أكثر من مليون ونصف أرملة عراقية تستغل جنسًيا وسياسيًا وانتخابيًا

          

إيلاف/ وسيم باسم:أنتجت حروب العراق المتكررة أكثر من مليون ونصف أرملة، يحاولن تدبر أمرهن وسط شظف العيش، بالدعارة حينًا وبالعمل الشريف أحيانًا، لكن الإشاعات تلاحقهن حتى لو لم يخطئن، ما يجعل من هذه المسألة قنبلة اجتماعية موقوتة.

بغداد: ما زال المستوى الاقتصادي والمعيشي للأرامل في العراق سيئًا على الرغم من مرور سنوات على تأسيس العديد من منظمات المجتمع المدني ومؤسسات الرعاية الاجتماعية، وعلى سن الكثير من القوانين غير المفعّلة لصالح هذه الشريحة الضعيفة في المجتمع التي أصبح من مظاهرها التسول والدعارة وعمالة الاطفال والانخراط في المجموعات المسلحة.

وتشير احصاءات منظمة الاغاثة العالمية إلى وجود 15 مليون امرأة في العراق، 10 في المئة منهن أرامل، ليصبح العراق في مقدمة الدول التي تضم أكبر عدد من الأرامل في العالم.

تتحدث الأرملة أم عصام (40 سنة) عن معاناتها، تقول إن دخلها الشهري لا يتجاوز مئة وخمسين دولارًا، لا يكفي لمتطلبات أسرة من أم وثلاثة أطفال أكبرهم في الرابعة عشرة، علمًا أن المشمولين برواتب الرعاية الاجتماعية يتقاضون ما يعادل 100 دولار شهريًا.

وتسكن أم عصام في بيت بأطراف الحي الصناعي في محافظة الديوانية، ضمن بيوت تسكنها عوائل فقيرة بني اغلبها من الصفيح، وبنيت بطريقة عشوائية.

دعاية سياسية وانتخابية

إضافة إلى المشكلة المادية والعجز عن توفير مصادر دخل ملائمة، تتفشى المشكلات الاجتماعية والنفسية وسط هذه الشريحة من النساء، بحسب ما يقوله الباحث الاجتماعي سالم عبيد، الذي ينتقد بشدة استغلال الفضائيات والجهات السياسية لمآسي الأرامل، واستخدامهن مادة للدعاية السياسية أو الانتخابية، عبر اغداق الهدايا والمبالغ المالية عليهن، من دون أن توفر لهن مشاريع حقيقية طويلة الأجل، تنقذهن من براثن الفقر. ويسمّي عبيد بعضًا من الظواهر الاجتماعية السلبية التي تجد لها مكانًا بين هذه الفئة، كالتسول والدعارة وعمالة الاطفال.

وما يفاقم المشكلة أن اغلب الاسر العراقية تعتمد في بنيتها الاجتماعية على الرجل كمعيل للعائلة، فإذا ما غاب، فإن الاسرة تواجه مشكلة تأمين دخل لمعيشتها.

يتفق الباحث حامد حمودي عباس مع عبيد في أن الأرملة "لا تحتاج إلى الهبات الموقتة التي تمنحها القنوات الفضائية اعتمادًا على الصدفة وفي المناسبات، ضمن برامج معدة سلفًا، الغرض منها الدعاية السياسية لا غير".

شائعات واستغلال مسلح

لفت عبيد إلى أن استطلاعاته الميدانية تشير إلى أن بعض الأرامل يلجأن إلى الدعارة السرية لتأمين لقمة العيش، مؤكدًا أن ذلك ما يدفع الأرملة "لتأخذ جانب الحذر في علاقاتها الاجتماعية، لا سيما مع الرجال، كي لا تُتّهم في سمعتها".

ويرى عبيد أن الأرامل في العراق حلقة اجتماعية ضعيفة في المجتمع، وأن المجتمع العراقي الذكوري لا يغفر للأرملة أي خطأ قد ترتكبه، خصوصًا في ما قد يعرضها للشائعات والأقاويل التي تمس شرفها.

أم وليد (50 سنة) أرملة توفي زوجها في العام 2005 جراء العنف الطائفي، فاضطرت إلى تشغيل ولديها في بيع السجائر على الارصفة وكراجات تصليح السيارات، فأثر ذلك في تحصيلهم العلمي. تقول: "الأرملة التي لا إخوة لها أو أخوات تعاني الامرين بسبب انخفاض المداخيل، وبسبب الإشاعات التي تتناولها في عفتها على الرغم من تعففها وابتعادها عن كل ما يمكن أن يثير الشكوك". تضيف: "مِن الأرامل من اضطررن للعمل في مصانع أهلية، ما أفقدهن القدرة والوقت على متابعة سلوكيات أولادهن، فيعاب عليهن لاحقًا أنهن لم يحسنّ تربية أولادهن".

ووصل الحال ببعض الأرامل، كما تقول أم وليد، ما دفعهن للانخراط في فعاليات الجماعات المسلحة. ففي جبلة بشمال بابل، اعتقلت الأرملة أم عادل (45 سنة) التي فقدت زوجها في العنف الطائفي بسبب تجنيدها نساء انتحاريات وإيوائها افراد جماعات مسلحة. وبحسب أقرباء لها، خضعت أم عادل لضغوط مسلحين إدعوا أنهم يريدون الثأر لزوجها الذي قتلته طائفة معينة.

اغراءات المسؤولين

تقول الناشطة النسوية أمينة أبو رغيف إن الكثير من الأرامل بين 23 و30 عامًا، تورطن في الدعارة بسوريا في السنوات الأخيرة، ورجعن اليوم إلى العراق لممارسة المهنة نفسها.

تضيف: "تتعرض غالبية الأرامل الشابات لإغراءات مسؤولين وموظفين في دوائر الدولة، بغية اقامة علاقات عاطفية معهن". وتؤكد إنها تحتفظ بشكاوى أكثر من عشر فتيات في محافظة بابل وحدها، حول ابتزاز موظفين لهن.

وتقول أبو رغيف إن نسبة الأرامل في العراق وصلت مرحلة حرجة، "ولا بد من وضع الحلول اللازمة لتأهيلهن اجتماعيًا واقتصاديًا، قبل استفحال الخطر الذي يمثله عدم التوازن العددي في المجتمع في ما يتعلق بالأرامل".

تقترح ابو رغيف تقديم الدعم المادي المباشر للارامل عبر سلف وقروض تساعدهن على إقامة مشاريع منتجة، تضع حدًا لامتهان كرامتهن. تتابع: " تخصيص رواتب مجزية لهن بحسب حجم الاسرة هو الطريق الافضل لإنقاذهن من براثن الجريمة والدعارة".

وتأمل الكثير من الأرامل أن يأتي قانون الرعاية الاجتماية المؤمل إصداره داعمًا للأرامل بصورة خاصة، يوفر لهن سبل العيش الكريم.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1121 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع