خالدة بابان
اول مؤسس للجيش العراقي وأول ضحاياه./ 6 كانون الثاني
بمناسبة ذكرى تأسيس الجيش العراقي عام 1920م يجدر بنا ان نذكر صورة من صور الوفاء ونموذج رائع للخلق العسكري لشخص كان له الفضل الكبير في تأسيس اول جيش عراقي الذي كان مفخرة الجيوش العربية والدرع الحصين للأمة العربية.
رجل من رجال العراق الشرفاء ومن القادة العسكرين هو(جعفر باشا العسكري ).
ولد جعفر بن مصطفى بن عبد الرحمن بن جعفر النعيمي في بغداد عام 1884م ، اصله من قرية عسكر التابعة لمحافظة كركوك، درس في بغداد والتحق بالمدرسة العسكرية في اسطنبول ، تخرج منها عام 1914م برتبة ملازم اول ، خدم الجيش العثماني في الحرب العالمية الاولى، قاد هجوماً كبيراً على الانگليز في ليبيا و وقع في الأسر، شارك في الثورة العربية الكبرى
كقائد للجيش الشمالي مع الامير فيصل بن الحسين واستبسل مع الثوار العرب ، شارك نوري السعيد ولورنس العرب معاركهم ضد العثمانيين.
حصل جعفر العسكري على عدة أوسمة ونياشين منها، وسام القديس ميخائيل ، وسام القديس جورج، وسام الصليب الحديدي الألماني ، وحصل على العديد من المناصب الحكومية الرفيعة منها، الحاكم العسكري في الحكومة الفيصلية في عمان، ثم الحاكم العسكري في نفس الحكومة في حلب، كبير أمناء الملك فيصل ، وزير الدفاع مرتين خلال الاعوام( 1923-1924) و
( 1926-1928) في حكومة ياسين الهاشمي، واشترك في مؤتمر القاهرة بين العراقيين والانگليز وكذلك شارك في مؤتمرلوزان.
والغريب والمؤسف ان جعفر العسكري الذي كان من اول مؤسسي الجيش العراقي ان يكون اول ضحاياه !!! عند انقلاب بكر صدقي، عندما حمل رسالة الملك غازي ليوصلها الى قائد الانقلاب العسكري بكر صدقي، يطلب منه عدم التقدم نحو بغداد، واعتقد انه سيثنيه عن قراره بالتوجه الى بغداد لما يتمتع به من محبة القادة والمراتب في الجيش، وعندما وصل الى مقر الضباط اعترضوه وحاولوا منعه من الدخول الى مقر قيادة بكر صدقي ولكنه واصل طريقه الى المقر وهو يقول:
ماذا بكم يا أولادي ؟؟ اين قائدكم بكر ؟؟ انتم السند وحماة الوطن..
فكان الجواب طلقات نارية انطلقت من أربعة او خمسة ضباط أردته قتيلاً في الحال، ودفن في احد المزارع بمنطقة ديالى، وبعد سنة من انقلاب أخر على حكومة حكمت سليمان نقل جثمانه في موكب مهيب الى المقبرة الملكية في بغداد في عهد وزارة جميل المدفعي.
شخصية جعفر العسكري كان محبا للحياة وللناس عطوفا، اريحياً، صاحب فكاهة ونكته .
قالت عنه المس بيل المستشارة الشرقية في السفرة البريطانية في بغداد : انه وزير دفاع عربي حر وحقيقي يتمتع بكل الصفات العسكرية من قوة وصرامة وشجاعة وبسالة، يتكلم سبع لغات بطلاقة وهي اضافة الى لغته الام،التركية، الكردية،الفارسية،الانگليزية،الفرنسية،والألمانية .
عرف عن العسكري ان الحقد لا يعرف طريقا الى قلبه ، مخلصا ودودا لأصدقائه عاش للإنسانية ومات في سبيلها.
رثاه الشاعر معروف الرصافي بهذه القصيدة:
للجعفريين شهادة الأبرار للعسكري وجعفر الطيار
هذا قضى بيد اللئام مضرجاً بدم وذاك بأنصل الكفار
هذا لموطنه وذاك لربه وقفا أجلّ مواقف الأبرار
يبكي العراق لفقد سائس حكمه شجواً وقائد جيشه الجرار
يزهو محياه الوضيئ كأنه قمر يشع إليك بالأنوار
يبكي بكاء المتقين تضرعاً طوراً ويضحك ضحكه الفجار
وتراه يعمل في المقر معبساً ويهش مبتسماً الى الزوار
وتراه بين مجالسيه ممازحاً وتراه مصطبخاً بيوم شجار
هذا هو البطل فجعت به صيد البلاد وسادة الأمصار
كان جعفر العسكري بعمر 51 عندما قتل،رحمة الله عليه وعلى كل شهداؤنا الأبرار من قادة وضباط ومراتب الجيش العراقي الباسل ، أسكنهم الله العلي القدير واسع جناته، ودعوة للأحياء منهم بطول العمر والعافية والسلامة.
خالدة بابان
1056 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع