ضابط الشرطة الموصللي عقيد الشرطة فيصل محجوب الطائي ١٩٢٩- ٢٠٠١ من محققي الشرطة البارزين اقترن اسمه بكشف جرائم ابو طبر

ضابط الشرطة الموصللي عقيد الشرطة فيصل محجوب الطائي ١٩٢٩ -٢٠٠١ من محققي الشرطة البارزين اقترن اسمه بكشف جرائم ابو طبر

عقيد الشرطة فيصل محجوب جاسم الطائي من ضباط الشرطة القادة المميزين في الاداء والسلوك والخبرات العملية التي يمتلكها في مجال كشف الجرائم الغامضة. وبرز اسمه على مستوى العراق وبالاخص محافظتي بغداد ونينوى اللتين شغل فيهما منصب مدير شرطة مكافحة الاجرام، وبرز اسمه لدوره في التحقيق مع المجرم الشهير (أبو طبر).

ولد المرحوم فيصل محجوب جاسم الطائي عام 1929 في محلة النبي شيت في الموصل، وقد أكمل دراسته الأولية فيها وتخرج عام 1944 والتحق بدورة المفوضين 26 في مدرسة الشرطة العالية، وتخرج فيها عام 1948 وكان الأول على دفعته، ودخل كلية الشرطة وتخرج فيها عام 1963 برتبة (ملازم شرطة).

شارك في عام 1973/ 1974 ضمن فريق التحقيق في الكشف عن أخطر سلسلة جرائم شهدتها العاصمة بغداد، والمعروفة بأسم ( جرائم زمرة أبو طبر) والتحقيق مع المجرم حاتم الذي اعترف بارتكابه وزمرته جرائم قتل وسرقة في كرادة مريم والمنصور ومدينة الشرطة الأولى.

وفاته:
توفي العقيد فيصل محجوب في عام 2001 رحمه الله واسكنه فسيح جناته.

من الذاكرة الصحفية العراقية:

لقاء صحفي مع مدير الشرطة فيصل محجوب اجراه الصحفي العراقي المرحوم سلام الشماع حيث التقاه في داره بحي الدندان في مدينة الموصل في اواسط تسعينات القرن الماضي

 

كتب الصحفي سلام الشماع (يرحمه الله):

ظلت شخصية (أبو طبر) سراً من الأسرار ولغزا محيرا من الألغاز، في ظل حالة التوتر والقلق التي سادت الشارع العراقي في أوائل سبعينات القرن الماضي لحين القبض عليه وعرضه من خلال شاشة التلفزيون. إن أبناء الجيل الماضي يهمهم معرفة أية معلومة جديدة عن (أبو طبر). أما أبناء الجيل الجديد فأن أكثر من مئة (أبو طبر) يشغلهم في ظل الانفلات الأمني، الذي نعيشه. وقد قيّض لي، قبل سنوات، أن ألتقي ضابط شرطة المتقاعد المرحوم فيصل محجوب، الذي كشف لي أسراراً عن خفايا القبض على هذا المجرم الخطر وإفادته أمام اللجنة التحقيقية الخاصة التي تشكلت خصيصاً للتحقيق معه، كون المرحوم فيصل محجوب كان هو المحقق، الذي انتزع الاعتراف من (أبو طبر) بأنه هو (أبو طبر) وجميع جرائمه نفذها بأسلوب غاية في الغرابة ومن دون اللجوء للتعذيب والقوة!!
آخر جريمة
تحدث لي المرحوم فيصل محجوب راوياً حادثة القبض على (أبو طبر): اقتحم (أبو طبر) دار طبيب - في منطقة 52 - وكان الطبيب مسافراً إلى خارج العراق وليس في الدار غير الحارس، فصرخ الحارس في وجه (أبو طبر) وطارده فأجتمع شباب المنطقة وشاهدت إحدى الجارات، وهي معلمة، ما يحدث فأسرعت وأخبرت شرطة النجدة، التي تعقبته حتى ألقت القبض عليه..
واضاف السيد فيصل محجوب:
كنتُ، وقتها، مديراً لمكافحة الإجرام في بغداد، وكنت، في تلك الأيام أتمتع بأجازة في الموصل ورن جرس الهاتف في البيت، وإذا على الطرف الآخر من الخط مساعدي (السيد/ مناف الصالحي) يدعوني للتوجه إلى بغداد في الحال.. موضحاً لي أنهم ألقوا القبض على شخص (وضعيته) غريبة ويشتبه بأنه هو (أبو طبر)، الذي استنفرت الدولة أجهزتها كلها للقبض عليه.. قلت له: احتفظوا به حتى أصل إلى بغداد.. قال لي: تعال بسرعة لأن مدير الشرطة العام طلب ذلك.. وفعلاً اتصل بي مدير الشرطة العام، بعد دقائق، من إغلاق الخط مع مناف الصالحي وقال لي: نحن بانتظارك.. فأسرع بالمجيء لتحقق مع هذا الشخص فقد يكون هو (أبو طبر) فنريح ونستريح.. فامتثلت للأمر وحضرت إلى بغداد وطلب مني مدير الشرطة العام الذهاب إلى الكرادة الشرقية للمباشرة بالتحقيق مع الشخص المذكور.. وقد اصطحبت معي مساعدي مناف الصالحي وذهبنا إلى الكرادة الشرقية واستدعيت المتهم.


يقول الصحفي سلام الشماع يرحمه الله:

قلت له: استطيع أن أتخيل انك أول ما رأيته صفعته على وجهه صفعة قوية!!!
الا ان المرحوم فيصل محجوب قاطعني قائلا:

لابد أن تعرف، في البداية، أني لا أميل أبداً إلى استعمال العنف في التحقيق وألجأ دائماً إلى أسلوب المجاملة، بعد التعرف على شخصية المشتبه به وميوله النفسية، ولكني اتفقت مع مساعدي مناف الصالحي على أن يدخل علينا ويطلب مني السماح له باستعمال العنف مع المتهم ليعترف. عندما جيء به قال لي إنه ضابط طيار متقاعد، وأراني هوية ضابط طيار.. فأجلسته، وبينما أنا أتحدث معه دخل مساعدي مناف الصالحي وقال لي:(سيدي إن هذا الشخص لا يريد أن يعترف فلنأخذه ونذيقه مرّ العذاب حتى يعترف)؟؟؟.. فرفضت بشدة وقلت له كيف تُعذب ضابطاً طياراً.. اتركه ولا شأن لك به.. وعندما خرج مناف الصالحي من الغرفة بذلتُ محاولاتي مع المتهم لاقناعه بالاعتراف ولكنه لم يعترف، وعند الظهر شعرت بالجوع فأعطيت أحد أفراد الشرطة ديناراً وطلبت منه أن يجلب لنا نصف دجاجة من المطعم القريب.. وضعتُ الطعام على المكتب، ودعوت المتهم لتناول الغداء معي.. فرفض ولكني ألححت عليه، فشاركني الغداء، ثم شربنا الشاي سوية.. ساورني شك قوي بأن هذا المتهم هو (أبو طبر) بعينه لأن شرطة النجدة وجدت معه حقيبة جلدية جلبتها إليّ فيها (جطل) سيارة وحديدة رفيعة ومسننة، قيل لي إنها جزء من أجزاء السيارة. وزاد الشك في داخلي أن هذا المتهم ارتكب جرائم عدة.. وسألته عن محل سكناه، فأخبرني أنه يسكن قرب جامع (أم الطبول)، فطلبت من (مساعدي مناف الصالحي) أن يجلب كل ما يشك به من مواد وأثاث كانت لدينا صورها.
وماذا وجدتم؟
كان احد البيوت المسروقة يعود لمهندس متقاعد يعمل مقاولاً وقد سُرقت منه سجادات صغيرة وقُتلت خادمة البيت، وقد التقطنا صوراً للمسروقات.. وعندما عاد مناف قال لي: (أبشّرك يا سيدي فقد عثرت على السجادات المسروقة من دار المهندس في بيت المتهم).. وهذا ما جعلني أثق أن هذا المتهم هو (أبو طبر) لأنه عندما سرق بيت المهندس ضرب الخادمة بطبر(آلة حديدية جارحة) على رأسها، والحادثة الأخرى هي حادثة جان آرنست، الذي كان بيته في كرادة مريم وكان (أبو طبر) قد سرقه وضرب زوجته بالحديدة المسننة على رأسها وعندما نزلت ابنتها من الطابق الثاني وهي تصرخ لحق بها وضربها على رأسها بالطريقة نفسها.. وكانت خادمة البيت نائمة وعندما استيقظت ضربها على رأسها فأغمى عليها، فظنَّ (أبو طبر) أنها ماتت بعد أن تلطخت يداه بدمها.. ولما صعد إلى الطابق الثاني امسك (المحجّر)، الذي على السلم فرسمت كفه وفيها الدم.. ثم أن (أبو طبر)، قبل تنفيذه هذه الجريمة، كان قد نفذ جريمة أخرى بالأسلوب نفسه هي جريمة قتل المرحوم مدير الشرطة بشير احمد السلمان مدير شرطة كركوك الأسبق وزوجته وولده وأحد أقاربهم يشاركه ابن أخته حسين.. ولكني لم أبين أمام المتهم أني اعرف ذلك كله وبقيت أجامله وقد مال هو إليّ نتيجة ممانعتي استعمال العنف ضده ومجاملتي الزائدة له، ولكني أرسلت في طلبه يوماً وكلمته وأنا أتصنع أني شارد الذهن مهموماً اضرب أخماساً بأسداس.. فسألني المتهم حاتم كاظم هضم (أبو طبر) عما بي وما إذا كان ثمة ما يضايقني فرويت له أن وزير الداخلية هددني بالنقل إلى نقطة نائية على الحدود وبالعقوبة إذا لم اكتشف من هو مرتكب الجرائم التي أقلقت بغداد وأرعبتها.. وفجأة قال لي المتهم حاتم: اكتب..اكتب..أنا (أبو طبر) وأنا الذي ارتكبت هذه الجرائم!!
الخبز والملح
وما الإجراء الذي اتخذته عندما سمعت هذا الاعتراف الصريح؟
ابتسم المرحوم فيصل محجوب قبل أن يقول لي:
- لقد تصنعت عدم التصديق وقلت له إن (الخبز والملح) الذي أكلناه سوية وعلاقتنا القوية جعلتك تفعل ذلك لتنقذني من النقل والعقوبة وأنا صاحب عائلة كبيرة فأخذ المتهم يقسم لي انه هو (أبو طبر).. فخرجت من الغرفة بحجة الذهاب إلى المغاسل واتصلت بمدير الشرطة العام من غرفة مجاورة وزففت إليه البشرى باعتراف المتهم حاتم كاظم هضم بأنه هو (أبو طبر)، فأتصل المدير العام بوزير الداخلية، الذي طلب مني إنهاء التحقيق مع (أبو طبر) وإحالته إلى لجنة خاصة شكلت للتحقيق معه.. ونشرت وسائل الإعلام كلها نبأ تشكيل اللجنة التحقيقية التي ستحقق مع (أبو طبر) والمكونة من حاكم/ قاضي ومعاون أمن وأنا بينهم.. وذهبت إلى مديرية الأمن العامة مصطحباً (أبو طبر) ،فوجدت بانتظاري العضوين الآخرين في اللجنة التحقيقية، اذ أودع (أبو طبر) في موقف مديرية الأمن العامة، واتفقنا على أن نأتي كل يوم للتحقيق مع (أبو طبر) مستعينين بالتحقيق الأولي الذي أجريته معه.
مقتل حلاق
وما الجديد الذي حصل في هذا التحقيق؟
- استعرضنا الجرائم والحوادث كلها،التي حصلت في بغداد وروي لنا (أبو طبر) حادثة مضحكة، هي أن زوجته كانت مريضة وذهب بها إلى الطبيب، فطلب منه الطبيب الخروج من غرفة الفحص ليقوم بفحصها ولما أبدى رفضه زجره الطبيب. فخرج (أبو طبر) من غرفة الفحص وقرر في نفسه أن يقتل الطبيب ،فأعاد زوجته إلى البيت وعاد لينتظر الطبيب حتى خرج من العيادة ومشى خلفه حتى تعرف على السيارة وأخفى نفسه فقاد الطبيب سيارته ودخل بها إلى مرأب بيته ودخل الدار، فقفز (أبو طبر) من صندوق السيارة وتسلق بسرعة (نخلة) كانت في حديقة الدار وبقي ينتظر حتى ينام من في الدار ليقتل الطبيب، ولم يطل انتظاره فقد أخذ يسمع لغطاً في دار الطبيب تحول إلى عياط وصراخ ثم أخذ الناس يدخلون ويخرجون من بيت الطبيب، ثم تبين أن الدكتور قد فارق الحياة، وقبل الفجر نزل (أبو طبر) من النخلة وذهب إلى حال سبيله!
واضاف المرحوم فيصل محجوب:
وروى لنا (أبو طبر) حادثة أخرى عن حلاق قتله بعد أن تعقبه إلى بيته، والسبب أنهما اختلفا على أجرة الحلاقة وقال الحلاق لـ(أبو طبر): لو كان عندي مادة لاصقة للصقت شعرك على رأسك مرة أخرى، وكنا قد ساورنا الشك بزوجة الحلاق وتم توقيفها، وعندما حصلنا على هذا الاعتراف من (أبو طبر) أطلقنا سراحها.
سرق نقودي
من المعلوم أن (أبو طبر) كان يقيم في ألمانيا فما الذي جاء به إلى العراق ثانية؟!
- قبل أن يذهب (أبو طبر) إلى ألمانيا كان مفوض شرطة وكان احد أقاربه مديراً للأوقاف فعينه في مديرية أوقاف كركوك جابياً للمال فأختلس مبالغ كبيرة وقبض عليه وقدم إلى المحكمة، وحكم عليه بالحبس سنة واحدة، وبعد إطلاق سراحه سافر إلى ألمانيا إذ عمل بتهريب الخمور إلى السعودية بوساطة سيارة سرقها من ألمانيا، واصطدمت سيارته في المانيا بسيارة أخرى، فنزل (أبو طبر) وضرب سائق السيارة التي اصطدمت بسيارته وأسقطه أرضاً مغمياً عليه وهرب عائداً إلى العراق.
وفي أثناء التحقيق سألني (أبو طبر): هل أنت من الموصل؟
وعندما أجبته بالإيجاب قال لي:
-عندما وصلت من ألمانيا إلى العراق ذهبت إلى الموصل لأقتل شخصاً ولكني أشفقت عليه عندما رأيت أمه العجوز، فعدلت عن قتله.
ولما سألته عن سبب تخطيطه لقتل الشخص المذكور.. أجاب: أن هذا الشخص كان من اهل الموصل صادفته في ألمانيا ودعوته بعد العشاء للمبيت معي في الفندق الذي انزل فيه بعد أن عرفت انه لا يملك سكناً وانه في ضائقة مادية، ولكني عندما استيقظت صباحاً لم أجده وعندما بحثت عن نقودي لم أجدها فقد سرقها وهرب!



كتاب سفاح بغداد ابو طبر الجرائم التي هزت مدينة بغداد تاليف الدكتور اكرم المشهداني

خارطة مواقع الجرائم الثلاث الكبرى التي ارتكبها ابو طبر في بغداد عام 1973
(1) الاولى في حي المنصور عائلة المرحوم الحمامي يوم الثلاثاء 24 نيسان 1973
(2) الثانية في كرادة مريم – حي التشريع عائلة جان آرنست يوم الثاني من آب 1973
(3) الثالثة في حي الشرطة الأولى – شارع الربيع قرب نفق الشرطة يوم 31 آب 1973
4- دار سكن الزمرة المجرمة في حي النفط خلف جامع ام الطبول بالكرخ.





برنامج الشرطة في خدمة الشعب الذي كان يقدمه اسبوعيا المرحوم عبدالفتاح محمد والذي تقرر ايقافه مع حصول جرائم ابو طبر رغم انه كان من البرامج الجماهيرية لكن للدولة كان تفسير اخر فقررت ايقافه عام 1973 مع تصاعد حوادث ابو طبر وكان البرنامج يستضيف ضباط مكافحة الاجرام للحديث عن أبرز الجرائم المكتشفة



كتاب شكر وتقدير من السيد محافظ بغداد جميل احمد العداد موجه الى العميد داود سلمان الزهيري مدير شرطة محافظة بغداد تقدبراً لجهوده ومثابرته في كشف الجرائم الغامضة وآخرها جرائم ابو طبر.. وقد زودني بهذه النسخة المرحوم داود الزهيري قبيل وفاته بأيام يرحمه الله.



المرحوم اللواء داود الزهيري

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1350 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع