بسام شكري
أوكرانيا جبهة في حرب بوتين الشاملة
الغزو الروسي لأوكرانيا لم يكن مفاجأة لمن يعرف طريقة تفكير الرئيس الروسي بوتين وهو رجل المخابرات الذي استفاد من تجربة الاتحاد السوفييتي الفاشلة في احتلال الدول تحت ذريعة التحرر من الاستعمار والحرية ونشر الاشتراكية وكانت الأحزاب الشيوعية في العالم الأداة السوفييتية للوصول الى السلطة في بداية الامر وبعدها السيطرة على تلك الأنظمة بوسائل متعددة , لقد بدأ بوتين منذ عدة سنوات بعد ان استقر له حكم روسيا واختمرت أفكاره باتباع أسلوب احتلال الدول بطرق عديدة فقد دعم ايران وساندها في السيطرة على العراق الذي اهدته أمريكا لإيران واصبح العراق الذي يعتبر من بين اغنى الدول النفطية في الشرق لقمة سائغة لبوتين وبسط سيطرته عن طريق ايران التي نشرت الفساد الذي ساد في العراق بمباركة أمريكية وسيطرة الميليشيات الإيرانية على كل مفاصل الدولة وعقد بوتين اتفاقيات حماية مع سوريا وعمل قواعد عسكرية فيها وشاركت قواته في حماية نظام الأسد خلال الثورة السورية وادخل بوتين ايران الى سوريا باستعمال جنودها وخبرائها وبعد ذلك قامت ايران بإدخال الميليشيات العراقية التابعة لها الى سوريا ومن سوريا دخل لبنان عن طريق حزب الله اللبناني الإيراني وقام بتعطيل نظام الحكم عن طريق الفساد واستعمل ايران في الدخول الى اليمن ومنع مجلس الامن من اتخاذ أي قرار ضد ميلشيا الحوثيين باستعمال الفيتو وفي ليبيا قام بإرسال مرتزقة فاغنر سيئة الصيت وشارك مع اردوغان في تقاسم ليبيا شرقا وغربا وليبيا التي تملك أطول ساحل على البحر المتوسط وثاني اكبر احتياطي للبترول والغاز في افريقيا بعد الجزائر أصبحت ليبيا معبرا الى اللاجئين الغير شرعيين الى أوروبا وبذلك خلق بؤرة توتر وسكين في خاصرة أوروبا , وفي الجزائر استعمل سلطته على النظام العسكري الدكتاتوري الذي يدعمه هناك والذي يقوم بتجهيزه بالأسلحة الروسية للهيمنة على القرار السياسي في قمع التظاهرات الشعبية الجزائرية وقد امر النظام العسكري الجزائري الشهر الماضي بقطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب بدون مبرر من اجل قطع أنبوب الغاز الجزائري الذي يمر بالمغرب الى أوروبا عبر اسبانيا تمهيدا لغزو أوكرانيا ومحاصرة أوروبا بمنع الغاز الجزائري عنها فيما لو حاولت أوروبا قطع غاز نوردستريم الألماني او خط الغاز الروسي المار عبر أوكرانيا وقام بتحريك العسكريين السودانيين للانقلاب على الثورة مستغلا علاقات الانقلابيين بروسيا من خلال ماضيهم في التدريب العسكري في المعاهد العسكرية الروسية وأخيرا وليس اخرا قام بوتين بانقلاب عسكري في مالي وقام الانقلابيين العسكريين في مالي بقطع علاقات مالي مع فرنسا وبدون أي مبرر أيضا كما حدث في الجزائر بهدف طرد فرنسا من مالي والتي تقود جيش حلف شمال الأطلسي في مالي لمحاربة التنظيمات الارهابية في جنوب الصحراء وقد نجح في ذلك وفي اثيوبيا قام بتحريك إقليم تكراي للثورة على الحكومة الاثيوبية وفي ليلة وضحاها فقد احتلت قوات جبهة تحرير تكراي أجزاء واسعة من اثيوبيا وهي الجبهة الصغيرة ذات الإمكانات المحدودة والمعروف ان التكراي هم اصغر اقلية في اثيوبيا التي تتكون من عدة أقليات عرقية.
إيران التي تمثل احدى أدوات بوتين تقوم بالنيابة عنه باحتلال العراق وسوريا ولبنان واليمن ولبوتين علاقات ممتازة مع مصر ويسيطر على النظام العسكري في الجزائر وادخل السودان وليبيا ومالي ضمن سيطرته من خلال الانقلابات والأنظمة العسكرية والمرتزقة الروس , اذن فبوتين يملك كل تلك الدول التي تمثل خطا مستقيما من ايران الى شمال وشمال غرب افريقيا ما عدا الأردن البلد الوحيد الذي يقطع خط سير وسيطرة بوتين الممتد من إيران الى شمال افريقيا وقد حاولت الميليشيات الإيرانية في سوريا والعراق خلال الفترة القريبة الماضية من اختراق الحدود الأردنية عن طريق المهربين التقليديين لكنها فشلت لذلك فان الأردن أصبح العقبة الرئيسية لبوتين وقد يكون الهدف القادم له.
كما ذكرت في بداية المقال ان غزو أوكرانيا هو ليس الحرب الرئيسية لبوتين وتمثل أوكرانيا جبهة من جبهات حرب بوتين من اجل بسط نفوذه على الدول الغنية من جانب ولكي يزاحم أمريكا في نفوذها التقليدي من جانب اخر، فاين أصبح العالم اليوم من هذه الاحداث؟
لقد انتهت الحرب الباردة منذ ثلاثين عاما لكن العالم اليوم قد صحي على حرب ساخنة يتم فيها احتلال دول وانقلابات عسكرية وحروب طائفية وتهجير ملايين المدنيين الأبرياء ومحاولة إيران للحصول على سلاح نووي من اجل تهديد المعسكر المعادي لبوتين، فما هو السبب في ذلك وما هو الحل؟ ان السبب في تفرد روسيا بالعالم بتلك الطريقة هو الإدارة الامريكية الغير مستقرة فكل رئيس امريكي يحكم اربع سنوات بطريقة عشوائية وليس هناك خط سياسي موحد لأمريكا وذلك بحجة الديمقراطية الامريكية الكاذبة فباراك أوباما على سبيل المثال قد اشعل حروب ما يسمى الربيع العربي ودعم الإسلام المتطرف ما اعطى روسيا حرية التدخل في سوريا وليبيا واليمن وجاء بعده الرئيس ترامب صديق بوتين الحميم الذي تساهل مع بوتين الى اقصى الحدود لدور بوتين في دعمه للوصول الى الرئاسة وقام ترامب بإيقاف مفاوضات الملف النووي الإيراني لأربع سنوات وتم إيقاف لجان التفتيش الدولية على الأسلحة النووية من تفتيش ايران وبذلك اعطى ايران الفرصة الذهبية لتطوير برنامجها لأربع سنوات وبدون رقابة دولية وقام ترامب بشق التحالف مع حلف شمال الأطلسي بخروجه من الحلف وتشجيع صديقه الاخر بوريس جونسون للخروج من الاتحاد الأوروبي وتلك الخطوتين من اهم الخطوات التي عمل عليها بوتين وقد نفذها له الرئيس ترامب بطيب خاطر وأخيرا جاء الرئيس بايدن الذي ابدى سلبية واضحة في التعامل مع بوتين ومع مجمل الازمة وقي بقي حائرا وسط انشقاق حلف شمال الأطلسي وضعف أوروبا .
اما الحل فاعتقد ان الحل يبدا من اصلاح الأمم المتحدة لان روسيا التي لها مقعد دائم في مجلس الامن قد منعت كل القرارات التي تمس مصالحها وقامت بحماية الأنظمة التابعة لها لذلك باستعمال حق النقض الفيتو لذلك يجب حل تلك المشكلة الأممية بتعديل وإصلاح الأمم المتحدة وإدخال دول أخرى دائمة العضوية ولها حق النقض الفيتو لمجلس الامن كانت تطالب بالحصول على مقعد دائم كالهند والبرازيل والمانيا واليابان وإلغاء نظام الفيتو الفردي وجعله ثلاثي او بالأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس الامن والخطوة الثانية في الحل هي بإصلاح الجامعة العربية وجعلها فعالة وليست منظمة جامدة لا دور لها سوى تنظيم الاجتماعات الدورية وتأسيس قوة عسكرية عربية تكون جاهزة للدفاع عن الدول العربية عند الضرورة وان تكون هناك وحدة اقتصادية عربية لتكون للدول العربية القوة الأكثر تأثيرا في عالم اليوم وهو الاقتصاد والخطة الثالثة بفك ارتباط أمريكا بأوروبا لكي تعتمد أوروبا على نفسها وتنهي مساومة أمريكا لروسيا على حساب أوروبا.
ادناه مقابلتي التلفزيونية في الأسبوع الماضي قبل الغزو في برنامج حدث وحديث عنوان الحلقة أوكرانيا وهستيريا الحرب في روسيا وامريكا وفيها توقعات وتفاصيل أكثر خطط بوتين في الغزو.
https://www.youtube.com/watch?v=LBozD2iNEKk
الباحث
بسام شكري
1550 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع