
شفق نيوز-أصدر "معهد نيولاينز" الأميركي تقريراً مفصلاً عن الانتخابات العراقية المقبلة، موضحاً المشهد السياسي والانتخابي واحتمالات تشكيل الحكومة الجديدة بعد الاستحقاق المقرر في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، مع التركيز على تأثير القوى الإقليمية والدولية على العملية السياسية العراقية.
وبحسب التقرير، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، فإن الانتخابات العراقية ليست حدثاً مستقلاً، بل حلقة وصل بين الصراع الداخلي والتنافس الإقليمي، في ظل تقلبات جيوسياسية كبيرة يشهدها الشرق الأوسط منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
واعتبر التقرير الأميركي، أن إجراء الانتخابات بحد ذاته يُعد إنجازاً مهماً، إذ يعكس التزام العراق بالعملية الديمقراطية رغم الأزمات المستمرة منذ عام 2003.
وأوضح أن المشهد الداخلي العراقي معقد، إذ يواجه تحديات كبيرة بسبب الانقسامات داخل المعسكرات الشيعية والسنية والكوردية، بالإضافة إلى التنافسات بين الفصائل الشيعية الموالية لإيران، وبين التيارات البراغماتية، ومجموعة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، والتيار الصدري والتيار التشريني.
وأشار التقرير إلى أن الانقسامات السنية والكوردية تلعب دوراً في إبطاء تشكيل الحكومة، إذ تعتمد بعض الكتل السنية على رعاية الفصائل الشيعية أو القوى الإقليمية، بينما يشهد المشهد الكوردي تذبذباً بين الوحدة والانقسام، مع سيطرة الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني على المشهد، وما زالت الخلافات الداخلية للاتحاد تؤثر على توازنه مع الديمقراطي الكوردستاني، ما قد يؤثر على صياغة الحكومة المقبلة في بغداد.
وأكد التقرير أن الانتخابات العراقية منذ 2003 كانت دائماً ساحة للتنافس الإقليمي، حيث تلعب الولايات المتحدة وإيران الدور الأكبر، مع تأثير محدود لدول مثل تركيا ودول الخليج. وأوضح التقرير أن التدخل الخارجي سيعقّد عمليات صنع القرار الداخلي.
ونبه إلى أن الولايات المتحدة كانت وسيطاً أساسياً في تشكيل الحكومات العراقية السابقة، فيما يسمح ضعف موقف إيران حالياً لواشنطن بمحاولة استعادة نفوذها، خصوصاً في ظل ضغوطها الأخيرة على قانون الحشد الشعبي والمطالبة بنزع سلاح الفصائل الموالية لإيران.
وأضاف التقرير أن التوصل إلى تفاهم أميركي-إيراني قد يسهم في تسهيل تشكيل الحكومة، بينما استمرار التوترات قد يؤدي إلى شلل سياسي طويل، خصوصاً إذا تداخلت الأزمة مع تصاعد النزاع بين إيران وإسرائيل.
3 سيناريوهات
حدد التقرير ثلاثة سيناريوهات رئيسية لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة، الأولى هو تشكيل حكومة موسعة عابرة للطوائف والأعراق، وتضم القوى الشيعية وفصائلها الموالية لإيران، بالإضافة إلى الأحزاب الكوردية والسنية الكبرى، وهو السيناريو الأكثر احتمالاً في حال التوصل إلى اتفاق نووي أميركي-إيراني.
أما السيناريو الثاني، فهو حكومة أكثر تأييداً للغرب بقيادة القوى الشيعية المعتدلة والبراغماتية، بما فيها كتلة السوداني وتيار الحكمة ودولة القانون، مع مشاركة الكتل الكوردية والسنية، واستبعاد الفصائل الموالية لإيران تحت الضغط الأميركي، وقد تواجه هذه الحكومة تحديات من الفصائل المستبعدة، مما قد يهدد استقرارها المبكر.
ووفقاً لهذا السيناريو كما يرى التقرير، من الممكن استبعاد الجماعات ذات الروابط القوية مع إيران تحت الضغط الأميركي، مثل عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله أو حتى منظمة بدر.
إلا أن التقرير يرى أن السؤال الرئيسي يتعلق بما إذا كانت هذه الفصائل المستبعدة ستسعى إلى تخريب الحكومة الجديدة، كما فعلت في عهد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي.
لكن التقرير لفت إلى أن البيئة الإقليمية المتغيرة والخوف من أن تصبح أهدافاً للانتقام الأميركي أو حتى الإسرائيلي قد تدفع هذه الجماعات إلى تبني موقفاً أكثر ملاءمة تجاه حكومة تستبعدها.
وتابع قائلاً، إنه بإمكان هذه الجماعات أيضاً الرد بقوة من خلال تحدي سلطة الحكومة لزيادة مخاطر إقصائها وتجنّب الظهور بمظهر الضعف أو الخضوع.
في حين تضمن السيناريو الثالث، شللاً طويلاً وحكومة تصريف أعمال، بقيادة حكومة السوداني، قد تستمر حتى ما بعد عام 2026، نتيجة الصراع الشيعي على رئاسة الوزراء، أو تردد السنة والكورد في دعم حكومة يُنظر إليها على أنها لا تلبي مصالحهم، وهذا السيناريو قد يؤدي إلى تصعيد عدم الاستقرار الداخلي وتآكل موقع العراق الإقليمي.
وسلط التقرير الأميركي، الضوء على عدد من الشخصيات التي يُتوقع أن تلعب دوراً في رئاسة الحكومة المقبلة، من ضمنها محمد شياع السوداني، إلى جانب أسماء أخرى مثل قاسم الأعرجي، وأسعد العيداني، وعدنان الزرفي، دون تحديد المرشح الأوفر حظاً، نظراً للطبيعة المتقلبة للمشهد السياسي بعد الانتخابات.
وخلص تقرير "معهد نيولاينز" الأميركي، إلى أن تشكيل الحكومة العراقية المقبلة مرتبط بشكل مباشر بالتوازنات الداخلية بين الفصائل والكتل السياسية، وبدرجة كبيرة بتأثير القوى الإقليمية والدولية، خصوصاً الولايات المتحدة وإيران وتركيا ودول الخليج.
وختم التقرير، بالإشارة إلى احتمال تزايد النفوذ الأميركي في العراق بحال ضعف إيران أو التوصل إلى تفاهمات نووية، مؤكداً أن ذلك سيحدد مسار العملية السياسية العراقية في الأشهر المقبلة.

732 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع