حوار مع اللواء الركن الطيار الدكتور علوان العبوسي
اعد الحوار( اللواء الركن المتقاعد/فؤاد حسين علي)
بداية نقول
اللواء الركن الطيار علوان العبوسي ،هو احد ابطال القوة الجوية العراقيه ،كان طيارا متميزا منذ بداياته الاولى ،تدرب على أيدي الكثير من الطيارين الأكفاء ،شارك بدورات متعدده ،داخل وخارج العراق ،تقلد العديد من المناصب والمهام خلال حياته ضمن مجال اختصاصه ، كتب الكثير من المواضيع ضمن مجال اختصاصه وكذلك خارجها ، سبق لمجلة الكاردينيا ان نشرت سيرته الذاتيه ،وكان قيد اهتمام الكثير من الكتاب والقراء ،هادئ الطباع ،يستمع للأراء بدقه ،ويجيب بدقة متناهية ،ولادته في العراق ،لكنه غريب عن وطنه بسبب الظرف الحالي ،بذات الوقت أحب العراق ،أرضا ، جوا ،بحرا ، نهرا ،شعبا ،تاريخا .. الخ
تتشرف مجلة الگاردينيا في هذه الحلقه أن تحاوره ليعيد لنا الماضي المميز ،التي امتازت به القوة الجوية العراقيه ،السلاح الذي استخدم في الكثير من الحروب سواء في الدفاع عن ارض العراق او الأمة العربيه...
ضيف حوارنا،( اللواء الرکن الطيار الدكتور علوان العبوسي) ،بأسم رئاسة التحرير وكتابها وقرآئها ،نرحب بالأخ علوان العبوسي ونبدأ حورانا على بركة الله
السؤال الاول
لماذا أختار علوان العبوسي ،القوة الجويه دون غيرها منذ بداية حياته؟؟ .
الجواب
شكرا على هذا اللقاء ... نحن من عائلة معظم اقاربي هم من القوات المسلحة ولديهم شعور فياض بحب العراق والامة العربية والاسلامية ، كان والدي يعمل بتجارة التبوغ في محافظة البصرة و لديه معارف من الضباط الطيارين في قاعدة الشعيبة الجوية (25 كم غرب محافظة البصرة)، يستضيفهم في دارنا مع آمر القاعدة المقدم الطيار خليل شفيق في دعوات عشاء بصورة مستمرة ، كنت معجب باسلوب تعاملهم ودماثة خلقهم وشجاعتهم ، استمع منهم لقصص البطولة في الحرب العربية الاسرائيلية الاولى 1948 وادوار القوة الجوية منذ تاسيسها في 22 نيسان ( ابريل) 1931وكان خليل شفيق يصطحبني معاه وانا بعمر سبع سنوات تقريباً في القاعدة منذ الصباح الباكر ويعيدني الى داري في المساء اقضي وقتي بالتجوال بين طائرات الفيوري المقاتلة ، وانظر الى الطيارين باعجاب اثناء تدريباتهم اليومية ، استمع الى آرائهم وتعليقاتهم ، بعد انهائي مرحلة الدراسة الاعدادية في الثانوية المركزية بالبصرة ،كان معدلي 75 % الفرع العلمي والدي كان يرغب ان اكون طبيباً ولكن معدلي آنذاك لم يسمح لي بدخول كلية الطب فتوسط لدى ابن عمه الدكتور محمد جواد العبوسي وزير المالية عام 1963 ولكن لم يجدي ذلك نفعاً ، وقرر ارسالي ببعثة على النفقة الخاصة الى المانيا او مصر وفي نفس الوقت رجوته ان اقدم اوراقي الى قيادة القوة الجوية ايضاً للاحتياط فيما لم تقبلني هذه الكليات ،
دورة 15 اليوم الاول للالتحاق بكلية القوة الجوية العراقية 11تشرين الاول
لحسن الحظ وبعد فحص مضني في طبابة القوة الجوية بقاعدة الرشيد الجوية وبعد اجراء المقابلة ظهر اسمي من بين المقبولين واذيع في راديو بغداد ضمن النشرة الداخلية ، وهكذا رجوت والدي ان التحق بكلية القوة الجوية وعند ورود الموافقة على اشتراكي بالكلية الطبية في المانيا او مصر سوف انهي التحاقي بالقوة الجوية وجعلته يوافق على توقيع نموذج موافقة ولي الامر لاشتراكي بدورة كلية القوة الجوية الرقم 15 في 11/11/1963 بقاعدة الرشيد الجوية ، بعد اكثر من 40 يوم من التحاقي وردت موافقة المانيا – كلية الطب في ميونيخ ومن مصر كلية الطب - جامعة عين شمس في القاهرة ، ولكن لايحق لي ترك الكلية بعد مضي هذه الفترة (فترة المستجدين) الابعد دفع مبالغ الدراسة كلها واصبح الامر واقعا ولا مناص من الاستمرار في هذه الكلية وكانت رغبتي شديدة في الاستمرار بسلاح الجو العراقي، وهكذا بدأت رحلتي مع القوة الجوية كهاوي اولا ثم تزامن مع الاحتراف .
السؤال الثاني
أي نوع من الطائرات تدربت عليها منذ بداية حياتك ولحين انتهاء خدمتك العسكرية؟؟
التخرج من كلية الطيران مع وزير الدفاع شاكر محمود شكري
اكملت دراستي في الطيران الاساسي بالكلية الجوية المصرية حيث اوفدت بدورة هناك ومعي 15 طالب عراقي من ابناء دورتي ، بداية الطيران كان على طائرات بسيطة مكبسية تدعى ( الجمهورية) صناعة مصرية حيث اكملت كورس للطيران الاساسي بمعدل 120 ساعة طيران ، ثم اتممنا الطيران المتقدم القتالي على طائرات نوع (ياك 11 ) روسية وهي طائرات تعتبر انذاك متقدمة استخدمتها مصر في حرب اليمن 1962 ، كانت نتائجي في الطيران جيدة ، تخرجت في ايلول (سبتمبر)1965 كطيار مقاتل .
في العراق نهاية عام 1965 ادخلت دورة للطيران المتقدم على طائرات الميج 15 والميج 17 في قاعدة الرشيد الجوية ، آمر الدورة الرائد الطيار خالد سارة يعاونه الرائد الطيار عبد الغني حميد وقسما من اكفئ الطيارين العراقيين
في عام 1967 اوفدت بدورة الى الاتحاد السوفيتي على الطائرة سوخوي 7 المقاتلة القاذفة .
في عام 1971 ادخلت دورة معلم طيران على الطائرة الانكليزية (jet provost ) ، واكملت الدورة بنجاح .
اوفدت الى فرنسا لفحص وتقييم طائرات الميراج ف1 والجاكوار قبل التعاقد عليها وفعلا بعد ممارسة الطيران عليهما لمدة 30 يوما تم القرار على طائرة الميراج ف1 .
اثناء عملي في السرب الاول مارست الطيران على الطائرة سوخوي /20 المقاتلة القاذفة ،ثم السوخوي /22 .
عند قيادتي لقاعدة الحرية الجوية (كركوك) مارست الطيران على الطائرة ميج 21 المتصدية .
وعند قيادتي لقاعدة تموز الجوية ( الحبانية) مارست الطيران على الطائرات ميج /23 المتصدية والميج 29 المتصدية والطائرات القاصفة تي – يو 22 والطائرة القاصفة تي – يو 16 ، والطائرة ل – 39 ، والطائرة سوخوي -25 للاسناد القريب ، بالاضافة الى عدد من الطائرات الخفيفة مثل السسنا والبرافو مع الاخ العزيز الكابتن قيس السعدي اثناء عملنا سويتاً في نادي فرناس الجوي وله مني كل الحب والتقدير ، استمر طيراني حتى عام 1990 وبلغ مجموع ساعات طيراني على المقاتلات حوالي 3000 ساعة طيران ، بعد هذا العام دخل العراق في حصار شامل ، اوقف طيران الضباط القدامي لتوفير ساعات الطيران المتبقة للطائرات للطيارين الاحداث وقادة الاسراب فقط ،لكون طائراتنا الموجودة بدأت تتساقط تباعاً بسبب هذا الحصار حتى باتت القوة الجوية منتهية تقريبا عام 2001 .
السؤال الثالث
شاركت في حرب ١٩٧٣ ،الحرب مع العدو الأسرائيلي ،ماهي كانت مهمتك ،وكيف كان شعورك ،وفي اي جبهة من جبهات القتال عملت؟.
نعم شاركت في الحرب العربية الاسرائيلية الثالثة 1973 من سوريا حيث تم التحاقنا بشكل سريع ودون انذار واستحضارات مسبقة اعتدنا عليها في مثل هذه الامور ولم يكن لنا اي تعاون معرفي باساليب الاستخدام القتالي لسلاح الجو السوري وكذلك كان الحال مع باقي القوات المسلحة العراقية .
كانت رتبتي نقيب طيار منصبي آمر رف في السرب الخامس سوخوي – 7 اقلعنا من قاعدة الحرية (كركوك) الجوية يوم 8 تشرين الاول ( اكتوبر)1973 باتجاه قاعدة الوليد الجوية (غرب العراق )حيث زودنا بالوقود وانطلقنا الى سوريا وهبط سربنا في قاعدة بلي (جنوب دمشق)
شارك العراق بست اسراب هما سربا متصديات ميج 21 ( السرب التاسع والحادي عشر) هبط في قاعدة سيكال والناصرية واربع اسراب مقاتلات قاذفة سوخوي – 7 ( هما الاول والخامس والثامن ) وسرب وميج 17( السرب السابع) .
شاركت بعدد من الطلعات ضد الكيان الصهيوني في الايام 9 ، 10 ، 14 معظم المهام كانت عبارة عن اسناد جوي قريب وتجريد وهذه المهام تعتبر من المهام الغير اساسية للقوة الجوية وعليه كانت خسائرنا كبيرة اذا ما قورنت بحجم ونوع الاهداف الاسرائيلية ، قبل ايقاف اطلاق النار اقترحنا على القيادة السورية تعديل خططهم في الاستخدام الجوي لعدم ملائمتها مع العدو الاسرائيلي واقترحنا ان نخطط نحن للاهداف لكنهم رفضوا وتكبدوا ايضاً خسائر جسيمة بالطيارين والطائرات .
اما عن شعورنا بهذ الحرب كنا في منتهى السعادة والعراق ينتظر اللحظة الحاسمة لانهاء الكيان الصهيوني لكنه لم يبلغ بموعد الحرب عليه ذهبنا الى سوريا وكانت تنقصنا استحضارات كثيرة مثل مواضيع التعاون مع الدفاع الجوي السوري،طبيعة التعامل مع الاهداف الاسرائيلية ، اما مساهمة السربين السادس والتاسع والعشرون (طائرات هوكر هنتر) مع مصر فكانت جيدة جداً كونها كانت قبل بدء الحرب باكثر من ست اشهر ابلى بها طياروا الهنتر بلاءً حسناً مع القوات الجوية المصرية بشهادة الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس اركان القوات المسلحة المصرية ، والقوة الجوية المصرية هي اكثر تنظيما وكفاءةً من القوات الجوية السورية .
وللاستزادة اكثر كنت قد نشرت في موقع الكاردينيا دور القوة الجوية العراقية في حرب تشرين 1973 اوضحت فيه تفاصيل اكثر يمكن للقارئ الكريم الاطلاع عليه .
السؤال الرابع
الحرب هي أخر وسيلة تعتمدها الدوله بعد نفاذ كافة الوسائل السياسه ، ماهي باعتقادك الأسباب الرئيسيه لحرب عام ١٩٧٣
هذا صحيح عندما يكون هناك تهديد لاراضي الدولة قبل نشوب الحرب ولكن في الواقع المصري مثلا تختلف هذه النظرية فهناك ارض سبق للعدو الاسرائيلي احتلالها عام 1967 هي شبه جزيرة سيناء( مساحتها حوالي 62 الف كلم مربع ، ونفوسها حوالي مليون نسمة ) بكل ما تحتويه من مقومات القوة المصرية من ارض ومعادن وشعب ناهيك عن التهديد ضد المصالح المصرية والفلسطينية والعربية على حد سواء ، اذن لاتفاوض يرجى من هكذا احتلال جاء بالقوة لضمان الامن الاسرائيلي ،وعليه تبلورة الاستراتيجية المصرية في المرحلة مابعد حزيران (يونيو)1967 عدد من المعطيات اهمها ماياتي :
•الصمود العسكري المصري لمنع إسرائيل من استغلال نجاحها العسكري، ثم الانتقال إلى مرحلة أخرى من الدفاع التعرضي عندما يسمح الموقف بذلك.
•تبلورة الدبلوماسية السياسية المصرية في مرحلة الاستنزاف (1969 – 1973 )، في السعي لانسحاب إسرائيل عن الأراضي العربية، التي استولت عليها في حزيران (يونيو) 1967، وتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني وفي الوقت نفسه إقناع العالم بصفة عامة والاتحاد السوفيتي بصفة خاصــة بان مصر لا نريد الحرب من أجل الحرب وإنما لاستعادة الأراضي المغتصبة.
•ما أخذ بالقوة يرد بالقوة هذه الكلمات البسيطة التي اطلقها الرئيس جمال عبد الناصر بعد هزيمة حزيران ( يونيو) 67 وهي خير تعبير عن خطة مصر المستقبلية فالذي اخذ بالقوة لايسترد الا بالقوة .
•تكاتف الجبهة الداخلية للجيش والشعب كيد واحدة من اجل معركة تحرير الارض وازالة آثار العدوان .
•التضامن والدعم العربي وحشد الطاقات العربية ضد العدو المشترك هو أمر يؤكده واقع التاريخ والمصير المشترك، ومن ثم تعبئة الشعوب العربية وإمكانياتها لمصلحة المعركة، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً.
والحال ذاته بالنسية الى سوريا فاسرائيل احتلت الجولان بالقوة العسكرية المفرطة (مساحتها حوالي 1800 كلم مربع ، وبعد التفاوض مع اسرائيل اصبح الجزء المحتل يبلغ 1200 كلم مربع) ، وتعتمد نظرية الامن الاسرائيلية على نقل المعركة الى ارض العدو والتوسع بالقوة المفرطة لضمان امنها وعليه عندما ساهم الجيش العراقي عام 1973 في حرب تشرين كان هدفه اعادة الجولان الى سوريا ولكن ايقاف القتال افشل هذا الهدف وبقيت الجولان حتى الان محتلة لدى الكيان الصهيوني ، فالاطر السياسية لاتنفع مع هكذا محتل بل يجب تطبيق نظرية عبد الناصر ما اخذ بالقوة يرد بالقوة .
السؤال الخامس
ماهي أهمية قناة السويس ،من الناحية الاستراتيجية برأيكم كعسكري ،طيار ،وبذات الوقت باحثا في الأمور الاستراتيجية؟
يشَكّل الموقع الجغرافي لقناة السويس بعداً استراتيجياً مهماً لمصر في وسط منطقة الشرق الأوسط وجعل اهميتها الجيوستراتيجية على مستوى المنطقة من البحر الأحمر والجزيرة العربية، حتى مضيق باب المندب والدول المشاطئة، وبما أن مصر تقع في قلب العالم العربي عليه فانها تعتبر نقطة الاتصال والفصل في ذات الوقت بين قارتي آسيا وافريقيا، فقد زاد وجود القناة في أراضيها من أهميتها وجعلها محط أطماع الدول الكبرى،.هذه الأهمية اتسعت مع وجود القناة وحركة التجارة البحرية والأساطيل الاستعمارية منذ انشائها.
يبلغ طول القناة حوالى 193 كلم ،وهي مهيئة لخط سير السفن خلالها، عبر البحيرات التي تمر منها من مدينة السويس جنوباً وحتى بور سعيد في الشمال، وعرضها ما بين 190 و200م، ويجري العمل على توسيعها وصيانتها، أما العمق فحوالي 22 م.
تتولَّى هيئة قناة السويس المصرية الإشراف على إدارة هذا المرفق الحيوي ، سواء على الصعيد الاستراتيجي المصري أم على المستوى الجيوستراتيجي العالمي .
تعتبر الولايات المتحدة قناة السويس من أهم النقاط الحيوية والممرات المائية الاستراتيجية في أمنها القومي، لذلك فهي تحتفظ بقواعد لها في بعض البحيرات التي تمر القناة فيها (التمساح، والمرّة) ما يتيح لها التدخل السريع في حال تعرُّض القناة لأي خطر على أمنها أو غرق إحدى السفن، أو إقفالها وغير ذلك من المخاطر الداخلية أو الخارجية، وقد أقامت مصر جسراً عالياً فوق القناة (كوبري السلام) يربط ما بين ضفتيها..
وبذلك تتشكَّل أهمية قناة السويس الجيوستراتيجية كمعبر أقصر، وأسرع، وأقل كلفة، ما بين شرق الكرة الأرضية، وغربها، ما بين مصادر الطاقة الضرورية للغرب ونقلها الآمن وما بين أسواق الاستهلاك الضرورية لتصدير الصناعات الغربية إلى الشرق.
لقد اتضحت الأهمية الاقتصادية لقناة السويس خلال فترة إغلاقها في أعقاب عدوان حزيران 1967م ما أدى إلى مضاعفات اقتصادية دولية في استخدام الدول لطريق رأس الرجاء الصالح كبديل أطول وأكثر تكلفة، كما أدى إغلاق قناة السويس إلى الإضرار بالاقتصاد المصري
في ظل الاوضاع والتهديدات الاستراتيجية التي تمر بها مصر حالياً جاء مشروع قناة السويس الجديد كمحرك عملاق للاقتصاد المصري يمكنه منح دفعة قوية للخروج من مأزق البطئ والركود وضعف القدرات الاقتصادية ، يتضمن المشروع حفر قناة جديدة موازية لقناة السويس بطول 35 كلم يضاف لها مساحة تعميق بطول 37 كلم لتمكين السفن ذات الغاطس العالي من المرور في القناة في الاتجاهين وهذا سيمكن قافلة السفن القادمة من الشمال المرور بالقناة بلا توقف والامر ذاته بالنسبة لقافلة سفن الجنوب ، وسيجعل زمن الرحلة في القناة حوالي 11 ساعة بدلا من 20 ساعة ،وهذا سيؤدي بالنتيجة الى زيادة عدد السفن الى اكثر من الضعف اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار ان عدد السفن التي تمر بالقناة سنويا في الوقت الحاضر يبلغ 18 الف سفينه ، وهذا مما سيزيد من ايرادات القناة بالاضافة الى توفير فرص عمل كثيرة جراء المشاريع المخطط لها ان تكون على ضفتي القناة .
السؤال السادس
ماهي نتائج النصر الذي تحقق في حرب تشرين ٧٣
الحديث عن حرب تشرين الاول (اكتوبر)1973 طويل وذو شجون نتيجة الانتصارات العربية على الكيان الصهيوني وكسر حاجز التحسب العربي من هذا الكيان ، بالاضافة الى ذلك تمكنت هذه الحرب توحيد الجهود العربية بقرار سياسي عسكري لاول مرة بعد هزيمتهم في حرب حزيران (يونيو)1967، نتج عن ذلك مشاركة كل الدول العربية تقريباً بنسب معينة من قواتها والبعض الاخر بدعم مادي معنوي لكلا من مصر وسوريا ، بالاضافة أستخدام النفط كسلاح في المعركة ، في مذكرات الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس اركان القوات المسلحة المصرية يذكر ويشيد بحجم مساهمة الجيش العراقي في هذه الحرب سواء من مصر او سوريا ويصفها بانها تاتي بالدرجة الثانية بين مجمل المساهمات العربية كلها ويصفها بجدية هذه المساهمة .
ولكن رغم التخطيط المميز لمصر وسوريا الطرفين الرئيسيين في هذه الحرب الا انها لم تحقق كافة الاهداف التي حددت لها بسبب اختلاف وجهات النظر اثناء خوض الصراع مع الكيان الصهيوني ، ادى الى انسحاب سوريا من كافة الاهداف التي حققتها في الايام 6 و 7 و8 ولولا وصول القوات الجوية العراقية يوم 8 تشرين وطلائع القوات البرية العرقية يوم 11 تشرين وتمكنها من عرقلة الهجوم المقابل الاسرائيلي لنقلب السحر على الساحر واحتلت اسرائيل دمشق .
في مصر حدثت اختلاف وجهات النظر بين رئاسة الاركان والرئيس السادات حول تطوير الهجوم الى الشرق والذي تحفظت علية رئاسة الاركان مبررة في حالة خروج القوات البرية خارج نطاق الدفاعات الجوية سيؤدي ذلك الى فشل هذا التطوير بالاضافة عدم توفر الامكانيات اللازمة لهذا التطوير واحتمال حدوث ثغرة في الدفاعات الجوية المصرية قد تستغل من قبل اسرائيل لتسلل طائراتها واسناد القوات الاسرائيلية في تقدمها المحتمل الى الغرب، وقد حدث هذا بالفعل حيث اخترقت القوات المدرعة الاسرائيلية بقيادة شارون عن طريق هذه الثغرة في منطقة الدفرسوار بين الجيش الثالث والثاني ، وتم تطويق الجيش الثالث في السويس ووصلت القوات الاسرائيلية الى طريق السويس القاهرة مهدد في ذلك التقدم باتجاه العاصمة ، كان هذا قرار سياسي اتخذه السادات واعتبر تدخلا في الشان العسكري .
ومن المفيد ان اذكر ان العراق عندما ارسل حوالي ثلاث فرق مدرعة ومشاة آلي ومعها ستت اسراب مقاتلة ومقاتلة قاذفة تقريباً كان له ان ينهي الحرب بانتصارحتمي بل انهاء الوجود الاسرائيلي ، وقد اقترح للقيادة السورية ان يقوم الجيش العراقي بوضع خطط تعرضية لقواته البرية والجوية التي اكتمل وصولها يوم 18 تشرين ولكن سوريا لم توافق على ذلك واعتبرته تدخلا في شؤونها الداخلية وعلية لم تحقق سوريا اي انتصار لها في هذه الحرب .
السؤال السابع
خاضت قواتنا الجويه في حرب ١٩٦٧ ،و١٩٧٣ ،و١٩٨٠ - ١٩٨٨، و١٩٩٠-١٩٩١ ،٢٠٠٣ ،ماهو في تقديرك الفرق بين الامكانيات على مستوى قواتنا الجويه ، تدريبه ،فنيه، كفاءة الطيارين والطائرات
كانت قوتنا الجوية منذ تاسيسها سباقة لدرء الاخطار عن العراق وطنياً وقومياً مع دول المواجهة والدعم ، ففي عام 1941 خاضت معارك ضارية مع القوة الجوية البريطانية ، وفي عام 1948 شاركت مع القوات الجوية المصرية والسورية في الحرب العربية الاسرائيلية الاولى من الاردن ومن سوريا ومن مصر.
في عام 1967 كانت قوتنا الجوية رغم امكانياتها المحدودة آنذاك المتعرض الوحيد ضد الكيان الصهيوني للايام 5 ، 6 ، 7 ، حزيران ( يونيو) في العمق الاسرائيلي ، حيث قصفت مطار كفر سركين شمال تل ابيب ، وكذلك قامت بعمليات اسناد جوي قريب للقوات المدرعة الاردنبة قرب مدينة الناصرة ، وكذلك استهداف قاعدة رامات ديفيد بالقاصفات الثقيلة ، ناهيك عن التصدي للقوات الجوية الاسرائيلية في منطقة h3 واسقاط 5 طائرات اسرائيلية من الانواع فوتور وميراج 3 اسر عدد 2 من طياريها وقتل اثنان وتمكنت اسرائيل من انقاذ الخامس بعد قذفه من الطائرة في طريق عودته الى اسرائيل .
في عام 1973 كانت امكانيات قوتنا الجوية افضل بقليل عنها في عام 1967 ولكنها كانت افضل بكثير من القوة الجوية السورية وبمستوى القوة الجوية المصرية ، فقد شاركنا بوقت ضيق وعصيب لم يتم اجراء اية استحضارات مطلوبة في مثل هذه الامور ولم يتم مسبقاً العمل مع القوات الجوية السورية ومع ذلك شاركت اسراب المتصديات (ميج 21)مع القوات الجوية السورية يوم 8 تشرين واستطاعت اسقاط عدد من الطائرات الاسرائيلية ، وشاركت اسراب المقاتلات القاذفة (سوخوي 7 والميج 17 )في يوم 9 تشرين وحتى ايقاف القتال ، ولا زلت اذكر قول الطيارين السوريين وهو يندب حظ قوتهم الجوية وقيادتهم السياسية بعدم اشراك قوتنا الجوية معهم قبل الحرب لكانت النتائج افضل مما كانت عليه في هذه الحرب ، كانت معنوياتنا عالية جداً اثناء القتال رغم المعوقات الكثيرة التي صاحبتنا في التنفيذ خسرنا 11 طيار في 14 يوم قتال وهي نسبة تعتبر كبيرة جداً سببها كما اشرت عدم التعرف على المنطقة واساليب التعاون مع وسائل الدفاع الجوي السوري والتخطيط السوري للمهام الجوية التي انتقدناها لكنهم لم يوافقوا على تعديلها او تغييرها .
الاعوام 1980 – 1988 في الحرب مع ايران كانت امكانياتنا في بداية الحرب دون مستوى القوة الجوية والدفاع الجوي الايراني وفي الحسابات الاستراتيجية كانت قوتنا الجوي ودفاعنا الجوي تعادل نصف معدلات القوة الجوية الايرانية ، واستطعنا بهذه الامكانيات ايقاف تعرض القوة الجوية الايرانية ضد حركات قواتنا البرية لحين انجاز مهام الصفحة الاولى في نهاية ايلول 1980 وتحقيق الهدف السياسي العسكري من الحرب .
في عام 1982 ارتفعت المعدلات القتالية لقوتنا الجوية بعد تجهيزها بطائرات التفوق الجوي ( الميج 25 والميراج ف1) ومن بعدها طائرات الميج 29 والسوخوي 25 ،استطاعت قوتنا الجوية تحجيم دور القوة الجوية والدفاع الجوي الايراني تماماً واصبحت تعادل ثلاثة اضعافها مما اضطرت ايران القبول بقرارمجلس الامن 598 وتجرع خميني السم ، القصة طويلة استاذ جلال وعذراً لامجال لشرح تفاصيلها ولكن بامكان الاستزادة من كتابي ( القدرات والادوار الاستراتيجية لسلاح الجو العراق في الفترة 1931- 2003).
في عام 1990 – 1991خرجت قوتنا الجوية ودفاعنا الجوي بعد الحرب مع ايران باعلى مستوياتها الفنية والمهنية ، فاصبح لدينا حوالي 950 طائرة قتال و700 طائرة هليكوبتر واسطول جوي كبير بالاضافة الى قاعدة صناعية عريضة في التصنيع العسكري مما ارهب الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الامريكية وحلفائهم ، حفزهما القيام باعمال استفزازية الغرض منها تحجيم هذه القوة فقامت اسرائيل باعمال استطلاعات جوية لبعض المشاريع الاستراتيجية العراقية ، مما اثار حفيظة الرئيس العراقي صدام حسين وهدد اسرائيل اذا قامت باي عدوان ضد العراق سيتعرض لها باستخدام الكيمياوي المزدوج ، وقام العراق باعداد الخطط الجوية التعرضية الجادة لهذا الموضوع ، لكنها لم تنفذ بعد احتلال العراق للكويت بقرار مباشر من الرئيس صدام حسين ، باستخدام جيش الحرس الجمهوري دون علم وزارة الدفاع ، وبعلم القوة الجوية قبل 24 ساعة من التعرض ودون علم طيران الجيش لحين ساعة التنفيذ مما اربك اعمال هاتين القوتين بمهام سهلة تسبب عنه خسائر طائرتين من القوة الجوية وحوالي 50 طائرة سمتية بحمولتها من اللافراد .
اثناء عملية عاصفة الصحراء استطاعت قوتنا الجوية والدفاع الجوي اسقاط 185 طائرة وصاروخ كروز توماهوك ، واسر العديد من الطيارين الاميركان والبريطانيين ، ولكن بدا العد التنازلي لقوتنا الجوية وقواتنا البرية فقد خسرت قوتنا الجوية اكثر من نصف قدراتها الجوية بالاضافة الى ارسال 139 طائرة مقاتلة ونقل بعد التنسيق مع ايران لخزنها لديهم، وقد تنكرت ايران لاعادتها للعراق بعد انتهاء الحرب .
في عام 2003 لم يتبقى لقوتنا اي طائرة ممكن استخدامها ضد العدوان الامريكي البريطاني وعليه رب سائل يسال لماذا لم تشترك قوتنا الجوية في الحرب عام 2003 الجواب لاتوجد ولا طائرة واحدة صالحة يمكن استخدامها ، بل حتى مدارج الطائرات جرى غلقها بالعجلات القديمة والكتل الكونكريتية وكذلك الحال بالنسبة لطيران الجيش .
السؤال الثامن
يتداول الحديث بأن القوة الجويه العراقيه ،لم تستخدم بشكل كفوء في العام ١٩٩٠ - ١٩٩١ وكذلك العام ٢٠٠٣ على عكس ما خاضت به قواتنا الجويه في الحروب ما قبلها ،ماهي في رأيك أهم الأسباب..؟؟
الحديث الذي تفضلت به صحيح فالناس عليها بالظاهر ولا تعلم بما يدار من وراء الكواليس ، دخول الكويت واحتلالها رغم ما تسببت هذه الجارة من انتهاكات وتهديدات تمس الدفاع الوطني العراقي كان غير مبرر حيث اتخذت عدد من القرارات الفردية المتسرعة دون اعتماد الحلول السياسية والدبلوماسية ودون علم وزارة الدفاع وقواتها المسلحة الرئيسة هنا يجيب على سؤالكم الذي تفضلت به .
نحن عادة في اي مواجهة نقوم باعداد تقدير موقف تعبوي او سوقي حسب نوع وطبيعة المهمة المحتمل تكليف القوة الجوية والدفاع الجوي بها ، في هذه المواجهة مع دول التحالف وبعد احتلال الكويت...
امر الرئيس صدام حسين في شهر ايلول (سبتمبر) رئاسة اركان الجيش ( الفريق الاول الركن نزار عبد الكريم الخزرجي- رئيس اركان الجيش) اعداد تقدير موقف سوقي( استراتيجي) تشترك به كل عناصرالدولة الرئيسة مدنيين وعسكريين ، غايته ماذا نفعل في حال تنفيذ دول التحالف تهديدها لاخراج العراق من الكويت ، انجز تقدير الموقف وخرج بتحليل واضح وصريح لما ممكن حدوثه من تدمير البنا التحتية والالة العسكرية وحدوث خسائر كبيرة بالافراد والمعدات وعرضه رئيس اركان الجيش على الرئيس صدام حسين ، بعد قراءة التقدير انقل لكم مادار من حديث بين رئيس اركان الجيش والسيد رئيس الجمهورية ، يذكر السيد رئيس اركان الجيش ماياتي:
(جرى إجتماع مساء يوم 18 ايلول لمناقشة التقريرين االذي ارسلتهما للقائد العام اوضحت بهما الموقف السوقي والعملياتي الذي حدث بعد الغزو ... أثناء المناقشه لم يوافق القائد العام عن ما اكدته باننا سنخسر الحرب لعدم وجود الامكانية لمجابهة العدو المتفوق بكل شىْ غضب القائد العام واتهمني بانني لا اريد ان احارب فأجبته باني حاربت لاجل العراق طيلة حياتي العسكرية ولكني رئيس اركانك ويجب ان اصدقك حقيقة الموقف وانفعل ، قلت له سيدي ان حقيقة الموقف اسوء بكثير مما جاء بالتقريرين وعلى اثرها انهى الرئيس الاجتماع وفي اليوم التالي ابلغوني بإعفائي من منصب رئيس اركان الجيش) .
القوةالجوية هي جزء مهم من القوات المسلحة العراقية ، في المقارنات النوعية بينها وبين العدو بلغت في حرب 1991 (1 : 20 )لصالح العدو وهذا امر لايمكن قبول المواجهة لان الخسارة واضحة مسبقاً ، ممكن اذا كانت المقارنات مثلا ( 1 : 2 ) لصالح العدو ولو ستعطي خسائر ولكن ليس بالنسبة الكبيرة هذه ، ومع ذلك اقول استطاع طيارونا الابطال بطيرانهم في حلكت الليل اسقاط حوالي 10 طائرات متفوقة على طائراتهم واجمالي ما اسقط من سلاح الجوي الحليف حوالي 185 طائرة وصاروخ .
المشكلة استاذ جلال ان القرارات العسكرية جاءت باطار سياسي ، وكان السيد رئيس الجمهورية على يقين بان دول التحالف سوف لاتهاجم العراق ، وللعلم كان لدى قوتنا الجوية خطط هجومية ضد القواعد والاهداف الاستراتيجية في الخليج العربي وكان الاجدر القيام به هو التعرض لها دفاعياً قبل بدء الحرب لتجنب تاثيرها ولكن لم ياتي القرار المناسب في الوقت المناسب للسبب الذي ذكرته ( تصور السيد الرئيس عدم قيام الحرب) لذلك لم تسنح الفرصة لتوجيه اي ضربة مؤثرة رغم الاستعداد لها ولكن نفذت طلعة واحدة يوم 24 كانون الثاني( يناير) بطائرتين ميراج ف1 ضد اهداف سعودية لكنها فشلت واستشهد الطيارين دون مبرر ولا كانت الطلعة مقبولة لا في الوقت المناسب ولا في المكان المناسب ولا في المفهوم العملياتي .
اذن لم يكن دور القوة الجوية والدفاع الجوي بذات التاثير كما في حربها مع ايران وغيرها من الحروب سببه سياسي وليس عسكري وانا قد اوضحت ذلك ايضا في كتابيي المذكور آنفاً .
السؤال التاسع
ماهو رأيك في قوتنا الجويه منذ الاحتلال ولحد كتابة هذه السطور؟؟
الجواب بصراحة لاوجود للقوة الجوية بمفهومها التقليدي والتي تحوي كل الاسلحة الممكن استخدامها ضد اعداء العراق وانما كانت القوة الجوية الامريكية هي من تقوم بكل الفعاليات الجوية ، الموجود بطاله مقنعة ضباط ومناصب وقائد للقوة الجوية دون فعل ودور للقوة الجوية ، هناك طائرات للنقل من طراز هيركوليز – 130 وطائرات خفيفة للاستطلاع الجوي ، ولكن هناك طائرات سمتية تابعة لطيران الجيش لاعلاقة للقوة الجوية بها من حيث القيادة والسيطرة ، الا ان العراق ابرم اتفاق اعتقد عام 2011 مع الولايات المتحدة الامريكية لتجهيزه بطائرات ف 16 متعددة الاغراض ولم تصل للعراق حتى الان .
اما عن ادوار طيران الجيش الحالي وهم يقصفون المدن العراقية في الموصل وصلاح الدين والفلوجة والانبار بدون تركيز على الاهداف المعادية فهو دليل على ضعف تدريبهم وسوء استخدامهم لطائراتهم ، او قد يكون الموضوع مقصود فالطيار مهما بلغ من ضعف في مستوى الاستخدام لايخطئ مثلما يجري الان ، فالقصف يجري على الجوامع ودور المواطنين والمستشفيات دون الاهداف المعادية ، هناك اصدقاء لي يعملون بهذه القوة استقالوا عن مناصبهم كونهم يعلمون ماهية الاجراءات المتبعة فيها ولم يرتضوها .
السؤال العاشر
سبق وان اخترقت القوة الجويه العراقيه وأصيبت بنكسه كبيره وهي ( هروب الطيار منير الروفا مع طائرته الى اسرائيل ،و هروب طيار عراقي الى ايران ايضا ،واختراق الطائرات الاسرائيله وضربها المفاعل النووي العراقي ) ،كيف تقييم هذه الأحداث وماهي أسبابها ونتائجها على قواتنا الجوية
ذكرت حادث هروب النقيب الطيار منير روفا في مذكراتي الغير منشورة نحن نعانق السماء وجئت بها ماياتي (السادس عشر من آب1966) وبينما كنت في اجازه دورية ببغداد لاجراء مراسيم عقد قراني سمعت من راديو بغداد نبأ فقدان احدى طائرات القوة الجوية المقاتله بعد اقلاعها من مطار قاعدة الرشيد الجوية مع طيارها النقيب الطيار منير جميل حبيب روفا وقد هزني هذا الخبر فقمت على الفور بزيارة احد اصدقائي في القاعدة المذكوره ضمن السرب الذي طارت منه الطائره ( السرب 11 ) حيث علمت منه ان منير روفا كان في دوره على الطائرة ميج 21 قادماً من السرب السابع في كركوك وكان واجبه عندما فقدت طائرته طيران ملاحي عالي لاقصى مدى للطائرة بحمولة وقود قصوى وقد اختفت طائرته من على شاشات الرادارات العراقية بشكل فجائي عليه تم اخباركافة الدوائر السياسية الحكومية بذلك حيث اعلن النبأ بواسطة المذياع بغرض اشعار المواطنين باحتمال سقوط طائرته ضمن الحدود العراقية ولكن تبين في اليوم التالي ان الطائره هبطت في احد المطارات الاسرائيلية الجنوبية هبوطاً اضطرارياً وبعد هبوطها عقد الطيار منير روفا مؤتمر صحفي صرح فيه طلب اللجوء السياسي الى الولايات المتحدة الامريكية ...وقد تبين بعد حين ان الموساد الاسرائيلي حاول التاثير على بعض الطيارين ممن كانو في دوره تدريبية في الولايات المتحدة الامريكية ( الدورة السابعة للقوة الجوية )ولم يستجيب معهم سوى منير روفا حيث تكفلوا بنقل عائلته عن طريق شمال العراق الى ايران ومنها الى الولايات المتحدة الامريكية ، ثم اوعزوا له بتطبيق خطة نقل طائرة ميج 21 الى اسرائيل بخطة اطلق عليها 007 )بغرض معرفة خواص هذه الطائره التي تشكل تهديد للقوات الجوية الاسرائيلية و تمتلكها معظم القوات الجوية العربية ، وقد وجد هذا المجرم ان انسب وقت لذلك هو وقت اشتراكه بدوره على الطائرة المقصودة ... بقي منير روفا في اسرائيل حتى وفاته عام 1989 ، سبق ان تعرفت بهذا المجرم اثناء هبوطي اضطرارياً بطائرة الميج 15 ومعي المدرب النقيب الطيار وليد احمد حمدي بعد عطل منظومة البوستر ( الهيدوليكية ) بواجب ملاحه عالي فو ق كركوك حيث وجدته شاباً لطيفاً مهذباً يحبه اقرانه في السرب السابع الذي كان يقوده النقيب الطيار محمد جسام الجبوري حيث تناولنا طعام الافطار مجتمعاً وكان محمد جسام يلاطفه كثيراً ولا تتوقع ان يقوم بهذا الفعل الجبان بعد ان وثقت منه قيادة القوة الجوية .
اتخذت اجراءات مشددة من قبل قيادة القوة الجوية العراقية اهمها منع الطيران بخزانات وقود احتياطية لفترة معينة ثم الغي هذا الامر بعد حوالي سنتان لان الوقت للتدريب دونها غير كافي بدون خزانات وقود .
اما بالنسبة الى الملازم الطيار فرقد ابراهيم وهو احد طياري الدورة 19 قوة جوية في جيكوسلوفاكيا ، وقد ذكرت قصة هروبه الى ايران ايضاً في كتاب مذكراتي الغير منشور (نحن نعانق السماء) جئت فيه مايلي ( نقلت من السرب الاول سوخوي 7 من فاعدة ابي عبدة الجوية ( الكوت ) الى السرب الخامس سوخوي 7 ايضاً في قاعدة الوحدة الجوية ( الشعيبة) الجوية وقد اوكل لي امر السرب الرائد الطيار سالم سلطان عبد الله العديد من الامور باعتباري آمر رف منها القاء المحاضرات على الطيارين وتخطيط مناهج الطيران اليومي حسب الاستحقاق وتوزيع الادوار عليهم ولكن مع الاسف حدث حادث مخزي يوم 18/8/1971 وهو هروب الملازم فرقد ابراهيم من (الدوره 19 خريج جيكوسلوفاكيا) الى ايران وقد حدث ذلك بعد ان اوجزت السرب لطيران ذلك اليوم ومنهم المومى اليه حيث كان لديه طيران عام والعاب جوية ولم اجد منه اي ارتباك اثناء الايجاز وظهر بشكل طبيعي امامي بعد ان طلبت منه شرح احدى الحالات الاضطرارية .
في هذا اليوم كان واجبي ضربة جوية واطي اربع طائرات ،وبينما كنت مشغول بتوجيه طيران التشكيل طرق سمعي على ذبذبة القاطع الثالث ان احدى طائرات السرب الخامس قد اختفت من على شاشة الرادار، بعد العوده وهبوط طائرات تشكيلي تبين فقدان طائرة الملازم فرقد ابراهيم ، أمرني آمر السرب بالطيران والبحث عن الطائرة المفقودة في آخر موقع فقد فيه للكشف الراداري وهو قريب من عبادان على الضفة الشرقية لنهر شط العرب ، بحثت طويلا بسياق تمشيط المنطقه من الفاو وحتى القرنة وتعمقت داخل الاراضي الايرانيه فمن المحتمل الطيار قد فقدت طائرته داخلى ايران وتعمدت تقليل السرعه الى ادنى حدودها فوق مطار عبادان وبحثت داخل الوكر الخاص بالمطار لكني لم اجد ولا دليل للطائرة المفقودة سواء تحطمها او هبوطها في عبادان ، اعطيت تقريري البارق الى القاطع بعدم وجود احتمال لتحطم الطائرة ، بعد هبوطي وجدت المقدم الطيار حاكم الاعرجي آمر جناح طيران القاعدة في انتظاري حيث طرنا بطائرة البروفست المكبسية وقمنا بالبحث مجدداً في كافة المناطق المحتملة ولم نعثر على اي اثر لسقوط الطائرة ، استمرت عملية البحث بكل الوسائل المتيسرة ومنها الاتصال مع شرطة المحافظة وتبليغهم بالامر لاشعارنا عند استلامهم اي تقرير حول الموضوع ، في مساء نفس اليوم اعلن راديوا طهران هروب احد الطيارين العراقيين الى ايران بطائرته السوخوي /7 بعد طلبه اللجوء السياسي وقد سمحت له السلطات الايرانية بذلك ، في حينها اصبت بخيبة امل ان طيار في مقتبل حياته يلجأ الى هذه الاساليب ، لقد كانت بدايتي غير سعيدة في هذا السرب ، بعد الاستفسار عن اخلاقة وسلوكه العام من زملائه ابناء دورته في جيكوسلوفاكيا قالوا انه ضابط طيرانه جيد لكنه يتاثر بالعلاقات العاطفية مع الفتيات ويقال ان لديه صديقه أتفق معها على الزواج ومن المحتمل وجد في ايران فرصه لذلك ، بعد فترة قصيره اعلنت ايران عن استعدادها لتسليم الطائرة حيث استدعي الملازم الاول مظهر الفرحان من السرب الاول وعاد بالطائره الى قاعدتنا وقد تبين انه طار من مطار الاحواز .
اما عن موضوع اختراق الطائرات الاسرائيلية لدفاعنا الجوي واستهداف مفاعل تموز النووي في 7 حزيران (يونيو)1981 ، حيث يمكن تلخيص هذا الموضوع كالاتي (لم يكن قصف المفاعل من قبل القوة الجوية الاسرائيلية محض صدفة او بطولة كما وصف من قبل وسائل الاعلام الاسرائيلية ولكن كان المحرك الاساسي لهذه الضربة هو ايران ، حيث شنت ضربتها الجوية بطائرتين نوع ف4 على مفاعل تموز النووي في الساعة 1000 من يوم 30 ايلول(سبتمبر) 1980 القادمة من جهة الشرق تزامناً مع إختراق طائرتين إسرائيليتين من جهة الشمال الغربي مستغلة حوض نهر دجلة حيث قامت الطائرات الاسرائيلية بتصوير هذا المفاعل والمسالك المؤدية اليه بتغطيه من الطائرات الايرانية وبالتنسيق بين الجانبين ولم تحدث الطائرات الايرانية اي اضرار في المفاعل في حينه...
وفي ضوء نتائج التصوير قامت إسرائيل باعداد خطة قصف وتدمير مفاعل تموز في الساعه 1834 يوم 7 حزيران(يونيو)1981 دون اي رد فعل مؤثر من الدفاع الجوي العراقي .
وانا معاك هناك اخطاء كثيرة وقعت بها قوتنا الجوية ودفاعنا الجوي في بداية الحرب وهذا موضوع يطول شرحه ايضاً سببه الرئيس هو لم تكن للقيادة الجوية ثقافة واضحة وجيدة للدفاع الجوي مثلما كانت للقوة الجوية واصبح الدفاع الجوي شبه مهمل من وجهة النظر الاستراتيجية ، وقد تحسن الحال كثيرا بالاستفادة من الاخطاء منها ايضاً الضربة الجوية لقاعدة الوليد الجوية من قبل القوة الجوية الايرانية بالتنسيق مع سوريا وتسلل 6 طائرات ايرانية ثم المخادعة التي استخدمتها ايران باستخدام الممرات الجوية المدنية التركية بتسلل تشكيل من طائرات ف/4 بعد اجراء عملية إرضاع جوي والعبور بهذه الطائرات الى الاجواء السورية للتمويه انها طائرة مدنية تركية تسلك ممر جوي دولي وبعد حين يظهر تشكيل طائرات ف/ 4 من ستة طائرات في سماء قاعدة الوليد الجوية ( غرب العراق ) ليستهدف القاعدة ووسائل الدفاع الجوي بشكل مرتبك ولم يستطيع تحقيق عايته من الضربة هناك ولم يكتشفها الدفاع الجوي القطري منذ خرقها للحدود وحتى مغادرتها ، من الطبيعي استفادة قيادة القوة الجوية العراقية من هذه الاخطاء وعززت المنظومه بوسائل رصد وكشف كفوءه ( اشخاص ، معدات ، طائرات متصدية كفوءة مثل الميج 25 وميراج ف1 وميج 29 ، اجهزه لاسلكية ، رادارات للانذار المبكر ..الخ ) وبدء الدفاع الجوي القطري ينمو بخطا حثيثة أثناء الحرب مع ايران انعكس ذلك على الدفاع الجوي الميداني الذي كان شبه مهمل لينمو هو الاخر الى الافضل .
السؤال الاخير
أمنية يتمناها اللواء الركن الطيار علوان العبوسي؟؟
والله انا بطبيعتي اعشق القوة الجوية وكنت طوال خدمتي لاابحث عن منصب او جاه سوى خدمة بلدنا وجيشنا وقوتنا الجوية وهذا معروف عني في سلاحنا الجوي البطل ، الذي اتمناه ان تخلص النوايا السياسية اولا في اهدافها كونها الاساس في اي بناء لاي منظومة سواء كانت عسكرية او مدنية وان يبتعد السياسيون الجدد عن تهميش طائفة عن اخرى وان لاتكون المحاصصة الطائفية على حساب الكفاءة كما هي الان ، فالعراق المشتت اليوم بين هذا وذاك والمصالح الفئوية والشخصية لايمكن باي حال من الاحوال بناء قوة جوية مقتدره قوية كما كانت قبل الاحتلال ، ولا اخفي على جنابك حاولنا بقدر المستطاع ان نكون ضمن المنظومة الدفاعية الجديدة ولكن سبيل المحاصصات الحزبية وتاسيس الجيش على قاعدة المليشيات وفق امر بريمر 91 سيئ الصيت منع كل جهد خير لبناء البلد كله وليس القوة الجوية فحسب ، ولا زال واقع الحال كما هو الان ازمات وقتل على الهوية وتهجير قسري لمكون مهم قد يساهم بشكل فاعل بهذا الاتجاه ..اشكركم أخي لواء ركن فؤاد مع كل الحب والتقدير لشخصكم الكريم وكل منتسبي منتدى الگاردينيا كمحفل حضاري مستقل لايهدف سوى لم الشمل العراقي بكل صدق
خاتمة لقائنا مع زميلنا علوان ،كانت له فائدة لبيان حقائق كثيرة نعرف جزء بسيط منها واليوم أصبحت الصورة واضحه ، استمتعنا معه نتمى له الموفقيه ،والصحة والسلامه وفقه الله لما فيه خيرا .
كما ندعوا كتابنا وقرآئنا للاستمتاع بهذا اللقاء ،نأمل أن وفقنا به..
اللواء الركن المتقاعد/ فؤاد حسين علي
796 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع