صحيفة العرب/بغداد - قال الرئيس العراقي فؤاد معصوم إن العاصمة العراقية بغداد باتت في خطر مع اقتراب عناصر تنظيم داعش عقب نجاحهم في بسط السيطرة على مدينة الرمادي الاستراتيجية التي تبعد نحو 100 كيلومتر عن العاصمة.
وأكد معصوم في حوار أجرته معه في قصر الرئاسة بالمنطقة الخضراء صحيفة “العرب ويكلي” التي تصدر باللغة الإنكليزية أنه يعمل الآن مع الحكومة على حشد الجيش العراقي والميليشيات الشيعية من أجل القيام بعملية عسكرية لاستعادة الرمادي.
وأضاف معصوم في الحوار الذي تنشره الصحيفة باللغة الإنكليزية في عددها الصادر اليوم “بالتأكيد بغداد في خطر”. وأعلن أن الحكومة العراقية وضعت خطة لتأمين العاصمة في ذات الوقت الذي ستبدأ فيه هجوم استعادة الرمادي مركز محافظة الأنبار.
ويزعزع سقوط الرمادي سلطات رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، كما ينظر إلى سيطرة داعش عليها في واشنطن باعتبارها انتكاسة كبيرة للاستراتيجية التي تسعى واشنطن من ورائها إلى استعادة مناطق واسعة في شمال وغرب العراق من قبضة التنظيم منذ سيطرته عليها في شهر يونيو من العام الماضي.
وقال معصوم “سيكون هناك هجوم كبير على داعش وسنطردهم من الأنبار”.
وإلى جانب انهيار استراتيجية الولايات المتحدة في العراق التي تعتمد على تدريب وتسليح العشائر السنية، أدى سقوط الرمادي إلى إحراج العبادي وقلل من مصداقية خطاب الثقة في الأميركيين الذي يروج له دائما.
ورغم نداءات معصوم المتكررة للتحرك عسكريا نحو الأنبار، تواجه الحكومة العراقية شعورا بعدم الثقة يتسع في المناطق السنية تجاه العبادي وميليشيات الحشد الشعبي التي تتلقى الأوامر من طهران.
وكان الرئيس العراقي من بين أكثر الداعمين في شهر أغسطس الماضي لتولي العبادي رئاسة الحكومة واستبعاد نوري المالكي الذي أصبح فيما بعد نائبا له.
ويحاول المالكي الآن بدعم من حلفائه الإيرانيين العودة مجددا إلى السلطة بعد إطلاق العنان للميليشيات الشيعية.
وإذا حدث ذلك فستكون البلاد معرضة للانقسام إلى مناطق شيعية في الغرب تهيمن عليها إيران وأخرى سنية في الشرق تحت سيطرة داعش.
ونفى الرئيس العراقي مشاركة ضباط إيرانيين في الحرب على داعش، لكنه اعترف بأن العراق يتلقى “نصائح” من مسؤولين عسكريين من دول متعددة، ومن بينهم الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، وديفيد بترايوس القائد العام السابق للقوات الأميركية في العراق.
وتحاول الولايات المتحدة عبر بترايوس والتحالف الدولي الذي تقوده وينفذ منذ العام الماضي ضربات جوية على مواقع لتنظيم داعش، إحداث توازن في التأثير على القوات العراقية أمام النفوذ الإيراني الواسع على قادتها.
ويواجه الرئيس الأميركي باراك أوباما خيارا لم يكن متاحا في السابق أمام الرئيس جورج بوش خلال العامين الأخيرين من حكمه، وهو الاستمرار في سياساته الفاشلة في العراق أو تغيير هذه السياسات والدخول في معركة حقيقية قد تخرج العراقيين في النهاية من مستنقع الطائفية وهيمنة إيران والدولة الإسلامية على حد سواء.
ولم يغفل معصوم، السياسي الكردي الذي كان عضوا في البرلمان العراقي قبل توليه منصب الرئيس، الاستقطاب الطائفي الذي بات جزءا أساسيا من ملامح المشهد السياسي الحالي في العراق.
وأعلن أنه بمجرد استعادة الرمادي من سيطرة داعش، فسيتم إحياء المصالحة بين الشيعة والسنة التي كانت تشكل العمود الفقري لنظام الرئيس الراحل صدام حسين وانهارت بعد الاحتلال الأميركي للعراق وسقوط نظامه. وعبر عن أمله في أن يلحق الأكراد والجماعات العرقية الأخرى بالمصالحة بعد إتمامها.
لكنه أكد أيضا أن المصالحة ستستبعد أعضاء الجيش العراقي السابق وعناصر حزب البعث الذين قدموا مساعدة لتنظيم داعش “وتورطوا في كل أشكال الإرهاب ضد العراق والعراقيين”.
وفي نداء اتسم بالعاطفية، دعا معصوم العشائر السنية في الرمادي إلى الانضمام إلى الجيش، الذي يغلب عليه الشيعة، لهزيمة التنظيم المتشدد.
وقال “نحن نعتمد على أبناء الرمادي في هذه المعركة”. وأضاف “هم أبناء قبائل معروفة بالشجاعة وبالقدرات القتالية العالية، وبينهم الكثير من الضباط المتقاعدين الذين يمتلكون الخبرة الكافية للدفاع عن الأنبار”.
وفي الولايات المتحدة، قال عسكريون متقاعدون إن قوة أميركية من 10 آلاف جندي تحظى بدعم جوي وتساند القوات العراقية والكردية من الممكن أن تستعيد المدن والقرى التي يسيطر عليها داعش وتجبره على التقهقر.
لكن لا يبدو أن هذا التوجه حاضر بقوة على مكتب الرئيس الأميركي. ومع مرور الأشهر تزداد مهمة القضاء على المتشددين صعوبة وكلفة، ويتوغل تنظيم داعش بشكل أكبر داخل الأراضي العراقية ومن ثم يتعمق الشعور لدى العراقيين بأنهم تركوا بمفردهم في مواجهة التنظيم.
وقال معصوم في محاولة لتشجيع الفصائل المتناحرة على الاتحاد قبل دخول معركة الرمادي “في النهاية العراق فوق كل الاختلافات. كل العراقيين يتفقون على ضرورة الدفاع عن الأنبار ضد الطائفية، وحينما يتحد كل أبناء العراق سيتحقق النصر”.
المصدر:
http://www.alarab.co.uk/?id=52935
1462 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع