مدير الشرطة العام اللواء عباس علي غالب يستدعي الزعيم الركن عبدالكريم قاسم في مكتبه... ويوبخه!!
صديق الكاردينيا الدائم
روى المرحوم الدكتور كمال السامرائي الطبيب العراقي المعروف عن صديقه اللواء الركن عباس علي غالب مدير الشرطة العام عام 1958 والذي توفي يوم 1991/7/16 اثر اصابته بنوبة قلبية حادة لم تمهله سوى يومين فقط عن عمر بلغ السادسة والسبعين، وهو من خريجي المدرسة العسكرية في بغداد وكلية الاركان فيها. ودرس العسكرية في لندن، وكان من المتقدمين بين اقرانه الانكليز والاجانب في كلية سانت هيرتز وتدرج في المراتب العسكرية حتى وصل الى رتبة لواء ركن وانيطت اليه قيادة الفرقة الاولى في الديوانية وكان في غاية النشاط وملم بتاريخ الحروب القديمة والحديثة وموهوب بالرسم واقتناء التحف القيمة.
وفي سنة 1958 ولاه نوري السعيد رئيس الوزراء مديرية الشرطة العامة إعارة من الجيش لمدة سنتين فكانت اخر ايامه في هذه الوظيفة قريبة جدا من انقلاب 14 تموز من السنة نفسها فاوقفه الانقلابيون من تنظيم الضباط الاحرار بعد قيام الثورة رهن التحقيق مع من اوقف من رجال العهد الملكي، وافرج عنه بعد بضعة اشهر لعدم ثبوت ما يستوجب حبسه ومحاكمته.. فانعزل في داره الا من بعض الزيارات التي كان يتبادلها مع اصدقائه الخلص.
روى الى بعض اصدقائه بعد ان اطلق سراحه من التوقيف قال له:
في حوالي منتصف شهر مايس 1958 كلمني رئيس الوزراء للاتحاد الهاشمي نوري السعيد.. وطلب مني ان اتحرى حركات بعض ضباط الجيش ومنهم عبد الكريم قاسم فقد بلغه (على حد قوله) ان مجموعة من الضباط يخططون لانقلاب عسكري بدعم من جمال عبد الناصر، ثم اضاف نوري السعيد وانا استغرب ان يكون منهم عبد الكريم قاسم الذي حظي باهتمامي اكثر مما حظى مني اي ضابط اخر، وختم كلامه مخاطبا اللواء عباس علي غالب وهو يقول له بغضب: ((اريد ان ارى عبد الكريم قاسم باسرع وقت)).
قال عباس علي غالب: اتصلت بالحال بعبد الكريم قاسم في المقدادية ليحضر الى دائرتي في بغداد، وجاءني في اليوم التالي الى مقر مديرية الشرطة العامة وبعد ان ادى التحية العسكرية لي طلبت منه ان يجلس قريبا مني، فقلت له الباشا نوري السعيد ساخط عليك بتورطك في تحركات سرية ضد الدولة، فاحذر ياكريم ان تتورط في مثل هذه الامور.
فاجابني عبد الكريم ((انا ياسيدي لايمكن ان أتآمر ضد الباشا وما سمعه عني محض افتراء ولاصحة له باي قدر)).... قلت له على كل حال الباشا يريد مقابلتك وتناول عباس علي غالب الهاتف وكلم نوري السعيد قائلا:
باشا عبد الكريم قاسم في دائرتي وقاطعني نوري السعيد قائلا يجيني الان فوراً، واغلقت الهاتف وتحولت نحو عبد الكريم قاسم وقلت له الباشا ينتظرك ثم قلت له، وعد الي بعد مقابلتك له لأعرف منك جلية الامر، وبعد ساعة دخل عبد الكريم قاسم غرفتي بمديرية الشرطة العامة، وهو يبتسم ويقول الباشا واهم وغاضب علي دون سبب، فلا انا ولا احد في لوائي له الافكار التي يتكلم عنها الباشا... قلت له، ياكريم خبرني بتفاصيل المقابلة قال ماكدت ادخل غرفة الباشا حتى سألني وهو ينهض من كرسية.. كريم انا مقصر معاك!! الم ابعثك الى لندن مرتين دون مبرر؟ وهل رفضت لك طلب؟
واردت ان اتكلم فاسكتني بحدة قائلا، ((اسمعني والله اذا قبضت عليكم فسأعلقكم واحدا واحدا على طول شارع الرشيد واجعل اهلكم يلبسون الاسود طول اعمارهم)).
فقلت له باشا اسمح لي: فقاطعني بقوله:
ولاكلمة.. هل تنكر؟
فقلت له نعم ياباشا انفي كل ما سمعته عني.
قال: تقسم بالشرف العسكري؟
قلت له: اقسم بالشرف العسكري ان لاصحة لما وصلك عني فانا لايمكن ان اخونك ياباشا.
عندها تبدلت اسارير وجهه وهو يقول لي: نعم اقتنعت .. هيا في الامان ياللا.....
غادرت غرفته بعد ان لمست رضاه عني.
وفي فجر يوم 14 تموز حدث الانقلاب وكان الزعيم الركن عبد الكريم قاسم احد القائمين بها في ظل القَسَم بشرفه العسكري أمام الباشا رئيس الوزراء !!!
581 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع