قدح من ماء العراق يساوي ٥٠٠ دولار

التفاصيل

تم إنشاءه بتاريخ الإثنين, 06 أيار 2019 05:59

كتب بواسطة: خالد حسن الخطيب

                      خالد حسن الخطيب

قدح من ماء العراق يساوي٥٠٠ دولار

في سنة 2018 ارسل لي صديقي المقيم في دولة السويد صورا عن طريق برنامج التراسل الشهير ( الواتس اب ) تُظهر اولاده الاربعة وهم مجتمعون في حديقة بيته التي يعتني بها للغاية والتي طالما حدّثني عنها وعن اصناف الاشجار المزروعة هناك , وحدّثني ايضا عن معاناته بسبب كثرة الحشرات والآفات الزراعية والتي لا يحق لك مكافحتها عن طريق المبيدات الحشرية بسبب القوانين والانظمة الصارمة في دولة مملكة السويد اذ لا يسمح القانون السويدي برش الاشجار والمزروعات بالمبيدات الحشرية الكيمائية السامة خوفا على الحياة البرية ان تتضرر بكامل صورها , وحدّثني ايضا عن كيفية رش الاشجار ب ( المبيدات الطبيعية ) وخصوصا شجرة التفاح بمسحوق الغسيل ( التايت ) والماء حتى يتخلصون بصورة جزئية من الدود والحشرات المنتشرة على الثمار .

وكان صديقي يقضي معظم وقت فراغه في حديقته الغنّاء والاعتناء بها اذ يعتبرها المكان المفضل لديه صيفا وكيف كان يشتري ويزرع اشجار الكمثري وأصناف أشجار التفاح المطعّم التي تعطي صنفين من ثمار التفاح في الشجرة الواحدة , لكني توقفت عند احدى الصور اذ كان هناك الكثير من ( دلو ماء / سطل ) السطوله المتجمعة في جانب من جوانب حديقته فقد كانت هذه السطوله مخصصة لمادة الزيتون فبادرته بالسؤال وانا امزح معه ... هل عملك الان في تخليل الزيتون وصناعة الطرشي ...

فأنفجر ضاحكا من كلامي وقال ... أي زيتون تتكلم عليه وأي تخليل للزيتون اعمل به .... فقلت له وما هذه السطوله الكثيرة المتجمعة في حديقتك ...

فرد عليه قائلا .... هذه السطوله قد جمعتها وجلبتها من مطعم يقع على الخط السريع , ففي احد الايام ترجلتُ من سيارتي وسئلت صاحب المطعم .. هل استطيع اخذ السطوله الفارغة الكثيرة الملقاة على جانب الطريق ؟
فقال لي نعم يمكنك ذلك ... وعلى الفور قمت بأخذ السطوله الى حديقة بيتي وعددها اربعون وكانت هذه السطوله بحجم ثلاثون كيلوغرام للسطل الواحد مخصصة لمادة الزيتون الاسود الاسباني المستورد .
قمت بغسلها وتنظيفها جيدا وكان الغرض من جلبها هو لتخزين وتجميع ماء المطر ... فقلت له والدهشة قد اكتسحت عقلي .. ماء المطر ....
فقال لي نعم ماء المطر فانت لا تعلم كم هو مرتفع سعر الماء الذي يأتي عبر الصنبور .... الماء الذي يأتي عبر الصنبور غالي ومرتفع الثمن ..
فقلت له والدهشة اخذت من علقي ما اخذت .. هذا الكلام لا يصدّق ... السويد بلد الثلوج و البحيرات والامطار فكيف يكون الماء الذي يأتي عبر الصنبور مرتفع الثمن ؟

فرد عليه وقال .. غالبا لا تمطر السماء في فصل الصيف بالسويد , وتكون الشمس عاموديه بصورة شديدة فتحتاج اشجار حديقتي الى الماء كي ترتوي حتى لا تتعرض للجفاف واذا قمت بسقي الاشجار والشجيرات الصغيرة بالماء الذي يأتي عبر الصنبور وبشيء قليل لكل شجرة فانك ستفاجئ بفاتورة الماء وقد جاء في ذيل الفاتورة مبلغ 4500 كرونا سويدية ما يعادل 500 دولار امريكي ..
فقلت له ...
يا الاهي ... ( 500 دولار من اجل القليل من الماء )
فقال نعم .. فأننا لا نستهلك الماء في المنزل الا عند الضرورة وبشكل مقنن للغاية .

فقلت له شاكرا نعمت الله .. الحمد لله الذي وهبنا في بلدنا العراق نهرين عظيمين دجلة والفرات ...
الحمد لله الذي وهبنا الماء الوفير لنشرب ونغتسل ونسقي ونلعب ونلهو ونستمتع ..


الحمد لله اننا نعيش في بلد العراق ... بلد الشمس والماء والخيرات والوجه الحسن...
فقال لي نعم .. العراق بلد الحضارات ومستودع الخيرات وبلد الموارد الطبيعية و بلد النهرين العظيمين دجلة والفرات
وكيف لا وقد ذكره الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه اذ قال (( واسقيناكم ماء فراتا)) اي وجعلنا لكم سقيا من الماء العذب .

وقال صديقي ايضا... قبل يومين كنت جالسا على التلفاز اشاهد برنامج على قناة التلفزيون السويد الرسمية , وكان هذا البرنامج يكشف الاضواء على شركة سويدية صناعية تقوم بإنتاج وتصنيع المكائن والمعدات الخاصة لإنتاج وتعبئة وتغليف التمور بالطرق الحديثة وقد لفت انتباهي مدير الشركة السويدي لإطرائه وتغزله وعشقه بالأنواع الفاخرة واللذيذة التي تنتج في العراق والتي قال عنها هناك 450 نوعا او صنفا من التمور العراقية التي لا مثيل لها في الدنيا من ناحية النكهة والطعم والتي شربت وسُقيت من ماء العراق العذب الرقراق ومن ماء دجلة والفرات .
فقلت له مازحا .. اذا جئنا لزيارتكم في السويد صيفا لربما نموت عطشا بسبب غلاء وارتفاع سعر ماء الصنبور او نجلب معنا قدح من ماء العراق فانه يساوي اكثر من 500 دولار...
فقال لي وهو يضحك .. كلا ...كلا سوف نقدم لكم الماء الذي تجمع من ماء المطر .

فهنيا لمن شرب ماء دجلة والفرات , وكيف لا وقد قال فيه سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم ويقصد العراق : ان فيه خيرا لن ينفد الى يوم الدين .