العراق سادساً في عمليات غسيل الأموال وخبراء يقللون من أهمية التصنيف العالمي
بغداد/ إبراهيم إبراهيم:قلّل خبراء اقتصاد من اهمية تقارير عالمية تحدثت عن وضع العراق في مراتب متقدمة بالدول الاكثـر غسيلا للأموال، مؤكدين انه لا يمكن السيطرة على عمليات غسيل الاموال الا من خلال تفعيل القوانين الصارمة واهمها قانون "من اين لك هذا؟" الذي يساعد على اختزال حركة الاموال ومعرفة نشاطها المضطرب.
وقال الخبير الاقتصادي مظهر محمد صالح في حديث لـ"المدى" إن "عمليات غسيل الأموال تنقسم الى عدة انواع منها التهرب الضريبي والتحايل على المؤسسات المصرفية إضافة إلى تحويل الأموال لدعم العمليات الإرهابية وتجارة المخدرات". واضاف ان "النظام الضريبي في العراق لا ينتج اي مبالغ تذكر تساهم في الناتج المحلي للبلد لذلك يمكن استبعاد عامل التهرب الضريبي لتقرير المعهد المختص، اما عمليات الغسيل التي تدعم الارهاب او تجارة المخدرات تعتبر شبه معدومة او قليلة جدا".
واوضح المستشار السابق في البنك المركزي ان "الإرباك الواضح في الاوضاع الامنية والاقتصادية في البلد ساهم بانعكاس رؤية مبهمة للمؤسسات والمنظمات العالمية المختصة بالشأن الاقتصادي والمالي لذلك نجد أرقاماً وتسلسلات غير مطابقة للواقع العراقي رغم ظروفه الاستثنائية".
وبين ان "عملية تحويل الاموال عن طريق صفقات الفساد لا يمكن تمريرها وفق الاطر والقوانين المعمول بها بين المصارف العراقية ومصارف دول الجوار وذلك لوجود اجهزة مراقبة وتدقيق عالمية تشرف على عمل معظم المصارف العالمية".
واكد ان "ظاهرة غسيل الاموال في العراق لا يمكن السيطرة عليها الا بتفعيل القوانين الصارمة لعمليات التحويل المالي وطرق جني تلك الأموال من خلال تبني قانون (من اين لك هذا) الذي يمكن تطبيقه على الأشخاص والشركات العاملة في البلد".
واشار الى ان "معايير الفساد في الاقتصاد العراقي كبيرة لذلك تتطلب جهودا حقيقية من قبل الحكومة والجهات الرقابية الاخرى لمحاصرة منافذه المتعددة وفق رؤية متطورة تعتمد الشفافية العالية في عملية التحويلات المالية من داخل السوق العراقي الى الخارج".
ولفت الى ان "الرقابة يجب ان تكون قوية في مواجهة عمليات الفساد عن طريق المقاولات الكبرى لمشاريع هي في الاغلب وهمية او غير مكتملة حيث يقوم المتعهدون باختلاس الاموال ثم يحولونها الى الخارج ليتم استثمارها بشتى الطرق".
واكد تقرير لمعهد الحُكومة في بازل بسويسرا ان العراق احتل المرتبة السادسة عالميا من حيث الاعلى خطرا في مكافحة غسيل الأموال، مشيرا الى ان اقل الدول العالم لمخاطر غسيل الاموال شملت فنلندا وإستونيا.
وقال المعهد في تقرير نشر على موقعه الالكتروني واطلعت عليه "المدى"، ان "العراق احتل المرتبة السادسة عالميا في الاعلى خطرا بمكافحة غسيل الأموال بوصفه أعلى بلدان المخاطر"، مشيرا الى ان "هذه البلدان شملت دول إيران، أفغانستان، كمبوديا، طاجيكستان، غينيا بيساو، العراق، مالي، سوازيلاند وموزامبيق وميانمار".
وشمل التقرير الذي أصدره المعهد 19 دولة عربية جاءت 10 منها فوق المتوسط، من بينها الكويت والأردن والإمارات بينما جاء العراق والسودان واليمن في المراتب الثلاث الأخيرة، وتم تصنيفها من بين العشرين دولة الأكثر عرضة للخطر في العالم، حيث تضمن التقرير 162 دولة. وأضاف المعهد ان "ست دول أفريقية كانت الأكبر خطراً في مكافحة غسيل الاموال من بين دول غينيا بيساو، كينيا، مالي وموزامبيق وسوازيلاند وأوغندا"، مشيرا الى ان "اقل الدول العالم لمخاطر غسيل الاموال شملت فنلندا واستونيا".
يذكر أن وتيرة الاتهامات تصاعدت بشأن عمليات تهريب العملة التي ألقت بظلالها على أسعار بيع الدولار في الأسواق المحلية وأدت إلى زيادة سعر صرفه قبل اشهر، ففي حين طالب نواب بضرورة أن تبادر الحكومة إلى إيقاف عمليات بيع العملة في مزادات البنك المركزي، أكد آخرون أن العراق يخسر أموالاً كبيرة جراء تهريبها يومياً إلى خارج الحدود، رغم إشادة العديد من المختصين بالشأن الاقتصادي على ايجابيات المزاد في خفض نسب التضخم والسيطرة على قيمة الدينار العراقي.
وكانت لجنة النزاهة النيابية كشفت، في (20 تموز2013)، ان حجم الاموال العراقية التي "هربت" الى خارج البلاد منذ 2003، تصل الى 130 مليار دولار، بالاضافة الى ملاحقة 120 مسؤولا حكوميا، بينهم وزراء ومدراء عامون، على صلة بملفات الفساد المالي والاموال المهربة.
وكشفت منظمة الشفافية الدولية، في وقت سابق، أن العراق يقبع في "حضيض قعر معدلات الفساد بالعالم"، مما أدى إلى "إذكاء" العنف السياسي والحاق "الضرر" بعملية بناء دولة "فعالة ونقص" بتقديم الخدمات إذ ما يزال العراق "فاشلاً" في توصيل الخدمات الأساس بشكل كاف، وأن 23% من أبنائه ما يزالون "يعيشون بفقر مدقع"، وفي حين بينت أنه على الرغم من المبادرات الحكومية لمكافحة الفساد، فإنها ما تزال "متعثرة" ولم يأت إعلان رئيس الحكومة نوري المالكي، بمكافحة الفساد خلال 100 يوم في العام 2011 الماضي، بـ"أي نتيجة إيجابية"، شككت بإرادة الحكومة والتزامها بجهود مكافحة الفساد.
وكانت الأمم المتحدة أعلنت، في (الـ19 من حزيران 2013)، أن نسب الفساد الإداري في العراقي في "تزايد مستمر"، مؤكدة أن نحو 60 بالمئة من موظفي الخدمة المدنية في العراق “عرضوا أخذ رشاوى، فيما اكدت ان نسب الفساد في بغداد اعلى منها في بقية المحافظات، فيما كانت محافظات إقليم كردستان الاقل، مبينة ان العراقي يضطر إلى دفع رشوة “اربع مرات في السنة”، في المعدل، وأكدت ان الفساد يزداد اذا كانت المعاملة مع الشرطة او موظفي العقارات.
وتعد ظاهرة الفساد التحدي الأكبر إلى جانب الأمن، الذي تواجهه الحكومات العراقية منذ انتهاء الحرب الأميركية على العراق في 2003.وبلغت مستويات الفساد في العراق حداً أدى بمنظمات دولية متخصصة إلى وضعه من بين البلدان الأكثر فساداً في العالم، إذ حل العراق في العام 2012 المنصرم في المرتبة الثالثة من حيث مستوى الفساد فيه.
739 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع