسيكون مرتبك المبدئي 5000 دولار شهرياً مع السكن المجاني وسيارة خاصة. بالاضافة الى المحفزات الاخرى مثل التأمين الصحي وباقي الفوائد الرفيعة.
شون : ومتى تودون ان نقوم بالمقابلة على السكايب؟
بيتر رايدر : ارجو ان تحاول تحديد الوقت الذي يناسبك.
شون : حسناً سابعث اليكم برسالة الكترونية احدد بها اليوم والساعة حسب توقيتكم بميامي.
بيتر رايدر : هذا شيء عظيم. شكراً لك سيدي ويومك سعيد.
سمعت عمته الحديث بالهاتف فجائت الى غرفته وطرقت الباب فصاح، "ادخلي يا عمتي". دخلت وسألت،
بريج : هل كنت تتحدث بنومك يا شون؟
شون : كلا يا احلى عمة بالدنيا. لقد تلقيت مكالمة هاتفية من ميامي. ميامي بامريكا طبعاً. انهم سيقومون بمقابلتي على الانترنيت وجهاً لوجه وإذا سارت الامور فسوف يبعثون لي ببطاقة الطائرة الى امريكا وسوف يمنحوني 5000 دولار شهرياً. هل تصدقين ذلك يا عمتي؟
بريج : يا الهي، لقد استجاب الرب لدعائي. حمداً لك يا الله. ومتى ستقابلهم؟
شون : ساذهب اليوم الى مدير المكتبة وانسق معه كي يخصص لي حاسوباً بغرفة مغلقة اتمكن من خلالها ان اجري المقابلة مع امريكا.
بريج : يا الهي كم انا سعيدة بهذه الاخبار. انا متأكدة انهم سيأخذوك بدون ادنى شك.
باليوم التالي ارسل شون رسالة الكترونية من احدى حواسيب المكتبة ثم جلس بغرفة مدير المكتبة واغلق على نفسه الباب وصار ينتظر اتصال الامريكان عن طريق السكايب. فجأة سمع رنة السكايب المعتادة ففتح الخط ليجد رجلاً خمسينياً ملتحياً وقوراً ممتلئ الوجه يرتدي نظارة طبية يبتسم بوجهه ويحيه قائلاً،
بيتر رايدر : صباح الخير سيد مكنزي
شون : صباح الخير سيد رايدر. بامكانك ان تناديني شون.
بيتر رايدر : وانت نادني ببيتر. اردت ان اعرف بعض المعلومات عنك بشكل مباشر.
شون : تفضل سيدي انا جاهز.
هنا بدأ بيتر بأسئلة تقنية تخصصية بحتة لا يستطيع الاجابة عنها سوى من كان ضليعاً بمهنة الطب الشرعي. لكنها بالنسبة لشون لم تكن سوى جولة في الحديقة العامة لان معلوماته كانت لا تزال طازجة في ذهنه وقد مرت عليه في الامتحانات النهائية. كان يجيب عليها قبل ان يكمل بيتر اسئلته مما يؤكد له ان شون مقتدر ومتمكن جداً من معلوماته الواسعة. وبالآخر سأله إن كان يحمل رخصة قيادة فاجاب انه حصل عليها منذ ان بلغ سن 18. لم تدم المقابلة سوى نصف ساعة فقط لتنتهي بتهنئة بيتر لشون واخباره انه مقبول لديهم وان باقي الاجرائات ستتم بشكل سريع كي يحضر الى ميامي باسرع وقت ممكن ويباشر عمله هناك. رجع شون الى عمته واخبرها بنتيجة المقابلة ففرحت كثيراً وقبلته وقالت انها لم تشك للحظة واحدة انه سيبلو بلائاً حسناً فيها وانهم سيتلاقفونه بلهفة كبيرة. بعد مرور اسبوع ونصف ودع شون حبيبته العمة بريج وجلس في الطائرة التي اقلعت من مطار دبلن الدولي يغمره الحماس الكبير للحياة الجديدة التي تنتظره بامريكا والتي تسمى (ارض الفرص). فذهابه اليها وعمله هناك بطاقم معروف دولياً يشكل له فرصة كبيرة بكل المقاييس. سيبدأ حياته المهنية وسيثبت للامريكان ان المواطن الايرلندي قادر على ان لا يكون نداً لهم وحسب بل يتفوق عليهم ويقودهم بكل المجالات. بعد مرور 11 ساعة من الطيران فوق السحاب، هبطت طائرته بمطار ميامي الدولي ليخرج من صالة الوصول فيجد وجهاً يعرفه جيداً انه بيتر الذي قابله عبر برنامج السكايب بالانترنيت، وجده واقفاً ينتظره بصالة القادمين. بعد ان انتهوا من التحية والترحيب ركب الرجلان بسيارة امريكية فخمة ذات دفع رباعي قادها بيتر بنفسه لمدة ساعة ونصف حتى وصلا مبنى كبير مميز بتصميمه الانسيابي كتب اعلاه يافطة CIS MIAMI . دخلوا المبنى واقتاده بيتر الى غرفة الاجتماعات فوجد باقي اعضاء الطاقم مجتمعين كي يرحبوا بزميلهم الجديد.
صار بيتر يقدم اعضاء الطاقم ويقول،
ابدأ بنفسي، انا بيتر رايدر (تشريح) رئيس طاقم سي اي اس ميامي.
ديدي ماسينا (الطب النفسي الشرعي).
اماندا لوڨ (خبيرة كومبيوتر) وتلقب بالساحرة.
زوي كارپنتر (تشريح).
والآن انت معنا. سيداتي العزيزات دعوني اقدم لكم بشكل رسمي السيد شون مكنزي (خبير التشريح الجديد). تقدمت اليه السيدات وصرن يرحبن به بحرارة ويتمنين له الاقامة الجيدة. وبعد فترة قصيرة قال بيتر انه يجب اخذ شون الى شقته كي يرتاح من عناء السفر ويبدأ العمل بعد عطلة نهاية الاسبوع. طلب من فتاة شابة كي تأخذه الى الفندق فسارت الى خارج المبنى ولحق بها شون كي يخرجا حقائب شون من سيارة بيتر ويضعونها بسيارة الفتاة ذات الدفع الرباعي. جلس شون الى جانبها وربط حزام الامان فادارت المحرك وقالت،
اماندا : لقد اعددنا لك شقة جيدة تبعد بضع كيلومترات فقط عن عملك هنا. انها بنفس البناية التي اسكن بها لذلك ستصبح جاري من الآن فصاعداً.
شون : هذا شيء جميل. ما هو عملك بالطاقم انا آسف لقد نسيت؟
اماندا : انا مسؤولة عن التحليل الحاسوبي. الجميع ينعتونني بالساحرة. بامكان اي عضو من اعضاء الطاقم ان يطلب مني اموراً تتعلق بالمعلوماتية والكومبيوتر فاقوم بايجادها او ايجاد حلول لها.
شون : هذا شيء مطمئن. وهل يزعجك لقب الساحرة؟
اماندا : كلا ابداً، انظر لقد وصلنا فعلاً. الم اقل لك انها قريبة جداً.
اوقفت سيارتها بالمراب باسفل العمارة واقتادته الى المصعد الكهربائي ليأخذهما الى الطابق الثاني عشر. فتحت باب الشقة ودخلت فتبعها شون ليصاب بصدمة كبيرة. الشقة في غاية الجمال، يدخل عليها ضوء الشمس من اغلب الجهات. مؤثثة باثاث فاخر وجميل. ادخلت شون الى غرفة النوم وتركت حقيبته واقفة على الارض قالت،
اماندا : اتمنى لك نوماً هانئاً.
شون : لا اعلم ان كنت ساستطيع النوم فالساعة برأسي قد تغيرت لانها لا تزال حسب توقيت دبلن.
اماندا : ستستغرق بضعة ايام قبل ان تتغلب على اختلاف التوقيت ويصبح لديك امراً اعتيادياً.
شون : اردت ان اسألك شيئاً لو سمحتِ، ما هي اوقات العمل لدى طاقمكم؟ اقصد بطاقمنا،
اماندا : الطاقم ليس لديه اوقات عمل محددة فنحن محققون، والجريمة لا ترتكب باوقات الدوام الرسمي لذلك لو اراد اي واحد من اعضاء الطاقم الدخول الى المقر واستخدام اي من الوسائل بداخل المختبرات فبامكانه فعل ذلك ليلاً او نهاراً. تخيل قبل بضع شهور كان اغلب الطاقم يعمل يوم 25 ديسمبر اي بيوم عيد الميلاد المجيد لان المجرمين لا ينتظرون حتى نخرج للعمل. اما اذا شعر احدنا بالارهاق او اصيب بالاعياء او الصداع فما عليه سوى اخبار اقرب زميل له ثم يذهب الى مسكنه ليرتاح.
شون : هذا شيء جميل. انا اتطلع للبدئ بعملي. ما هي القضية التي تعملون عليها بالوقت الحالي؟
اماندا : حالياً نعمل على ثلاث قضايا بالتوازي. سوف نطلعك عن تفاصيلها يوم الاثنين.
شون : وإنني أتطلع إلى ذلك.
خرجت اماندا من شقة شون فاخرج هاتفه من جيبه وهم بمهاتفة عمته الا انه تذكر ان الساعة تشير الى الثالثة بعد منتصف الليل هناك بايرلندا وعمته ستكون غارقة بنومها لذلك تراجع عن الاتصال بها وتوجه الى السرير ليرمي بجدسه الواهن عليه.
باليوم التالي استيقض الساعة الرابعة فجراً توقيت ميامي ولم يستطع النوم اكثر لان ساعته البيولوجية لاتزال تعمل على توقيت موطنه دبلن. ترك السرير ودخل المطبخ ليعد لنفسه فنجان قهوة باستعمال آلة القهوة التي طالما كان يحلم بامتلاكها عندما كان يسكن لدى عمته. ترشف القهوة اللذيذة ثم حمل قدحه الحجري ورجع به للحمام كي يغتسل، بعدها اغلق صنبور الدوش وراح يجفف بدنه لكنه سمع رنين هاتفه فركض الى غرفة النوم يجري فسمع بيتر يقول،
بيتر : اين انت يا شون، اني اهاتفك منذ وقت طويل.
شون : آسف لم اسمع رنين الهاتف لانني كنت بالحمام. هل هناك امر مهم؟
بيتر : لدينا اجتماع طارئ، تعال باسرع وقت.
شون : لكنه يوم السبت.
بيتر : هل لديك مشكلة بالعمل يوم السبت؟
شون : كلا، كلا، ابداً، ساحضر على الفور.
بيتر : بامكانك اخذ سيارة اجرة هذه المرة.
شون : سانطلق فوراً.
اغلق الهاتف مع مديره الجديد بيتر وراح يرتدي ملابسه بسرعة غير معتادة ثم خرج من الشقة بعد ان طلب سيارة اجرة (اوبر). ولما اصبح امام عمارته السكنية وجد سيارة الاجرة تنتظره. ركب بها فانطلقت به الى مركز المختبر. دخل القاعة الرئيسية ليجد جميع اعضاء الطاقم مجتمعين يتباحثون فيما بينهم. نظر اليه بيتر وقال،
بيتر : لقد تأخرت. قلت انك ستأتي فوراً.
شون : ما ان اغلقت الهاتف معك الا وارتديت ملابسي وجئت الى هنا باسرع ما يمكن. ما الامر؟
بيتر : عثرنا على جثة جديدة لامرأة من فعل السفاح الذي نقتفي اثره منذ اكثر من سبع شهور.
شون : وكيف عرفتم انه هو الفاعل؟
بيتر : لانه يقوم بنحت كنيته (ابليس) بالسكين على بطن ضحيته.
شون : هل بدأتم بالتشريح؟
بيتر : بدأت زوي بالتشريح قبل قليل وهي تنتظرك كي تنضم اليها.
شون : انا ذاهبٌ الآن.
دخل شون غرفة التشريح فصدمته الرائحة الكريهة لجثة الضحية. وجد زميلته زوي، حياها وقال،
شون : انا شون.
زوي : اعرف ذلك، تعرفت عليك بالامس. امسك بطرف صدر الجثة بينما اقوم انا بغرس المشرط.
فعل شون ما طلبت منه وراح يساعدها بشكل محترف لانه كان افضل زملائه في فن التشريح ولانه تعود على سلخ الخراف عندما كان يعمل مع والده بالمزرعة. ولما تغيرت جثة الخروف الى جثة الانسان وجد تقارباً كبيراً بينهما ما عدى بعض الفوارق الطفيفة كالصوف الذي يكسو جلد الخروف. ابدى شون ملاحظته على الجثة إذ قال،
شون : يبدو انه نحت كنيته على جسدها وهي مازالت حية.
زوي : وكيف عرفت ذلك؟
شون : من الطريقة التي ينتشر بها الدم من الحروف. فالدم الساخن لديه لزوجة قليلة مما يجعل انتشاره اكبر بينما دم الجثث النافقة يسيل بشكل ابطأ فيكون انتشاره اقل لزيادة لزوجته. وهذا يخبرنا انه كان يتلذذ بقتلها وهو يسمع صرخاتها.
زوي : هذا جيد جداً يا شون. لديك تحليل رائع. والآن اخرج الكبد وباقي الاحشاء.
شون : لا لحظة واحدة. دعينا نشرح الكبد قبل ازالته. اريد ان اتأكد من شيء.
زوي : تفضل.
بدأ يفتح الكبد ويأخذ منه عينة ثم يأخذه الى الغرفة الثانية وصار يضيف عليه بعض المواد الكيمياوية. ثم نظر الى زميلته زوي وقال،
شون : كما توقعت. هناك آثار لمادة (السكوبولامين) بداخل الكبد.
زوي : حسناً انها مادة مخدرة وماذا هناك؟ لقد قام بتخديرها كي يسيطر عليها اكثر.
شون : كلا، انه لم يخدرها تماماً فمادة السكوبولامين تستعمل لتهدئة المريض بالمشافي وليس لتخديره. عندنا بايرلندا نسمي تلك المادة (نَفَسْ الشيطان) لان الشخص الذي يُحقَن بهذه المادة يكون مسلوب الارادة لكنه لا يفقد الوعي تماماً. لاحظي ايضاً ان خارج فمها لا يوجد لعاب مما يشير بل يؤكد استعماله لتلك المادة بمعرفة احترافية تامة.
زوي : طيب وما المشكلة؟ ما هو تحليلك؟
شون : هذه المادة تتوفر فقط بالمشافي ولا يتداولها تجار المخدرات لان المدمنين على المخدرات لايشتروها فهي لا تعطيهم النشوة الكاملة. وهذا يعني ان الذي استعمل هذه المادة اما ان يكون طبيباً بمشفى او احد منتسبي مشفى يا زوي.
زوي : احسنت يا شون. واو انا معجبة بتحليلك وبسرعة بديهيتك.
شون : لو بحثنا المزيد لوجدنا ان القتيلة اما ان تكون ذات بأس شديد او ان تكون رياضية متمرسة. انظري الى عظلاتها المفتولة. وهذا يخبرنا ان الجاني ضعيف البنية، لم يتمكن من السيطرة عليها سوى بحقنها بنَفَسْ الشيطان كي يتمكن من تعذيبها بينما كانت في وعيها وهي فاقدة الارادة.
زوي : يا الهي. انت حقاً الافضل. لذلك يجب علينا ان نبدأ فوراً بالبحث بالمشافي عن ذلك السفاح. تعال معي.
خرجت زوي وشون وذهبا الى خبيرة الكومبيوتر (الساحرة) اماندا، وطلبا منها معلومات عن المشافي التي تمتلك مادة السكوبولامين. راحت اماندا تتعامل مع حاسوبها وكأنه دمية صغيرة بحيث يصعب على من يشاهدها متابعة اصابعها وهي تتطاير فوق لوحة المفاتيع ثم تمسك بالفارة وكأنها عصى القيادة بالطائرة. بقيت تصدر اصوات تكتكات لاكثر من ربع ساعة حتى صاحت باعلى صوتها، "وجدتها". قالت،
زوي : ماذا وجدت يا ساحرة؟
اماندا : بمدينة ميامي هناك 17 مشفى لديها مادة السكوبولامين. وكل طبيب او منتسب يُخرِج مادة مخدرة من مستودع الصيدلية يقوم بتسجيلها باسمه لذلك سوف لن يكون الجاني بالغباء الذي يدفعه تسجيل اسمه واخراج الدواء كي يستعمله بالجريمة. لذا بحثت بهذه المادة التي نفذت فترة صلاحيتها فوجدت ان مشفى واحداً فقط هي مشفى جاكسون ميموريال قامت باحالة كمية من هذه المادة الى الاتلاف لانتهاء فترة صلاحيتها. الكمية كانت 7 زجاجات من حجم 60 ملغم لكل زجاجة.
زوي : هيا يا شون دعنا نزور المشفى.
خرجت زوي وشون من المركز فجلس شون الى جانبها وتوجها الى مشفى جاكسون ميموريال. وفي الطريق قالت زوي،
زوي : لم تمر سوى ساعات على بدئك بالعمل معنا وصرت تحل القضاية بشكل منطقي. انت حقاً اثبت انك اهلاً لكل المبالغ التي صرفت لجلبك الى امريكا.
شون : هذا ليس مهم. المهم الآن هو ان نمسك الفاعل بجرمه.
زوي : لديك الحق. لكنني لا استطيع ان اخفي اعجابي بتحليلاتك وسرعة تسويغك يا شون.
وصلا الى المشفى بعد رحلة دامت نصف ساعة. اوقفت زوي السيارة بالمراب وسارا مشياً على الاقدام فدخلا الصالة الرئيسية وتوجها مباشرة الى مكتب الاستعلامات. ابرزت زوي شارتها وسألت،
زوي : من هو المسؤول عن الصيدلية.
موظفة الاستعلامات : انها السيدة سارا لونسكي في الطابق الثاني.
زوي : اين المصعد؟
موظفة الاستعلامات : هناك الى يمينكِ.
زوي : تعال يا شون.
ركبت زوي وشون المصعد وصعدتا الى الطابق الثاني. مشيا بالممر قليلاً فشاهدا لوحة عليها سهم كتب عليه (الى الصيدلية). تتبعاها حتى وصلا الى باب فدخلا ليشاهدا سيدة خمسينية قصيرة القامة نحيفة البنية تجلس خلف منضدة حديدية. رفعت رأسها وقالت،
الصيدلانية : كيف استطيع خدمتكما؟
ابرزت زوي وشون شاراتهما قالت،
زوي : نريد ان نتحدث مع السيدة سارا لونسكي.
سارا لونسكي : انا هي، ماذا تريدان؟
زوي : نحن من طاقم CIS نود ان نسألك بعض الاسئلة عن مادة السكوبولامين التي نفذت مدة صلاحيتها.
بدى على سارا الدهشة والتوتر وشحب وجهها ثم قالت، "لحظة واحدة لو سمحتما". وقفت كي تخرج من الغرفة لكن شون لحق بها وامسك بيدها قائلاً،
شون : الى اين انت ذاهبة يا آنسة؟
سارا لونسكي : اتركني ايها السافل.
ركلته بين ساقيه فسقط على الارض يتلوى من شدة الالم. فتحت الباب وهربت. ركضت زوي ورائها وصارت تطاردها من ممر لاخر حتى فتحت باب السلم واحكمت اغلاقه ورائها فلم تتمكن زوي من فتحه. رجعت زوي تركض الى المصعد وضغطت على الزر لتنتظر بضع ثوانٍ الا انها كانت تبدو اشبه بساعات. انفتحت بيبان المصعد فكبست على الرقم 0 ليهبط بها للاسفل الا ان المصعد صعد الى الاعلى بدلاً من الهبوط للاسفل ولم يتوقف حتى بلغ الطابق الثامن حيث دخلت المصعد سيدة مسنة تدفع عربة تنظيف. ضغطت على الرقم 1 فنزل بهما المصعد الى الطابق الاول لتنزل المنظفة منه دافعة عربتها امامها. واصل المصعد هبوطه حتى بلغ الطابق الارضي فخرجت زوي منه تركض الى الخارج لتلمح الصيدلانية من بعيد تركب سيارتها وتنطلق بها الى خارج المراب. ركضت زوي الى سيارتها تنوي مطاردتها لكنها رأت العجلة الامامية والخلفية من سيارتها قد ثقبت فضربت على سطح سيارتها وظلت تقول، "اللعنة، اللعنة، اللعنة". ادارت رأسها وهي تفرغ جعبتها من السباب والشتائم لترى شون خارجاً من باب المشفى يسير نحوها ببطئ شديد يتألم وهو منحني الظهر. ركضت اليه وقالت،
زوي : هل انت بخير يا شون؟
شون : كلا لقد تلقيت ضربة بمكان حساس من جسدي، كيف تتوقعين ان اكون؟
زوي : لا عليك عزيزي. ساقوم بتولي امرك عندما نعود للمركز.
شون : لكن المشتبه بها هربت.
زوي : لا تقلق، سنسلم اوصافها ومعلوماتها الكاملة للشرطة التي ستقتفي اثرها وستقوم بملاحقتها واحضارها الينا على طبق من فضة. سنعرف كل شيء عنها عندما نرجع ونتحدث الى الساحرة اماندا.
شون : هيا نعود الى المقر إذاً فانا لا اقوى على الوقوف.
اجلسته الى جانبها وادارت المحرك لتقود سيارتها الى مقر الطاقم. سارت السيارة ببطئ شديد تسنده زوي من كتفه اثناء القيادة. وعندما وصلا الباحة الرئيسية قابلهما بيتر قال،
بيتر : ما الامر؟ هل اصاب شون مكروه؟
زوي : لقد تلقى ضربة شديدة في الاماكن الحساسة لكنني اعتقد انه سيكون بخير. هل لك ان تفحصه يا بيتر؟
بيتر : اجل، اجل بالطبع. استلقِ يا شون على هذا السرير.
جلس شون على سرير الفحص الذي عادتاً ما تشرح عليه الجثث واستلقى على ظهره فراح بيتر يفحصه بشكل دقيق ثم ابتسم وقال،
بيتر : سوف تكون بخير. لم تصب بضرر دائم. سيزول الالم بعد يوم او يومين. لا بأس عليك عزيزي شون. ولكن قولا لي ماذا جرى؟
زوي : انتظر قليلاً يا بيتر ساتصل بالشرطة وابلغهم عن المشتبه بها ثم اشرح لك كل شيء بالتفصيل.
اخرجت هاتفها وطلبت المحقق لويس لتخبره بكل شيء ثم اغلقت الخط معه ونظرت الى بيتر لتقص عليه كل ما جرى من البداية وحتى النهاية. هنا نظر بيتر الى شون وقال،
بيتر : لماذا لا ترتاح اليوم. اذهب الى شقتك واستلقي هناك، سوف نوافيك بالاخبار الطازجة عندما تستجد.
زوي : دعني اخذك بسيارتي.
شون : لا، لا، بامكاني ان اذهب وحدي.
بيتر : وكيف ستقود السيارة وانت بهذه الحالة؟
شون : ماذا؟ اي سيارة هذه؟
بيتر : انت لم ترى سيارتك الجديدة بعد، اليس كذلك؟ انها نيسان ذات الدفع الرباعي.
شون : احقاً ما تقول؟ اريد ان اراها.
بيتر : تعال معي دعنا نجربها الآن.
خرج شون وبيتر يتبعهما جميع اعضاء الطاقم كي يشاهدوا السيارة الجديدة. ولما وصلوا اليها قال،
شون : يا الهي، انها اجمل ما رأيت ولونها قهوائي مثلما احب. كيف عرفت ذلك؟
بيتر : انا مديرك واعرف عنك امور اكثر مما تتخيل. هيا جرب سيارتك واذهب بها لبيتك.
اعطى المفتاح لشون فامسك به وتفحصه فوجده لا يشبه بقية المفاتيح. لكنه ابى ان يفصح عن جهله لذلك دخل السيارة واغلق الباب ورائه ثم راح يفتش عن ثقب المفتاح فلم يجده. طرق عليه بيتر الزجاج من الخارج وقال،
بيتر : اضغط على مفتاح التشغيل فقط.
فتش شون عن مفتاح التشغيل حتى لقيه فضغط عليه ليسمع زئير المحرك الجبار ولتشتعل جميع الاضواء وتعود المركبة للحياة. "يا الهي كم هي معقدة، ماذا اعمل؟". نظر الى عصى التعشيق الآلي فسحبها الى موقع D ثم ضغط على المعجل بقدمه الايمن لتبدأ بالحركة. نظر الى زملائه فوجدهم واقفون يصفقون ويشيرون اليه بايديهم. رد عليهم بالتحية وراح يقود السيارة بحذر شديد في البداية ثم صار يسيطر على القيادة شيئاً فشيئاً حتى صارت السيارة جزءاً منه. قادها الى العمارة التي يسكن فيها وعندما وصل امام المراب انفتحت له البوابة بصورة آلية، علم وقتها ان الطاقم قام بتعريف السيارة لدى اجهزة الامان في المراب. اوقف سيارته الجديدة في الخانة المخصصة له والتي كتب فوقها رقم السيارة. نزل منها ثم ضغط على المفتاح كي يحكم غلق السيارة فقامت السيارة باغلاق شبابيكها بشكل تلقائي. ابتسم وقال، "كيف انسى غلق الشبابيك؟ لكنها سيارة حديثة وذكية تغفر هفواتي". دخل شقته ونظر الى المرآة فوجد مفتاحاً يتدلى من اعلاها ومعه قصاصة صغيرة كتب عليها. هذا هو المفتاح الاحتياطي لسيارتك الجديدة. دخل الصالة وشعر بجوع فتاك فاراد ان يأكل شيئاً. مد يده في جيبه ليخرج محفظته ويفتحها فوجد فيها نقوداً ايرلندية. "كيف ساتمكن من تصريفها الآن؟ اشعر بجوع قاتل واريد ان اشتري بعض الطعام". بهذه الاثناء رن هاتفه النقال، رفعه ليسمع صوت الساحرة اماندا تقول،
اماندا : عزيزي شون، لقد تركت لك بطاقة ائتمانك الجديدة على الطاولة في وسط غرفة الجلوس. خذها وضع عليها توقيعك ثم استعملها ان كنت تريد شراء اي شيء ولكن لا تنسى ان الحد الاقصى للمشتريات هي 10 آلاف دولار. وشيء آخر، رقمك السري هو 0299.
ابتسم شون وهو يسمع كلمات زميلته اماندا قال،
شون : انا شاكر لك يا اماندا.
اغلق الخط معها وحمل بطاقة ائتمانه فوجد عليها اسمه. امسك بالقلم ووقع على ظهر البطاقة، تفحصها باعجاب.
بطاقة ائتمان شون
ابتسم ثم وضعها بمحفظة نقوده وهم بالخروج. لكنه قبل ان يحكم اغلاق الباب جائته مكالمة من الطاقم على هاتفه النقال. توقف استدار وعدل عن قفل الباب وعاد الى الشقة كي يتكلم بالداخل قال،
شون : ما الامر يا اماندا؟
اماندا : اترك كل شيء من يدك وارجع الى المقر حالاً فلقد وقعت جريمة قتل جديدة.
شون : حسناً انا قادمٌ الآن.
ركب شون سيارته وخرج بها الى الشارع، لكنه توقف بمطعم (برگر كنگ) ليشتري بعض الطعام اثناء جلوسه في سيارته حتى لا يضيع الوقت ثم واصل السير الى مقر الطاقم وهو يتناول طعامه ويقود السيارة.
اوقف شون سيارته بموقف المبنى الذي يقع فيه مقر الطاقم فتعمد ترك شبابيك سيارته بوضعها المفتوح هذه المرة ثم نزل واحكم اغلاق الابواب باستعمال جهاز التحكم عن بعد في مفتاح السيارة فرأى الشبابيك تغلق نفسها تلقائياً. ابتسم واستدار ليركب المصعد. ولما وصل الطابق انفتح باب المصعد وخرج شون منه مسرعاً فرأى من خلال زجاج صالة الاجتماعات ان جميع اعضاء الطاقم جالسون. دخل عليهم واعتذر عن التأخير فقال له المدير،
بيتر : لقد تأخرت كثيراً يا شون.
اماندا : لماذا توقفت لتشتري الطعام؟
شون : وكيف عرفت ذلك؟ هل تتبعينني الكترونياً؟
اماندا : هناك بقع طماطم (كيتشوب) تزين قميصك الابيض.
ضحك الجميع بينما اخذ شون مكانه فقال بيتر،
بيتر : دعنا نُطلِع شون عن آخر المستجدات. اليوم ذهبت الشرطة الى منزل الصيدلانية التي ركلتك بين ساقيك سارا لونسكي كي يلقون القبض عليها لكنها لم تكن موجودة ببيتها. اختفت تماماً عن الرادار.
اماندا : كذلك اخبرتنا الشرطة قبل قليل انهم عثروا على جثة جديدة في شرق ميامي وعلينا ان نتوجه الى هناك فوراً.
شون : انا مستعد للذهاب. دعنا نتحرك.
وقف الجميع وتركوا مقاعدهم بعد ان اكتمل النصاب وتوجهوا سوياً الى المصعد حاملين معهم عدتهم وعتادهم مرتدين بزتهم البيضاء الواقية. انطلقت ثلاثة سيارات من مراب المبنى متوجهة الى موقع الجريمة. فور وصولهم هناك شاهدوا بيتاً قامت الشرطة بتطويقه باشرطة صفراء كي تمنع عنه اعين المتطفين. رُفِعت الاشرطة للاعلى كي يمر افراد الطاقم وراح كلٌ يستعد لتأدية دوره باحترافية عالية. دخل بيتر وشون الى غرفة القتيلة فوقف احد افراد الشرطة وقال،
شرطي : القتيلة سيدة في عقدها التاسع مقعدة على كرسي متنقل. عثرت عليها جارتها عندما جائت لتتفقدها وتحاول مساعدتها.
بيتر : هل اخذت اسم وعنوان الجارة؟
شرطي : اسمها كاميليا وتسكن برقم 1121 البيت المجاور. وهي واقفة الآن امام البيت في الخارج.
وجه بيتر كلامه لشون وقال،
بيتر : قم بفحص اولي للجثة بينما اخرج لاتحدث مع جارتها.
خرج بيتر مع الشرطي فحياها وقال،
بيتر : يا سيدة كاميليا، هل كنت تعرفين المجني عليها السيدة هانا لونكفيلد؟
كاميليا : اجل حضرة المحقق، نحن جيران منذ وقت طويل. كنت اعرف المرحوم زوجها كذلك قبل ان يتوفى.
بيتر : هل كانت مستأجرة لبيتها ام مالكة له؟
كاميليا : هانا كانت مالكة لبيتها منذ اكثر من 50 سنة. هي ارملة. توفى زوجها قبل 22 عاماً ولم يكن لديهم اطفال.
بيتر : هل رأيت احداً يتردد على بيتها؟
كاميليا : اجل كان الكثير يأتون الى بيتها. اغلبهم من المتطوعين من الكنيسة يحاولون تقديم المساعدة اليها لانها مقعدة ويصعب عليها العناية بنفسها. لقد نصحوها كثيراً كي تبيع منزلها وتقيم بدار للعجزة لان العناية هناك ستكون افضل. الا انها اصرت على البقاء ببيتها وارادت ان تموت به.
بيتر : هل تعرفين احداً ممن كانوا يزوروها؟
كاميليا : كلا.
بيتر : هذه بطاقتي الشخصية تحتوي على ارقام هواتفي. ارجوك لا تترددي بالاتصال بي إن تذكرت اي شيء آخر.
ترك بيت السيدة كاميليا ورجع الى الداخل فرأى اماندا تلتقط بكامرتها الصور لموقع الجريمة. اما زوي وشون فهما بتفحص الجثة يدققان بها. بعدها سأل المحقق لويس إن كان لديهما وقت الوفاة فاجاب شون بالنظر لدرجة حرارتها اعتقد انها توفت ما بين الساعة الثامنة مساءاً والثانية عشر من منتصف الليل. يبدو ان صاحبنا (ابليس) هو من قام بقتلها فقد وقع اسمه على الجثة. والآن ستنقل جثمانها الى مقرنا لنجري عليها التشريح.
طلب بيتر من رجال الاسعاف نقل الجثة الى مقر الطاقم ثم خرج ورائهم بينما اكملت اماندا التقاط المزيد من الصور لموقع الجريمة ورذاذ الدم المنتشر على جدران الغرفة.
بعد ساعة اجتمع جميع اعضاء الطاقم بالمقر فانتقل كلٌ الى مهامه كما يفعل النحل بالخلية. دخل بيتر وشون وزوي الى صالة التشريح وبدأوا بالعمل الدؤوب بحثاً عن ادلة لفك الالغاز. نظر الجميع الى توقيع القاتل فصاح بيتر. "انه ليس قاتل واحد". نظرت اليه زوي وسألته،
زوي : لماذا تعتقد ذلك؟
بيتر : اجل ماذا دفعك لان تقول انه اكثر من قاتل؟
شون : انظروا الى الطريقة التي وقع بها اسمه ابليس. انظروا كيف خطها بالدم. هل لاحظتما شيئاً؟
زوي : انها مطابقة يا شون. يبدو انك تعبان ولا تستطيع التمييز.
بيتر : كلا يا زوي. شون على حق. انظري الى آخر حرف حرف الراء r. انه يختلف تماماً عن الذي عثرنا عليه مسبقاً. يبدو ان هناك امر غير اعتيادي. دعنا نعرض الامر على ديدي فقد ترى في الامر تفسيراً منطقياً.
خرج الثلاثة من صالة التشريح وطرقوا باب مكتب الطبيبة النفسية ديدي. بدأ بيتر بالحديث إذ قال،
بيتر : بينما كنا نشرح الجثة الجديدة للمجني عليها (هانا لونكفيلد) وجدنا ان توقيع الجاني قد اختلف بشكل بسيط جداً. نريدك ان تأتي معنا وتلقي نظرة على الجثة.
تركت ديدي مكتبها وتبعتهم الى صالة التشريح نظرت الى التوقيع الجديد والتوقيع القديم الذي ابرزته لها زوي بالصورة وراحت تقارن بينهما، بقيت تتفحص الحروف بشكل دقيق لفترة من الزمن ثم نظرت الى بيتر وقالت،
ديدي : انهما شخصان مختلفان. اما ان يكون شخصٌ اراد تقليد القاتل المتسلسل او...
قاطعها شون وقال،
شون : او انهما اثنان او اكثر ولهم هدف معين.
ديدي : هذا كلام صحيح جداً.
شون : ربما كانت الصيدلانية سارا لونسكي واحدة من القتلة.
بيتر : دعنا لا نستبق الاحداث لكننا بالتأكيد سنبقي هذا الاحتمال في الحسبان ونتقدم الى الامام بابحاثنا.
1321 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع