من صياغة الذهب إلى قداسة الحرف عراقي يخط أكبر مصحف في العالم

علي زمان صائغ يخلد اسمه بحروف القرآن

المصحف الذي خرج من بين أنامل الفنان العراقي يتكوّن من 30 صفحة ضخمة، تضم كل صفحة جزءًا كاملًا من القرآن الكريم. أما الأبعاد، فبلغت أربعة أمتار طولًا ومترًا ونصف المتر عرضًا لكل صفحة، لتجعل من هذا العمل تحفة فنية غير مسبوقة في العالم الإسلامي.

ميدل ايست:في تجربة فنية وروحية نادرة، نجح الفنان العراقي علي زمان في إنجاز أكبر مصحف خطي في العالم، بعد ست سنوات من العمل الدؤوب الذي جمع بين الإيمان العميق والانضباط الحرفي، ليضع اسمه في سجل الإنجازات العالمية التي تحتفي بجمال الخط العربي وقدسيته.

ولد زمان عام 1971 في مدينة رانية التابعة لمحافظة السليمانية بإقليم كردستان العراق، وتعلّق منذ صغره بجماليات الحروف والزخرفة، قبل أن يختار طريقًا مختلفًا في بداياته المهنية بصياغة الذهب. غير أن شغفه بالخط العربي ظل يرافقه بصمت حتى عام 2013، حين قرر التفرغ كليًا لهذا الفن الذي رآه وسيلة للتعبير عن الروح والهوية في آنٍ واحد.

بعد انتقاله إلى تركيا عام 2017، بدأ الحلم يتشكّل بصورة أكثر وضوحًا. هناك، في إسطنبول، وضع زمان تصورًا لمشروع بدا حينها شبه مستحيل: كتابة المصحف الشريف بخط يده، بحجم غير مسبوق. أمضى عامًا كاملًا في البحث والتصميم وجمع المواد اللازمة، قبل أن يباشر العمل فعليًا عام 2020، مستخدمًا أدوات تقليدية من القصب والأحبار الطبيعية، ومتمسكًا بخط الثلث الكلاسيكي الذي يُعد من أدق وأجمل أنواع الخط العربي.

المصحف الذي خرج من بين أنامل الفنان العراقي يتكوّن من 30 صفحة ضخمة، تضم كل صفحة جزءًا كاملًا من القرآن الكريم. أما الأبعاد، فبلغت أربعة أمتار طولًا ومترًا ونصف المتر عرضًا لكل صفحة، لتجعل من هذا العمل تحفة فنية غير مسبوقة في العالم الإسلامي.

لم يكن الطريق سهلًا، كما يروي زمان. فخلال جائحة كورونا، تعطلت حركة استيراد الورق الخاص بالمشروع، كما لم تتوافر الخامات المناسبة داخل تركيا. غير أن دعم والده وإصراره على إتمام العمل كانا دافعًا كبيرًا لتجاوز تلك العقبات. وعن تلك المرحلة يقول الفنان: «العمل المميز يمنح الإنسان شعورًا بالسعادة، لأن إنجازه لا يقدر عليه إلا القليلون».

اللافت أن علي زمان تحمّل كامل تكاليف المشروع من ماله الخاص، رافضًا أي دعم مادي أو رعاية مؤسساتية، إيمانًا منه بأن هذا العمل يجب أن يكون نابعًا من إخلاص شخصي وروحي. وقد وصف إنجازه بأنه ثمرة صبرٍ طويل ورغبةٍ في تقديم شيء خالد يعكس عظمة النص القرآني وجمال اللغة العربية.

لم يكن هذا المشروع الأول الذي يبرز فيه زمان عالميًا، فهو يُعد من أبرز الخطاطين العراقيين المعاصرين، وقد حصد خلال مسيرته جوائز في سوريا عام 2007، وماليزيا 2014، والعراق 2015، وتركيا 2019 في مجالي خط الثلث والنسخ. كما نال عام 2017 جائزة التقدير في مسابقة الحلية الشريفة الدولية وتسلمها من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وفي العام 2020، حصل على إجازة رسمية بالخط العربي من كبار الأساتذة، منهم أحمد عبد الرحمن أربيلي وبيجار كريم أربيلي.

بهذا الإنجاز الفريد، لا يقدم علي زمان مجرد عمل فني ضخم، بل يوقّع على وثيقة إبداعية تحمل رسالة روحية عميقة: أن الحرف العربي، حين يُكتب بإخلاص وإيمان، يمكن أن يتحول إلى جسرٍ يصل بين الفن والعبادة، وبين الجمال والقداسة، في أبهى صورة للإنسان حين يُخلص لما يحب.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1061 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع