الصباح/بغداد/ بشير خزعل - تصوير/ نهاد العزاوي:مازالت ضفاف نهر دجلة محددة بمناطق لايمكن تجاوزها من قبل الزوارق الاهلية ، ففي زمن النظام السابق كان النهر محرما في مساحات واسعة على زوارق النقل النهري والصيادين والسياح ، فلم يكن احد يجرؤ على العبور من تحت جسر الشهداء مرورا باتجاه منطقة الدورة ، وفي مناطق اخرى من النهر فان العبور يقتصر من ضفة لاخرى فقط ولايسمح بالمرور من امام المنطقة الخضراء ، الامر الذي جعل من النهر مقطع الاوصال على اصحاب الزوارق والصيادين ومرتاديه، ولم يعد بالامكان استثمار اغلب المساحات المائية الموجودة على طول مدينة بغداد وبما يعود بالفائدة على سكان المدينة من نواح مختلفة.
استثمار
ضفاف دجلة من منطقة الكريعات وصولا الى منطقة الدورة بحاجة الى اعادة نظر في استثمارها من نواح مختلفة ، فاصحاب الزوارق يشكون تضييق الخناق عليهم بضفتي الجسركطريق للتنقل، وكذلك الصيادون، ومساحات كبيرة من النهرمغلقة بسبب الاجراءات الامنية ، في وقت يمكن استثمارضفاف جانبي نهر دجلة في السياحة والنقل النهري كما في البلدان
الاخرى .
في ضفة النهرالقريبة من سوق السراي يمتهن اصحاب الزوارق الصغيرة نقل مجاميع من الركاب من 4-6 اشخاص بين ضفتي النهر ذهابا وايابا ، ولايحق لهم العبور من تحت الجسروصولا الى الجهة المقابلة للمنطقة الخضراء، وهي ايضا كانت محرمة في زمن النظام السابق على الموطنين فلايسمح بالمرور في تلك المنطقة او حتى الاقتراب منها ، يقول عبد الله رزوقي ( 48) سنة صاحب زورق صغير لنقل الركاب : اعمل في هذه المهنة منذ 20 عاما، وفي زمن النظام السابق كان النهر محرما في اجزاء واسعة منه بسبب وجود القصور الرئاسية على ضفة النهر وكذلك وزارة الدفاع ودوائر حكومية اخرى ، الامر الذي صعب من حركة اصحاب زوارق النقل وقلص من فرص العمل بسبب محدودية المساحة التي نتحرك فيها، فانا منذ الساعة السابعة صباحا اجلس في زورقي بانتظار الدور لكي احمل 4 او 5 ركاب بمبلغ 5 الاف دينار ، وبالكاد اذهب وارجع بين ضفتي النهر مرة واحدة في اليوم او مرتين في ايام الذروة والاعياد والمناسبات، واضاف رزوقي : نناشد الجهات الحكومية والامنية ان تقوم بفتح الحركة في النهر والسماح لاصحاب المراكب بالمرور على طول المسافة التي يمر فيها النهر بمدينة بغداد .
بطاقة تعريف
جبار خشن صاحب زورق اخر يكنيه زملاؤه ( ابو سمره ) 60سنة وهو اكبر الموجودين سنا ، بين ان الجهات الامنية بامكانها ان تعطي بطاقات تعريف لكل صاحب زورق تسجل فيها معلومات كاملة وتصنف الزوارق حسب ارقام وحروف محددة ، كي تنظم عمل تجوال الزوارق، مع امكانية تشكيل هيئة صغيرة تختص باصحاب الزوارق في نهر دجلة وتقوم بالتنسيق مع الجهات الامنية من اجل عدم حصول حوادث او عمليات تخريب من قبل بعض الغرباء ، مضيفا ان العمل في نهر دجلة غير مشجع لاصحاب الزوارق والصيادين بسبب محدودية المساحات التي يمكن ان يتنقلوا فيها والمنع من قبل الاجهزة الامنية التي تحظر المرور في المساحات المقابلة للمنطقة الخضراء على وجه الخصوص ، الامر الذي جعل مالكي الزوارق يزدحمون في مساحة ضيقة وفرص عمل شحيحة ، خصوصا واننا نمتهن قيادة الزوارق النهرية بالوراثة ومنذ سنوات طويلة، ولامهنة اخرى يمكن ان نتعلمها بعد سنوات طويلة من العمل في النهر.
سوق شارع النهر
البعض من تجار سوق شارع النهر القريب من المدرسة المستنصرية اعتمدوا الزوارق كوسيلة نقل سريعة للضفة الاخرى من النهر ، فجسور الشهداء والسنك والجمهورية غالبا ما تكتظ بمئات السيارات وتحدث زحامات خانقة تطول لساعة او ساعتين ، سامي عبد الكريم (37) عاما صاحب محل لتجارة الاقمشة اكد اهمية الاهتمام بالنقل النهري كوسيلة بديلة عن استخدام السيارات في اوقات الذروة ، فمن اجل الوصول من سوق النهر الى اي منطقة في جانب الكرخ او قريبة من ضفة النهربالسيارة قد يستغرق الوقت ساعة او اكثر ، في حين ان عبور ضفة النهر بالزورق لايحتاج سوى الى 10 دقائق فقط ، ولو كان مسموحا التنقل في بعض مناطق النهر التي تصل قريبا من منطقة الجادرية والزعفرانية والدورة لخف الزحام في شوارع بغداد الى اكثر من النصف ، لان اغلب المواطنين يحبون ركوب الزوارق والتجوال في النهر بالاضافة الى رخص الاجور وسرعة الوصول .
حركة مستمرة
اغلب اصحاب الزوارق يشعرون ببعض فضاء الحرية لعودة الحياة الى النهر ، بعد فترة طويلة من الانقطاع بسبب الاجراءات الامنية التي كان النظام السابق يفرضها على مناطق الاعظمية والكريعات والجادرية والمناطق القريبة من جسر الجمهورية، يقول هيثم رزوقي احد الصيادين في منطقة الشواكة: في زمن النظام السابق انعدم النقل النهري في هذه المناطق وابتعد صيادو الاسماك الى مناطق اخرى ، وبعد العام 2003 اصبحت هناك حركة نشطة في النقل النهري مابين جانبي الرصافة والكرخ ، لكن عودة الامور الى سابق عهدها اخذت ترجع شيئا فشيئا حتى اصبحت مناطق واسعة من النهر محرمة على اصحاب زوارق النقل والصيادين بحجة الاجراءات الامنية او لقرب بعض مكاتب ومساكن المسؤولين من ضفاف النهر ، وفي هذا الامر اجحاف لحقوق العاملين في النهر منذ سنوات طويلة ، فهو ملك لجميع العراقيين وليس لشخص او فئة محددة .
غير صالح
الخبير المتقاعد في شؤون الملاحة النهرية محسن جابر اكد عدم صلاحية نهر دجلة للسياحة والنقل النهري بسبب وجود الجزرات والطمى في النهر وبدائية تصنيع الزوارق وعدم وجود وسائل الامان فيها ، فاغلب زوارق القطاع الخاص هي زوارق صغيرة يتولى قيادتها ناس بسطاء عاشوا على ضفاف النهر ، وهم انفسهم من قاموا بصناعة هذه الزوارق الخشبية وهي لاتسع سوى بضعة اشخاص لايتجاوز عددهم العشرة او اقل من ذلك ، الامر الذي ادى الى بعض حوادث الغرق خلال السنوات الماضية ، ولذلك لابد من اعادة النظر في موضوع النقل النهري في ما يخص القطاع الخاص من جوانب متعددة وتنظيم هذه العملية وفق خطة مدروسة تعود بالفائدة على الراكب وصاحب الزورق والدولة ، وهذا الامر لايحتاج الى ميزانيات ضخمة بقدر احتياجه الى التنظيم وفق اجراءات وضوابط فنية وادارية غير بيروقراطية من قبل جميع الاطراف المختصة سواء في وزارة النقل او الجهات الامنية التي تشرف على المناطق الممنوع الاقتراب منها في النهر .
النقل الحكومي
وزير النقل كاظم فنجان الحمامي، اعلن في شهر اذار الماضي من العام الحالي ان الاول من نيسان من نفس العام سيكون موعد تشغيل التاكسي النهري بين الأعظمية والجادرية في بغداد.
وقال الوزير: ان الهدف من ذلك للتخفيف من حدة الزحام الذي تشهده العاصمة بغداد ولإضافة خدمة تنقل جديدة وتقليل الجهد على الطلبة بين جانبي الكرخ والرصافة.
وبين الحمامي: ان زوارق الشركة العامة للنقل البحري في بغداد ستبدأ يوم الاول من نيسان المقبل بتشغيل الخط النهري (التاكسي النهري) بين الأعظمية والجادرية على ضفاف نهر دجلة.
مؤكدا: ان الزوارق الجديدة التي ستعمل على هذا الخط تتسع لـ 40 راكبا وتتوفر فيها جميع مواصفات الامان البحرية وتعمل عليها طواقم متخصصة.
وكانت وزارة النقل العراقية قد أنجزت في العام الماضي مشاريع سياحية، من ضمنها زورق سياحي وسط نهر دجلة تمهيدا لإنعاش السياحة النهرية. كما تأمل في تسيير رحلات نهرية بين منطقتي البصرة وخرمشهر الإيرانية. وزارة الداخلية من جانبها نظمت إجراءات النقل النهري وفق ضوابط خاصة ،ومن خلال الحصول على موافقة وهوية لغرض منع الأعمال المخالفة للقانون.
تنظيم
الخبير الامني هشام حسن القيسي قال : يمكن انعاش السياحة والنقل في نهر دجلة بشكل واسع من خلال الغاء الاجراءات الامنية على بعض المساحات المائية في نهر دجلة وفتح طريق المرور بالاتجاهات المتعاكسة امام زوارق النقل الاهلية والصيادين ، من خلال تنظيم العملية بين وزارتي النقل والداخلية ، وتكون جميع الزوارق العاملة في النهر مسجلة باسماء اصحابها الشرعيين ، وهم فئة محددة وليس مثل مالكي سيارات الاجرة ، اذ يمكن حصر العدد بما موجود من زوارق اهلية مازالت تعمل في النهر منذ فترات طويلة ، اما في ما يخص الاجراءات والاحتياطات الامنية ، فالنهر في ضفته اصبح منخفضا بشكل كبير عن مستوى سطح الارض ، ولايمكن لاي زورق المرور الى اعلى النهر ، بالاضافة الى امكانية وجود نقاط المراقبة والكامرات التي يمكن ان تؤمن المنطقة من اختراقات الارهابين
التي من المستبعد ان تحصل لانها لن تفضي الى اي شيء مع وجود منطقة مؤمنة بالكامل.
691 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع