د .عمر الكبيسي
( العرب الشيعة قَبّان التغيير والعرب السنَّة رهينة التهميش والتزوير!)
اذا جرت الانتخابات البرلمانية العراقية بموعدها نهاية نيسان الحالي ، وفي ظل الصراع العسكري القائم والتنافس السياسي المحتدم ، سيدفع العرب السنة بسببها ثمنا باهظا يكونوا في رهينة للتزوير والتمرير ، والشيعة العرب سيكونوا أدوات وقبان التغيير المنشود فيها إن حدث . والسبب في ذلك يعود لفرضية الاحتلال التي كرسها حين احتسب النظام السابق سنيا وتعامل مع السنة بلغة السلاح واحتسب الشيعة انصار له و اعدهم حكام . فيما تصرف الكورد كأنهم محتلون وجاء المحتلون لتحريرهم فانعكست هذه الفرضية الخطيرة بالابعاد والخبيثة في الاهداف على واقع الارض بين معارض مهمش معذب ، وحاكم غشيم منصَّب ومستفيد استفحل وتغلَّب . هذه الإنتخابات ستكون الأسوء في تاريخ العراق الحديث منذ تاسيس دولته العصرية للأسباب التالية :
1. تجرى في أسوء ظرف أمني محتدم عسكريا وأمنيا تتعرض له بغداد والمحافظات المنتفضة تمخض عن خسائر بشرية واستنزاف للموارد والمؤسسات ونزوح وتهجير واسع وإغراق أحياء وتهديد مدن بالعطش .
2. تجرى في وسط تشنجي طائفي ملتهب تتبناه السلطة وأنصارها على نمط معركة آل البيت وبحور الدم وصراع جيش الامام الحسين مع جيش يزيد . مما أدى الى اختفاء مشاهد الترابط الاجتماعي من إغاثة ومعونات لمدن محاصرة على عكس ما كان يحدث اثناء تفاقم الأزمات في معارك الفلوجة السابقة ومواجهات النجف والبصرة وفواجع الفيضانات والأمطار .
3. وتجري هذه الانتخابات ضمن وسط انتخابي تسقيطي باسلوب رخيص لم تشهده أي انتخابات سابقة والاستقتال فيها يتم بدوافع السلطة ودوافع شخصية غير وطنية .
4.وتجري هذه الانتخابات ضمن أزمات جديدة في التفصيل والنوايا بين زعامات السلطة (الكرد . السنًّة . الشيعة ) أي بين البارزاني والنجيفي والمالكي بشكل تسقيطي لا صلة وطنية فيه بقدر ماهو قضية استغلال لموجة الانتخابات وركوبها .
5. فيما تحاول المرجعيات الدينية شيعية وسنية في هذه الانتخابات أن تقف على مسافة واحدة من جميع الخائضين فيها وهو موقف مشبوه جديد بدلا من ان يكون موقف مبدئي ناتج عن قراءة ميدانية لما ستحقق هذه الانتخابات من
6. وتستغل المحكمة الاتحادية والقضاء وهيئة المفوضين لترويع المرشحين تارة بمظلة الاجتثاث من البعث وتارة بسبب سوء السلوك والقذف وتارة بتهم الفساد والارهاب للتخلص من اسماء لامعه من خلال اداء سابق او حوار معلن يمس شخوص السلطة الحاكمة . فيما تستغل ما يسمى بالهوية الالكترونية وتحشدات الجيش والمواجهات العسكرية للإبداع في التزوير والتزييف من المؤكد بصيغة اوسع .
7.على عكس ما كان متوقع من ارتفاع اصوات الخطاب والترويج للدولة المدنية العادلة وظهور كيانات انتخابية جديدة تتبنى الخطاب الوطني ،ولدًّ اختلاق الأزمات السياسية من قبل السلطة الحاكمة صراعا سياسيا قي مظهره ولكنه ذو طابع طائفي ضمن الطائفة الواحدة وفيما بينها . في الساحة الشيعية يروج المالكي وحزبه وقائمته بان بقاءه في السلطة يعني بقاء حكم الشيعة ودولة (آل البيت ) ، فيما يرى معارضوه الشيعة العرب من صدريين ومجلسيين ان بقاء المالكي وحزبه على راس السلطة بنهج طائفي عدواني سينتهي بسقوط نفوذهم بما لا يشرف الشيعة انفسهم ان يحكموا بفساد وعنف وإرهاب وتبعية اقليمية تتمثل في نظام دولة الفقيه . اما في الجانب العربي السنة فإن هناك انقسام كبير حول الانتخابات بسبب التهميش وصراع الإبادة التي تستهدفهم بين عزوف واسع للانتخابات على أساس انها من نتاج عملية سياسية خائبة وطائفية لن تأتي بالأفضل ولم تنتج شيئا للسنوات المنصرمة تصل لحد التهديد بإجرائها ومقاطعتها وبين من يعتقد ان المقاطعة ما لم تكن شاملة ، ستكون كارثية وستأتي بمن هبّ ودبّ ، فيما يرى المشاركون في العملية السياسية ضرورة المشاركة مرة أخرى مع اعتقادهم أن فشلهم الذريع والتجربة السابقة سوف لن ترفع كثافة المشاركة أو عودتهم بفوز ملموس فيما اجتهد آخرون بالمشاركة بوجوه وعناوين جديدة أسهاما بإمكانية تحقيق التغيير سلميا .
8. لدى المالكي قناعة كاملة انه لن يحض بالولاية في خضم الأزمات التي ابتدعها مع خصومه وحلفاءه إلا من خلال تحقيق نصر واهم او حسم مؤقت في ازمة الانبار وبالتحديد معركة الفلوجة التي خوله بخوضها حلفاؤه السياسيون لا حباً به ولكن لأهداف سياسية تخدمهم في صراعهم معه الجميع يدرك ان المعارك في الانبار والمحافظات الست الاخرى المنتفضة لا تحسم من خلال معركة عسكرية في منطقة واحدة ولن تكون لها نتائج حاسمة بالتأكيد في الفلوجة المحصنة بالمعنويات والمعدات والحاضنة والتاريخ مهما جند لها من طائرات ومدفعية و وسائل جغرافية وبيئية بعد ان سقطت هيبة المشاة وسوات والميليشيات .
تبعيات معركة الفلوجة التي يهدد بها المالكي يجد فيها المالكي حدثا لإستقطاب الشد الطائفي وسيوَّضفها المالكي في اجواء الانتخابات بأنها معركة( آل البيت) والشيعة التي تهدد بقاء السلطة بيد الشيعة وبالتالي فإنها معركة بالنسبة له لا تقل اهمية عن اهمية معركة الانتخابات وضرورة تجديد الولاية له فيها لأنه يقاتل عسكريا وسياسيا من أجل اقامة دولة (آل البيت) التي اطلقها في النجف خلال انطلاق دعايته الانتخابية .
9. يجند المالكي ميليشياته من كل صوب وحدب ويفتح ابواب التطوع لجيشه ويسرع في تجهيز جيشه بالعتاد والطائرات من كل ما أكل الدهر عليه وشرب من نوعيات الخردة المستهلكة والصادئة ويشدد المواجهة ضد سنَّة ديالى وبابل وحزام بغداد وتتسع حلقة التفجيرات ذات الطابع الطائفي في بغداد ومحافظات عديدة ، ويتم من خلال الاعلام المكثف الترويج لافتعال حرب المياه والنواظم والسدود ، كل هذا يجري في أجواء انتخابات مصيرية لولايته و يختلق كل مشاهد الايحاء بان ومعركته اليوم هي معركة للدفاع عن سلطة الشيعة وان معركة الفلوجة هي معركة بغداد عاصمة السلطة التي يهددها السنة .
10. أجبر المالكي على أجراء الانتخابات في وقتها بعد أن استنفذ كل وسائله لتأجيلها وبظمنها تقديم مسودة قانون السلامة الوطنية والذي هو بحق وحقيقة قانون طوارئ بصلاحيات شمولية كان تحت يديه جاهزا ليكون دستوره حين تحين فرصة إعلان حالة الطوارئ ، لكنه لم يفلح بسبب إصرار الإدارة الأمريكية على إجرائها بوقتها المحدد، ولذلك بدأ ينفذ ضمن جولة الانتخابات وأجواء الازمة الأمنية في الانبار والمحافظات الست الاخرى حملة اعتقالات ومداهمات وتصفيات واستخدام الميليشيات الطائفية في هذه المحافظات وفي نفس الوقت وكما نجح في استقطاب واجهات سنية اغدق عليها بالمال والجاه لتشكل له جيوبا عميلة في أزمة الصراع العسكري منهم ساسة او وزراء او قادة صحوات وشيوخ ارتبط مصيرهم بمصيره اندفع المالكي وبنفس اسلوب المال والجاه والمناصب لتشكيل كيانات انتخابية جديدة او من خلال حشرهم أفرادا بقوائم وكتل معروفة مستفيدا من حالة العزوف عن الانتخابات الناتجة عن معاناة الحصار والقصف والتهجير والنزوح واستخدام التصويت الخاص والبطاقات الذكية وعمليات التزوير والتلاعب في امكانية ان يحصل على مقاعد من خلال هؤلاء المنتفعين في المحافظات السنية تسهم بإسناده وتنصيبه ولا يعلم الا الله كم ستكون كلفة كل مقعد يحصل عليه هؤلاء من مال وامتيازات .
ابعاد هذا السيناريو الرهيب الذي يحاول المالكي بكل ما يملك من مال وقوة ومكر تنفيذه للبقاء في السلطة بولاية ثالثة سيكلف العراقيين ثمنا غاليا في الارواح والأموال والمؤسسات والممتلكات ، نعم ستكون المحافظات الاكثر تضررا هي المحافظات السنية المنتفضة التي ستشهد اوج الصراع ودماره ولكن الصراع السياسي والدموي سيعم المحافظات الشيعية والعراق كله ، فالهدف هو ان ينفرد بحكم العراق هو وحزبه وعندما لا يسهل عليه ذلك ، سيشهر باعلان نهج التقسيم الى أقاليم طائفية وعرقية.
11. من سيقلب السحر على الساحر ، هم الشيعة العرب الذين يقع على عاتقهم اليوم التغيير المنتظر والذين يدركون اليوم ان الجرح العراقي والهم والانحدار الذي يعاني منه العراقيون هو اكبر من الطائفية والمذهبية وان سفينة العراق إذا اخترقت واحترقت فانها ستغرق وتهلك الجميع سنة وشيعة ولهذا نرى الحناجر تصدح والقنوات تطفح والتنظيمات والاحزاب السياسية مدنية ودينية ضمن المكون الشيعي العربي الرافض للتبعية والطائفية هي الأكثر تحمسا واندفاعا ص لتحقيق التغيير المنتظر لأن المالكي وحزبه أصبح عبئا ثقيلا ومثلبة على الشيعة العرب قبل غيرهم ولأن المعاناة الحقيقية والواقعية ناتجة عن التهميش والتأجيج الطائفي حتى اصبحت فترة تسلطه في الدورتين السابقتين سمة للفساد والاستغلال ونهب الثروات .
هذا الواقع يأتي مصداقا لما أكده كثير من المحللين من ان التغيير من خلال الانتخابات لا يتحقق الا بإرادة الشيعة العرب الذين سينجزون هذا التغيير ! بنفس الوقت فإن أي تجديد ثالث لولاية المالكي لن يتحقق الا بمن سيشتريهم المالكي من سنًّة العرب النفعيين الذين اصبحوا اليوم هم اشد الناس تمسكا لإجراء الانتخابات والانتفاع منها حتى وإن كانت اعدادهم لا تتجاوز اصابع اليدين لانهم سيكونوا بمثابة كتلة القبان المرجحة لعودته .
12. العراقيون العرب سنَّة وشيعة بحاجة الى ساسة جدد يحملون مشروع دولة المواطنة والعدل يشكلون برلمانا وطنيا لا طائفيا لتحقيق التغيير الحقيقي ولكي يعرفهم الناخبون.
علي الكتل الرئيسية الافصاح عن كتلهم وعناوينهم عن ذلك بوثيقة أو خارطة طريق مشتركة توضح أنهم لن يشاركوا ولن يأتلفوا بحكومة يرأسها او يعود فيها المالكي منتصرا بدلا من أن يكون محاسبا على كل الجرائم والمثالب التي ارتكبتها سلطته خلال السنوات العصيبة المنصرمة من قتل وعنف وفساد واستغلال . كما أن الجماهير من العرب السنّة بحاجة للكشف عن المترشحين في محافظاتهم ممن سيكون له دور في الائتلاف مع المالكي او التعاون معه الآن وبشكل مبكر حتى تسقط ابعاد مشروعه الخبيث وتقطع طريق عودته بولاية ثالثة كارثية .
962 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع