خالد القشطيني
السياسة مستنقع يعج بالقاذورات. يفرض على الخائضين فيه الكذب و المراوغة و التراجع و الانتهازية و كل ما يخطر للذهن من رذائل ، ناهيكم عن الفساد و الارهاب.
زج الدين النقي في هذا المستنقع إساءة بالغة للايمان. يقوم الدين على قيم و مباديء و وصايا و معتقدات باقية خالدة. السياسة نقيض لذلك فهي تخضع للظروف الآنية و مستجدات الساعة فتجبر اصحابها على تغيير برامجهم و مساراتهم و حتى مبادئهم. وهذا هو المعترك الجاري في الشرق الاوسط. لديك سلفيون يريدون التمسك بأفكار و رجال دولة ملزمون بالتفاعل مع الواقع.
فطنت اوربا لهذا المطب ففصلت بين الاثنين. ما لله لله و ما للانسان للانسان. و جل هذا الازدهار المذهل الذي حققوه نتج من هذا الفصل. فالحكومة عندهم تتصرف وكأنه لا يوجد دين في البلاد. و المؤسسات الدينية تعمل و كأنه لا توجد حكومة فكرست جهودها لأعمال الخير. بدلا من احزاب سياسية، اسس المتدينون شتى المنظمات الكبرى للاعمال الانسانية ، اوكسفام ، سلفين آرمي، كرستيان إيد و نحوها بميزانيات تتجاوز المليارات تنفق اكثرها على مساعدة الشعوب الفقيرة. كثيرا ما يموت نشطاؤها قتلا و فداء في مساعدة الآخرين بدلا من الموت في عمليات انتحارية ارهابية تقوم بها احزابنا الاسلامية السياسية الارهابية.
يا ليت الاخوان المسلمون يحتذون بذلك فلا يوسخون ايديهم بقاذورات السياسة و انما ينصرفون لتطبيق رسالة الأسلام في مساعدة الآخرين ، في تعليم الاميين، اسعاف المرضى ، إطعام الجياع ، خلق اعمال للعاطلين ، مساعدة الشعوب الفقيرة ، و كله بدلا من خلق المنازعات و تبديد الثروة الوطنية في زعزعة الأمن و الاستقرار.
نشرت النيويورك تايمس مقالة مسهبة قبل ايام تعتبر تخلي امريكا و الغرب عموما من الشرق الاوسط مسؤول عن الفراغ الذي استغلته الاحزاب الاسلامية في نشر كل هذه المنازعات الجارية. دخول الاسلام السياسي في الساحة هو العامل الاساسي في هذه المحنة التي نمر بها. و اعتقد ان لإيران دور كبير فيها بمحاولة استخدام الدين كأداة للتوسع و الهيمنة. ودفع هذا الاطراف الأخرى لمواجهته بما تمخض عن حروب بالنيابة. اهم من تخلي ايران عن مساعيها النووية تخليها عن سياستها التوسعية بما يطمئن الاطراف الاخرى و يسفر عن تقلص التصادم و التعاون على بناء شرق اوسط فالح و سعيد. و له من الثروات ما يؤهله لذلك.
يبدو أن المالكي في العراق وصل حالة متوترة توحي باليأس من مساعيه في تحقيق الأمن و قهر الارهاب. أمامه سلاح بسيط لتحقيق ذلك. وهو ان يحكم كرجل دولة يمثل عموم العراقيين بكل طوائفهم و قومياتهم ،ولا ينطق و يتصرف كإنه صمولة في ماكنة الاسلام السياسي و الانتماء الحزبي . كلمة واحدة بإسم دين اوطائفة تجرح مشاعر ابناء الاديان و الطوائف الاخرى، و تحز من انتمائهم للدولة و تدفعهم لمواقف سلبية منها و ربما إشهار السلاح ضدها. لابد من فصل الدولة في بلد كمصر و العراق ، من الانتماء السياسي الديني . لقد اتبعت اوربا و امريكا هذه الوصفة و افلحت. لا يجوز فيهما عرض الصليب في أي مؤسسة او وثيقة. رئيس حكومة الظل ببريطانيا يهودي و اوباما ابن رجل مسلم.
1435 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع