قصة قصيرة / النهاية البشعة - الجزء الثاني

                                                    

                            بقلم/أحمد فخري

قصة قصيرة / النهاية البشعة - الجزء الثاني 
من لم يتسنى له الاطلاع على الجزء الاول فبامكانه مراجعته من خلال هذا الرابط
https://algardenia.com/maqalat/52158-2022-01-02-10-25-29.html

بعد ان حصل مايكل على عنوان اخت زوجته تسطح على الاريكة وقال، "دعني اريح عظامي قليلاً واخطط لمداهمة العاهرتين في بيت الدعارة. فهما لن يذهبا لاي مكان. ما العجلة؟". نامَ ولم يستيقظ حتى ساعة متأخرة من صباح اليوم التالي. نهظ من الاريكة حافياً وتوجه الى المطبخ كي يتناول شيئاً لكنه دعس على قنينة بيرة في الارض فتهشمت ودخلت قطعة زجاجية كبيرة بقدمه. صار الدم يتدفق منها بغزارة وكأنه شلال جبلي وبغضون ثوانٍ معدودات اصبحت تحته بركة من الدماء. بدأ يقلق كثيراً فرفع الهاتف وطلب الاسعاف. ظل يحاول ايقاف النزيف بنفسه دون جدوى وكلما غسل قدمه بالماء ليضع القطن على الجرح كان المزيد من الدم يتدفق ويغطي القدم باكمله. بعد قليل سمع صفير سيارة الاسعاف تقف خارج منزله ففتح الباب ليدخل المسعفون ويطلبون منه الجلوس على الكرسي ثم قاموا بعمل سريع ليرشوا جرحه بعبوات تطلق رذاذاً حتى اوقفوا نزيفه. نظر احدهم الى مايكل وقال،

المسعف : سيدي يجب علينا نقلك الى المشفى الآن.
مايكل : هذا غير ضروري ساكون بخير، كل ما اردته هو ايقاف النزيف.
المسعف : لقد اوقفنا النزيف الآن بشكل مؤقت ويجب غلق الاصابة بالغرز وحقنك بابر التتنس وما الى ذلك. فانت ستقع بالكثير من المشاكل إذا لم تعالج قدمك بصورة صحيحة.
مايكل : هل تعتقد انني انسان جاهل يا غبي؟ انا ضابط شرطة كبير في المركز الرابع بميامي.
المسعف : سيدي الالتهابات والتسمم لا تفرق بين ضابط شرطة ومواطن عادي. يجب عليك الذهاب معنا.
مايكل : طلبتكم لتوقفوا النزيف وقد اديتم عملكم شكراً الآن هيا ارحلوا من بيتي فوراً.
نظر المسعف الى زميله فهز زميله برأسه. حملوا امتعتهم وخرجوا من البيت. نظر مايكل الى قدمه وتفحصها جيداً قال، "انها بخير لماذا تفرطون بالاهتمام الغير مجدي؟". امسك بسرواله ليتفقد المال الذي حصل عليه من صاحبه جون لانه شك ان يكون المسعفين قد سرقوه. الا انه وجد المال مازال موجوداً بمحفظته. صعد الى الطابق العلوي وراح يغير ملابسه ثم نزل ثانية ورفع الهاتف على صديقه بالمركز قال،
مايكل : يا جون. اردت ان اطلب منك ان تحجز لي على رحلة ذهاب بالطائرة الى ساكرامينتو.
جون : الا تريد ان تحييني اولاً وتتمنى لي صباحاً ملؤه الخير؟
مايكل : اجل، اجل سامحني، صباح الخير. اريدك ان تحجز لي عن طريق الانترنيت على رحلة ذهاب فقط الى ساكرامينتو.
جون : متى تريد ان تذهب؟
مايكل : بعد الظهر، اريدها اليوم بعد الظهر.
جون : حسناً دعني ابحر في الانترنيت وساقوم بالحجز ولكن ماذا عن ثمن التذكرة؟
مايكل : ادفعها انت واضفها للدين الذي اعطيتني اياه البارحة.
جون : حسناً.
اغلق الخط مع صاحبه وراح يهيئ بعض الملابس كي يأخذها معه ثم تذكر ان خوانا قد اخذت الحقيبة الوحيدة بالبيت. رجع الى الطابق السفلي وفتش بالمطبخ فلم يجد اي اكياس فارغة لذا اخرج احد اكياس القمامة النظيفة وصعد بها الى غرفة النوم فقام بوضع ملابسه بها ثم نزل. فور جلوسه على الاريكة سمع رنين الهاتف. رفع السماعة فسمع صاحبه يقول،
جون : مايكل، لقد حجزت لك على رحلة الغد الساعة 6 صباحاً.
مايكل : يا الهي، انه وقت مبكر جداً. هل لك ان تأتي لتوصلني الى المطار؟
جون : آسف يا مايكل، لدي اشغال كثيرة ويجب ان اباشر عملي.
مايكل : وماذا عن تفاصيل الرحلة؟
جون : الاقلاع من مطار ميامي الساعة السادسة وخمس دقائق من صباح الغد. ستغير مرتين مرة بمطار لاس فيگاس ثم التغيير الثاني بمطارسان فرانسيسكو.
مايكل : ولماذا اضطر لتغيير الطائرة مرتين. الم تجد رحلة مباشرة؟
جون : كلا، هذا كل ما هو متاح.
مايكل : حسناً، اعطني رقم الرحلة وباقي التفاصيل.
اعطاه صاحبه كل بيانات الرحلة واغلق الخط معه. قال لنفسه، "كم هو متغطرس! يريد رحلة مباشرة ولا يعلم انها تكلف الكثير من المال. ومن الذي سيدفع الثمن؟ انا طبعاً. كلا، لقد حجزت له على ارخص رحلة. ستدوم رحلته 18 ساعة.
خرج مايكل الى محل البقالة القريب من منزله واشترى قنينة ويسكي وبعض المكسرات ليرجع ويبدأ بالشرب حتى وقت متأخر من الليل حين قال لنفسه، "غداً انا ذاهب برحلة تنظيف امريكا من بعض القمامة اللاتينية التي تعيش فيها". راح يشرب بشكل متواسط حتى فرغت الزجاجة فتسطح على الاريكة ونام على الفور. بفجر اليوم التالي رن هاتف المنزل بالحاح طويل حتى استيقظ مايكل وهو منزعجٌ جداً من رنين الهاتف قال،
مايكل : من انت ايها المتشرد؟
جون : انا جون يا مايكل.
مايكل : اسف عزيزي جون ولكن الساعة الآن الثالثة فجراً. ماذا تريد؟
جون : يجب عليك الرحيل الآن فطائرتك ستقلع الساعة السادسة.
مايكل : لكن الوقت مازال مبكراً يا مايكل.
جون : كلا، إذا اردت اللحاق بالرحلة فعليك الانطلاق الآن. لا تنسى ان الطريق للمطار سيستغرق قرابة الساعة.
مايكل : حسناً، حسناً ساذهب الآن.
جون : عفواً لا شكر على واجب.
مايكل : انا آسف جون، شكراً لانك ايقظتني.
اغلق الهاتف مع صاحبه جون ودخل الحمام ليغسل وجهه وهو يتذمر من شدة النعاس. بعد نصف ساعة خرج من منزله حاملاً كيس القمامة الذي يحتوي على ملابسه. ركب سيارة اجرة وطلب منه ان يقله الى المطار. وعندما وصل المطار نزل واستدار الى خلف السيارة ثم ركل المصباح الخلفي للسيارة. جائه السائق وقال،
السائق : ماذا فعلت يا حيوان؟ لماذا كسرت مصباحي الخلفي؟
مايكل : انه كان مكسوراً وساحرر لك مخالفة.
اخرج شارة الشرطة وعرضها عليه. تفحص الشارة جيداً وقال،
السائق : حسناً حضرة الضابط. ساصلح المصباح فوراً ولكن ماذا عن اجرة الرحلة؟
مايكل : سوف لن احرر لك المخالفة وبذلك نكون متعادلين.
رجع السائق وجلس خلف مقود السيارة وهو يمطر مايكل سباً ولعناً.
دخل مايكل مبنى المطار وتوجه فوراً الى مكتب الاستعلامات فوجد امرأة عشرينية تقف خلف المنضدة قال،
مايكل : لدي رحلة الى ساكرامينتو مع الساعة السادسة. الا اعطيتني بطاقة ركوب الطائرة؟
الموظفة : آسفة سيدي، هنا الاستعلامات فقط. مكتب الوزن في الطابق العلوي.
مايكل : ولماذا لا تعملينها من عندك، انت تملكين شاشة كومبيوتر امامك اليس كذلك؟
الموظفة : الشاشة للمعلومات فقط وليس مسموحٌ لي ان اقوم باي شيء آخر. ارجوك اصعد الى الطابق العلوي.
مايكل : عليك اللعنة يا ساقطة. انا متأكد لو انك اردت لتمكنت من قضاء حاجتي.
لم تجبه الموظفة انما رجعت الى عملها وهي مستائة من كلام مايكل الجارح . بعد مرور ساعة جلس مايكل بالطائرة لتبدأ رحلته المضنية. بقي يتنقل من طائرة لاخرى حتى وصل بعد 18 ساعة الى مطار ساكرامينتو وهو منتشي لابعد درجة ومنهك القوى يكاد لا يقوى على الوقوف. خرج الى الشارع وطلب من سائق سيارة الاجرة ان يأخذه الى ارخص فندق بالمدينة. فبدأت رحلة جديدة. وبعد 45 دقيقة أوقف السائق سيارته وقال لمايكل،
السائق : لقد وصلنا الى الفندق.
لكن مايكل كان غارقاً بالنوم فعاد السائق ورفع من مستوى صوته وقال،
السائق : قلت لك وصـــــــــــلنا. هيا اعطني اجرتي وانزل.
مايكل : وما هي اجرتك؟
السائق : انظر الى العداد، انها 98.50 .
مايكل : عليك اللعنة، مئة دولار لتقلني الى هنا. على العموم خذ هذه الورقة وابقي الباقي عندك.
اخذ السائق الورقة وهو يهز رأسه من شدة الغضب بسبب شحة البقشيش.
دخل مايكل الفندق وسار بممر ضيق طويل حتى وصل الى مايشبه شباك التذاكر بمحطات القطار. جلس خلفه رجل اسود طويل القامة فقال له،
مايكل : اريد غرفة.
الرجل : 58 دولار بالليلة.
مايكل : ما هذا؟ كلكم متآمرون ضدي تريدون سرقتي؟ ساعطيك 50 فقط.
الرجل : لا يمكنك المساومة. هيا اخرج من هنا.
مايكل : اتعرف من انا؟
اخرج شارته وعرضها على الرجل. نظر اليها وقال،
الرجل : انت شرطي من ميامي وهذه الشارة هي مجرد صفيح ابيض انها لا تعني شيئاً هنا. ساطلب لك الشرطة ليأتوا ويزجوك السجن.
رفع السماعة يريد طلب الشرطة فقال له مايكل،
مايكل : حسناً، حسناً، يا رجل، توقف. كنت امازحك. خذ 60 جنيه وابقي على باقي النقود.
اخذ الرجل المبلغ من مايكل واعطاه المفتاح. صعد مايكل الى الطابق الثاني وفتح باب الغرفة. وما ان رأى السرير الا وانبطح فوقه لينام حتى سمع طرقاً على الباب باليوم التالي. نهظ من السرير وفتح الباب ليجد الرجل الاسود الطويل واقفاً امامه كالعمود قال،
الرجل : الساعة الآن الثانية عشر ظهراً وعليك مغادرة الفندق. إن اردت البقاء يوماً آخر فعليك ان تدفع 58 دولاراً اخرى.
مايكل : حسناً انتظر قليلاً.
اغلق الباب وذهب الى معطفه ليخرج منه ورقة بخمسين دولاراً واخرى بعشرة دولارات عاد للباب ليعطي الرجل المبلغ ثم اغلقه ورجع ليجلس على السرير. راح يفكر مع نفسه محاولاً حصي وضعه الاقتصادي قال، لقد استلفت من صديقي جون 1500 دولار والآن لم يبقى معي سوى 1300 وبما ان هذه الغرفة العينة تكلفني ما يقرب من 60 دولاراً كل يوم بالاضافة الى باقي التكاليف فانا سوف اعلن افلاسي بنهاية الاسبوع. لذا يجب علي العثور على خوانا واختها وانهي المهمة التي جئت من اجلها والا فانا ساعلق بهذه المدينة ولن اتمكن من العودة لميامي. اليوم ساباشر الاجرائات. خرج خارج الفندق وسار بالشارع حتى وجد احدى الاكشاك بوسط الرصيف تبيع النقانق على شكل كلاب ساخنة. اخذ منه شطيرتين وسار بهما حتى وجد حديقة عامة صغيرة. جلس فيها يتناول وجبته ويفكر بطريقة يقتل بها زوجته خوانا. امسك بورقة وقلم في ذهنه وقال دعني اسجل الالتسائلات الخمسة: 1. (كيف) يجب ان احصل على قطعة سلاح والافضل ان تكون مسدس يدوي. 2. (اين). على مكان القتل ان يكون متغيراً لانني لا اعرف المدينة جيداً. 3. (متى) فور حصولي على السلاح ساتوجه الى العنوان الذي حصلت عليه من صديقي جون لاراقب منزل امينة. 4. (من) ساقتل خوانا اللعينة مع اختها امينة. 5. (لماذا) لان اختها سوف تشهد عليّ إذا تركتها تعيش. ولكي ابدأ خطتي دعني افكر كيف احصل على السلاح اولاً. الاسلحة عادة ما تباع بمخازن الرهن. ساذهب لاقرب مخزن وابحث عن سلاح هناك. رمى الكيس الورقي الذي كان يحتوي على شطائر الهوتدوگ على الارض مع ان حاوية القمامة كانت تبعد بضعة امتار عنه. لكنه تذكر ان بمخازن الرهن يطلبون الهويات ويجعلونه يملأ الاوراق مما سيجعله مشتبهاً به إذا ما حققت الشرطة بالموضوع لاحقاً. لذلك عرض عن تلك الفكرة وبدلاً منها رجع الى الفندق وبقي بداخل غرفته حتى حل المساء. خرج ثانية من الغرفة وسار بعيداً باتجاه المناطق الخطرة للمدينة فوجد عاهراً ترتدي قميصاً مفتوح الصدر وبنطالاً قصيراً يبرز كل مفاتنها سألته،
العاهر : اتريد قضاء وقت ممتع؟
مايكل : تعالي معي.
سارت فتاة الليل خلف مايكل حتى دخلا شارعاً فرعياً صغيراً مظلماً فوقف وسألها،
مايكل : هل تستطيعين الحصول على مسدس؟
العاهر : انا قتاة ليل ولست بائعة اسلحة ابعد عني يا معتوه.
مايكل : حسناً انتظري، كم تتقاضين لو مارست معك الجنس؟
العاهر : 50 دولاراً.
مايكل : ساعطيك 150 دولاراً بالضافة الى سعر المسدس.
فكرت قليلاً وقالت له،
العاهر : المسدس بـ 150 اي انك ستعطيني 300 دولار اليس كذلك؟
مايكل : اتفقنا. وهذه 20 دولاراً مقدمة. ستحصلين على المبلغ عندما تأتيني بالمسدس.
العاهر : ارجع هنا بعد ساعة وساعطيك المسدس.
تركت العاهر مايكل واقفاً وهمت بالرجوع لكنه امسك بيدها وسحبها عنده ليخبرها،
مايكل : اريد المسدس محشواً بالرصاص افهمتِ؟
العاهر : اجل، اجل وساتي لك بعلبة اضافية فيها الكثير من الرصاصات.
مايكل : هيا تحركي، لا اريدك ان تتأخري.
رحلت العاهر وتركته يبتسم ويغوص بافكاره متمتعاً بمنظر خوانا مخضبة بالدماء تزحف تحت قدميه بعد اصابتها بطلقة واحدة من مسدسه وهو يبتسم ويقول لها، "هذا كله بسبب عدم طاعتك واحترامكِ لي يا كلبة. لقد انتشلتك من يد ابوك الذي كان خادماً لطبيب بيطري ومنحتك بيتاً لا تحلمين بمثله فاصبحت زوجة ضابط شرطة محترم. والآن تزحفين تحت قدمي تتوسلين كي لا اقتلك. خذي هذه الطلقات الخمسة التي اعددتها لك كي تأخذيها معك الى الجحيم. اجل ساطلق عليها باقي الطلقات واتخلص منها الى الابد". سار بالشارع حتى دخل مقهى صغير يخدم به رجل اسود طاعن في السن. جلس امامه فقال له،
الرجل : هل حصلت على قتل؟
مايكل : ماذا تقصد؟ انا لم اتي لكي اقتل احد.
الرجل : انا اقصد هل توفقت بالحصول على فتاة تمنحك وقتاً ممتعاً؟
مايكل : كلا، انا لم اتي الى هنا لهذا الغرض. جئت كي اتناول القهوة.
الرجل : إذاً انت في المكان الصحيح. ستجد ان قهوتي هي الافضل بكل الولاية.
مايكل : لماذا، هل تقطف حبات البن بنفسك؟
الرجل : كلا ولكني اقدمها بكل حب. تذوقها واخبرني عن رأيك.
رفع مايكل فنجانه وتذوق من القهوة فوجدها قهوة عادية لا تختلف عن غيرها. الا انه لم يشأ ان يتكلم كثيراً مع ذلك العجوز الثرثار كي لا يفضح نفسه. فقد يزل لسانه ويعطي بعض التلميحات عما سيقوم به. اكمل شرب القهوة ثم استدار الى جهاز التلفاز حين سمع خبر عن ازدياد نسبة جرائم القتل في ولاية كالفورنا. فقال بذهنه، "ستزداد غداً بواحدة او اثنان". بقي جالساً يحتسي قهوة تلو اخرى حتى نظر الى ساعته فوجد الساعة تكاد تنتهي. دفع الحساب للرجل الاسود وغادر المقهى متجهاً الى الشارع المظلم. وقف هناك ينتظر مجيء العاهر. مضت اكثر من نصف ساعة عن الموعد ولم ترجع تلك العاهر. قال، "لقد خدعتني الساقطة. اخذت مني 20 دولاراً ولم ترجع بالمسدس. انها ليست ملامة بل انا الغبي الذي صدقت كلامها حين وعدتني. كيف اصدق وعداً تقطعه لي عاهر؟. انا لا اتعلم الدروس من الحياة ابداً. هيا يجب ان اعود الى الفندق كي انام فانا متعب جداً. هم بالعودة فاقبل عليه خيال شخص من بعيد ، ولما اصبح على مسافة متر او اقل صارت ملامح العاهر واضحة وهي تحمل شيئاً بيدها. سألها،
مايكل : هل احضرته؟
العاهر : اجل ومعه صندوق من الذخيرة كذلك. تفحصه جيداً.
اخذ منها الكيس الورقي فتحه ليجد مسدساً من عيار 38. اخرج المشط وتفحصه فرآه مليئاً بالرصاص. فتح لفافة اخرى فسقطت الرصاصت من العلبة على الارض. انحنى وراح يلتقطها ويضعها بجيبه. قالت،
العاهر : اين المال الذي وعدتني به؟
مد يده بجيبه واخرج رزمة من الدولارات اعطاها اياها. اخذت منه الرزمة وقالت،
العاهر : هل هي 300 كما اتفقنا؟
مايكل : انها 300 ناقصاً العشرين التي اعطيتكي اياها سابقاً.
العاهر : كم انت بخيل.
مايكل : الاتفاق هو الاتفاق. هيا سيري في طريقك وانسي شكلي الى الابد.
رحلت العاهر واختفت في الظلام. امسك مايكل بالمسدس وقبله قبلة طويلة ثم واراه تحت ملابسه وعاد الى الفندق حاملاً معه قنينة ويسكي تناولها بغرفته حتى صار لا يميز بين الاحمر والاسود. نام بعدها نوماً عميقاً. استيقظ باليوم التالي على طرق بابه ففتح الباب ليجد الرجل الاسود الطويل واقفاً امامه. عرف مايكل ما يريد فقال، "انتظر". رجع الى سرواله واخرج ورقتين منها اعطاها للرجل ثم غلق الباب وقال، "اليوم هو اليوم المعهود، اليوم ساتخلص من ذلك الصداع الذي لازمني سنين طويلة".
<<<<<<
جلست الاختان على مائدة الافطار وكنّ يتذكرنَ لحظات من طفولتهنّ وكيف كانت خوانا تسبب المشاكل فتتلقى اختها العقاب بدلاً عنها. كانا يضحكان ويأكلان حتى انتهوا من الافطار فوقفت امينة لتغسل الصحون الا ان خوانا رفضت رفضاً قاطعاً واصرت على غسل الصحون بنفسها فوافقت امينة وقالت،
امينة : يجب علي ان اذهب الآن لانني انا التي سافتح المعمل اليوم قبل مجيء العمال. اعتبري البيت بيتك وافعلي ما شئت. بامكانك السير بالاتجاه الايسر لبضع بلوكات وسوف تجدين نفسك بحديقة عامة كبيرة وجميلة.
خوانا : سافعل ذلك ولكن لا تنسي ان تحدثي مديركِ عني.
امينة : وكيف انسى؟
بعد ان خرجت امينة الى العمل دخلت خوانا المطبخ واعدت لنفسها قدحاً فخارياً كبيراً ملأته قهوة امريكية وجلست امام التلفاز لتفتحه فسمعت الاخبار المحزنة بكل مكان من العالم لذا اغلقته ثانية واخرجت البطاقة الشخصية التي اعطاها اياها جاك المحامي وطلبت الرقم فسمعت بالناحية الاخرى صوت جاك يقول،
جاك : الو انا جاك من الطالب؟
خوانا : هلو جاك، انا خوانا، هل تذكرتني؟
جاك : وكيف لا اتذكرك؟ كنت انتظر مكالمتك بفارغ الصبر وخفت انك سوف لن تتصلي. كنت امل ان القاك ثانية لاخبرك بالكثير.
خوانا : وانا كذلك يا جاك. لقد اعجبت بك كثيراً وتمنيت لو اننا نتمكن من ان نلتقي باقرب فرصة فلدي الكثير من الحديث اود مشاركتك به.
جاك : وانا كذلك يا خوانا. ما رأيك باليوم؟ هل لديك التزامات مهمة؟
خوانا : ابداً كنت ساذهب الى حديقة عامة بالقرب من منزل اختي اسمها ستروس بارك اتعرفها؟
جاك : بالطبع اعرفها. لقد التقيت بالمرحومة زوجتي للمرة الاولى عن طريق الصدفة بنفس الحديقة.
خوانا : جيد جداً، ساكون هناك خلال ربع ساعة.
جاك : ساحاول ان اكون هناك بنفس الوقت. ولكن اين ساجدك؟
خوانا : لا اعلم. افترض بداخل الحديقة.
جاك : لكن الحديقة كبيرة جداً. لماذا لا نلتقي بالقرب من البحيرة فهي بالوسط.
خوانا : ساجدها وساكون بانتظارك.
جاك : وداعاً.
خوانا : جاك انتظر، انتظر.
جاك : ماذا هناك؟
خوانا : لا تتأخر ارجوك.
جاك : لا تقلقي، انا آتٍ لا محال.
رجعت الى غرفتها وغيرت ملابسها بسرعة هائلة تنتابها فرحة عارمة وكأنها مراهقة لانها ستقابل اول صديق لها. خرجت من البيت لتتجه الى الحديقة العامة. في الطريق وبينما هي تسير على الرصيف شعرت ان شخصاً ما يتتبعها. ادارت رأسها كي تتحقق منه فلم تجد احداً هناك. ابتسمت وقالت انها مصابة بالسلوك العصبي من جراء قلقها من زوجها. فكيف سيأتي مايكل كل هذه المسافة كي يلحق بها؟ هو لا يعلم باسم كار الجديد ولا يعلم انها انتقلت الى ساكرامينتو. يبدو انني مصابة بالرهاب. بعد قليل وبينما هي تسير صارت تسمع صوت خطوات خلفها تتسارع وتقترب منها. التفتت خلفها بسرعة فلم تجد احداً في الشارع سواها. ابتسمت وقالت، "لا، لا، يجب ان اعثر على طبيب نفساني فور حصولي على اول مرتب من العمل". واصلت سيرها حتى رأت سوراً حديدياً للحديقة، مشيت بمحاذاته حتى وصلت الى البوابة فدخلت لترى امرأة تدفع طفلها بالعربة سألتها،
خوانا : بعد اذنك سيدتي، اين البحيرة؟
المرأة : واصلي السير على هذا المسلك ستجدين البحيرة امامك.
سارت على المسلك الذي تحيطه الزهور والاعشاب من كلا الجانبين. كانت الاشجار منتصبة بكل مكان وكان الجو يبعث بالارتياح, بقيت تسير حتى بانت لها البحيرة من بعيد ففرحت كثيراً وصار قلبها يخفق بتسارع ملحوظ. راحت تفكر بجاك وكيف كان يتحدث معها بالطائرة وكيف كان يمازحها بخفة دمه وروحه التي تشبه روح الملائكة وكيف قبلها لثانية واحدة فقط. وقفت بالقرب من جرف البحيرة وصارت تنظر حولها باحثةً عنه بكل الارجاء لكنه لم يكن هناك. "يبدو انه لم يصل بعد، قال انه سيأتي وهذا يعني انه سيأتي لا محال". بقيت ترصد بعينها لتتحقق من جميع راود الحديقة حتى رأته آتٍ من بعيد. ابتسمت وارادت الركض اليه كي تأخذه بحظنها لكنها تراجعت عن هذا القرار لانه سيحط من قدرها. اجل ستبقى واقفة بمحلها حتى يأتي اليها فترحب به بكل برود بدلاً من ان تفضح نفسها وتبدو له انها متيمة بحبه. اجل هذا ما ستفعله. وقف امامها وفتح ذراعيه لها ليأخذها بالاحضان قال،
جاك : عزيزتي خوانا، اشتقت اليك كثيراً. لا اعلم ماذا انتابني فقد كنت افكر فيك كل الوقت لانك استحوذت على كل تفكيري.
خوانا : لو تعلم ماذا كان يدور بخاطري قبل ان نلتقي! كنت افكر بان اركض اليك وآخذك بالاحظان لكنني تراجعت وخفت انك لا تنظر اليّ بنفس الطريقة.
كانت كلمات خوانا بمثابة دعوة واضحة وصريحة للتقبيل فدنى بشفتيه منها لتستقبله بشفتيها وقبلته قبلة ساخنة جعلتها تذوب بين ذراعيه وتمسك بكتفيه بينما امسك بوجهها وصار يمسح على شعرها.
جاك : لا اعلم كيف حصل هذا كله لكني شعرت انك قريبة من قلبي واني اريدك ان تصبحي لي. صدقيني انها لم تكن حالة تهور او تصرف غير محسوب بل كان شعوراً بالحب. انا احبك يا خوانا.
خوانا : وانا احبك ايضاً يا جاك. لقد حاولت ان اكبح مشاعري كي لا ابدو بصورة غير لائقة لكني لم اعد اتحمل بعدك عني. شكراً لقدومك اليوم. وشكراً لدخولك حياتي المزرية فانت أدخلت الطمأنينة الى روحي.
جاك : اسمعي خوانا، لقد احضرت لك هدية ارجو ان تروق لك. انها هاتفي النقال القديم من نوع نوكيا. احضرته فقط كي نتواصل به انا وانت حتى نخرج سوياً واشتري لك افضل الهواتف التي ستختارينها بنفسك.
اخذت منه الهاتف ووضعته بجيبها ثم قالت،
خوانا : شكراً حبيبي، هذا الهاتف سيكون كافياً عندي وانا لا اريد هاتفاً آخر.
جاك : الا تريدين ان تريني وجهاً لوجه عندما تكونين بعيدة عني؟
خوانا : اجل اريد ان اراك بجميع الاوقات.
جاك : إذاً سنذهب الى احدى المجمعات التجارية الذي يدعى (پاڨليون). انا متأكد انه سيعجبك كثيراً. ما رأيك لو ذهبنا غداً اليه ثم نتناول وجبة الغداء سوياً بعدها؟
خوانا : انها فكرة صائبة لكني لا اريد ان اشغلك عن اعمالك. على العموم بامكانك ان تهاتفني ونتفق على الوقت.
جاك : انت لا تشغليني عن اعمالي، اريد ان اراك واتحدث اليك بجميع الاوقات.
خوانا : قبل ان التقيك، كنت اعتقد ان حياتي قد انتهت تماماً لكنك اشعرتني بان الدنيا ممكن ان تعطي الانسان فرصة ثانية. لقد اوقدت بصيص الامل بقلبي من جديد.
اقبل عليها بشفتيه فاستقبلته بقبلة ساخنة كانت طويلة وممتعة للحبيبين. وبينما هي تقبله لمع امام عينها رجل من بعيد يشبه بهيأته زوجها مايكل. توقفت عن التقبيل وادارت وجهها كي تتثبت مما رأت لكنها لم ترى ذلك الرجل ولا حتى خياله. فابتسمت وقالت لجاك.
خوانا : لدينا مثل يقول، كل الامور الجميلة تاتي مزدوجة. قبلني ثانية فانا لم اشبع من القبلة الاولى.
جاك : بكل سرور هناك ثانية وثالثة. سابقى اقبلك طول العمر يا روحي.
امسك بها هذه المرة وضمها الى صدره وراح يقبلها بكل حنان، يمسح على شعرها الجميل ويبعث بقلبها السعادة والامل بالمستقبل المشرق قال،
جاك : يا خوانا انت دخلت حياتي حينما اعتقدت ان حياتي قد انتهت تماماً بعد وفاة زوجتي. انا جداً سعيد لانني التقيتك. بالرغم من الظروف المؤلمة التي دفعتك لترك زوجك ومغادرة منزله اللعين الا انها كانت فرصتي كي اقابلك واقع بحبك وارجع للحياة من جديد حتى اشعر بلذة الحب. شكراً.
قبلها قبلة ساخنة اخرى ثم وقف وقال،
جاك : ساتصل بك يا خوانا هاتفياً.
كانت تريد ان تقول انها لا تملك هاتفاً لكنها تذكرت انه قام باعطائها هاتفه القديم للتو. نظرت اليه والابتسامة تملأ وجهها قالت،
خوانا : سانتظرها بفارغ الصبر.
استدار وذهب بعيداً يسير بممر طويل بين الزهور، بقيت تنظر اليه وهو يبتعد عنها ثم قالت ببالها، "لو استدار ونظر وراء ظهره فذلك يعني انه متيم بي تماماً واستطيع الوثوق به. يا الهي انه يستدير، انه ينظر الي ويبتسم ثم يشير بيده. اجل انتَ اجتزت الاختبار يا جاك وانا ملك لك الى الابد يا حبيبي. انت غزيت قلبي من جميع بواباته وجلست ملكاً فوقه".
بعد ان توارى بعيداً بين الاشجار استدارت وعادت الى منزل اختها امينة. دخلت الدار وتوجهت مباشرة الى غرفة النوم كي تخلع ثيابها استعداداً لطبخ وجبة العشاء. وبينما هي تتعرى من ملابسها، لمست ثديها بزندها فشعرت شعوراً اثارها بشكل كبير نظرت من الشباك وقالت، "اين انت يا جاك كي تضع بصمتك على جسدي الذي يتوق للمساتك الحنونة. انا لك وانت لي ولن ادع مايكل الكلب يفرق بيننا".
بعد ان انتهت من تغيير ملابسها نزلت الى الطابق السفلي دخلت المطبخ وفتحت الثلاجة لتتفقد الاطعمة الموجودة فيها فعثرت بالمجمدة على الخضار المخلوطة ولحم البقر المفروم والجبنة المفرومة والبيض فقالت، "حسناً ساعمل لها فطيرة الراعي. لقد كانت تحبها كثيراً عندما كنا اطفالاً". بدأت باعداد الفطيرة ثم وضعتها بالفرن ووقتت المنبه كي ينبئها بعد 15 دقيقة. رجعت الى غرفة الجلوس واخرجت هاتفها الجديد وابتسمت ثم راحت تقبله وتقول، "بايديك الجميلة لمست هذا الهاتف مئات المرات والآن انا اقبله وكأنني اقبل يدك الحنونة يا حبيبي" فجأة صار يرن. ابتسمت وقالت انه جاك. ضغطت على الزر ووضعته على اذنها فسمعت صوت جاك يقول،
جاك : هل عدت الى البيت خوانا؟
خوانا : اجل نا بالبيت ولكنك لا تعلم ماذا حصل.
جاك : ماذا حصل. هل وقع مكروه؟
خوانا : لا ليس كذلك. وقفت بالصالة واخرجت الهاتف الذي اهديتني اياه ورحت اقبله وفجأة سمعته يدق وهو بيدي فعلمت انك انت المتصل.
جاك : ان الشريحة التي بداخله جديدة ولا يعرفها غيري لذلك انا الوحيد الذي سيتصل بك. بامكانك ان تضيفي رقم اختك امينة.
خوانا : ساضيفه لاحقاً. والآن قل لي كيف تشعر بعد ان اصبحت لك حبيبة؟
جاك : اشعر وكأنني اطير فوق السحاب. لقد شغلت فكري وملأت قلبي حباً يا خوانا. انا احبك كثيراً. اشعر وكأنني مراهق صغير التقى بحبته الاولى. "تي كييرو"
خوانا : وانا كذلك. اريد ان اكون معك اريد ان اسعدك ان...
قاطعها صوت المنبه لينبئها بجاهزية الطعام قالت،
خوانا : هذا صوت المنبه، يجب عليّ ان اخرج الطعام من الفرن. ساتصل بك لاحقاً حبيبي.
جاك : الله كم هي جميلة. ارجوك قوليها مرة ثانية.
خوانا : حبيبي حبيبي حبيبي حبيبي. ساظل اقولها حتى آخر يوم بحياتي.
جاك : انا احبك بنفس القدر او اكثر بقليل يا حبيبتي ويا ملكة قلبي.
اغلقت الخط مع جاك وركضت الى الفرن لتطفئ النار عليه وتتركه بمكانه جالساً في الفرن كي تزداد الجبنة حمرةً.
<<<<<<
خارج المنزل قبع مايكل بمكان لا يمكن لاي انسان ان يكشفه. كان جالساً بمقهىً يبعد اكثر من مئة متر عن الباب الرئيسي لمنزل امينة، اختار طاولة بالقرب من الشباك ليتمكن من رصد كل من يدخل و يخرج. كان يشرب القهوة تلو الاخرى كي لا يحاسبوه على جلوسه لفترات طويلة بداخل المقهى. كلما ذهب الى دورة المياه، كان يخرج المسدس من جيبه ويتفحص الرصاصات بداخله. ثم يعود الى طاولته ويطلب المزيد من القهوة ليواصل عملية الرصد. قبل قليل كان قاب قوسين او ادنى من الهجوم على خوانا حين رآها تُقَبّل ذلك الوغد الحقير في الحديقة العامة. لذا قرر تغيير خطته. الخطة الجديدة هي قتل جميع المتآمرين وعلى رأسهم زوجته الخائنة خوانا واختها التي تسمي نفسها الآن امينة وذلك الرجل حبيبها الذي لم يتمكن من التحقق من هويته بعد. كان يريد ان يخطط لعملية القتل دون ان تمسك عليه الشرطة ادنى دليل. بعدها يرجع الى وطنه بميامي ويبدأ حياة جديدة جميلة. ربما مع فتاة اخرى لديها جسد مثالي رائع يشبه جسد خوانا لكنها تملك مخاً نظيفاً وتمتاز بالطاعة التامة وحب الزوج. انه يريدها ان تكون مثالية بكل شيء، تنتظره بالبيت حتى يعود، لا تثرثر كثيراً ولا تخرق دماغه إن شرب القليل من الخمر مع اصدقائه. فهو إن شرب فانه يتمتع باوقاته وإن كانت صادقة بحبها له فستكون سعيدة وتفرح له كي يمضي اوقاتاً سعيدة. يجب ان يخطط عملية القتل باحكام كما لو كان جراحاً يؤدي عملية زرعٍ للقلب. القتل سوف لن يكون صعباً عليه لانه سبق وان قتل في السابق. واحد، اثنان، ثلاثة، بل اربعة اجل قتل اربعة اشخاص. ثلاثة منهم كان اثناء تأدية الواجب اما الرابع فكان يستحق القتل. وضع اصابعه على عنق السافل وضغط بكل ما لديه من قوة حتى توقف عن الحركة. لم يستخدم السلاح لان المختبر الجنائي سيتمكن من مقارنة الرصاصة بالسلاح. اما هذه المرة فقد كان بغاية الذكاء لانه اشترى مسدساً مجهول الهوية من تلك العاهر. لذا فإن الشرطة ستتبع السلاح الى من كان مسجلاً باسمه. هو يعلم ايضاً ان الشرطة تتّبع نظاماً ثابتاً في التحقيقات الجنائية مما سيقلب الميزان لصالحه.
<<<<<<
بداخل البيت سمعت خوانا صوت الباب ينفتح وتدخل اختها امينة من الخارج فركضت اليها وقبلتها لتسألها،
امينة : ما هذه الرائحة الزكية؟ انها تملأ البيت كله؟ هل قمت باعداد الطعام؟
خوانا : بالتأكيد، اذهبي الى الفرن وتفحصيه.
ذهبت امينة الى المطبخ فسمعت خوانا صراخاً يأتي من المطبخ. علمت ان اختها اعجبت بمنظر الفطيرة التي اعدتها فرجعت من المطبخ وقبلتها ثانية لتقول،
امينة : دعيني اصعد لاغير ملابسي ثم اعود كي نأكل سوياً. لدي اخبار سارة اخبرك بها.
خوانا : ما هي الاخبار السارة؟ فانا لم اسمع اياً منها منذ زمن طويل.
امينة : على رسلك حبيبتي خوانا. دعيني ارجع واخبرك بكل شيء.
صعدت امينة الى الطابق العلوي وخلعت ملابسها ثم توضأت وعادت الى غرفة نومها لتؤدي الصلاة ثم نزلت لتجد اختها قد اعدت المائدة بشكل منسق رائع قالت،
امينة : يا الهي الرائحة تقتلني.
خوانا : انتظري حتى تتذوقي طعمها.
وضعت اول لقمة بفمها وراحت تمضغها ببطئ شديد وتحرك رأسها وكأنها تطرب لسماع موسيقى شجية.
امينة : انها بالضبط مثلما كنت تعملينها في السابق. لا زيادة ولا نقصان. لقد سجلت بها هدف البطولة.
خوانا : لا تستغبيني بهذا الكلام المعسول، قولي لي ما هو الخبر السعيد يا لئيمة؟
امينة : انت ستعملين معي من الغد. لقد تحدثت مع صاحب العمل وقال اكراماً لامانتي وتفانيي بالعمل فانه سيوظفك معي بمرتب قدره 15 دولار بالساعة على (الآلة الاولية).
خوانا : شيء لا يصدق. هل تقولين الحق يا امينة؟ ارجوك لا تكذبي علي ارجوك.
امينة : صدقيني يا حبيبتي وبما انك ستعملين على الآلة الاولية فاقترح المدير ان نذهب هذا المساء وادربك عليها كي تتعلمي كيف تشغليها.
خوانا : وهل هناك اناس آخرون معنا؟
امينة : كلا سنكون انا وانت بالمعمل فقط.
خوانا : وما هي طبيعة العمل على الآلة الاولية؟ ولماذا سميت بهذا الشكل؟
امينة : عندما تأتينا البضاعة من المجهز بصناديق كارتونية على شكل لحوم غير مقطعة. نضعها بالآلة الاولية فتقوم بفرمها حتى تتحول الى عجينة. بعدها تنقل من هناك على احزمة متحركة الى باقي مراحل المعالجة والتعليب. اللحوم تأتي بعدة فئات حسب نوع المنتوج. فاطعمة الكلاب تختلف عن اطعمة القطط مثلاً.
خوانا : وكيف ساعرف اي فئة تذهب للآلة؟
امينة : هناك قسم متخصص بفرز انواع اللحوم. ما عليك سوى الاشراف على تشغيل الآلة بعد صب الحوم بداخلها.
خوانا : يبدو ان الامر معقداً، لكنك ستشرحين لي كل شيء بشكل عملي اليس كذلك؟
امينة : اجل اجل، سنذهب بعد ساعة من الآن. دعينا ننتهي من الطعام واصعد الى الطابق العلوي كي اجهز حالي ثم نذهب للمعمل.
<<<<<<
تحدث مايكل الى نفسه وقال، "ها قد دخلت امينة الى المنزل سانتظر قليلاً حتى يسترخوا قليلاً ثم ادخل عليهما بالمسدس لافتح عليهما باب جهنم واقضي عليهما الى الابد. هذا جزاء كل من تخون زوجها. والآن دعني اتفحص المسدس واتأكد من عمله بشكل صحيح". اخرج المسدس من سرواله، فتحه وصار يتأكد من نظافة مسار الرصاص وجاهزيته. قال، "سادخل الآن".
نزلت امينة من الطابق العلوي نظرت الى اختها وقالت،
امينة : هل انت جاهزة؟
خوانا : انا جاهزة منذ البارحة.هاهاها
فتحت امينة باب منزلها بنفس اللحظة التي كان مايكل يهم بعبور الشارع لمداهمتهم. وعندما رأى المرأتين تخرجان من الباب توقف وقال، "اللعنة، ماذا يجري؟ لماذا خرجن من جديد؟ ربما هن ذاهبات الى ملهى ليلي او ما شابه. دعني اتبعهما وارى اين سيسيران". تراجع عن عبور الشارع وبقي يتتبعهما من بعيد. سارت خوانا وامينة على الرصيف لفترة قصيرة حتى رآى مايكل امينة وهي تفتح احدى الابواب بالمفتاح. رفع رأسه ليقرأ اليافطة فعلم انهما داخلتان على معمل. لذا تأنى قليلاً كي لا يكتشف امره. بقي واقفاً يراقب المعمل من الخارج. اما بالداخل فادخلت امينة اختها وفتحت الانوار ثم صارت تعرض على اختها جميع اقسام المعمل. شرحت امينة،
امينة : هنا تعمل آلة التعليب، هنا نخزن البضاعة من المورد، هنا نخزن العلب المنتجة كي نشحنها. هنا تقوم الآلة بطباعة تاريخ الانتاج وتاريخ الانتهاء على العلب. وهذه يا ملكتي هي الآلة التي حدثتك عنها انها الآلة التي ستعملين عليها. ليس هناك الكثير من ادوات التحكم تعالي معي. انظري، هذه الشاشة تخبرك ان اللحوم قد اصبحت جاهزة كي تصب بداخل الفرّامة. تضغطين على هذا الزر كي تبدأ سكاكين الفرامة بالدوران ثم تضغطين على هذا الزر كي ترمي الحاوية باللحوم بداخل الفرامة. اما هذا الزر فتقومين بضغطه كي تبدأ عملية الفرم. والآن ساطفئ كل شيء وادعك تقومين بكل المراحل؟
خوانا : قبل ان نبدأ، هل لي ان اسأل لماذا هناك سلم الى تلك الشرفة المرتفعة؟
امينة : هناك يقف المشرف ليتأكد من ان كل شيء يجري بشكل صحيح. الشرفة من الفولاذ لذلك يرتدي المشرف احذية خاصة كي لا تنزلق قدماه.
خوانا : هل استطيع ان اصعد والقي نظرة من الاعلى؟
امينة : ليس لديك حذاء السلامة الآن، لان احتمالية الانزلاق واردة جداً ولكن بالتأكيد بامكانك الصعود غداً عندما نصدر لكِ واحداً. اما الآن فسنقوم بتمرين تجريبي لاتأكد من انك تستطيعين السيطرة على الآلة.
بهذه الاثناء تسلل مايكل من الباب الرئيسي للمعمل وصار يمشي ببطئ شديدفي الظلام كي لا يثير حفيضة ضحيته. دخل بالممر ليصل على مسمعه صوت حديث الفتاتين فراح يتتبعه. توارى خلف عمود متين وصار يتفحص المعمل فهو لا يريد ان يرتكب اي خطاء. نظر من بعيد فشاهدهما واقفتين الى جانب آلة الضخمة. صار يتقرب اليهما بتأني ممسكاً بسلاحه. سمع امينة تقول،
امينة : الآن اضغطي على زر التشغيل يا خوانا.
ضغطت خوانا على الزر فسُمِعَ دوي المحركات الضغمة وصارت تشتغل بكامل طاقتها. ذهبت امينة الى المخزن واحضرت صندوقاً يحتوي على اللحوم ووضعتها بداخل الحاوية. قامت خوانا بالضغط على زر تشغيل السكاكين الحلزونية الدوارة كي تبدأ بالدوران ثم كبست زراً آخر كي تميل الحاوية وتسقط اللحوم من داخلها الى السكاكين. تقدم مايكل قليلاً وصار على مسافة سبع او ثمان امتار من خوانا. هدف بمسدسه واطلق رصاصة. لكن الرصاصة اخطأتها فاصابت جداراً خلفها. انتاب خوانا الرعب لما سمعت صوت الرصاصة فركضت كي تحتمي عند اختها. طلبت منها امينة ان تلحق بها فصارا يجريان بعيداً يتبعهما مايكل. وكلما سنحت له الفرصة كان يطلق عليهما النار فيخطئ هدفه. بقي يركض ورائهما ويطلق النار حتى نفذت الرصاصات من مسدسه فتوقف لاعادة تلقيمه برصاصات جدد. بهذه الاثناء توارت الفتيات خلف المكائن. هنا اخرجت خوانا هاتفها واتصلت بحبيبها جاك، رفع السماعة وقال،
جاك : حبيبتي خوانا كيف حالك؟
خوانا : انا جداً خائفة يا جاك، لقد ذهبنا انا واختي الى المعمل الذي تعمل به كي تعلمني عملية استعمال المكائن فلحق بنا زوجي مايكل ودخل خلفنا المعمل وراح يطلق علينا النار. ارجوك ساعدني يا جاك.
جاك : اعطني عنوان المعمل فوراً؟
خوانا : انه بنفس عنوان بيت امينة ولكن باتجاه مركز المدينة حوالي 200 متر. اسم المعمل هو (معمل بافوس لصنع وتعليب المنتجات الغذائية للحيوانات).
جاك : اغلقِ الخط الآن ساتصل بالشرطة وسأتي بنفسي فوراً.
خوانا : ارجوك اسرع حبيبي.
حالما اغلقت الخط مع جاك سمعت دوي رصاصة فسألت اختها،
خوانا : هل انت بخير يا امينة؟
امينة : اجل، اجل انا بخير لا تقلقي. دعينا نفترق لاننا الآن نشكل هدفاً سهلاً لمايكل. ساذهب انا الى اليمين وانت اذهبي الى اليسار. احرصي على ان لا ترفعي رأسك فوق الآلات كي لا يراك.
مشت امينة الى اليمين مطأطئة رأسها وابتعدت عن اختها بينما مشت خوانا الى اليسار. وهنا اطلق مايكل عليها النار فاصابها بخدش بذراعها اليمين. سمعت مايكل يضحك ويقول، هل اصبتك يا زوجتي العزيزة؟ لا عليك سوف لن تشعري بشيء حين تموتين.
لم ترد على مايكل وانما بقيت تتوارى بين آلات المعمل بينما استمر مايكل يتتبعها ويطلق النار عليها.
بهذه الاثناء اتصل جاك بالشرطة واعطاهم جميع البيانات عن الاعتداء المسلح الذي وقع بالمعمل فوعدوه انهم سيرسلون عدة سيارات للموقع فوراً من المركز الذي يبعد مجرد كيلومتر واحد من المعمل. ركب جاك سيارته وذهب كي يصل الى المعمل هو الآخر. بداخل بناية المعمل استمر مايكل باطلاق النار حتى علم ان بهذه الوتيرة ستنفذ كل ذخيرته إذا لم يصب اهدافه بشكل مباشر. سار نحو آلة المفرمة التي كانت ما تزال تعمل وتصدر اصواتاً عالية فرأى سلماً ومنصة حديدية مرتفعة. قام بالتسلق على سلمها كي يكون مرتفعاً ويتمكن من رؤية اهدافه من هناك بشكل بارز. سار على المنصة ونظر حوله فوجد كل شيء اصبح واضحاً وسهلاً عليه كي يصطاد فريسته. رأى شبحاً خلف احدى الكراسى فراقبه حتى خرجت منه امينة. هدف عليها بتأني واطلق النار فاصاب ساقها لتصرخ من الالم. نادتها اختها وقالت،
خوانا : هل انت بخير يا امينة؟
وقتها علم موقع خوانا ايضاً من صوتها عندما تكلمت. وجه سلاحه الى المكان الذي تختبئ فيه خوانا وقال، "إذا تحركت قليلاً الآن فسوف التقط رأسها واتمكن من اصابته بشكل مباشر". تحركت خوانا فظهر له رأسها. هدف عليه تهديفاً سديداً ثم اطلق رصاصة ليصيبها فسقطت على الارض وتسبح بدمائها. في هذه الاثناء سمع صوت صفارات آليات الشرطة قادمة تطوق المعمل. اضطرب كثيراً وركض باتجه السلم كي يهرب لكن دون ان يعلم كان قدمه ينزف بغزارة فكان الدم قد تسبب في انزلاق حذائه من فرط السرعة، ارتبك وفقد توازن ليسقط بداخل الفرامة فقامت السكاكين الحلزونية تقطعه ارباً.
زحفت خوانا من مكانها تتألم من اصابتها برأسها ودنت من الفرامة لتستند على عواميدها وتقف ثم ضغطت على الزر الاحمر لايقاف الفرامة. نظرت بداخلها فلم تجد سوى اصبع واحداً فقط هو ما تبقى من مايكل. اصيبت بالغثيان وصارت تتقيأ على الارض. بعدها مشت نحو اختها امينة فوجدتها فاقدة للوعي. دخل رجال الشرطة وصاروا يتفقدون المعمل من الداخل يدققون ويتفحصون كل شيء. وصلوا الى خوانا وامينة فسألوهما،
الشرطي : هل انتما بخير؟
خوانا : نحن مصابتان بطلقات يا حضرة الضابط.
الشرطي : لا تقلقوا، الاسعاف بالخارج سيتولى امركما. ولكن اين المجرم؟
خوانا : ستجده بداخل الفرامة ليصبح طعاماً للكلاب.
تحدث قائد فرقة الاقتحام بالجهاز اللاسلكي وقال ان كل شيء آمن وبامكان باقي الوحدات الدخول فدخل رجال الاسعاف ووضعوا الفتاتين على نقالات ليحملوهما الى الخارج. وقبل ان يدخلاهما بسيارتي اسعاف مختلفتين وقف جاك بالقرب من خوانا فابتسمت بوجهه وقالت،
خوانا : لا تقلق، انا واختي بخير. ارجوك تعال معي.
ركب جاك معها بسيارة الاسعاف واغلق الباب لتسير السيارتان باتجاه المشفى. في الطريق كان جاك يتحدث مع خوانا ممسكاً يدها طوال الطريق. ولما وصلوا هناك أدخلتا الى قسم الطوارئ بالمشفى والى غرفتي عمليات منفصلتين.
بينما وقف جاك خارج الغرفة ينتظر بشغف كبير وراح يدمدم مع ذاته يبدو انه كان يصلي. جائت سيدة داكنة البشرة حيت جاك وقالت،
السيدة : هل تعلم إذا كانوا قد ادخلوا امينة الى غرفة العمليات؟
جاك : من انت؟
السيدة : ارجو المعذرة، انا اسمي سهيلة صديقة امينة المقربة. تحدثت معي من هاتفها النقال عندما كانت بسيارة الاسعاف فجئت فوراً كي اكون الى جنبها. ومن تكون انت سيدي؟
جاك : انا اسمي جاك، انا صديق اختها خوانا. اتصلت بي عندما كانوا بداخل المعمل وهم يتعرضون لاطلاق النار. فوراً قمت بالاتصال بالشرطة واخبرتهم بما جرى ثم هرعت للمكان كي احاول ان اقف على آخر المستجدات. ولكن حمداً لله فالسيدتان خرجتا باصابات طفيفة.
سهيلة : إن الحمد الله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ باالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا. قدر الله ولطف. لكنني لم اعرف من امينة إن كانت الشرطة قد امسكت بالجاني، واقصد هنا زوج اختها خوانا.
جاك : يبدو انه سقط بداخل آلة فرم اللحوم وفارق الحياة على الفور. هذا ما اخبرتني به خوانا عندما كنا بسيارة الاسعاف. انا خائفٌ جداً على خوانا لان اصابتها بالغة.
سهيلة : اتمنى ان يكونا بخير.
بقي الاثنان يترقبان وينظران الى باب غرف العمليات. كان الجو موتراً وكان جاك يتناول القهوة تلو الاخرى بينما راحت سهيلة تسبح بمسبحتها جالسة على كرسي بغاية البرود. لم يتحمل جاك من ان يسألها،
جاك : سامحيني سيدتي ولكن من اين حصلت على كل هذا البرود والهدوء النفسي؟
سهيلة : الله يقول، قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا. وهذا يعني إن اراد الله لهما السوء فسوف يصابو بالسوء وإن اراد لهما الخير والشفاء فانهما سيشفيا. دع عنك الوساوس يا سيد جاك وكن صبوراً.
وما ان اكملت جملتها الا وفتحت باب غرفة العمليات ليخرجوا امينة مستلقية على السرير النقال يدفعه رجل يرتدي ملابس بيضاء. خرج بعدها الطبيب فهرعت اليه وسألته،
سهيلة : كيف سارت الامور يا دكتور؟
الطبيب : جرحها كان بسيطاً وستكون على ما يرام فالرصاصة لم تصب عظم الساق بل اخترقت العضلات وخرجت من الناحية الاخرى. لا تقلقي سيدتي.
جاك : وماذا عن اختها خوانا يا دكتور؟ هل هي بخير؟ ارجوك خبرني.
الطبيب : لا علم لي بذلك، لانها أدخلت بغرفة عمليات ثانية ويقوم بمعالجتها جراح ثاني.
قالها الطبيب وسار بالممر الطويل عائداً الى غرفته الخاصة. سارت سهيلة بمحاذاة سرير امينة بينما بقي جاك ينتظر خارج غرفة العمليات وهو بغاية التوتر. انه يعلم ان حياته قد ارتبطت بحياة خوانا وان دخولها لدنياه قد اعاد له الامل وجعله ينسى آلامه التي تسببها موت زوجته الاولى. بقي يتمشى بالممر ذهاباً اياباً وكل مرة ينظر الى الباب لكن الباب لم ينفتح. تراكمت عليه الهموم والتشائم صارت تدب الى قلبه من اوسع الابواب. كان كلما سار بضعة امتار بعيداً عن الباب، يعود ويرجع في امل ان يراه ينفتح وتخرج حبيبته بخير وسلام. وكلما اعاد الكرة كان يختار السير مسافة ابعد كي يقتل الوقت بسيره. لكن الوقت بمثل هذه الحالات لا يمضي بانتظام بل يقوم بالزحف بشكل بطئ. صار يحاول ان يتذكر الصلوات التي كان يتذكرها عندما كان طفلاً صغيراً. فتذكر جملة ابان الذي في السموات والارض والـ... والـ... ماذا بعدها؟ اجل اعطنا خبزنا كفافنا اليوم واغفر لنا خطايانا و... و... اوه كم انا غبي. لماذا لا اتذكرها؟ كنا نرددها كل يوم في الصباح الباكر بالمدرسة. اريد ان اصلي ولكن نسيت الصلوات. انا اعلم ان الله يراني الآن لذلك ساتكلم معه بشكل مباشرة. يا ربي العظيم يا خالق كل الدنيا اريد منك ان تشفي حبيبتي خوانا التي تعرضت لظلم زوجها القاسي. وانا تعرضت للظلم على اثر وفاة زوجتي التي كنت احبها. ارجوك يا الهي لا تجعلني ارى تلك الايام من جديد ارجوك احمها وشافها وانا اعدك انني ساذهب الى الكنيسة وساحفظ كل الصلوات من جديد. انت تعلم جيداً انني لم اقترف الكثير من الذنوب ولكنك خلقتنا وتعلم جيداً اننا كبشر نقترف الذنوب، صدقني انا اتوب اليك يا ربي واتمنى ان تغفر لي توبتي وان تشفي حبيبتي خوانا فانا لا اريد الاستمرار بهذه الحياة إن رحلت هي الاخرى.
فجأة انفتح الباب وخرج سرير ابيض عليه مريض قاموا بتغطية رأسه دلالة على وفاته. هال جاك ذلك المنظر وصارت الدموع تسيل من عينيه بشكل كبير. ركض الى الطبيب وقال،
جاك : هل ماتت خوانا يا دكتور؟
الجراح : كلا، هذا شابٌ في مقتبل العمر تعرض لحادث سير بينما كان يقود دراجة نارية ولم نتمكن من انقاذه.
جاك : يا الهي، كم هذا شيء محزن.
وبينما هو يتحدث مع الجراح انفتح الباب ثانية وخرج سرير آخر من غرفة العمليات. تفحصه جيداً وإذا به يرى وجه حبيبته خوانا ورأسها ملفوف بالشاش. ركض الى الجراح وقال،
جاك : هل سارت الامور على ما يرام يا دكتور؟
الجراح : اجل اطمئن. فجرحها كان سطحياً ولم تصاب الجمجمة باي ضرر. قمنا بمعالجة الجرح وستكون المريضة بخير.
جاك : شكراً لك يا دكتور.
رفع يده للسماء وقال، "شكراً لك يا ربي، لق انقذت حبيبتي واستجبت لدعائي. اما انا فسوف اوفي بوعدي وساواصل الصلاة من جديد". سار جاك مع الممرضة التي تدفع سرير خوانا حتى دخلت غرفتها فدخل ورائها. علقت الممرضة انبوب المصل على رافع حديدي ثم خرجت من الغرفة. فتحت عينيها فوجدت جاك بجانبها وهو يقبل يدها و يدعكها فابتسمت ابتسامة خفيفة وقالت،
خوانا : كنت اعلم انك ستقف الى جانبي وتنقذني يا حبيبي.
جاك : كيف لا وانت استحوذت على قلبي وجلست بداخله. انا احبك يا خوانا.
خوانا : وانا كذلك ولكن ماذا حل باختي. هل هي بخير؟
جاك : اجل، اجل انها بخير. لقد اخذوها الى غرفة مجاورة. جائتها سيدة اسيوية اسمها... اسمها... قالت انها صديقتها المقربة بقيت خارج غرفة العمليات حتى خرجت فسارت معها الى الغرفة.
خوانا : هذه سهيلة، انها صديقتها المقربة.
جاك : اجل قالت اسمها لكنني لم اتذكره. على العموم، انا جداً سعيد لانك تخلصت من ذلك الوغد الذي كان يقلق منامك والآن انت تحررت منه ومن شره.
خوانا : لكن الامر كان بشعاً جداً يا جاك. لقد فرمته الآلة ولم يبقى منه سوى اصبع واحد.
جاك : الآن يجب عليك ان تنسي كل شيء يقلقك ويسبب لك التوتر. الآن علينا ان نفكر بالاجرائات فقط.
خوانا : الاجرائات! اي اجرائات؟
جاك : اجرائات زواجنا.
خوانا : لكنك لم تطلبني بشكل رسمي بعد يا جاك.
جاك : إذاً دعيني اقولها الآن قبل ان يخرج امرٌ آخر يعيق مستقبلنا. يا خوانا انريكيز هل توافقين ان تصبحي زوجتي بالحلوة والمرة بالصحة والمرض لا يفرقنا الا الموت؟
خوانا : اجل ولكن على شرط.
جاك : ما هو شرطك قولي.
خوانا : ان تطلبني امام اختي امينة عندما نشفى نحن الاثنتان ونخرج من المشفى.
جاك : وهذا امر سهل جداً. لماذا ننتظر حتى تخرجا من المشفى؟ سادفع سريرك الى غرفة اختك الآن وسوف اكرر الطلب امامها.
خوانا : انتظر يا جاك، انت مجنون، ماذا عن المصل؟
جاك : عمود المصل لديه عجلات، امسكي به وسيسير مع السرير. سأذهب بك الى الغرفة المجاورة.
خوانا : لا، لا تفعلها ارجوك.
جاك : بل انظري ماذا يفعل الحب.
فصل كل شيء من سرير خوانا وجعل خوانا تمسك بعامود المصل ليدفعه الى خارج الغرفة ويدخلها الى غرفة امينة حيث وقفت صديقتها سهيلة بجانبها فاندهشوا كثيراً قال،
جاك : يا امينة، جائت اختك خوانا كي تزورك وتطمئن عليك ولكي اقول جملتي التي اتحرق لقولها.
امينة : حبيبتي خوانا، انا سعيدة لانك بخير. ماذا تريد ان تقول يا جاك؟
نظر جاك الى خوانا وقال،
جاك : يا خوانا انريكيز هل توافقين ان تصبحي زوجتي بالحلوة والمرة بالصحة والمرض لا يفرقنا الا الموت؟
خوانا : اجل موافقة.
هللت امينة من سريرها صارت تبعث لاختها القبل بالهواء. اما سهيلة فاحتظنت خوانا وقبلتها ودعت لهما بالخير وبحياة سعيدة.
عانق جاك خطيبته خوانا وقبلها قبلة ساخنة لتصفق السيدتان لهما.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

649 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع